تقارير وملفات إضافية

البرلمان مقابل الحكومة.. خلافات داخل النهضة بشأن اسم رئيس الوزراء، وهذه كواليس الساعات الأخيرة

رغم إعلان حركة النهضة التونسية عن ترشيحها زعيم الحركة راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان، وتمسكها بأن يكون رئيس الحكومة من النهضة أيضاً، فإن الخلافات داخل الحركة مازالت قائمة بسبب هذه القرارات.

وأعلنت حركة النهضة في بيان مقتضب على موقعها على  «تويتر»، أن مجلس شورى النهضة تمسَّك برئيس حكومة من النهضة، وقرَّر ترشيح رئيس الحركة راشد الغنوشي لرئاسة البرلمان.

الاجتماع الثاني لمجلس شورى حركة النهضة، الذي خُصص لمشاورات الحكومة المقبلة، وضع على رأس جدول أعماله مسألة حسم إمكانية تولي أحد أبناء أو قيادات الحركة مهمة رئاسة الحكومة وتشكيلها، أو اختيار شخصية مستقلة من خارج النهضة لهذه المهمة، بهدف جمع أكثر ما يمكن من حلفاء لدعم تشكيلتها الحكومية.

 على الرغم من إصرار قيادات حركة النهضة خلال الأسابيع الماضية على أن الحزب الفائز في الانتخابات التشريعية لن يتنازل عن حقه الدستوري في اختيار رئيس حكومة من داخل الحركة، تشير مصادر «عربي بوست» المطلعة على كواليس المشاورات داخل الحركة، إلى وجود خلاف كبير حول هذه النقطة الأساسية.

ففي حين يصرُّ جزء كبير من أعضاء مجلس الشورى، يقودهم عبداللطيف المكي، على أنه يجب على الحركة تعيين رئيس حكومة من داخلها، وتحمُّل مسؤولية الحكم وفق ما أفرزته نتائج الانتخابات، يقود رئيس الحركة راشد الغنوشي تياراً آخر لا يقل شراسة في الدفاع عن موقفه، الذي يذهب في اتجاه تعيين رئيس حكومة من خارج الحركة، يحظى بدعم من مختلف الأطياف والشركاء السياسيين، ويضمن نوعاً من التوافق والتناغم في المشهد السياسي خلال السنوات الخمس المقبلة.

 وإن كانت رئاسة البرلمان في ظاهرها قضية منفصلة عن مشاورات تشكيل الحكومة، فإن ذات المصادر المطلعة على المشاورات داخل حركة النهضة تشير إلى أن مسألة رئيس البرلمان المقبل، هي جزء من نقاط المفاوضات التي تجريها الحركة مع شركائها المحتملين في الحكم.

إذ يسعى الشق الذي يقوده الغنوشي إلى تقديم مقترح تعيين رئيس الحكومة المقبلة من خارج الحركة كتنازل، يمكن الحزب الفائز في الانتخابات من الحصول على دعم من شركائه في الحكم، للتصويت لصالح مرشح النهضة لرئاسة البرلمان.

 وتأتي أهمية توقيت ترشيح الغنوشي لرئاسة البرلمان من أنه يتزامن مع نهاية عهدته القانونية كرئيس لمجلس شورى حركة النهضة، وفق القانون الداخلي للحركة، الذي يحتم على الغنوشي عدم الترشح لدورة ثالثة لرئاسة الحركة أو حتى لعضوية المكتب التنفيذي.  

 طفا خلال الأيام الماضية على واجهة المشهد السياسي عدد من الأسماء المرشحة لرئاسة الحكومة المقبلة، ومن بينها رئيس المجلس الوطني التأسيسي مصطفى بن جعفر، والمترشح للانتخابات الرئاسية إلياس الفخفاخ، والفاضل عبدالكافي، الوزير السابق للتنمية والاستثمار، والتعاون الدولي السابق.

 فيما تؤكد مصادر «عربي بوست» أن مرشح حركة النهضة لهذا المنصب من داخل الحركة هو زياد العذاري، الوزير الذي خلف عبدالكافي على رأس الوزارة.  

من جهته يؤكد عبداللطيف العلوي، القيادي في ائتلاف الكرامة ذي التوجهات الإسلامية، أن لديه مؤشرات ومعلومات موثوقة، تؤكد أن الاتجاه العام داخل حركة النهضة يذهب في اتجاه اختيار رئيس حكومة من داخل الحركة.

 وقال إن ائتلاف الكرامة (الذي ينافس النهضة على أصوات المتدينين) يدعم هذا التوجه، وقام باقتراح أسماء من داخل حركة النهضة لرئاسة الحكومة، خلال المفاوضات التي جمعت الطرفين.

 وأضاف العلوي أن الاسماء التي اقترحها ائتلاف الكرامة من داخل حركة النهضة لتولي منصب رئاسة الحكومة المقبلة هي أسماء وازنة، لها من الكفاءة والقيم الثورية ما يؤهلها لشغل هذا المنصب، لكنَّه تحفَّظ عن ذكر الأسماء لعدم التشويش على المشاورات الداخلية لحركة النهضة.

وتابع العلوي «هناك انقسام كبير داخل حركة النهضة حول هذه المسألة، لكننا نعتقد أنه آن الأوان ليتحمل الحزب الفائز في الانتخابات المسؤولية ويحكم بنفسه، بعد أن حكم البلاد طيلة 8 سنوات من وراء حجاب».

 وفي سياق متصل، أكد القيادي في حزب التيار الديمقراطي غازي الشواشي، أنه لا يعتقد أن الأسماء التي تم تداولها ومن بينها مصطفى بن جعفر، هم المرشحون الفعليون لحركة النهضة لرئاسة الحكومة، مضيفاً أنها مجرد فرقعة إعلامية لجسّ نبض وردّة فعل الأحزاب الأخرى، حسب قوله.

 وأوضح الشواشي: «هناك خلاف داخلي كبير داخل حركة النهضة، بين شقين يدعم أحدهما أن يكون رئيس الحكومة من داخل الحركة، فيما يدعم الشق الآخر مقترح أن يكون رئيس الحكومة شخصية مستقلة من خارج الحزب».

 وأضاف: «لمسنا استعداداً لدى حركة النهضة للتخلي عن خيار رئيس الحكومة من داخلها، بهدف دعم مرشح الحركة لرئاسة البرلمان».

وختم الشواشي قائلاً إن التيار الديمقراطي مازال عند شروطه للمشاركة في تشكيل الحكومة، ومن بينها رئيس حكومة من خارج حركة النهضة، مع تمكينها من 3 حقائب وزارية، من بينها وزارتا العدل والداخلية.

 ومن جهة أخرى، أكدت الناطقة الرسمية باسم حزب قلب تونس، سميرة الشواشي، أنه لا وجود لأي مفاوضات رسمية بين حركة النهضة وحزب قلب تونس إلى الآن، حول تشكيل الحكومة.

 وقالت إن الحزب الثاني في الانتخابات التشريعية على استعداد للمشاركة في الحكومة، شريطة أن يكون رئيس الحكومة المقترح شخصية مستقلة من خارج النهضة، بالإضافة إلى تحييد وزارات السيادة (العدل والداخلية والدفاع).

 وأضافت الشواشي أن حزب قلب تونس يرفض تولي مصطفى بن جعفر وإلياس الفخفاخ رئاسة الحكومة المقبلة، لأنهما شخصيتان غير مستقلتين، ومقربتان من حركة النهضة، حيث سبق للقياديين في حزب التكتل العمل مع حركة النهضة في حكومة الترويكا التي كانت تقودها النهضة.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى