اخبار إضافيةالأرشيف

ترامب يفرش السجادة الحمراء للحكام المستبدين أولهم الدكتاتور السفاح عبد الفتاح السيسى

لم يتم دعوة «عبد الفتاح السيسي» إلى البيت الأبيض خلال فترة حكم الرئيس السابق «باراك أوباما»، حيث كان ينظر إليه باعتباره طاغية لا يهتم بحقوق الإنسان والديمقراطية بعد الانقلاب العسكري الذي نفذه ضد الرئيس المنتخب محمد مرسي» وما تبعه من حملة قمع غير مسبوقة ضد المعارضين.
لكن الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب» دعا «السيسي» لزيارة البيت الأبيض وفرش له السجادة الحمراء يوم الأحد، فيما بدا أنه أحد القادة المفضلين لترامب بين قادة العالم، وهو الذي شن أقسى حملة قمع سياسي في تاريخ مصر، بحسب مجلة بولوتيكو الأمريكية.
وكان الرجلان التقيا خلال الحملة الرئاسية لترامب في سبتمبر/أيلول الماضي، ووصف «ترامب» «السيسي» وقتها بأنه رجل رائع، ويعتبر «السيسي» أول زعيم عربي يصل إلى البيت الأبيض بعد انتخاب ترامب.
واعتبرت المجلة أن اجتماع الرئيسان يقدم أدلة هامة حول كيفية تخطيط ترامب لمشاركة الديكتاتوريين الأجانب سجلات حقوق الإنسان السيئة، كما أنه يدل على جهود ترامب لتعزيز العلاقات مع الحلفاء العرب لمحاربة الإسلاميين في جميع أنحاء الشرق الأوسط.
وبينما احتجت الحكومات الغربية على سجن «السيسي» لآلاف المعارضين بتهم سياسية مشكوك فيها، أشاد ترامب علنا بقسوة الطاغية المصرية، بحسب وصف المجلة.
وفي مقابلة سابقة مع شبكة فوكس نيوز قال ترامب إن السيسي سيطر على مصر، ويعجب ترامب ومستشاروه بالموقف الوحشي للسيسي ضد الإسلام الراديكالي.
ونال «السيسي» لقب الرئيس بعد انتخابات يونيو/حزيران 2014، حيث بلغ مجموع الأصوات الرسمية 96.91%.
ومن بين الداعمين الآخرين للسيسي في البيت الأبيض المستشار الرفيع ستيفن بانون؛ ومستشار مكافحة الإرهاب سيباستيان غوركا؛ وديريك هارفي، أكبر مسؤول في مجلس الأمن القومي في الشرق الأوسط.
كما يدعم وزيرا الدفاع جيمس ماتيس والخارجية ريكس تيلرسون تحسين العلاقات مع مصر.
لكن حماس «ترامب» للسيسي يزعج دعاة حقوق الإنسان والديمقراطية الذين يشعرون بالقلق من أن ترامب يميل للحكام المستبدين.
ووصف «ترامب» الرئيس الروسى فلاديمير بوتين بأنه زعيم قوى، وأيد في إحدى المرات القوة الحاسمة لحملة الحكومة الصينية عام 1990 ضد المظاهرات المؤيدة للديمقراطية فى ميدان تيانانمين.
طريقة سرية
كما يرى الحقوقيون أن احتضان ترامب للسيسي إشارة إلى أنه يعتبر أن الديمقراطية وحقوق الإنسان ليس لها أهمية كبيرة في أولويات السياسة الخارجية الأمريكية.
وكان مسؤول في البيت الأبيض صرح الجمعة للصحفيين أن ترامب سينتقد سجل «السيسي» في مجال حقوق الإنسان بطريقة خاصة أكثر سرية من الرؤساء السابقين.
وأعلن بيان للبيت الأبيض أن جدول أعمال زيارة السيسي لا تتضمن سوى مسألتين هما الإرهاب والإصلاح الاقتصادي.
وتم إغفال حالة المواطنة المصرية الأمريكية آية حجازي، التي كانت تدير جمعية خيرية للأيتام حتى ألقي القبض عليها في مصر عام 2014 في تهم قال الناشطون إنها تهم وهمية مرتبطة بجنسيتها الأجنبية ومتعلقة بالإصلاح السياسي. ورفض المسؤول في البيت الأبيض، القول إن ترامب سيرفع قضيتها مع السيسي.
وقال ستيفن ماكنيرني المدير التنفيذ لمشروع الديمقراطية في الشرق الأوسط: “لا أرى أي علامات بشكل عام على أن ترامب مهتم جدا بانتهاكات حقوق الإنسان في مصر أو عواقبها.
وأضاف أن نهج «السيسي» في حكم مصر يقوض بشكل مباشر قدرته على أن يكون شريكا فعالا في مجال الإرهاب والاقتصاد.
وحذر ماكنيرني من أن قمع «السيسي» قد يولد المزيد من التطرف، في إشارة إلى سجن آلاف الشباب على خلفية اتهامات سياسية لا تتسم بالعنف.
وخلال حملته عام 2016، اعترض «ترامب» على التدخلات الأمريكية لإطاحة الديكتاتوريين العرب الذين قمعوا شعوبهم معتبرا أن ذلك أطلق العنان للإرهاب.
ويعتقد العديد من مستشاري «ترامب» أن السيسي يستحق دعما أمريكيا أكبر مما تلقاه من إدارة أوباما على أمل الضغط عليه من أجل أسلوب حكم أكثر انفتاحا.
وفي حين لم يقطع أوباما ووزير خارجيته جون كيري قط العلاقات مع القاهرة، انتقدا الاثنان السيسي بشدة لحملة القمع التاريخية الذي قتل فيها مئات الأشخاص أو حكم عليهم بالإعدام.
 كما أغلق «السيسي» المنظمات غير الحكومية والمجموعات الخيرية، وحد من حرية الصحافة وسجن الآلاف من المنتمين إلى جماعة الإخوان المسلمين.
وعلق أوباما المناورات العسكرية المشتركة مع مصر، بالإضافة إلى جزء من المساعدات العسكرية الأمريكية السنوية للقاهرة والبالغة 1.3 مليار دولار. (تم استعادة المساعدات في نهاية المطاف، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن أوباما توصل إلى أن العقاب لم يغير سلوك السيسي).
وقال المسؤول إن «ترامب» و«السيسي» سيعيدان العلاقات الأمريكية المصرية. وخلال الحملة، تعهد ترامب فى بيان بأن الولايات المتحدة ستكون صديقا مخلصا، وليس مجرد حليف، يمكن أن تعتمد عليه مصر.
تشابه ترامب والسيسي
ومن جانبها علقت الصحف البريطانية على زيارة «السيسي» بالقول إن هناك ترحيب حار ينتظر السيسي الذي فرش له ترامب السجادة الحمراء، في إشارة على رغبة إدارة ترامب في احتضان الأنظمة الديكتاتورية والتي كانت ترفضها الإدارة السابقة بازدراء.
وقالت صحيفة الغارديان البريطانية إن «السيسي» مثل ترامب تعرض لانتقادات نتيجة لهجماته على وسائل الإعلام.
ومن المتوقع أن يطالب «السيسي» بمعونة أمريكية أكبر للجيش المصري، لكن جهود البلاد لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية في شبه جزيرة سيناء هي حتى الآن باهتة.
ويركز الرئيسان على الأمن، وكلاهما يرى أن بلادهما وحكوماتهما مستهدفين بشكل غير عادل.
وقال ها هيليير، المحلل في معهد رويال يونيتيد سيرفيسز الذي يتخذ من لندن مقرا له، إن كلا منهما انتقل إلى السلطة من خارج النخبة السياسية على خلفية شعبوية غاضبة تبدو غائبة عن أيديولوجية تفكر بوضوح.
كما يتشارك الرجلان في مظاهر البذخ حيث أقام ترامب عرضا عسكريا عند تنصيبه، في حين قاد السيسي موكبه في إحدى المرات على سجادة حمراء بلغ طولها 2.5 ميل.
وبالنسبة لترامب، فإن زيارة «السيسي» تتيح فرصة لتوضيح علاقته مع زعيم أكبر دولة في العالم العربي بعد حظر سفر مثير للجدل استهدف 6 بلدان ذات أغلبية مسلمة.
كما توجه إدارته حاليا أسئلة حول ما إذا كانت تغييرات السياسة قد تسببت في إصابات بين المدنيين في الصراعات في سوريا والعراق واليمن.
وكررت إدارة أوباما مطالبة مصر بالامتناع عن المحاكمات الجماعية، وسجن المعارضين على نطاق واسع، وقمع الحريات المدنية التي اجتاحت مصر في ظل حكم السيسي.
لكن «ترامب» لم يتحدث عن سجل مصر في مجال حقوق الإنسان حتى الآن.
وقال مسؤول بالبيت الأبيض “نهجنا هو التعامل مع هذه الأنواع من القضايا الحساسة بطريقة خاصة وأكثر سرية. نعتقد أنها الطريقة الأكثر فعالية للوصول في هذه القضايا إلى نتيجة مواتية.
كما تحدثت الصحيفة عن تخوف منظمات حقوق الإنسان من عدم الاكتراث بالمواطنيين الأمريكيين المسجونين في مصر خلال زيارة السيسي.
وبحسب محللين تحدثوا لوكالة بلومبيرغ الأمريكية فإن «السيسي» سيحاول خلال الزيارة دفع الولايات المتحدة إلى إعلان جماعة الإخوان المسلمين منظمة إرهابية، وهي خطوة تدرسها بالفعل إدارة ترامب.
وقال أحد المحللين إن «السيسي» سيجد أخيرا الحضن الكبير الذي ينتظره من واشنطن منذ انقلاب 2013.
وأضاف أن «ترامب» يرى «السيسي» نوع من القادة العرب المسلمين الذين يشاركه الرؤية المعارضة للإسلامين. ويعتقد ترامب أن مصر قد تكون شريك أقوى للولايات المتحدة في المنطقة
مظاهرات ضد السيسي
وتظاهر مئات الناشطين والحقوقيين في واشنطن احتجاجا على زيارة «السيسي» إلى الولايات المتحدة والتي بدأها الأحد.
 ورفع المحتجون شعارات تطالب الإدارة الأمريكية بإعادة دراسة موقفها حيال انتهاكات النظام المصري لحقوق الإنسان، كما طالبوا بالإفراج عن المعتقلين السياسيين.
وقالت مديرة مكتب منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية في واشنطن سارة مارغون في واشنطن إن دعوة السيسي إلى واشنطن في زيارة رسمية في وقت يقبع عشرات الآلاف من المصريين في السجون ومع عودة التعذيب نهجا طبيعيا للتعامل، هي طريقة عجيبة لبناء علاقة إستراتيجية مستقرة.
وقالت المنظمة إن لقاء «السيسي» المرتقب مع ترامب يأتي في لحظة وصلت فيها حقوق الإنسان في مصر إلى الحضيض وأصبحت مهددة في الولايات المتحدة.
وزيارة «السيسي» لواشنطن هي الأولى له منذ تولي ترامب، والأولى لرئيس مصري منذ قرابة عشر سنوات، غير أنه ليس اللقاء الأول بين ترامب والسيسي حيث التقيا في سبتمبر/أيلول الماضي خلال اجتماع الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك وكان ترامب حينها مرشحا للرئاسة الأمريكية.
وفي وقت سابق، نقلت صحيفة «نيويورك تايمز»، عن البيت الأبيض قوله إنه «لن يسمح لقضايا حقوق الإنسان أن تتحول إلى نقطة نزاع هامة مع مصر، وهو تحول كبير بعيدا عن السياسات التي اتبعها الرؤساء السابقون من كلا الحزبين».
ومنذ توقيع مصر معاهدة السلام مع (إسرائيل) عام 1979، تقدم الولايات المتحدة إلى مصر نحو 1.5 مليار دولار مساعدات سنوية، بينها 1.3 مليار مساعدات عسكرية.
وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش الحقوقية، قالت في تقريرها العالمي الذي يُقيّم أوضاع حقوق الإنسان في العالم خلال عام 2016، إن مصر شهدت ارتفاعاً في القمع في عهد «السيسي»، منتقدة قوات الأمن التي قالت المنظمة إنها «عذبت معتقلين دورياً وأخفت المئات قسرياً، ورفعت وتيرة حملتها الشرسة ضد المجتمع المدني».
القيم الأمريكية
وتعليقا على ما تقود به إدارة ترامب، قال توم مالينوفسكي الذي شغل منصب مساعد وزير الخارجية لشؤون الديمقراطية وحقوق الإنسان والعمل من عام 2014 إلى هذا العام إن الرسالة الأكبر التي أسمعها من الرئيس هي أنه غير مهتم بكون أمريكا قوة خير للعالم.
ورفض ترامب ضمنا فكرة أن الولايات المتحدة تتمتع بأي فضيلة خاصة.
وقال في مقابلة مع صحيفة نيويورك تايمز في يوليو/تموز الماضي “عندما يرى العالم مدى سوء الولايات المتحدة ونبدأ الحديث عن الحريات المدنية، لا أعتقد أننا رسول جيد جدا”.
وردا على سؤال حول ما إذا كان فلاديمير بوتين قاتلا، قال ترامب في مقابلة مع شبكة فوكس نيوز في فبراير/شباط الماضي هناك عدد كبير من القتلة، هل تعتقد أن بلدنا بريئة جدا؟”
واستشهد مالينوفسكي وآخرون بالعديد من الحالات التي تنازل فيها مسؤولو ترامب عن حقوق الإنسان أو قللوا من شأنها.
وفي الشهر الماضي، كسر وزير الخارجية ريكس تيلرسون التقليد، حيث لم يقدم شخصيا تقريره السنوي عن حقوق الإنسان في جميع أنحاء العالم.
وفى منتصف مارس/آذار رفضت إدارة ترامب التوقيع على خطاب يدين ممارسات التعذيب فى الصين الذى تدعمه 11 دولة أخرى من بينها بريطانيا وفرنسا وألمانيا وكندا. 
ومن شأن تخفيضات ترامب المقترحة لميزانية وزارة الخارجية إضعاف البرامج المصممة لتعزيز القيم الأمريكية في الخارج.
وفي الأسبوع الماضي، أخطرت وزارة الخارجية الكونغرس بأنها ستنهي الشروط التي يفرضها أوباما على مبيعات الأسلحة إلى البحرين التي تتطلب أدلة على التقدم المحرز في مجال حقوق الإنسان والإصلاح السياسي. وهذه الإجراءات مجتمعة يمكن أن تبشر بتغيير لما ستقف عليه أمريكا على الساحة العالمية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى