آخر الأخباراقتصاد

السباق للرئاسة الفرنسية جميع الأحزاب أصبحت من اليمين المتطرف

إريك زمور مرشح اليمين المتطرف يعد بـ"استرداد فرنسا"!

تقرير بقلم رئيس التحرير

سمير يوسف

رئيس المنظمة

قبيل الانتخابات الرئاسية الفرنسية، بدأت تتضح معالم المعركة السياسية للفوز بكرسي الإليزيه، في ظل صعود للتيارات اليمينية خاصة المتطرفة منها، وابتعاد الأحزاب اليسارية، وعلى رأسها الحزب الاشتراكي، عن دائرة المنافسة الحقيقية.

قبل سنة من اليوم، شرَّح موقع ستراتفور (Stratfor) الأميركي خطر إرهاب اليمين المتطرف في أوروبا، مُطلقاً إنذاراً من تزايد توسعه، في وقت يستغلّ الإرهابيون، من دعاة سموّ العرق الأبيض، التوترات السياسية والاقتصادية والاجتماعية المستمرة لتوسيع أنشطتهم، بما في ذلك التخطيط لهجمات، مرجّحاً أن يشكّل هذا التهديد تحدياً حقيقياً للأجهزة الأمنية، ويزيد في حدة الاستقطاب داخل المجتمعات الأوروبية. 

في أنحاء متفرقة من أوروبا، ولاسيما في فرنسا، سُجِّلت حركة نشطة لجماعات من المتعصبين اليمينيين، تمثّلت بتهديدات وبيانات واستفزازات شملت أجانب ومسلمين وأفارقة، وطالت أوروبيين يخالفونها في الرأي والممارسة.

نازيون جدد متطرفين لأبعد حد رصدتهم أجهزة المخابرات وتتبَّعت أنشطتهم إلى مستوى قريب جداً. وفي فرنسا، اعتقلت أفراداً منهم، وصادرت أسلحة ومعدات كومبيوتر تحوي كثيراً من وثائق إعداد هجمات وتهديدات.

في الحالة الفرنسية، يبدو سرطان اليمين المتطرف داهماً وجدياً مع التحولات الهائلة التي طرأت في ساحة الرأي العام، وظهور عاصفة اليميني المتطرف إريك زيمور، والتي باتت تهدد الانتخابات الرئاسية الفرنسية، وتفرض توتراً غير مسبوق في المجتمعين السياسي والشعبي.

فبحسب نتائج أراء أجراه “معهد دراسات الرأي والتسويق في فرنسا والخارج”، لحساب إذاعة الجنوب الفرنسية، فإن الرئيس إيمانويل ماكرون، اليميني الذي خرج من عباءة الحزب الاشتراكي، يتصدر نوايا التصويت بنسبة 25 بالمئة، بينما يتصارع على المرتبة الثانية، اليمين المتطرف بزعامة مارين لوبان (16 بالمئة)، والتي تواجه لأول مرة منافسة من مرشح من نفس العائلة السياسية، وهو الإعلامي اليهودي من أصول جزائرية إريك زمور (14 بالمئة).

من مُجادل في وسائل الإعلام إلى مرشَّح منافس يتقدَّم يومياً في استطلاعات الرأي ويحظى بدعم متزايد في أوساط نُخَب اقتصادية وفكرية وإعلامية، وضع إريك زيمور فرنسا في احتمالات خطيرة للغاية، ولاسيما بعد تسجيل انتفاضات في وجهه في الشارع، وعزم تيارات يسارية مناهضة للعنصرية والفاشية مواجهتَه وإسكاتَه.

مشهد خطير للغاية 14ألف مؤيد لزيمور في أُولى حملاته الانتخابية في باريس، وطغيان العنصر الشاب على الحضور، دقّا ناقوس الخطر، وبعثا برسالة تحذير حقيقية، موجهة إلى جميع أطياف الشعب الفرنسى ، بدءا بـ”الحزب الحاكم، فرنسا إلى الأمام”، مروراً باليمين التقليدي، وصولاً إلى أحزاب اليسار.

بينما يوجد التيار اليساري خارج دائرة المنافسة على الصعود للدور الثاني، رغم انتخاب الحزب الاشتراكي رئيسة بلدية العاصمة باريس “آن إيدالغو”، (6 بالمئة من نوايا التصويت)، مرشحة له في الرئاسيات المقبلة، بدعم من الأمين العام للحزب “أوليفييه فور”.

أقرّ الدستور الفرنسي لعام 1965م بأن يُنتَخب الرئيس الفرنسي بالاقتراع العام المباشر للمواطنين، على أن تجرى الانتخابات الفرنسية الرئاسية في دَوْرَيْن، إذ يُصوّت الفرنسيون في الدور الأوّل على مرشّحهم المفضّل من بين جميع المتقدمين، وبعد فرز أصوات الدور الأوّل تُستَدعى الهيئة الناخبة للتصويت مرة ثانية للاختيار بين المُرَشّحَيْن الحاصِليْن على أكبر عدد من الأصوات في الدّور الأوّل

وتم انتخاب الرئيس الفرنسي الحالي إيمانويل ماكرون انتُخب رئيساً بهذه الطريقة في العام 2017، بعد أن بلَغ الدّور الثاني رفقة زعيمة حزب التجمع الوطني مارين لوبان عن اليمين المتطرف، إذ حصد ماكرون في الدور الثاني 66,1% من الأصوات.

أقل من 4 أشهر تفصل فرنسا عن الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية لعام 2022، حيث يخوض المرشحون من الأحزاب الرئيسية بالفعل حملاتهم الانتخابية بقوة. في حين يلقي إيمانويل ماكرون، الذي لم يعلن بعد رسمياً ترشُّحه، خطباً عامة متكررة؛ لعرض إنجازاته وتأكيد الحاجة إلى مواصلة أجندته. ومع ذلك، لايزال الوضع السياسي الفرنسي أكثر تقلُّباً مِمَّا كان عليه من قبل، في هذه المرحلة المبكرة نسبياً من الحملات الانتخابية.

تأثير إنتخابات 2017 على إنتخبات 2022

يقول تقرير لموقع كونفرسيشن الإسترالى، إن هذه حملة غير عادية. فقد كانت الانتخابات الفرنسية لعام 2017 في حد ذاتها خروجاً عن القاعدة، لأنها بشَّرَت بفوز مُرشَّحٍ من أيٍّ من الحزبين الرئيسيين اللذين كانا يتناوبان على السلطة منذ الستينيات. لقد بشَّرَت بالانفصال عن الجمهورية الخامسة، التي كانت مُحدَّدَةً حتى ذلك الحين بالقسمة بين اليمين واليسار.

للمرة الثالثة فقط في عشرة انتخابات، لم تضع الجولة الثانية من انتخابات 2017، مُرشَّحاً من اليمين التقليدي في مواجهة ممثِّل اليسار الاشتراكي.

وفي المقابل، واجه الوافد الجديد إيمانويل ماكرون، الذي ادَّعى أنه “ليس يميناً ولا يساراً”، مارين لوبان اليمينية المتطرِّفة. جاءت الحالتان السابقتان في عام 1969 (عندما شهدت الجولة الثانية مواجهة الوسطي آلان بوهير ضد الديغولي جورج بومبيدو)، وفي عام 2002 (عندما تولَّى الرئيس اليميني المنتهية ولايته جاك شيراك دور الوصيّ على الجمهورية الفرنسية ضد المُرشَّح اليميني المتطرف جان-ماري لوبان).

والأهم من ذلك هو أن الحزبين الرئيسيَّين، اللذين يُنظر إليهما تقليدياً على أنهما مناسبان للحكم -الحزب الاشتراكي والحزب الجمهوري- وجدا نفسيهما خارج نطاق واسع من اللاعبين الجدد (ماكرون) والشخصيات الاحتجاجية (لوبان وجان لوك ميلونشون) الذين أثبتوا أنهم “أكثر جاذبيةً”، بحسب الموقع الأسترالي.

يفسر هذا الانقسام سبب عدم حصول أيٍّ من مُرشَّحي الجولة الثانية على أكثر من 25% من الأصوات في الجولة الأولى، للمرة الأولى منذ عام 2002. وساعد ضعف الأحزاب الرئيسية في تسليم الفوز لأغلبية جديدة تشكَّلَت حول الرئيس الجديد في الانتخابات البرلمانية التي تلت ذلك.

في ذلك الوقت، اعتقد بعض النقاد أن الطيف السياسي الفرنسي سيعيد هيكلة نفسه حول هذه الأغلبية “من اليسار واليمين على حد سواء“.

القاعدة الانتخابية لماكرون تغيرت بعد 5 سنوات من الحكم الفاشل؟

في هذا السياق، جريدة التايمز البريطانية تلفت النظر إلى أن “الأمل الدائم في حياةٍ أفضل هو ما يفسِّر كيف أقنع ماكرون، البالغ من العمر 39 عاماً فقط في ذلك الوقت، وبدون حزبٍ أو خبرة انتخابية، البلاد بالمراهنة عليه في عام 2017، مما جعله أصغر زعيم منذ نابليون بونابرت، الذي كان يبلغ من العمر 35 عاماً عندما تُوِّجَ إمبراطوراً للبلاد”.

وتقول الصحيفة: “في بداية ذلك العام الانتخابي، كان ماكرون يترشَّح بالمركز الثالث، في حين بدا أن الإليزيه مطمئنٌ إلى فيون، المُرشَّح المُفضَّل في الاقتراع. وكان رئيس الوزراء المتواضع في عهد ساركوزي قد أعاد تقديم نفسه باعتباره من أتباع تاتشر، وكان يستفيد من الانجراف اليميني في البلاد، حتى اجتاحته فضيحة توظيفه زوجته البريطانية براتبٍ برلماني.

بعد خمس سنوات، من الواضح أن الطيف السياسي الفرنسي لم يهيكل نفسه حول هذه الأغلبية، وقد زاد الانقسام في طيف الخيارات السياسية للناخبين الفرنسيين. خلال فترة ولايته، لم ينجح ماكرون في توسيع قاعدته الانتخابية، التي لاتزال تشكِّل 20-25% من الناخبين. في انتخابات البرلمان الأوروبي في مايو/أيار 2019، حصل التحالف الذي يدعم ماكرون على 22.4% من الأصوات. وفي ديسمبر/كانون الأول 2021، كان منظِّمو استطلاعات الرأي يضعونه بمعدل 24% لانتخابات عام 2022.

وبدلاً من تغيير السياسة، غيّر ماكرون ببساطةٍ قاعدة ناخبيه، وحوَّلها إلى يمين الوسط. من الناحية النظرية، يترك هذا مساحةً معينةً حرَّةً على اليسار، لكن لا يبدو أن أيَّ مُرشَّحٍ قادرٌ على شغلها اليوم.

ويسمَح نظام الدّورَيْن بإضفاء شرعية أكبر على الانتخابات الرئاسية، إذ يختار الفرنسيون بين مُرَشّحَيْن فقط بدل تَشَتّت الأصوات بين عدد أكبر من المرشحين كما يجري عادة في الدّور الأوّل.

ويَحقّ للرئيس الفرنسي تجديد عُهدتِه مرة واحدة فقط، بحسب التعديل الدستوري الذي تبنّاه الرئيس السابق نيكولا ساركوزي في العام 2008، والذي يستهدف تفادي احتكار المنصب الدستوري الأعلى في البلاد. 

بريجيت ماري كلاود ماكرون كارت الفوز

 أصبحت هذه السيدة الشقراء، نحيلة القامة، في سن الـ64 عقيلة رئيس الجمهورية التي تُفتح أمامها الأبواب، ولا يُرد لها طلب. تدور على عواصم العالم مع زوجها وتستقبل كباره. آمرة ناهية. قبلة الصحافة الشعبية، وصورها تغزو المجلات مصقولة الورق، ويتسابق الإعلاميون والإعلاميات ليحظوا بجملة منها أو بمقابلة.

تتبارى كبار بيوتات الأزياء لإقناعها بارتداء أجمل ما تحيكه معاملها. هي صورة فرنسا في الخارج. دخلت العمل الإنساني. بدَّلت وجددت في قصر الإليزيه، ولم تتردد في أن تطلب استبدال أطباق المائدة الرئاسية حتى تليق بالمطبخ الفرنسي الشهير؛ لكن الكلفة جاءت في زمن عصر النفقات منتفخة؛ إذ وصلت إلى نصف مليون يورو، ما عزز قول القائلين بأن ماكرون «رئيس الأغنياء». وذهب بعضهم إلى تسميتها «ماري أنطوانيت»، زوجة ملك فرنسا لويس السادس عشر التي ردت على من يقول لها إن الفرنسيين يفتقدون الخبز ولا يجدون ما يأكلونه، بقولها: «ليأكلوا البسكويت». وقد انتهت الملكة والملك على المقصلة التي كانت منصوبة في ساحة الكونكورد الحالية في باريس، على بعد رمية حجر من قصر الإليزيه.

زوجته فتحت له الأبواب والنوافذ على الثقافة والمثقفين وأهل الفن، وقررت أنه يتعين دعوة فرقة موسيقية أو مسرحية أو مغنٍّ على الأقل مرة في الشهر، في إطار «أمسيات الإليزيه» حتى يعود المقر الرئاسي «صديقاً» للفن والثقافة. وليس سراً أن بريجيت ماكرون، كونها كانت تدرس فن التمثيل، لها علاقات واسعة مع شرائح عديدة في قطاع الفن؛ خصوصاً المسرح. وقبل يومين فقط من فرض الحجر في المنازل، في إطار مكافحة وباء «كورونا»، شوهد الرئيس وزوجته في أحد مسارح وسط العاصمة، لحضور الحفلة الافتتاحية لمخرج صديق لـبريجيت ماكرون.

تتمتع فرنسا بنظام مركزي هو الأشد من بين كافة البلدان الأوروبية. وقلب هذه المركزية النابض هو قصر الإليزيه الملتحف بدستور الجمهورية الخامسة، الذي فصله الجنرال ديغول في ستينات القرن الماضي على مقاسه. وكثيرون يعتبرون أن رئيس الجمهورية يتمتع بصلاحيات تفوق صلاحيات الملك إبان الملكية. والنتيجة أن عقيلة الرئيس يمكن أن تمارس نوعاً من السلطة الخفية عبر زوجها. ورغم أن بريجيت ماكرون دأبت على أن تبقى بعيدة عن مثل هذه الظنون، فإن الواقع شيء آخر.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى