آخر الأخبارتقارير وملفات

حقوق الانسان ونفاق الغرب

بقلم الباحث والمحلل السياسى

الدكتور محمد السيد رمضان

نائب رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

حقوق الانسان ونفاق الغرب

النفاق جزء من طبيعة السياسة في الغرب. والميكيافيلية هي مدرسته الأولى. لكن ليس النفاق وحده، وإنما الوقاحة فيه أيضا. ذلك أمر جلي عندما يتعلق بحقوق الإنسان. لا حاجة لذكر أي أمثلة. ما من إنسان يعيش في هذا العالم إلا ويعرف أن الحكومات الغربية تستخدم قضايا حقوق الإنسان ليس من أجل الدفاع عن هذه الحقوق بعينها، وإنما من أجل ابتزاز الحكومات العربية فحسب.

كان من الأولى، بطبيعة الحال، ألا نرتكب أي انتهاكات. ولكن من الأولى أيضا ألا نكفّ عن سرد سجلات الفظائع التي ظل يرتكبها هذا الغرب بشأن حقوقنا وحقوق غيرنا. سجلات الجرائم يتعين أن تُكشف. كما يتعين أن تبقى حاضرة في أعين الناس، باستمرار، وبكل الوسائل الممكنة، من أجل أن نجعل من نفاق الحديث عن حقوق الإنسان فضيحة لكل أولئك الذين يستخدمونه كوسيلة من وسائل الابتزاز.

صرخات الغرب تتعالي ضد دولة بعينها تطالبها بالافراح عن مواطن متهم بالاشتراك في انقلاب علي شرعية رئيس منتخب وتطالب الحكومة بالافراج الفوري عنه ، سفراء عشرة دول تتدخل من اجل فرد لازال في مرحلة المحاكمة ولم يقول القضاء كلمته بعد .
هذا الاسلوب الذي يتبعه الغرب في تعامله مع بعض الدول التي يري انها لا تطبق معاير العدالة او حقوق الانسان كما ينص عليها الاعلان العالمي ، لكن في الحقيقة هذا الاسلوب هو احد صور الضغط الذي تمارسه هذه الدول من اجل الحصول علي المزيد من الامتيازات او لتحريك بعض الملفات الاخري والتي لا علاقة لها بملف حقوق الانسان .

صوت جرائمهم يظل خافتا. وصوت انتهاكاتنا سرعان ما يتحول إلى صراخ وعويل وهستيريا إعلامية بلا حدود.

لقد حدث أن اعتذرت فرنسا لأسرة ضحية فرنسي تم تعذيبه وإعدامه في الجزائر. ولكن فرنسا لم تجرؤ على الاعتذار عن مئات الآلاف من الجزائريين الذين عذبوا وأعدموا في الغرفة المجاورة!

فعند الحديث عن دولة بعينها ووصف سياساتها بانها عدائية وانها لا تتطابق مع المعاير الاوروبية ويتم اشهار ورقة العقوبات ان لم تنصاع لاملاءات الغرب فهذه هي البلطجة السياسية وازدواجية المعاير
فالجمهورية التركية التي اصبحت مستهدفه من عدة دول اوروبية صارت في مرمي الاتحاد الاوروبي ومطالبات هاته الدول بالافراج الفوري عن “عثمان كافالا” يدل علي تدخل سافر في الشأن الداخلي لدولةً ذات سيادة والاكثر من ذلك انها احد اهم الدول في حلف الناتو وتساهم باكبر قوة عسكرية في اوروبا ،الاوروبيون والامريكان لا يبحثون عن شيء سوء مناكفة تركيا ومحاولة كسر ارتدتها المتمثلة في حكومة اردوغان الذي يسعي لبناء دولة مستقلة قوية تنتج ما تحتاج اليه من غذاء وسلاح وتدافع حدودها وثرواتها .

فإن كان الغرب صادقا في دفاعه عن حقوق الانسان فلماذا يتثني دولا تنتهك كرامة وحقوق البشر ليل نهار وحكوماتها تبني سجون بدلا من المدارس والمستشفيات والجامعات ، اين حقوق الانسان فيما يحدث للمسلمين في الهند وميانمار وتركمانستان ؟
اين حقوق الانسان مما يحدث في اقليم تيجراي باثيوبيا ؟
اين حقوق الانسان الفلسطيني الذي يتعرض للعدوان يوميا وتنتهك اراضية وتصادر وتدنس مقدساته من قبل عصابات الصهاينه ؟
اين حقوق الانسان في بلد حدث فيه انقلاب دموي شاهده العالم وقتل فيه الالاف ويعتقل فيه عشرات الالاف ويعذب ويقتل فيه الابرياء دون حساب او عقاب من المجتمع الدولي ؟
ان ما يحدث في مصر من نظام مجرم قاتل لهو الاولي بالتدخل الدولي للافراج عن المعتقلين ظلما والمضطهدين من نظام عسكري مجرم لكن الحقيقة التي لا يعلمها الكثيرون ان الغرب المنافق هو من منح هذا الانقلاب شرعية باموال ودماء المصريين ، فكانت صفقات السلاح بديلا عن المطالبة بوقف الانتهاكات المستمرة لحقوق الانسان في مصر ، لقد اثبتت الايام ان مزاعم الغرب حول دفاعهم عن حقوق الانسان ما هي الا ورقة ضغط تستخدم للحصول علي المزيد من التنازلات كما حدث في مصر وتنازل النظام عن مساحات شاسعة من مياهنا الاقتصادية في شرق المتوسط لكل من اليونان وقبرص وللكيان الصهيوني الداعم له ،
فالممارسات الغربية ضد اي نظام نابعة من بحثه عن مصالحه وليس مصالح الشعوب المقهورة التي يتغني بالدفاع عنها ومن يتصدي لهم ينصبون له الفخاخ ويحاولون بشتي الطرق اسقاطه والتخلص منه لانه لا ينفذ اجندتهم ولا يلبي مطالبهم .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى