آخر الأخبارتقارير وملفات

مصر تتخلى عن فقرائها لصالح قرض صندوق النقد الدولي

تقرير إعداد رئيس التحرير

سمير يوسف

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

ظنّ عبد الفتاح السيسي أن “التكية” التي يحكمها، يمكن أن تتحول إلى دولة بشعارات وهمية، وأغاني هابطة، وكتيبتين إلكترونيتين بقيادة “إبراهيم الجارحي”، وبجريدة اليوم السابع التي يديرها “………” الشهير، وقنوات يقودها مخبرون، وبرامج يقدمها مخبرون، ومقالات يكتبها مخبرون.

لم يدرك أن الفقراء الذين رقصوا على أبواب اللجان الانتخابية الزائفة على نغمات تسلم الأيادي المزعجة لم يرقصوا حبًا في نور عينيه، ولكنهم رقصوا من أجل استقرار وعدهم به، ورخاء اقتصادي وهمي لطالما انتظروه كثيرًا فلم يأتِ، وربما رقصوا لأن بعض رجاله  كانوا يوزعون أموالًا أمام اللجان.

اعتمد السيسي في صناعة شعبيته على عنصرين أساسيين: “بدلته العسكرية، وسذاجة من سحب من تحتهم كرسي الحكم فسقطوا”.

شروط صندوق النقد الدولى

يمكن كشف قرض صندوق النقد الدولى في شروطه التي طلبها من مصر مقابل توفير قرض بقيمة 3 مليارات دولار، عبر دعوته زيادة أسعار السلع والخدمات الضرورية اللصيقة بالمواطن الفقير والمعدم، وحتى متوسط الدخل، عن طريق رفع الدعم الحكومي الموجه لتمويل السلع الرئيسية، ومنها رغيف الخبز والمياه والكهرباء والصرف الصحي.

كما طالب بزيادة الضرائب والرسوم الحكومية بمعدلات قياسية، وفرض أنواع جديدة من الرسوم والضرائب، وبيع أسعار الوقود بالأسعار العالمية دون مراعاة الدخول والرواتب الضعيفة للمواطن.

ولعل أبرز مظاهر تخلي الحكومة المصرية عن الفقراء استجابة لصندوق النقد، ما صدر عنها بالقرار رقم 69 لسنة 2023 الذي نشرته الجريدة الرسمية، بحظر الإنفاق على المنح الدراسية في الداخل والخارج والخدمات الاجتماعية والرياضية والترفيهية للعاملين ومستلزمات الألعاب الرياضية وإعانات مراكز الشباب.

ويعد استمرار انخفاض قيمة الجنيه المصري، والذي هو أحد شروط الصندوق، مع ما سبق من خطوات حكومية، تعزيز لتآكل القدرة الشرائية للأسرة المصرية وارتفاع أسعار السلع والخدمات الأساسية، ويدفع بالبلاد إلى أوضاع قاسية.

ومع فقدان الجنيه المصري نصف قيمته مقابل الدولار منذ مارس/آذار، ارتفع التضخم في مصر التي تستورد غالبية احتياجاتها من الخارج، إلى 21.9%، وزاد سعر السلع الغذائية بنسبة 37.9%، وفق الأرقام الرسمية.

ولكن أستاذ الاقتصاد بجامعة “جون هوبكنز” في ميريلاند “ستيف هانك”، المتخصص في التضخم البالغ الارتفاع، يقول إن نسبة التضخم الحقيقية السنوية “تصل إلى 88%”.

وكما حدث عام 2016، عندما حُفّض سعر العملة المصرية، فتضاعف سعر صرف الدولار أمام الجنيه، يدفع الثمن الفقراء وأفراد الطبقة المتوسطة، وتلجأ الأخيرة إلى اتخاذ قرارات جذرية بما في ذلك تغيير نمط العيش بما يتلائم مع التدهور المعيشي وانهيار المقدرة الشرائية.

دور حكومي “إعلامي مطبلاتى”

ويعيش ثلث سكان مصر البالغ عددهم 104 ملايين تحت خط الفقر، وفق البنك الدولي، بينما ثلث آخر “معرّضون لأن يصبحوا فقراء”.

يقول الكاتب الصحفي “عادل صبري”، إن الحكومة المصرية تخلت عن دورها تجاه المواطنين، وخاصة الفقراء منهم، في الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد.

ويضيف في تصريحات إعلامية: “الحكومة لم توفر للفقراء الحماية الكافية للتخفيف من الأزمة”، واستجابت لطلبات وإملاءات صندوق النقد الدولي.

ويشير “صبري” إلى أن تدخلات الحكومة “إعلامية فقط” دون أثر إيجابي على أرض الواقع على الفقراء.

ويرصد كيفية مواجهة المصريين وتعاملهم مع الأزمة، قائلًا: “المصريون يواجهون موجة الغلاء عن طريق الاستغناء عن الكثير من المستلزمات التي كانوا يلجأون لها يومًا، والآن يبحثون عن البدائل الأرخص ترشيدًا للإنفاق”.

من جانبه، يرى الخبير الاقتصادي “مصطفى عبدالسلام”، أن قدرة الأسرة المصرية في مواجهة تبعات تهاوي قيمة الجنيه “باتت ضعيفة”، في ظل مواصلة ارتفاع سعر الدولار ومواصلة الحكومة خفض الدعم وزيادة الضرائب والرسوم وكلفة فواتير المياه والكهرباء والمواصلات العامة وغيرها.

ويضيف أنه إذا كان قطاع من المصريين تحملوا أعباء التعويم في 2016، فإن الأغلبية لا تتحمل تكرار هذا السيناريو مرة أخرى بشكل أعنف، متابعا: “المواطن يواجه غلاءً فاحشا لسببين: أولا التضخم وانخفاض الجنيه، وثانيا تداعيات حرب أوكرانيا وارتفاع أسعار الحبوب والغذاء والمشتقات البترولية والغاز”.

وفي السياق نفسه، يتوقع الخبير الاقتصادي “عبدالحافظ الصاوي” أن تواجه الأسر المصرية ظروفا صعبة في الفترات المقبلة، مثل ارتفاع معدلات الفقر والعوز بالتزامن مع زيادة التضخم والأسعار.

ويحذر من أن تهاوي العملة له تبعات خطيرة؛ منها زيادة معدلات الفقر والبطالة والجريمة والطلاق وغيرها من المشاكل الاجتماعية، كما أن له تكلفة ضخمة على القطاعين الصناعي والإنتاجي، وهذا يدفع أصحاب المصانع إلى إغلاقها بسبب ارتفاع سعر الفائدة وتكاليف الإنتاج؛ مما سيؤثر سلبا على سوق العمل وإيرادات الدولة من الضرائب.

ووسط التفاوت الكبير في المداخيل ومستويات المعيشة في مصر، “يصعب تحديد” الطبقة المتوسطة، وفق الباحثة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة “هدى عبدالعاطي”، التي تقول إن “المشكلة هي أن هؤلاء الذين لم يكونوا قريبين من خط الفقر، يمكن أن يقتربوا أكثر وأكثر منه بسبب التصاعد الكبير في التضخم”.

ويبلغ متوسط الأجور في مصر، وفق أحدث دراسة نشرت في العام 2020، 69 ألف جنيه سنويا (قرابة 2300 دولار)، أي أعلى قليلا من خط الفقر الذي حدده البنك الدولي بـ3.8 دولارات يوميا.

وتتابع “عبدالعاطي”: “الذين يحصلون على هذا الدخل لم يعودوا قادرين على تأمين حاجات المعيشة الأساسية، ولكن لا تنطبق عليهم شروط الحصول على المساعدات الاجتماعية التي تمنحها الحكومة”.

صفقات السلاح التي تزيد المصريين فقرا

أنفقت مصر ما يقرب من 44 مليار دولار على شراء السلاح خلال أقل من عقد.

من يتابع صفقات السلاح ومبالغها الهائلة يظن أن مصر أصبحت قوة عظمى أو توشك الدخول في حرب خارجية مع عدو قريب.

مقابل إنفاق مليارات الدولارات على السلاح خلال سنوات تفاقم الفقر والفقراء في مصر بنفس الفترة ووصل مستويات قياسية أيضا.

ذكرت العديد من التقارير الدولية أن ما يقرب من ثلثي الشعب المصري (أي حوالي 60 مليون نسمة) يعيشون تحت خط الفقر.

كل هذا السلاح ليس له سوى هدف واحد: شراء اعتراف دول الغرب بالنظام وضمان سكوتها على الانتهاكات المروّعة لحقوق الإنسان التي تحدث في مصر.

مصر أصبحت ثالث أكبر مستورد للسلاح بالعالم عام 2020؛ بعد السعودية والهند. وزادت واردات مصر من الأسلحة بـ136% خلال السنوات الست الأخيرة.

أصبحت مصر ثاني أكبر مستورد للسلاح الإيطالي بعد أن وقعت الحكومة صفقات سلاح مع روما بقيمة 10-12 مليار دولار تشمل فرقاطات بحرية وغواصات وأقمارا صناعية عسكرية..

في صعيد مصر بلغت نسبة الفقر نحو 60% من السكان كما في أسيوط وسوهاج. وتراجعت الطبقة الوسطى وزادت الطبقة الفقيرة بعد التضخم وارتفاع الأسعار وتراجع القوة الشرائية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى