اقتصادتقارير وملفات

النفط لعنة الفساد والاستبداد والجوع

الكاتب والأديب المعروف

الأستاذ /فرج كندي

كاتب وباحث ليبي

تم اكتشاف النفط في ليبيا في ستينات القرن الماضي , واستبشر الليبيين خيراُ مع تصدير أو شحنة للخارج على أمل أن يساهم هذا الخير في إخراجهم من حالة العوز والفقر إلى  بحبوحة العيش و التمتع بمستوى معيشي ارقي مع توافر فرص العمل والحصول على الخدمات الصحية وكفالة التعليم العالي  وتوفير بنية تحتية جيدة تتناسب مع العصر وتوفر الراحة للمواطن من ثروات بلاده .

فعلا تحقق شي من هذه الامنيات في العد الملكي عقب اكتشاف هذه الثروة وبدأت عجلة التنمية في الحركة نحو الاهداف المنشودة والامنيات المرغوبة وبخطي ثابتة ومتسارعة في سباق مع الزمن. وهذا كان شي ملموس ومعاش وشهد له القاصي والداني واشاد به كل من زار ليبيا في الوقت .

ولكن ومع هذه الحركة الدؤوبة والارادة الحقيقية إلا انها اعتراها شي من الفساد لا يمكن إنكاره أو التغطية عليه بسبب هذه الوفرة الطارئة فتحت ابواب شهوة حب التملك والاستئثار لدي بعض الشخصيات ذات النفوس التي جبلت على حب الشهوات من جمع المال من حلاله وحرامه من النافذين من وزراء ورؤساء حكومات وبعض ابناء العائلات المتنفذة ( الارستقراطية الجديدة ) بل وصل الفساد إلي داخل القصر الملكي عن طرق الأسرة المقربة للملك والتي فسادها سبب استياء كبير لدى الشارع الليبي .

واجتماع النفط والفساد كانا سببين متلازمين في اسقاط نظام الحكم الملكي عن طريق قوى خارجية حركت مجموعة من الضباط الصغار السن للاستيلاء على السلطة في ليبيا في ( سبتمبر 1969م ) للانتقال بها من مرحلة النفط والفساد إلى مرحلة متقدمة نحو القتامة وهي مرحلة النفط والفساد والاستبداد.

استخدم نظام سبتمبر النفط في سنواته الاولى لتدعيم النظام الجديد وتثبيته من خلال توفير طفرة اقتصادية جيدة , ولكن لم تطول مدتها الى لم تتجاوز منتصف السبعينات ليكشر النظام عن انيابه ويكشف عن وجهه الحقيقي الذي ضيق على الحريات وكمم الافواه وطارد الافكار واغتال المفكرين وفرض نظام سياسي جيد اطلق عليه ( النظام الجماهيري ) أو الاشتراكية الشعبية التي اعادت الليبيين إلى نقطة تشبه نقطة ما قبل اكتشاف النفط من خلال تحريم التجارة وتجريم الفكر السياسي ومع أي نشاط فردي أو جماعي سواء كان هذا النشاط اقتصادي أو سياسي أو ثقافي وجعل الليبيين طوابير امام ( المنشآت العامة ) للحصول على احتياجاتهم اليومية .

ودخل الفساد في هذه المؤسسات التي كان يديرها مقربون من النظام واعضاء ما يعرف ( باللجان الثورية )  كما حرم الليبيين من الاستفادة بمقدرات النفط التي كانت تعود على النظام ورجاله أو ما كان يذهب إلى الخارج لدعم عصبات التمرد والقوى الخارجة على حكوماتها والتي كان يسميها النظام ( قوى التحرر) فكانت الاموال تغدق عليهم في حين الشعب الليبي يعاني الفقر والعوز في اغلبه وأعلن المستفيدين من النظام شعار ( قررنا الحياة بالخبزة والماء )!!!! . ولم ينتهي نظام القذافي حتى ذاق الشعب ويلات الفساد والاستبداد والتجويع .

لتأتي المرحلة الثالثة وهي مرحلة الاستبداد والفساد وتجويع مع اعلان وقف تصدير النفط عام ( 2014 )من قبل رئيس جهاز حرس المنشآت النفطية متزامنا مع الفساد المستشري في الحكومة ليسببا خسارة ليبيا اكثر من 100 مليار دولار ويرتفع سعر صرف الدولار إلى اكثر من عشرة دينار وأن تشح السيولة النقدية المحلية ويقف بل يبيت  الليبيين رجال ونساء في طوابير امام المصارف  للحصول على مرتباتهم.

وزاد الأمر سواءً الحرب على طرابلس في ابريل ( 2019 ) واستشراء الفساد ثم غلق الابار ومنع التصدير عام ( 2020) وبه جُمع الشر وتظافرت  لعنة الفساد والاستبداد والجوع على المواطن الليبي الذي اصبح الحلم بحياة كريمة يمثل كابوس مفزع مؤذن بثلاثي اللعنة التي تطارده كلما تكرر هذا الحلم الذي هو في حقيقته حق طبيعي غير قابل للنقاش ناهيك للنزاع !!!!.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى