كتاب وادباء

افرحوا يا أتراك…. احزنوا ياعرب….!؟

بقلم الكاتب والمحلل السياسى

السعيد الخميسى k

السعيد الخميسى
* من حق الشعب التركي الفرح والسرور لأنه خرج بوطنه من الظلمات إلى النور . من حق الأتراك أن يكونوا بزعيمهم فرحين مستبشرين . انتفض الأتراك بكل ثقة ويقين ليقولوا نعم وألف نعم للشرفاء الأحرار الذين يؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة . انتفض الشعب التركي رافعا رأسه وسط ركام المؤامرات وأرصدة بالمليارات أنفقت لإسقاط أوردغان وحزبه ولكن الله خيبهم . انتفض الشعب التركي ليقول نعم للحرية والديمقراطية ضد أحفاد أبو جهل الذين تمنوا هزيمة وسقوط المارد حتى ينحروا الجزور ويسقون الخمر ويعزفون القيان وتغنى لهم الساقطات حتى يسمع بهم عبيد العرب والعجم . انتفض الشعب التركي ليقذف حجرا  كبيرا فى أفواه العملاء والسفهاء من أراذل الأمم . انتفض الشعب التركي  ليضع ثقته فى من يستحق الثقة , ويفوض نيابة عنه من يستحق التفويض . إذا كانت بسمة الأمل ماتت على شفاهنا , فان أوردغان أحياها من جديد . إذا كانت زهرة التفاؤل ذبلت فى حياتنا , فان أوردغان رواها من جديد . إذا كان صرح الحرية والديمقراطية قد سقط وهوى فى بلادنا , فان أوردغان شيده وبناه من جديد . أثبت الشعب التركي أنه زعيم من طراز فريد قل وجوده فى عالمنا المتلون والمتقلب .

ardoghan1
* من حق الأتراك أن يكونوا فرحين مسرورين , ومن حقنا نحن كعرب أن نكون مهمومين مغمومين . الأتراك يعيشون أزهي عصور الديمقراطية والحرية , ونحن نعيش أزهى عصور الديكتاتورية والعبودية . الأتراك لايعرفون معنى ولا ترجمة لكلمة التزوير , وكأن التزوير صناعة عربية خالصة لايشاركهم فيها أحد . من حق الأتراك آن يفتخروا بأجهزة أمنهم , لأنها لا تتدخل لحزب على حساب حزب , ولا لجماعة على حساب جماعة . وأن سيف القانون فوق كل الرؤوس , لافرق بين حاكم أو محكوم , أو بين وزير أو غفير, أو بين أمير أو حقير . الكل سواسية كأسنان المشط لأن الوطن ملك للجميع وليس ملكا لأحد . الوطن فى تركيا ملك لإرادة الشعب وليس ملكا لإرادة من يملك القوة . الوطن فى تركيا ملك وتحت إرادة من يأتى به صندوق الانتخاب وليس من يأتى به صندوق الذخيرة .

* الوطن فى تركيا ملك لكل الشعب لأن الشعب هو السيد , وهو الذي يقول كلمته وسط أجواء شفافة نزيهة لا يشوبها ضغوط داخلية ولا خارجية   . الفوز ليس لحزب العدالة والتنمية فحسب , ولكنه لكل الشعب التركى الحر لأن الأتراك استطاعوا حماية إرادتهم بالصندوق بعيدا عن الانقلابات والمؤامرات والمكايدات استطاع الأتراك أن يميزوا بين الخبيث والطيب , بين الصالح والطالح , بين العميل والأصيل , بين الأمناء والخونة . وهكذا الشعوب الحرة تستطيع أن تحمى ثرواتها ومقدراتها ومستقبلها . يستحق الشعب التركي أن يكون محور ارتكاز فى منطقة الشرق الأوسط  .ويكون له كلمة مسموعة يحترمها القاصي والداني . من حق الأتراك اليوم أن يعيدوا بناء دولتهم على قواعد متينة وأسس سليمة لتكون لهم راية مرفوعة  وكلمة محترمة مؤثرة وسط الأمم .

* لقد صارت تركيا واحة للحرية والديمقراطية فى منطقة الشرق الأوسط بلا منازع أو منافس . إن شجرة الحرية والديمقراطية اليوم وارفة الظلال فى تركيا , ينعم الكل بثمارها وخيرها . لن يستطيع أحد اليوم أن يقطع تلك الشجرة أو يكسر فروعها أو يحرق أوراقها لأنها تجاوزت تلك المرحلة الهشة الضعيفة . إن أوردغان لايبيع الوهم لشعبه بمشاريع وهمية أو يعدهم ويمنيهم كذبا وغرورا .

لقد قفز الناتج القومي الإجمالي بين عامي 2002- 2008 من 300 مليار دولار إلى 750 مليار دولار، بمعدل نمو بلغ 6.8 %. أيضا قفز معدل الدخل الفردي للمواطن في نفس السنة من حوالي 3300 دولار إلى حوالي 10.000 دولار. فقد تحدث رئيس الحزب عن صرف رواتب لكل خريجى الجامعات بمعدل ٣٠٠ دولار حتى يجد عملا. وفى حالة ما إذا عين القطاع الخاص خريجا جامعيا فإن الدولة تتحمل راتبه طوال السنة الأولى لتعيينه. وفى إطار برنامج الدعم الأسرى قال أن الحكومة ستساهم بنسبة ١٥٪ من تكاليف زواج أى شخص وتأثيث بيته. وإذا أنجبت أى زوجة تركية مقيمة داخل البلاد أو فى أى مكان بالعالم فإنها ستكافأ بمبلغ ٣٠٠ ليرة للطفل الأول أو نصف قطعة ذهبية. وسترتفع المكافأة إلى ٤٠٠ ليرة لإنجاب الطفل الثانى و٦٠٠ ليرة أو قطعة ذهبية كاملة للمولود الثالث. وفى حالة الأم العاملة، فإنها إذا أنجبت فلها بعد الوضع أن تعمل نصف الوقت لمدة شهرين، تتقاضى خلالهما راتبها كاملا، وهذه المدة تصل إلى أربعة أشهر فى حالة المولود الثانى وإلى ستة أشهر فى حالة المولود الثالث، حيث تظل تتقاضى راتبها كاملا فى حين تعمل نصف الوقت فقط. هذه هى تركيا  وهذا هو وزعيمها .
 *لقد  سئل رجل أعمال علماني قد لا يصوم ولا يصلى  ولايعلم شيئا عن دينه، ولا تكاد تميز بينه وبين اللادينيين: لماذا تعطي صوتك لحزب العدالة والتنمية المحسوب على الإسلاميين وأمامك الكثير من الأحزاب العلمانية ؟ فأجاب قائلا: كنت قبل مجيء أردوغان أدفع الرشاوى لتيسير أعمالي ، وكانت الأرباح قليلة ، ولكن بعد أن جاء أردوغان فلست مضطرا لدفع الرشاوى ، وأرباحي فاقت طموحاتي . والأهم من ذلك أن تركيا البلد الذي يعاني من قلة وندرة المواد البترولية قد استطاعت أن تحقق اكتفاء ذاتيا من الغذاء إدراكا من  حزب العدالة والتنمية بأن الدولة التي لا تملك غذائها من فأسها لا تملك قرارها من رأسها   . وهكذا شقت تركيا طريقها الصعب وسط أمواج البحر العاتية ولم تترنح أو تتمايل أو يقفز ربانها من السفينة تاركين الركاب ليموتوا ويغرقوا فى وسط البحر . هناك اليوم سلطة حقيقية , وحكومة مسؤولة , وشعب مثقف واع مدرك , وأجهزة محترمة تعمل لحساب الدولة . والنتيجة أننا اليوم أمام دولة ينحنى لها الجميع احتراما وتقديرا لها . هنيئا لتركيا وشعبها بحريتهم , ولاعزاء لشعوبنا العربية التى مازالت تبحث عن لقمة العيش ورغيف الخبز لأنها مازالت مقيدة وسجينة فى كهف الديكتاتورية المظلم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى