تقارير وملفات إضافية

من تفضّل دول أمريكا الجنوبية ترامب أم بايدن؟ هذا ما سيتغير إذا نجح المرشح الديمقراطي

مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية المقررة في 3 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، ما تزال الولايات المتحدة أمام آفاق غامضة، إذ يتنافس خصمان شرسان، ولكل منهما رؤى مختلفة تماماً عن الآخر، خاصة في السياسات الخارجية.

وربما تكون القضية الأكثر إلحاحاً في منطقة أمريكا اللاتينية هي الأزمة السياسية والاقتصادية في فنزويلا، فنتيجة الانتخابات سيحددها الموقف الذي ستتخذه الولايات المتحدة منها، وهو إما تسريع وزيادة العقوبات أو تغيير المسار في العلاقة المتوترة للغاية بين البلدين.

إلا أن بقية المنطقة أيضاً تتابع الانتخابات عن كثب، حيث تعتمد العديد من دول القارة – إلى حد ما – على الولايات المتحدة، إما لأنها شريك استراتيجي كما في حالة كولومبيا، أو بسبب العلاقات التجارية كما هو الحال مع دول أمريكا الوسطى ولا سيما المكسيك.

ويخوض الرئيس الأمريكي الحالي دونالد ترامب المعركة الانتخابية المرتقبة، للفوز بولاية رئاسية ثانية، ضد جو بايدن، الذي تولى منصب نائب الرئيس في عهد الرئيس السابق باراك أوباما.

منذ وصول ترامب إلى السلطة عام 2016، وصلت العلاقات بين كاراكاس وواشنطن إلى أدنى مستوياتها، إذ فرضت إدارة ترامب عقوبات واسعة على فنزويلا وحظراً تجارياً أدى إلى تفاقم الركود الذي تواجهه الأخيرة، حيث يعاني الملايين من نقص الغذاء والدواء وارتفاع التضخم.

ونقلت تقارير إعلامية عن مسؤولين كبار في الإدارة الأمريكية قولهم، إن ترامب اقترح استخدام الجيش لغزو فنزويلا.

كما اتهمت الولايات المتحدة الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو، بتهريب المخدرات في مارس/آذار الماضي، وعرضت مكافأة قدرها 15 مليون دولار مقابل الإدلاء بمعلومات تتيح اعتقاله، في محاولة لتكثيف الضغط للإطاحة بالزعيم الاشتراكي.

وفي هذا السياق، قال ماوريسيو جاراميلو، خبير العلاقات الدولية بجامعة روزاريو، في بوغوتا، إن “الخيار العسكري سيتم استبعاده إذا فاز بايدن بالرئاسة”.

وأضاف جاراميلو: “لم تلمح أي حكومة للحزب الديمقراطي في السنوات الأخيرة، بدءاً من (بيل) كلينتون (الرئيس بين عامي 1993 و2001)، إلى إمكانية استخدام الجيش للتدخل في فنزويلا”.

وتابع: “لا أعتقد أن بايدن سوف يصافح مادورو إذا فاز في الانتخابات، لكنني أعتقد أنه سيتم النظر في بدائل أخرى”.

وأشار إلى أنه من بين تلك البدائل “أن يتم العرض على مادورو رفع العقوبات في حال إجرائه بعض التغييرات في النظام السياسي، لا سيما عند إجراء الانتخابات المقرر عقدها في ديسمبر/كانون الأول القادم”.

وأما بالنسبة لكولومبيا، فقد ظلت لسنوات طويلة أقرب حليف إقليمي لواشنطن، وهو ما لم يتغير خلال إدارة ترامب.

وأعربت كولومبيا عن دعمها لمرشح الولايات المتحدة لقيادة بنك التنمية للبلدان الأمريكية (IDB)، موريسيو كلافير كاروني، الذي تم انتخابه لولاية مدتها خمس سنوات.

وكان ذلك رغم مطالبة العديد من دول أمريكا اللاتينية بتأجيل التصويت، معربة عن مخاوفها بشأن أن يكون رئيس البنك من خارج المنطقة.

كما عارض بايدن علناً ترشيح كلافير كاروني، معتبراً أنه “أيديولوجي مفرط” و”غير مؤهل” للوظيفة.

إلا أن هذه الشراكة يمكن أن تتوتر إذا لم يفز ترامب بولاية ثانية في نوفمبر/تشرين الثاني.

والتقى الرئيس الكولومبي إيفان دوكي، ترامب في عدة مناسبات للحديث عن الجهود المبذولة لإبعاد مادورو عن السلطة في فنزويلا، ولهذا السبب يرى خبير العلاقات الدولية جاراميلو، أن “هناك فرصة لعكس سياسات إدارة ترامب إذا فاز بايدن”.

وقال الخبير: “إذا فاز جو بايدن وبدأت الولايات المتحدة في رفع العقوبات وفتحت الباب للحوار مع فنزويلا، فسيكون ذلك نكسة كبيرة لكولومبيا”.

وأضاف: “عندما يتعلق الأمر بفنزويلا، أعتقد أن كولومبيا أشعلت شمعة لأجل ترامب لكي يفوز”.

وكانت فنزويلا أولوية بالنسبة لكولومبيا خاصة في السنوات الأخيرة، فقد استقبلت الأخيرة أكثر من مليوني فنزويلي فارين من الفقر.

ونتيجة لذلك، تولدت أزمة إنسانية في كولومبيا حيث أصبح من الصعب بشكل متزايد استضافة عدد كبير من المهاجرين.

من جانب آخر، اتهم الرئيس الكولومبي، فنزويلا مراراً بإيواء مجموعات حرب العصابات ومهربي المخدرات بعد اختفاء “القوات المسلحة الثورية الكولومبية” أو متمردي “فارك” إثر الخروج عن اتفاق السلام لعام 2016 الذي أنهى عقوداً من الحرب الأهلية، وهو ما ينفيه مادورو.

يرى خبير العلاقات الدولية أن وصول ترامب إلى البيت الأبيض رفع التوقعات بأن أمريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي سيكون لهما مكانة تفضيلية بالأجندة الأمريكية، لكن ما حدث جنوب الشواطئ الأمريكية لم يكن أولوية في ظل إدارته.

ويشمل ذلك علاقة ترامب مع الهيئات والمنظمات الإقليمية التي لم يقدم لها دعماً خاصاً، ربما باستثناء منظمة الدول الأمريكية (OAS).

من جانب آخر، يقول ناقدون إن ترامب دعا منظمة الدول الأمريكية إلى ممارسة ضغوط متزايدة على حكومة مادورو والاعتراف بزعيم المعارضة الفنزويلية خوان غوايدو، كممثل دائم لبلاده في المنظمة.

وبعيداً عن الاستراتيجية السياسية، لم ينخرط ترامب مع المنظمات متعددة الأطراف الأخرى في المنطقة التي تهدف إلى حل النزاعات والمساهمة في التنمية الاقتصادية وتعزيز العلاقات التجارية، فكانت استراتيجيته “أمريكا أولاً” موجهة أساساً نحو العلاقات الثنائية.

وعلى غرار سياسة ترامب الخارجية في المنطقة، من المحتمل أن يستمر بايدن بنفس النهج الثنائي الذي اتبعته أيضاً إدارة الرئيس السابق باراك أوباما.

وفي هذا الصدد، أوضح جاراميلو أنه سواء فاز بايدن في صناديق الاقتراع أو استمر ترامب في السلطة، فإنه “عقب الجائحة لن تكون أمريكا اللاتينية أولوية بالنسبة للسياسة الخارجية للولايات المتحدة”.

وأشار إلى أنه على عكس المناطق الأخرى بالكاد تمثل أمريكا اللاتينية المصالح الاستراتيجية للولايات المتحدة.

من ناحية أخرى، أفاد الخبير في العلاقات الدولية بأن دول منطقة أمريكا اللاتينية قد تتطلع إلى بناء علاقات قوية مع أجزاء أخرى من العالم مثل الصين، في ظل الشكوك بإمكانية الاعتماد على الولايات المتحدة.

وأضاف: “يجب أن ننتظر ونرى كيف سيكون الاقتصاد الصيني بعد الجائحة، لكن لا يوجد شك في أن تواجد الصين في أمريكا اللاتينية أصبح اتجاهاً متزايداً وأعتقد أنه سيكون من الصعب عكس ذلك”.

وختم جاراميلو حديثه قائلاً: “إلا أن ذلك قد لا يروق للولايات المتحدة، لأن هذا يعني أن الصين ستمارس الهيمنة في الفناء الخلفي لأمريكا”.

وتشهد العلاقات بين الولايات المتحدة والصين توتراً، منذ سنوات، خاصة مع تبني إدارة الرئيس ترامب نهجاً متشدداً إزاء التعامل مع الصعود المتنامي لبكين على الساحة الدولية.

ومنذ يونيو/حزيران 2018، تبادل البلدان فرض رسوم على سلع بمليارات الدولارات؛ مما ألقى بتأثيرات سلبية على أسواق العالم، وعطل سلاسل إمدادات المصانع وقلص صادرات المزارع الأمريكية، قبل التوصل إلى هدنة في ديسمبر/كانون الأول 2019. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى