تقارير وملفات إضافية

حرب أهلية وأسلحة نووية.. كيف ينظر الإسرائيليون لمستقبلهم ومن يرونه أخطر عليهم إيران، تركيا أم حماس؟

كيف ينظر الإسرائيليون إلى مستقبلهم ومستقبل المنطقة برمتها؟ أي قوة يرونها تمثل الخطر الأكبر: إيران، تركيا أم حزب الله وحماس؟

سيناريوهات متعددة ولكن متشابهة ذكرتها ورقة علمية حول الأبحاث الخاصة بمستقبل “إسرائيل” في الدراسات المستقبلية غير العربية أعدها وليد عبدالحي في أكتوبر/تشرين الأول  2020 لمركز الزيتونة للدراسات والاستشارات، تظهر مخاوف الباحثين الإسرائيليين من تفاقم المشكلات الداخلية لبلادهم وتغيير موازين القوى مع الأطراف الرئيسية بالشرق الأوسط؟

يستعرض عبدالحي في الجزء الأول من دراسته أهم التنبؤات في الدراسات الإسرائيلية، حيث يعتمد بشكل أساسي على دراسات ديفيد باسيغ (David Passig) الأستاذ بجامعة بار إيلان الإسرائيلية والذي يعد النموذج الأكثر التزاماً بقواعد ومنهجيات الدراسات المستقبلية، وهو أول حاصل على الدكتوراه في الدراسات المستقبلية في “إسرائيل”.

ويركز باسيغ على البعد التكنولوجي بشكل واضح خصوصاً في تداعياته على الأبعاد الاجتماعية والسياسية والاقتصادية>

كما يسهم باسيغ مع عدد من خبراء الأجهزة الأمنية ومراكز الدراسات الإسرائيلية وأساتذة الجامعات في هذا المجال.

 على المستوى الفلسطيني الإسرائيلي، يعتقد باسيغ أن “إسرائيل” ستنسحب من الضفة الغربية خلال أواخر الأربعينيات من القرن الحالي (أي بعد أقل من ثلاثين سنة) وسيكون ثمن هذا الانسحاب غالياً بشرية وجيو – سياسياً على “إسرائيل”.

وسيتم بعد الانسحاب الإسرائيلي إقامة دولة فلسطينية ستعتمد اعتماداً كبيراً على “إسرائيل”، لكنها ستصل لمرحلة من الاختناق سكانية واقتصادية مما يدفعها لمحاولة التمدد نحو البحر المتوسط، الأمر الذي سيقود إلى تفكك هذه الدولة الفلسطينية تدريجياً، وهو ما سيجعل “إسرائيل” تستشعر خطأ انسحابها، حسب قوله، فتعود ثانية لاحتلال الضفة الغربية.

وسيكون لتركيا والسعودية في تلك الفترة دور مهم في دفع الطرفين نحو التسوية من جديد. 

ويرى باسيغ أنه في حدود سنة 2050 سيكون عدد اليهود في فلسطين ثلثي عدد اليهود في العالم، مما يجعل مساحة “إسرائيل” غير كافية ولا تتسع لهم، مما يدفع “إسرائيل” لإعادة السيطرة على الضفة الغربية مرة أخرى. 

وعلى الصعيد المحلي الإسرائيلي يرى باسيغ أن المجتمع الإسرائيلي يتجه نحو احتمال حرب أهلية مدفوعة إلى حد كبير بالانقسامات التي سببها الصراع على مستقبل المناطق المحتلة.

ويقول إن تلك الحرب الأهلية لن تكون بالضرورة بحجم الحرب الأهلية الأمريكية، لكنها ستكون عنيفة وصادمة بدرجة كافية.

وستبدأ هذه الحرب الأهلية، حسب توقعاته، بقتل أحد الزعماء الإسرائيليين في إطار التنافس الحزبي والعرقي والطبقي والموقف من الانسحاب من الضفة الغربية.

من جانب آخر، يتناول باسيغ ظاهرة مختلفة لم يولها الباحثون عناية كبيرة، لكن باسيغ يراها أخطر مما يبدو للوهلة الأولى. وهي العلاقة بين البنية الديموغرافية وبين مشكلة الضمان الاجتماعي (رواتب ومزايا ما بعد التقاعد) وتأثيرها المهم في المجتمع الإسرائيلي على النحو التالي: 

معدل العمر في “إسرائيل” هو 80 عاماً بينما سن التقاعد هو 60 عاماً.

 يعني ذلك أن الفرد الإسرائيلي سيعيش 20 عاماً بمستوى دخل أقل كثيراً من فترة العمل فإذا حسبنا معدل تزايد الإنفاق على التوقعات المتزايدة، فإن نسبة الدخل ستكفي لعشرة أعوام فقط، أي أنه سيضطر للعيش بمستوى أقل للعشرة أعوام التي تلي تقاعده، وهو ما يؤسس لخلل اجتماعي عميق. 

ويعتقد باسيغ أن هذه الظاهرة (أزمة صناديق التقاعد) ستكون سبباً في وقوع نوع من “الثورة التي ستصدم كل المجتمعات في منتصف القرن الحادي والعشرين”. وعند نقل هذه الظاهرة إلى المجتمع الإسرائيلي، يرى أن 60% من السكان سيكونون بدون عمل سنة 2050، وتتعزز احتمالات ذلك نتيجة تزايد معدل العمر من ناحية وتزايد نسبة الولادة بين اليهود في “إسرائيل” والمهجر. وسيصل عدد سكان “إسرائيل” في سنة 2050 إلى 16 مليون يهودي.

يعتقد باسيغ أن حرباً قادمة بين “إسرائيل” وكل من لبنان وسوريا ستنتهي لوصول القوات الإسرائيلية لأطراف دمشق، لكنها ستنسحب ضمن ضمانات ترتبها تركيا وأمريكا.

وسيؤدي ذلك إلى مزيد من تراجع مكانة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي “وسيؤدي ذلك إلى مزيد من تراجع مكانة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي”. 

من زاوية ثانية ستكون تركيا هي القوة المركزية في الشرق الأوسط، حسب قوله، وستلعب تركيا دور الوسيط بين العرب و”إسرائيل” في العقود القادمة. 

أما العلاقة الإيرانية الإسرائيلية فيرجح باسيغ أن تقوم “إسرائيل” في نهاية المطاف بمهاجمة المنشآت النووية الإيرانية، لكنه استبعد أن تبادر إيران بهجوم نووي على “إسرائيل”.

وترى الدراسة أن تهديدات حزب الله باحتمال ضرب حقول الغاز البحرية الإسرائيلية سيجعل المستثمرين الأجانب يعزفون عن القدوم لـ”إسرائيل” لمساعدتها على استخراج الغاز.

أما حركة حماس فتعدها الدراسة مشكلة تكتيكية، بينما حزب الله مشكلة استراتيجية لارتباطه بإيران. 

وتبدو نتائج دراسات باسيغ متناغمة في اتجاهها العام مع دراسة لمعهد القدس للاستراتيجية والأمن وهو معهد وثيق الصلة ببنيامين نتنياهو.

إذ ترى دراسة المعهد أن الانسحابات الإسرائيلية من جانب واحد لن تؤدي في الظروف الحالية إلى زيادة أمن “إسرائيل” أو تحسين مكانتها الدولية، بل إن السوابق التاريخية للانسحابات الإسرائيلية من لبنان وقطاع غزة لم تمنع استمرار الصراع بل وتصاعده. 

وعليه فإن الانسحاب أحادي الجانب من الضفة الغربية يمكن أن يمنح حماس السيطرة على تلك المناطق من ناحية، ويعزز شهية الفلسطينيين للمطالبة بمزيد من التنازلات وهو ما سيزيد التوترات في المجتمع الإسرائيلي.

وترى الدراسة ذاتها أن التواجد الإيراني حول “إسرائيل” هو لمنع “إسرائيل” من الاعتداء على المشروع النووي الإيراني، وإقناع “إسرائيل” بأن الإقدام على فكرة كهذه ستكون له آثار هائلة على “إسرائيل” على غرار نموذج الصراع بين الكوريتين. 

وتبدو السياسة الإسرائيلية تجاه إيران، حسب الدراسة، هي توظيف التهديد بضرب المشروع النووي “بهدف الدفع نحو إعادة النظر في بنود الاتفاق النووي الإيراني”، مستفیدین من التقارب الإسرائيلي مع السعودية والإمارات.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى