آخر الأخبارتقارير وملفات

فرنسا تجبر العالم المتحضر للعودة الى إنسانيته المنسية مظاهرات تفوق الوصف

منظمة "إعلاميون حول العالم" تنقل الحدث من داخله

الكاتب الصحفي والمتخصص فى الصحافة الاستقصائية

دكتور محمد رمضان
نائب رئيس منظمة اعلاميون حول العالم

شهدت اليوم العاصمة الفرنسية باريس ومدينتا تولوز وآفينيون الأحد مسيرة ضد الإسلاموفوبيا أو رهاب الإسلام تحت شعار “كفى”. وانقسمت الطبقة السياسية حول المشاركة في هذا التجمع، وسط جدل كبير تشهده فرنسا منذ أسابيع حول الحجاب والعلمانية.

وبدأت المسيرة التي دعت إليها شخصيات ومنظمات بينها “الحزب الجديد المناهض للرأسمالية” و”رابطة مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا”، عند الساعة 12:00 بتوقيت غرينتش من محطة القطار “غار-دو-نور” باتجاه ساحة “بلاس دو لا ناسيون”. وأطلقت دعوة إلى التظاهر في تولوز أيضا.

وكانت الدعوة إلى هذه المسيرة قد أطلقت في الأول من تشرين الثاني/نوفمبر في صحيفة “ليبراسيون” بعد أيام من هجوم استهدف مسجدا في بايونا (جنوب غرب) تبناه ناشط يميني قومي يبلغ من العمر 84 عاما. وقد أسفر عن إصابة شخصين بجروح خطيرة. وكتبت الصحيفة إن الرسالة المبدئية هي التأكيد على “الكف عن الخوف من الإسلام” و”الوصم المتزايد” للمسلمين الذين باتوا ضحايا “تمييز” و”اعتداءات”، ويشكل “الاعتداء على مسجد بايون  أحدث مظاهره”.

أما زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني القومي المتطرف المعروفة عالميا أنها عنصرية وكارهه للإسلام والمسلمين”مارين لوبان” أن “كل الذين سيتوجهون إلى هذه التظاهرة سيكونون شركاء للإسلاميين، أي الذين يدفعون في بلدنا بإيديولوجيا استبدادية تهدف إلى محاربة قوانين الجمهورية الفرنسية”.

ومن المتوقع أن تشارك في المسيرة شخصيات عديدة بما في ذلك سياسيون مثل جان لوك ميلانشون زعيم حزب “فرنسا الأبية”. وقال زعيم اليسار في فرنسا “أرى أن الانطلاق من خلاف على كلمة، ينكر البعض في الواقع للمسلمين الحق بأن يدافع عنهم أشخاص غير مسلمين يريدون الحد من الأجواء الحالية المعادية لهم”.

يوم 10 – 11 – 2019 “فيمن” تقتحم مسيرة ضد “الإسلاموفوبيا” بباريس

إقتحمت ناشطة من حركة “فيمن”، اليوم الأحد، مسيرة ضد الإسلاموفوبيا تنظم بباريس، معلنة عبر شعارات مكتوبة على صدرها العاري “التشبث بالعلمانية”.

 

وحاصر المشاركون الناشطة التي كانت ترفع لافتة كتب عليها

“Le blasphème est un droit republiacain”،.

ليتم إبعادها عن مسار التظاهرة

المسيرة التي دعت إليها شخصيات ومنظمات، بينها “الحزب الجديد المناهض للرأسمالية” و”رابطة مكافحة الإسلاموفوبيا في فرنسا”، انطلقت من محطة القطار “GARE DU NORD” باتجاه ساحة “PLACE DES NATIONS”.

“لا تلمس حجابي .. واحترم اختياراتي، لا للإسلاموفوبيا”، و”فرنسيون ومسلمون، مفتخرون بهويتنا المزدوجة”، و”أوقفوا العنصرية”، شعارات من بين أخرى رفعها المحتجون القادمون من عدد من المدن والدول الأوروبية.

وعرفت المسيرة، الحاملة لشعار “كفى”، مشاركة الآلاف من المسلمين والمسحيين ومن ديانات أخرى، وحضورا قويا للإعلام الدولي، ولممثلين عن منظمات دولية تعنى بحقوق الإنسان.

هذا وكان هناك إطلاق نار على مسجد جنوب غربي فرنسا

وسقط جريحان بسبب إطلاق نار أمام مسجد في منطقة بايون، جنوب غرب فرنسا، اليوم الاثنين، بينما تمكنت الشرطة من إلقاء القبض على مشتبه به.

وذكرت وسائل إعلام فرنسية أن عملية إطلاق النار في جنوب شرق فرنسا، يوم الإثنين فى 28 أكتوبر 2019، أدت إلى سقوط جريحين قبل أن تلقي الشرطة القبض على المشتبه به.

ومن جديد، تتأرجح فرنسا، التي تضمّ أكبر عدد المسلمين بين دول أوروبا الغربية، والذين يشكّلون 7.5٪؜ من سكانها، وتشهد صعوداً لليمين القومي الذي أصبح القوة السياسية الثانية في البلاد، بين إدانة “وصم” المسلمين والاعتراض على “التطرف”.

ليس للبلدان الأوروبية موقف غريب ومقلق من “#الحرية” وحسب، بل تدأب أيضاً على اعتماد معايير مزدوجة في التعامل مع التعصّب. ففي حين أنه لعدد كبير من هذه الدول قوانين صارمة ضد معاداة السامية وازدراء #الأديان، غالباً ما يُطلق العنان للمصابين برهاب الإسلام بأن يهينوا الدين الإسلامي من دون رادع ولا حسيب، ويُقلّلوا من احترام النبي (صلى الله عليه وسلّم)، ويؤجّجوا الأحقاد المناهضة للمسلمين تحت راية حرية التعبير.

السماح للمواطنين بممارسة حرياتهم أمر، لكن لا يجب أبداً القبول، في أي مجتمع لائق ومحترم، بالتراجع والانكفاء عندما يكون كلامهم موجّهاً بطريقة مؤذية ضد الآخرين. فالسلوكيات التي تعتبر أن “أي شيء يمكن أن يكون مباحاً”، أدّت إلى منح منابر للأحزاب اليمينية المتطرفة، والأحزاب العنصرية، لبثّ البروباغندا المفعمة بالكراهية والحقد التي يصدّقها أصحاب العقول الضعيفة.

وتكتسب هذه الأحزاب، فضلاً عن جماعات النازيين الجدد، زخماً في أميركا ومختلف أنحاء أوروبا، لا سيما في فرنسا وبلجيكا وإيطاليا والنمسا والسويد والدنمارك والنروج وفنلندا وهولندا، حيث يرأس غريت #وايلدرز، داعية الكراهية الأشد سوءاً منذ أدولف هتلر، “حزب #الحرية” الصاعد.

لقد طالب #وايلدرز بحظر القرآن الكريم، مطلقاً ما أسماه الضريبة على “الرأس المعمَّم”، وأصدر قبل بضع سنوات فيلماً قصيراً مناهضاً للإسلام بعنوان “فتنة”. وقد حوكِم بتهمة التحريض على كراهية الإسلام، لكنه بُرِّئ من التهمة. في الواقع، حكَم القضاة بأن تصريحات المدّعى عليه “مقبولة في سياق النقاش العام”، واعتبروا أنها لم تؤجّج الكراهية على الرغم من أنها “فظة ومسيئة”.

في ديسمبر الماضي، أعلن أحد المدّعين العامين في لاهاي أنه ستتم مقاضاة السياسي الهولندي الشعبوي بتهمة التحريض على الكراهية العنصرية ضد الجالية المغربية في البلاد التي نعتها بـ”الحثالة”. لكن لم يتم تحديد موعد للمحاكمة، ويبدو أنه تم إسقاط التهم. في مايو الماضي، كان #وايلدرز المتحدّث الرئيسي في مسابقة للرسوم الكاريكاتورية عن النبي محمد (صلى الله عليه وسلّم) في غارلاند في ولاية تكساس – تحت عنوان “مسابقة في حرية التعبير” – والتي إعترضها مسلّحَين أمام مقر المسابقة. والآن بعدما رفض البرلمان الهولندي نشر تلك #الرسوم_الكاريكاتورية، ينوي #وايلدرز عرضها عبر شاشة التلفزيون. إذا عُرِضَت هذه الإساءات المدنِّسة حول العالم، قد تترتّب عن ذلك نتائج كارثية.

شخصياً، أعتقد أن البلدان المشار إليها أعلاه تحفر قبرها بيدها، على المستويَين #الاجتماعي والسياسي. يستغلّ اليمين خوف الأشخاص من الآخر، والذي يتفاقم خلال مرحلة التباطؤ الاقتصادي. إذا تمكّن حزب #وايلدرز، أو سواه من الأحزاب التي على شاكلته، من الفوز في الانتخابات يوماً ما، سوف تتجزّأ المجتمعات المحلية، وتتعرّض الأقليات للتمييز، وسوف يتفشّى العنف في الشوارع. ثمة خيط رفيع جداً بين #الحرية والفوضى. لكن إذا كان المسؤولون عن الدول الأوروبية التي تنزلق نحو الفاشية، عاجزين عن قراءة المكتوب من عنوانه، من دون أن يرغبوا في الإيحاء بأنهم غير مبالين، فهذه ليست مشكلتي.

ما يشعرني بالقلق هو عزوف البلدان ذات الأغلبية المسلمة، لا سيما في العالم العربي، لتوجيه رسالة واضحة إلى البلدان التي تقدّم منبراً لمن يعتاشون من التهجّم على الدين الإسلامي الحنيف، وإفهامها بأن هذا أمر غير مقبول.

أما في ما يتعلق بالأغبياء الذين لا رسالة لهم في الحياة سوى إعداد رسوم كاريكاتورية مسيئة للنبي (صلى الله عليه وسلّم)، وهم يعلمون تماما أن رسم النبي محمد (صلى الله عليه وسلّم) ممنوع منعاً باتاً في الإسلام، فهم مجرد أقزام لا يستحقون مني حتى مشاعر الاحتقار. لن تضرّ تصرفاتهم تلك في الإسلام شيء، فالديانة الإسلامية هي الأسرع نمواً بوجود 1.6 مليار مسلم في مختلف أنحاء العالم؛ إنهم في نظري مجرد أشخاص نكرة ومرضى.

المخزي هو المباركة التي يحصلون عليها من الحكومات التي تزعم أنه من شأن أي تقييد لأنشطتهم أن يتسبّب بانتهاك حرياتهم الشخصية. لا يمكننا، نحن العرب والمسلمين، أن نقبل مثل هذا العذر لأن التقليل من احترام ديانتنا التي يفرض علينا واجبنا والتزامنا الديني حمايتها، خط أحمر لا يمكن تجاوزه. يجب أن تكون للحرية حدود، لا سيما عندما يمكن أن تتسبّب حرية الشخص بالألم والمعاناة لشخص آخر. إنها شريعة الغاب حيث تنهش الكلاب بعضها بعضاً.

والولايات المتحدة مذنبة بالدرجة نفسها لفشلها في إقرار قوانين تمنع مشاهد التعصّب العامة التي تهدف إلى التحريض على الكراهية، مثل “يوم حرق القرآن” الذي دعا إليه أحد القساوسة في تكساس، ومسابقة #الرسوم_الكاريكاتورية في غارلاند،

والإعلانات المناهضة للإسلام الملصقة على الحافلات في مدينة #نيويورك. لماذا؟ لأن المتعصّبين والعنصريين محميون بموجب التعديل الأول للدستور الذي يضمن حرية التعبير. حتى منظمة “#كو_كلوكس_كلان” العنصرية والمعادية للسامية وللإسلام، والمعروفة بعمليات التفجير والحرق على امتداد تاريخها الطويل، تتمتّع بموجب التعديل الأول بحقوق التجمّع وتنظيم المسيرات وتقديم مرشّحين للمناصب السياسية.

أما نحن المسلمين فلا نسخر أبداً بالديانات الأخرى – وأقصد بذلك المؤمنين الذين لا يجب خلطهم مع الإرهابيين الذين يشوّهون رسالة الإسلام ويستخدمونها لتبرير جرائمهم. من مكامن القوة التي يتمتّع بها الإسلام تقبُّله للديانات الأخرى وإيمانه برسل الله، موسى وعيسى والنبي محمد، الذين أعطونا كلمة الله التي ترشدنا في كل جانب من حياتنا. لا يبجّل الإسلام فقط الأنبياء موسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاة والسلام إنما أيضاً جميع الرسل والأنبياء، كما أنه يحترم أهل الكتاب، أي المسيحيين واليهود، كما في قوله سبحانه “قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ” (الاية 84 من سورة آل عمران). وجل ما نطلبه هو احترام الإسلام في المقابل. إذا لم يقدّم حلفاؤنا الغربيون هذا الاحترام طوعاً، فعلى العالم الإسلامي أن يطلبه بنفسه، وأن يُبنى على الشيء مقتضاه.

عام 2012، ردّت “منظمة التعاون الإسلامي” على فيلم “براءة المسلمين” الذي أُنتِج في الولايات المتحدة وتضمّن تشويهاً لسمعة النبي (صلى الله عليه وسلّم)، ما أثار موجة احتجاجات قوية في العديد من البلدان الإسلامية، وزاد من حدة مشاعر العداء للولايات المتحدة.

فقد أعلن السفير الباكستاني لدى الأمم المتحدة باسم “منظمة التعاون الإسلامي: “من الواضح أن الحوادث المماثلة تُظهر الحاجة الملحّة إلى أن تعمد الدول إلى تطبيق الحماية المناسبة في مواجهة جرائم الكره، وخطاب الكراهية، والتمييز، والترهيب والإكراه جرّاء الافتراء على #الأديان وترويج الأفكار النمطية السلبية عنها، والتحريض على الكراهية الدينية فضلاً عن الإساءة إلى شخصيات هي محط عبادة وتبجيل”. وقد ردّ نظيره الأمريكي بالقول: “السبيل الأفضل لحماية الكرامة الدينية هو ضمان حرية التعبير…”

وأود أن أناشد هنا “منظمة التعاون الإسلامي” ومجلس التعاون الخليجي برفع طلب مناشدة إلى تلك البلدان التي تشكّل ملاذاً للمتعصّبين والعنصريين والحاقدين، وإفهامها بوضوح أن هناك ثمناً إذا استمرت الإساءة إلى النبي في العلن من دون رادع ولا عقاب.

ينبغي على الحكومات في البلدان الإسلامية كافة، بما في ذلك في العالم العربي، أن تبرهن عن قوة واتحاد في هذه المرحلة؛ يجب أن تصرّ على دفع الغرب نحو إقرار القوانين المناسبة من أجل وضع حد لهذه النزعة المقلقة والخطيرة التي لا تُلحق الأذى فقط بالحساسيات الإسلامية، إنما تقدّم أيضاً هدية للتنظيمات المتطرفة التي تسعى إلى تجنيد الأشخاص في صفوفها.

لا يجوز للقادة المسلمين أن يُعموا عيونهم أو يصمّوا آذانهم عن تشويه سمعة الإسلام، لمجرّد الحفاظ على حسن العلاقات. لا نقبل بأن يوجّه صديق لنا إهانة إلى والدتنا، فلماذا نقبل بأن يفعل حلفاؤنا ما هو أسوأ بكثير عبر منح مواطنيهم ضوءاً أخضر كي يهينوا النبي (صلى الله عليه وسلّم) أو القرآن الكريم؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى