الأرشيف

فضيحة تطال الإتحاد الأوروبى: عبد الفتاح السيسى أبرمت اتفاقا سريا مع أوروبا… “الصمت مقابل شراء السلاح”

كشف موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، أن سلطات الانقلاب العسكري في مصر أبرمت اتفاقا سريا مع الاتحاد الأوروبي

تقرير إعداد رئيس التحرير

 

سمير يوسف

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، أن سلطات الانقلاب العسكري في مصر أبرمت اتفاقا سريا مع الاتحاد الأوروبي”الصمت عن حقوق الإنسان مقابل شراء السلاح”

الاتحاد الأوروبي والانتهاكات في مصر.. المصالح قبل حقوق الإنسان

ظلت السياسات الأوروبية لحقوق الإنسان تجاه مصر، مخيبة للآمال وتتميز بالنفاق وتغليب مصالحها على انتهاكات حقوق الانسان والقتل والتعذيب المتصاعد في مصر، ومع انقلاب السيسي وتعاظم سياسات القتل الجماعي والتعذيب والقمع، توقع كثيرون ان يهرول الاتحاد الأوروبي للدفاع عن حقوق الانسان، ليفاجئ الجميع بتوثيق الأوروبيين علاقتهم مع السيسي والدفاع عن قمعه مقابل مصالحهم وصفقات سلاح قدمت لهم كرشاوي من سلطة الانقلاب.

وقد أصدر مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان دراسة بعنوان: تقرير: حالة حقوق الإنسان في العالم العربي 2017-2018، رصد فيها هذا التحول الجذري في التعامل الغربي الصادمة مع الانقلاب وتغليب لغة المصالح على حقوق الإنسان.

بداية التنازل

ويشير التقرير لأن بداية التنازل الاوروبي لصالح سلطة الانقلاب جاء بانعقاد اجتماع تجديد مجلس الشراكة المصري الأوروبي في يوليو 2017، بعد أن توقفت مجالس الشراكة المصرية الأوروبية منذ أبريل 2010، بسبب القمع والتحولات السياسية التي مرت بها مصر منذ عام 2011.

وكان من الواضح أن تطوير الشراكة المصرية الأوروبية، في هذا الوقت الذي تشن فيه سلطات الانقلاب حملة مسعورة ضد الحقوق والحريات العامة، “بمثابة مكافاة لا تستحقها حكومة عبد الفتاح السيسي، وتستراً على جرائم نظامه التي لم تشهدها مصر عبر تاريخها الحديث”.

فبدلا من توظيف الاتحاد الأوروبي فرصة عقد مثل هذا الاجتماع السياسي رفيع المستوى للضغط لتحسين أوضاع حقوق الإنسان في مصر، وربطه بحزم المساعدات الجديدة من أوروبا لنظام السيسي بين عامي 2017-2020، أضاع مسئولو الاتحاد الأوروبي الفرصة زاعمين أن وجود تحسين علاقتهم بنظام السيسي وعقد هذه المجالس الحوارية “يسهل من طرح قضايا حقوق الإنسان.

لهذا تؤكد الدراسة أنه

“كان من الأولى بالاتحاد الأوروبي في ظل سلسلة الأزمات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأمنية الحالية في مصر، وما تشكله من تهديد لأمن واستقرار المنطقة ككل، أن يكون على قدر أكبر من المسئولية السياسية والأخلاقية في مقاربته للأوضاع الداخلية في مصر، خاصة أن عديد من الدول الأوروبية في الفترة الأخيرة عززت بشكل مباشر من إمكانيات وقدرات مؤسسات القمع في مصر عبر التعاون العسكري والأمني”.

ونادرا ما يلجأ الاتحاد الأوروبي إلى تطبيق سياسات عقابية في إطار سياساته الخارجية تجاه انتهاكات حقوق الإنسان، على عكس فرض الشروط والمتابعة الأكثر حزماً فيما يتعلق بتحرير التجارة، واستقبال الصادرات المصرية في الأسواق الأوروبية بمعايير جودة معينة، وتحسين مناخ الاستثمارات الأجنبية، والتعاون في مجالات الأمن ومواجهة الهجرة غير المنتظمة.

وعلى الرغم من أن الوثائق الاستراتيجية الأوروبية الرسمية، ومواقف البرلمان الأوروبي تشير إلى وجود حالة من القلق تجاه مستقبل الاستقرار السياسي والتماسك المجتمعي في مصر، ومخاوف من انعكاسات أوضاعها المحلية على الاستقرار الإقليمي، إلا أن الاتحاد الأوروبي لم ينجح في استثمار الأليات والفرص المتاحة له في علاقاته بالحكومة المصرية للضغط عليها أو تحفيزها لتغيير نهجها الداخلي خاصة فيما يتعلق بقضايا الحريات العامة، أو حرية واستقلال المجتمع المدني.

وكرر الاتحاد الاوروبي بذلك أخطاء الماضي في حصول الدول المستبدة الشريكة له، كما كان الحال وقت حكم الرئيس المخلوع مبارك، على مختلف الامتيازات الاقتصادية والأمنية والعسكرية التي تكرس الاستبداد وتخدم استقرار القائمين على الحكم دون تقديم شيء يذكر لصالح الشعوب.

سر الانقلاب في الموقف الأوروبي

هناك تغير في الموقف الأوروبي أو تبرير لهذا الانحياز لدعم الانظمة الديكتاتورية العربية تلخصه “سياسة الجوار الأوروبية المعدلة، في الاهتمام بـ “استقرار المنطقة في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية”، بحيث يكون هذا في صميم السياسة الجديدة.

ومن ثم فهم يرون أنه رغم أن الأسباب الجذرية لعدم الاستقرار في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي الفساد، وضعف التنمية الاجتماعية والاقتصادية والفرص المتاحة للشباب، وغياب العدالة الاجتماعية، وهذه المشاكل تؤجج التشدد والاحتجاج والتطرف العنيف، إلا أن “الاستقرار” أهم وهو ما تحقق الانظمة القمعية مثل نظام السيسي.

ومعروف أن “سياسة الجوار الأوروبي”، تعكس استراتيجية الاتحاد الأوروبي العالمية لعام 2016، وتطرح مفهوم “البراجماتية المبدئية” مع التركيز القوي على أمن أوروبا، والتركيز الضعيف على الديمقراطية، حيث يعتبرون “الديمقراطية وحقوق الإنسان وسيادة القانون” مجرد “قيم”، وليست “معايير ملزمة”.

لهذا يبدو من الغريب أن تظهر حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون وحماية المجتمع المدني في جميع وثائق سياسات الاتحاد الأوروبي لدول الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك مصر، باعتبارها أساسية، وكذا في وثائق السياسات العالمية، فضلا عن المبادئ التوجيهية العالمية ووثائق السياسات واستنتاجات الأبحاث (بشأن المجتمع المدني، والمدافعين عن حقوق الإنسان، والتعذيب، وحقوق الشواذ)، ومع هذا فلهم لا يلتزمون بما يقرونه في مواثيقهم.

وتشير سياسة الجوار الأوروبية المعدلة إلى أن الاتحاد الأوروبي يعتزم رسميا دعم الديمقراطيات “في حال ظهورها في المنطقة العربية، ولكنه لن يحاول الضغط على حكومات دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا التي تنتهج القمع والثورة المضادة”!!

والواقع أن الخطاب الأوروبي المعلن بشأن مصر يكرس دائما وبشكل متزايد لاحترام حقوق الإنسان كشرط للاستقرار والأمن وكسياسة فعالة لمكافحة الإرهاب، ومع ذلك، لم يستخدم الاتحاد الأوروبي إلا القليل من نفوذه -وهو محدود أصلا، ولكنه ليس ضئيلا-في هذا الاتجاه، كما لم تستخدم الدول الأعضاء نفوذها القوي.

فحجم المساعدات المالية المقدمة من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء والمؤسسات المالية الأوروبية إلى مصر في أشكاله المختلفة، المنح والقروض ومبادلة الديون، ينصّب أوروبا كالمانح الأول والأكثر أهمية لمصر مع وصول حجم المساعدة المالية الأوروبية الجارية لمصر من كافة مؤسسات الاتحاد الأوروبي والحكومات الأوروبية إلى أكثر من 11مليار يورو، حسب دائرة العمل الخارجي الأوروبي في يوليو 2017.

ويبدو أن الرغبة في مشاركة مصر في مواضيع ذات اهتمام أوروبي عاجل، كما تؤكد دراسة مركز القاهرة لحقوق الانسان: “أصبح لها الأسبقية على أي تحفظات بشأن توجهات عبد الفتاح السيسي”.

تطبيع رسمي رغم جريمة ريجيني

عززت المخاوف الأوروبية بشأن الأزمة المالية والاقتصادية المتزايدة في مصر في عام 2016 قرار العودة إلى التطبيع الرسمي للعلاقات الأوروبية المصرية بعد فترة تهدئة في ربيع عام 2016 بعد مقتل الباحث الايطالي جوليو ريجيني.

وأدى ذلك إلى تصميم قوي على إيجاد سبل لدعم (السيسي) قدر الإمكان من خلال جميع أدوات السياسة العامة، في محاولة لتأجيل أو منع انهيارنظامه وما يترتب على ذلك من سيناريوهات كارثية. ويرى الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء أنهم لا يستطيعون إجبار نظام السيسي على معالجة جميع المشاكل الأخيرة، ولكنهم يستطيعون الدفع بهذا الاتجاه عن طريق الضغط ضد التدابير التي تتخذها مصر.

ويقول المدافعون عن حقوق الإنسان في العواصم الأوروبية وفي بروكسل، في تبرير سياستهم:

“وما البديل عن حكومة السيسي؟

نعم، سياسات حكومته مضرة، ولكن أين هي المعارضة؟

أين نشطاء 2011؟

أين الحركات الاجتماعية؟

يجب أن يأتي التغيير من داخل مصر، ولا يمكن أن تفرضه أوروبا”.

ومنع نظام السيسي الحراك الشعبي الهادف للتغيير في هذا المجال عن طريق قمع حركات العمال، ونشطاء النقابات العمالية، والمنظمات غير الحكومية المعنية بالحقوق الاقتصادية، والاحتجاجات حول القضايا الاجتماعية والاقتصادية، فضلا عن سن التشريعات القمعية ضد النقابات العمالية وإضرابات العمال، على سبيل المثال.

وتثير الجمعيات الاهلية (المدعومة أوروبيا) الخلاف بين الطرفين وفي نوفمبر 2016، جاء قانون جديد وحشي للمنظمات غير الحكومية، من المتوقع أن يؤدي تنفيذه إلى إغلاق المنظمات غير الحكومية المستقلة المعنية بحقوق الإنسان، وحظر الدعوة إلى الحقوق المدنية والسياسية، بل سيؤدي إلى وضع جميع منظمات المجتمع المدني المصرية تحت السيطرة الصارمة للدولة فيما يتعلق بجميع جوانب تسجيلها وتمويلها وأنشطتها وتعاونها مع الكيانات الخارجية (بدءا من نهاية 2018 عندما تنتهي السنة المنصوص عليها كمهلة لتقديم طلب التسجيل).

وهذا يعني الخنق التدريجي للعديد من هذه المنظمات وأثار ذلك قلق واضعي السياسات في الاتحاد الأوروبي، لكنهم قرروا وضع الصيغة النهائية لمفاوضات أولويات الشراكة في ديسمبر 2016 بلغة مبهمة بشأن التعاون مع المجتمع المدني، استنادا إلى تأكيدات غير معلنة من مصر مفادها أن مشروع قانون المنظمات غير الحكومية لم يُحل إلى الرئاسة للمصادقة عليه، ولن يقر على النحو الذي تبناه البرلمان.

وفي أواخر مايو 2017 صادق السيسي على القانون (الذي أصبح القانون رقم 70/2017). والأسوأ من ذلك، أن هذه المصادقة جاءت في خضم سلسلة من الإجراءات القمعية بين أبريل ويونيو، والتي صعدت من حملة قمع شاملة بمصر باسم مكافحة الإرهاب، وأُخذ الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء على حين غرة.

في عام 2017، اعتادت لغة التصريحات العلنية من دائرة العمل الخارجي الأوروبي (وهي دائما تصريحات من المتحدث، لا تصدر أبدا عن الممثلة السامية فيديريكا موجيريني نفسها) عن مثل هذه الحالات والقضايا العاجلة في مصر على أن تنتهي إلى لغة خفيفة جدا وضعيفة، في مواجهة انتهاكات حقوق الانسان في مصر.

بيان ضعيف

كشف موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، أن سلطات الانقلاب العسكري في مصر أبرمت اتفاقا سريا مع الاتحاد الأوروبي ينص على “الصمت مقابل السلاح”.

 وقال الموقع في تقرير، إنه حصل على مذكرة داخلية من وزارة الخارجية المصرية، تظهر قلق الدبلوماسيين المصريين بسبب الانتقادات التي توجه إلى مصر داخل الأمم المتحدة، وبشكل أساسي من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي.

 وأوصت المذكرة، التي حررها موظفون في وزارة الخارجية، ووقع عليها الوزير سامح شكري، بشراء الأسلحة من أوروبا مقابل الصمت عن الانتقادات قائلة: “لا يوجد اهتمام مباشر يحفز الاتحاد الأوروبي على التعاون مع مصر مثل عقود التسليح التي تصل قيمتها إلى عشرات المليارات”.

 وأشار الموقع إلى صفقات التسليح المليارية التي أبرمتها الحكومة المصرية منذ استيلاء رئيس سلطة الانقلاب عبد الفتاح السيسي على الحكم، خاصة مع فرنسا وألمانيا وبريطانيا وإيطاليا وإسبانيا.

منذ أن استولى على السلطة في 2013، سعت الدكتاتورية العسكرية في مصر إلى إبرام اتفاق فريد وغير رسمي مع الزعماء الأوروبيين، ينص على أنهم إذا وفروا لها الحماية من النقد الموجه إلى سجلها في حقوق الإنسان، فسوف تستمر في شراء الأسلحة منهم.

منذ 2011، بدأت الحكومة المصرية في زيادة مستورداتها من الأسلحة. كانت الولايات المتحدة تقليدياً هي المورد الأساسي لأسلحتها، التي وفرت على مدى عقود ما قيمته مليارات الدولارات من المساعدات للبلد ولجيشه. ولكن على مدى العقد الماضي، بدأ ذلك الوضع في التغير، حيث أخذت مصر تركز اهتمامها على جيرانها في أوروبا.

تسلط مذكرة داخلية من وزارة الخارجية المصرية، حصل عليها موقع ميدل إيست آي، الضوء على الأسباب التي أدت إلى ذلك، حيث يقول الدبلوماسيون فيها إنهم قلقون بسبب الانتقادات التي توجه إلى مصر داخل الأمم المتحدة، وبشكل أساسي من قبل الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي، الذين رأوا في تصريحاتهم حول انتهاكات حقوق الإنسان في مصر أداة للضغط عليها لإجبارها على تغيير سياستها. وتقول إنه لا يوجد اهتمام مباشر يحفز الاتحاد الأوروبي على التعاون مع مصر مثل عقود التسليح التي تصل قيمتها إلى عشرات المليارات ، والاتفاقيات على استضافة مئات الآلاف من اللاجئين الأجانب، والدور العسكري أو الأمني للتعامل مع أزمات محددة.

تحمل المذكرة تاريخ الثامن والعشرين من مايو 2017، وحررها موظفون تابعون لوزير الخارجية آنذاك سامح شكري، الذي أضاف ملاحظات بخط يده إلى الوثيقة، ثم وقع عليها. يمكن رؤية هذه المقاربة تنعكس على مستوردات مصر على مدى العقد الماضي. ولا أدل على ذلك من تعزيز الشراكة الأمنية بين مصر وفرنسا. وفي الحقيقة، تتجاوز فرنسا الآن الولايات المتحدة باعتبارها ثاني أكبر مورد للأسلحة إلى مصر بعد روسيا. ما بين 2010 و 2019 استوردت مصر ما تزيد قيمته على 7.5 مليار يورو من المعدات العسكرية من فرنسا، بما في ذلك صفقة أبرمت في عام 2015 لشراء 24 طائرة هجومية من طراز رافائيل. وفي ديسمبر 2020، أعلن الرئيس إيمانويل ماكرون أنه ما عاد يشترط ارتباط تصدير السلاح إلى مصر بقضية حقوق الإنسان؛ لأنه لم يرد إضعاف قدرتها على مواجهة التطرف في المنطقة.

 في عام 2020، وقعت مصر صفقة بقيمة 10 مليار يورو مع إيطاليا اشتملت على شراء 6 سفن عسكرية و 24 طائرة تدريب من طراز M-346، و 24 طائرة مقاتلة من طراز تايفون، و20 قاربا حاملا للصواريخ من طراز Falaj II OPV، بالإضافة إلى ستلايات عسكري صناعي.

أما إسبانيا، فصدرت ما تزيد قيمته على 50 مليون يورو من الأسلحة إلى مصر منذ عام 2012، وتم إقرار 46 رخصة لتصدير الأسلحة بما قيمته 93 مليون يورو إضافية. ثم في فبراير من عام 2014، رفضت لجنة الدفاع في البرلمان الإسباني طلباً تقدم به الحزب الجمهوري اليساري في كاتلان لتعليق صفقات السلاح مع مصر؛ بسبب انتهاك الحكومة المصرية لحقوق الإنسان. رفض حزب الملتقى والاتحاد الطلب المقدم قائلاً إن العلاقات مع مصر يجب أن تبقى كما هي؛ لأن التغييرات في السياسة الخارجية لا ينبغي أن تجري هكذا بشكل مفاجئ ودون تفكير. وفي عام 2021، وقعت شركة الصناعات الإسبانية “إسكابانو” على اتفاقية تعاون يتم بموجبها تزويد مصر أنظمة للتحكم عن بعد، بحرية وبرية. 

كما زودت بريطانيا مصر بتشكيلة من المعدات العسكرية، تقول جماعات حقوق الإنسان إنها تستخدم من قبل جيش البلاد لقمع وقهر المواطنين. تشتمل هذه المعدات على بنادق آلية، وطائرات عمودية عسكرية، وقطع غيار لعربات هجومية. تعتبر إدارة الصادرات الدفاعية والأمنية البريطانية مصر سوقاً مهماً، ولقد قام عدد من رؤساء الوزراء ووزراء التجارة البريطانيين بحضور أو استضافة عدد من اللقاءات على مستوى رفيع مع كبار المسؤولين المصريين خلال العقد الماضي. وما بين 2013 و2020، وقعت بريطانيا على 229 رخصة، وصدرت ما تزيد قيمته على 232 مليون يورو من المعدات العسكرية إلى مصر.

منذ عام 2013، يخضع سجل مصر في حقوق الإنسان لمتابعة حثيثة. فأثناء الاستيلاء العسكري على الحكم في البلاد في يوليو/ تموز وفي أغسطس/ آب 2013، قتل ما يزيد على ألف متظاهر على أيدي قوات الأمن، فيما وصف بأكبر مذبحة في تاريخ مصر الحديث. ولقد اعتقلت الحكومة في عهد الجنرال السابق والرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي ما يزيد على 60 ألف سجين سياسي، بما في ذلك صحفيون ونشطاء وشخصيات سياسية. كثير من هؤلاء يتم اعتقالهم بلا محاكمة، ويظلون محتجزين إلى الأبد في ظروف تقول جماعات حقوق الإنسان إنها ترقى إلى التعذيب، في انتهاك سافر للنظام القانوني المصري ذاته. كما شهدت مصر ارتفاعاً غير مسبوق في الإعدامات، حتى غدت ثالث أكثر دولة تمارس الإعدام في العالم بعد الصين وإيران. ومنذ عام 2020، وصفت لجنة حماية الصحفيين مصر بأنها ثالث أسوأ ساجن للصحفيين في العالم.

في شهر أغسطس/ آب 2013، علق مجلس العلاقات الخارجية في الاتحاد الأوروبي لوقت قصير رخص تصدير السلاح إلى مصر. حينها وصف المجلس إجراءات القمع التي مارستها قوات الأمن في ميدان رابعة بغير المتكافئة. في ذلك الوقت، وافقت دول الاتحاد الأوروبي، بما فيها بريطانيا آنذاك، على وقف مبيعات أي معدات قد تستخدم لغايات القمع الداخلي، ووعدت بإعادة تقييم شراكاتها الأمنية مع الحكومة في مصر. إلا أن اتفاق المجلس كانت تنقصه الإجراءات التنظيمية، ولذلك لم يكن ملزماً، وإنما مجرد تعهد سياسي من قبل الأعضاء. ونتيجة لذلك لم تلبث معظم تلك القيود أن رفعت بعد وقت قصير.

وفي فبراير/ شباط من عام 2022، وقع ما يقرب من 200 سياسي أوروبي على خطاب يطالب مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بإنشاء آلية للرصد والتبليغ حول أزمة حقوق الإنسان في مصر. وحث الخطاب المجلس على اتخاذ إجراء حاسم قبل موعد انعقاد جلسته القادمة في مارس/ آذار. إلا أن الحكومات الأوروبية نفسها ظلت بشكل عام صامتة. وبينما تستمر مبيعات الأسلحة وتزداد أحجامها، تستمر هذه الحكومات في اعتبار أن مصلحتها تتطلب حماية قادة مصر العسكريين من أي نقد.

مصر تستورد نصف صادرات ألمانيا من السلاح

وصلت صادرات الأسلحة الألمانية إلى مصر، إلى مستويات قياسية في عام 2021، حيث استوردت مصر حوالي 4.34 مليار يورو من البضائع العسكرية، من أصل 9.35 مليار يورو، صدرتها حكومة برلين إلى دول العالم، وفق الأرقام الرسمية.

واستوردت مصر بشكل أساسي أنظمة الدفاع الجوي والمعدات البحرية، في وقت يتهم فيه ناشطون بمجال حقوق الإنسان الحكومة المصرية بارتكاب انتهاكات جسيمة والمشاركة في الصراعين في اليمن وليبيا.

وطالبت وزارة الاقتصاد الألمانية، التي يقودها روبرت هابيك الزعيم المشارك لحزب الخضر، الحكومة الائتلافية بتوخي الحذر واتخاذ موقف أكثر صرامة بشأن إلى أين ستصدر وأي الأسلحة سيتم تصديرها.

وقالت الوزارة في بيان إلى جانب الأرقام: “الحكومة الفيدرالية ترى نهجا مقيدا لصادرات الأسلحة وستقوم، وفقا للمبادئ التوجيهية في اتفاق الائتلاف، بتطوير قانون للرقابة على الصادرات”.

وتم الكشف في كانون الأول/ ديسمبر أن الحكومة السابقة وافقت على صادرات أسلحة بقيمة 4.91 مليار يورو في الأيام التسعة الماضية وحدها، بما في ذلك العديد من الصادرات مع مصر.

وقبل يوم واحد من مغادرتها منصبها كمستشارة لألمانيا، وافقت حكومة ميركل على صفقتي أسلحة لمصر، ويأتي هذا رغم انتقادات ألمانية بسبب ملف حقوق الإنسان، خاصة في ظل تورط القاهرة باضطرابات الأوضاع باليمن وليبيا، ونأت الحكومة الألمانية الجديدة التي يرأسها “أولاف شولتس” بنفسها عن هذا القرار، إلا أنها التزمت بتنفيذه والمضي قدما فيه.

وتشمل صفقتا الأسلحة الألمانية الأخيرة لمصر توريد شركة “تيسن كروب” الألمانية للأنظمة البحرية ثلاث فرقاطات من طراز “ميكو إيه 200- إي إن” إلى مصر، بالإضافة إلى توريد شركة “ديل ديفينس” الألمانية 16 نظام دفاع جوي من طراز “إيريس-تي إس إل إس/إس إل إكس” إلى مصر.

في 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، أعلنت وكالة الأنباء الألمانية أن مصر جاءت ضمن قائمة أهم الدول الحاصلة على تصاريح لتوريدات أسلحة من الحكومة الألمانية خلال الأشهر العشرة الأولى من العام الجاري.

وبلغت قيمة إجمالي تصاريح بيع أسلحة ألمانية إلى مصر منذ بداية 2021 حتى نهايته، 181.1 مليون يورو. رغم أن عددا من النواب بالبرلمان الألماني “البوند ستاغ” انتقدوا صفقات بيع السلاح إلى مصر، معتبرين أن التصريح بصادرات أسلحة لها رغم الانتقادات الحقوقية الموجهة إليها، يعبر عن “ازدراء لسياسة خارجية يفترض أنها قائمة على أساس القيم”.

Silence for arms: Egypt’s secret deal with the EU

MEE staff

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى