آخر الأخبار

غضب باسيل يعرقل تكليف الحريري بالحكومة.. وضغوط فرنسية على القوى السياسية لدعم رئيس تيار المستقبل

كان قرار رئيس لبنان ميشال عون تأجيل الاستشارات النيابية الملزمة لاختيار رئيس حكومة جديد، مفاجئاً إلى حد كبير، في وقت كانت تشير فيه كل التوقعات حتى الساعة الثامنة من مساء الأربعاء إلى أن سعد الحريري سيكون رئيس الحكومة المكلف.

يأتي هذا القرار بالتأجيل في وقت استطاع فيه الحريري إجراء لقاءات مع القوى السياسية وتقديم وعود لعدد منها في مقابل عودته لرئاسة الحكومة اللبنانية.

ونتيجة لذلك، كان الحريري قد اتخذ قراره بإعلان اعتذاره عن عدم السير في مبادرته التي أطلقها منذ أسبوع في لقاء تلفزيوني، لكن اتصالات استمرت حتى فجر الخميس، استطاعت ثنيه عن قراره. إذ يمثل هذا التأجيل ضربة ثانية قوية للمبادرة الفرنسية، بعدما لم تنجح مساعي باريس في إعادة فرض الحريري رئيساً للحكومة.

فما الذي حدث؟ ولماذا أجل الرئيس اللبناني هذه الاستشارات رغم أن الأمور كانت تسير جيداً؟

أوضح مصدر مطلع على الاتصالات التي جرت حول الاستشارات النيابية لـ”عربي بوست” أن الوزير جبران باسيل وعقب إعلان كتلته موقفها بعدم دعمها للحريري، تواصل مع رئيس الجمهورية وأبلغه موقف التكتل.

وبحسب المصدر، فإن أصابع المسؤولية تشير إلى باسيل، صهر رئيس الجمهورية اللبنانية، باعتباره من يقف خلف قرار الرئيس تأجيل الاستشارات “كتصفية حسابات عالقة بينه وبين سعد الحريري”.

ويوضح المصدر أن رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل استشعر أن تكليف الحريري أصبح أمراً واقعاً بأكثرية مضمونة، واستفزه إعلان نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي عن وجود 22 صوتاً مسيحياً سيسمون زعيم تيار المستقبل، فضغط باتجاه إرجاء الاستشارات بالتشاور مع رئيس الجمهورية.

ويرى المصدر أن باسيل عبر لبعض زواره أنه غاضب من الحريري بسبب رفض الأخير دعوته إلى عقد لقاء معه قبل التكليف للاتفاق معه على شكل الحكومة وحصة التيار من الوزراء المسيحيين فيها.

وكان الحريري قد اكتفى بإرسال وفد من كتلة المستقبل إلى مقر التيار الوطني الحر، فبادر باسيل إلى اتخاذ قرار التأجيل في محاولة للدفع باتجاه عقد مثل هذا اللقاء قبل الخميس المقبل برعاية رجل الأعمال المصري علاء الخواجة كما كان مقرراً منذ أيام.

وبحسب المطلعين، فإن مطالب باسيل تتلخص في مجموعة أمور أساسية، وهي المشاركة بتسمية الوزراء المسيحيين في الحكومة، وتحديداً الوزارات الوازنة في ظل سقوط مبدأ مداورة الحقائب بين الطوائف واسترجاع الثنائي الشيعي لحقيبة المالية.

لذا فإن باسيل يصر على تسمية وزراء الطاقة والخارجية والدفاع، وفي حال استبدالهم فيتطلب ذلك اتفاقاً مباشراً مع سعد الحريري شخصياً.

يأتي هذا في وقت تفاهم فيه الحريري مع كل من الثنائي الشيعي (حزب الله وأمل) بالإضافة لرئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط حول مطالب كل منهما وتسمية الوزارات، وهو ما لم يتم مع جبران باسيل.

كما يخشى باسيل من فقدانه حق المشاركة في الحصول على المشاريع الرئيسية بالبلاد بعد سقوط مشروعي سد بسري في جبل لبنان، ومعمل سلعاتا لتوليد الطاقة الكهربائية في منطقة البترون شمال لبنان، والتي أطلق عليهما باسيل حينها مشاريع الحفاظ على حصة المسيحيين في الماء والكهرباء.

وكان الحريري قد قبل تمرير مطالب الثنائي الشيعي شريطة تسهيل التكليف والتأليف، وجرت اجتماعات واتصالات بين الأطراف السياسية المختلفة خلال اليومين الماضيين لضمان تمرير تكليف الحريري بشكل سريع.

جاء هذا بعد أن حصل الحريري على إشارة أمريكية – فرنسية أعقبت موافقة لبنان على إجراء مفاوضات مع الجانب الإسرائيلي لناحية ترسيم الحدود البحرية والبرية استطاعت باريس التقاط إيجابياتها للعودة لإحياء مبادرتها في لبنان.

والتقى الحريري مساء الثلاثاء 13 أكتوبر/تشرين الأول المعاون السياسي لأمين عام حزب الله، الحاج حسين الخليل، بعد نصيحة تلقاها الحريري من رئيس البرلمان نبيه بري حول ضرورة أي يلتقي بحزب الله ويصالح رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط.

وسأل الحريري عن مدى تمسّك حزب الله بالمبادرة الفرنسية، فكان الجواب سريعاً وبديهياً أن الحزب أول مَن رحّب بها، وكرر الخليل موقف الحزب الذي عبّر عنه رئيس كتلة الحزب النائب محمد رعد أمام الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في قصر الصنوبر، أي الموافقة على 90% من الورقة الفرنسية.

بينما الـ10% الباقية تحتاج إلى نقاش وبحث عميق؛ لأنها أمور مهمة وتتعلق بشروط صندوق النقد والخطة الاقتصادية وتفاصيلها والتي يتحفظ عليها حزب الله بشكل كبير؛ لأنها -بحسب الحزب- تمسّ جوهر السيادة اللبنانية وتشكل احتلالاً غير مباشر للبنان من قبل المنظومة الدولية.

وخلال الجلسة طالب الحريري بصلاحيات استثنائية للحكومة التي سيشكلها، من ضمنها إجراء تعديلات على الخطط الوزارية وعدم العودة بكل قرار لمجلس النواب، الأمر الذي سارع الخليل إلى رفضه بشكل مطلق؛ لأن الأمر -وبحسب الخليل- يمس بجوهر صلاحيات البرلمان والنظام السياسي.

وسأل الخليل الحريري: “هل تود تغيير الطائف لأنك بفتح مجال لصلاحيات استثنائية ستأتي قوى سياسية لتطالب بصلاحيات شاملة لرئيس الجمهورية أو غيره”.

وخلال الجلسة حاول الحريري الاستفسار عن مطالب الثنائي الشيعي في حكومته، فجدد الخليل موقف حزب الله وحركة أمل بالتمسك بوزارة المال للطائفة الشيعية والتأكيد على تسمية الوزراء الشيعة، حينها طلب الحريري من الخليل الضغط على الوزير جبران باسيل ورئيس الجمهورية بعدم عرقلة جهود التكليف والتأليف.

ووعد الخليل بذلك شريطة أن يتعاون الحريري مع عون في عملية اختيار أسماء الوزراء المسيحيين في الحكومة، كما طالب خليل الحريري التواصل مع النواب السُّنة المقربين من الحزب لحصد أصواتهم في جلسة الاستشارات، وهذا ما حصل حيث طلب الحريري من وفد تيار المستقبل الذي بدأ يجول على القوى السياسية والكتل البرلمانية بضرورة التواصل مع كتلة اللقاء التشاوري السُّني المقربة من حزب الله.

وأوضحت مصادر دبلوماسية خاصة لـ”عربي بوست” أنه وعلى إثر موافقة كتل حزب الله وحركة أمل والمردة والمستقبل وكتلة الرئيس نجيب ميقاتي لتسمية الحريري، أجرى الفرنسيون اتصالات مع الحريري الذي أبلغ فيها مستشار الرئاسة الفرنسية لشؤون الشرق الأوسط إيمانويل بون امتناع جنبلاط عن استقباله أو تلقي اتصالاته.

وذكر المصدر أنه على الفور بدأت الاتصالات بين باريس وجنبلاط، فأجرى بون اتصالاً بجنبلاط في محاولة للضغط باتجاه تسمية الكتلة الاشتراكية للحريري.

في البداية رفض جنبلاط، فاتصل به الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي أكد لجنبلاط ضرورة استغلال فرصة المبادرة لقطع الطريق على أي محاولة تعطيل لها، فوافق جنبلاط على طلب ماكرون.

وبحسب المصدر، فإن الفرنسيين أبلغوا الحريري بأن عليه الاتصال بجنبلاط، وهذا ما جرى عصر الأربعاء، حيث صارح جنبلاط الحريري بهواجس إعادة تحالفه مع الوزير جبران باسيل ونتائجها الكارثية.

وأكد أكد الحريري أنه لن يعاود إحياء أي تحالف مع باسيل؛ لأن “المؤمن لا يلدغ من جحر مرتين”، فأكد جنبلاط أن كتلته ستنزل الخميس لتسمية الحريري كمرشح لرئاسة الحكومة مع التمني أن يشاوره الحريري بأسماء الوزراء من الطائفة الدرزية، فوافق الحريري وانتهى الاتصال.

وقالت مصادر إعلامية مقربة من رئاسة الجمهورية لـ”عربي بوست” إن رئيس الجمهورية ميشال عون لا يضع “فيتو” على الحريري، وأن كل ما يُحكى محض خيال وليس واقعياً.

وأشار المصدر إلى أن كل ما يعمل عليه عون هو تأمين غطاء أكبر للحريري في محاولة منه لإعطاء المبادرة الفرنسية زخماً سياسياً أكبر.

وتؤكد المصادر أن هناك حرصاً من قبل الرئيس عون على تأمين الأجواء تسهيلاً لعملية التأليف، وأن أمام هذه الحكومة برنامج إصلاحات يجب التوافق حوله من قبل كل الكتل السياسية الممثلة في البرلمان.

ويشدد المصدر على أنه لا يوجد أي سبب شخصي يتحكّم بموقف الرئيس، وهناك أسباب يجب أن تُدرس قبلها كي لا نكون أمام تكليف من دون تأليف للحكومة وتأليف من دون ثقة برلمانية.

ورفض المصدر محاولة بعض القوى السياسية التجني على موقف الرئيس وربطه بالوزير باسيل؛ لأن الرئيس حريص على دعم الرئيس المكلف وليس محاصرته وابتزازه.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى