آخر الأخبارتقارير وملفات

هل تحولت إيكواس إلى منظمة ” فرنسية ” لاستعباد الشعوب الإفريقية وترويضها ؟!

تقرير إعداد الكاتب الصحفى

هشام محمود

عضو مؤسس بمنظمة “إعلاميون حول العالم

 دولة أجنبية عظمى بالتعاون مع الإيكواس والمنظمات الإرهابية تستعد للهجوم على النيجر فمن هى؟.

وجاء قرار المجلس العسكري عقب انتهاء المهلة التي حددها كبار مسؤولي الدفاع في المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ” إكواس ” يوم أمس، باللجوء إلى الخيار العسكري، في وقت فرضت فيه فرنسا يوم أمس مساعداتها التنموية والداعمة الميزانية المخصصة لبوركينافاسو، عقب إعلانها مع مالي أن أي تدخل عسكري بالنيجر بمثابة ” إعلان حرب “.

وأوضحت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان لها يوم السبت عقب لقاء جمع الوزيرة كاترين كولونا مع رئيس وزراء النيجر أومودو محمدو في باريس: ” تدعم فرنسا بقوة وإصرار جهود إيكواس لإحباط محاولة الانقلاب هذه”.، وتابعت “مستقبل النيجر واستقرار المنطقة كلها على المحك”.

وجاء التحرك الفرنسي عقب قرارات القيادة العسكرية الجديدة في النيجر رفض التواجد الفرنسي على أراضيها، ووقفها العمل باتفاقية التعاون العسكري والفني التي تعود للعام 1977 ومطالبها بخروج كل القوات الفرنسية خلال 30 يوما، مع وقف تصدير الذهب واليورانيوم نحو هذا البلد الاستعماري.

رئيس جمهورية الجزائر: نرفض التدخل العسكري في النيجر وجيشنا جاهز لحماية الحدود

شدد رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون أول أمس في لقائه الدوري مع ممثلي وسائل الإعلام الوطنية أن أزمة النيجر تمثل ” تهديدا مباشرا للجزائر”، وجدد رفضه رفضا قاطعا لأي تدخل عسكري.

وأكد الرئيس عبد المجيد تبون أنّ أزمة النيجر “تُحل بالمنطق و ليس بالقوة”، معربا عن استعداد الجزائر للتدخل من أجل لمّ الشمل في البلد الجار الأفريقي و إطلاق الحوار، وتساءل في نفس الوقت “أين أصبحت كل الدول التي تم التدخل العسكري فيها؟”، وتابع ” أنّها لا تزال تُعاني من المشاكل والأزمات “.

وقال رئيس الجمهورية “الجزائر لن تستعمل القوة مع جيرانها أبدا “، لكنه بالمقابل أكد أن الجيش الجزائري قوي وهو في جاهزية عالية لمواجهة من يقترب من الحدود.

وتجمع الجزائر مع النيجر حدود تمتد لحوالي 1000 كم، حيث سخرت قيادة الجيش الوطني الشعبي وسائل جد متطورة وإمكانيات بشرية كبيرة للعمل على تأمين هذه الحدود، في ظل سعي بقايا التنظيمات الإرهابية إلى استغلال الأوضاع المضطربة في دول الساحل.

وقد أولت قيادة الجيش الوطني الشعبي اهتماما كبيرا لبلوغ الجاهزية التامة لمختلف الوحدات العسكرية تماشيا مع التحديات الجديدة، حيث أشرف الفريق أول السعيد شنڤريحة، رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي على متابعة تنفيذ تمارين تكتيكية بالذخيرة الحية خلال زياراته لمختلف النواحي العسكرية، مشددا في كل مرة على أهمية مثل هذه التمارين في تحقيق الجاهزية العالية.

” الإيكواس ” منظمة إفريقية في خدمة مصالح الاستعمار الفرنسي

عادت مؤخرا المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا ” إيكواس ” إلى الواجهة مع تفاقم أزمة النيجر وتهديدها بالتدخل العسكري، فمن تكون هذه المجموعة ؟

في ماي عام 1975، انعقد اجتماع لوزراء الخارجية لعدة دول إفريقيا في منروفيا بعد جهود قادها كل من الرئيس النيجيري يعقوب كونْ، والتوغولي نياسينغبي أياديما عام 1972، حيث توجت بوضع آخر اللمسات على المعاهدة التي وقعت عليها 15 دولة،  لتعلن عن ميلاد المجموعة الاقتصادية لدول إفريقيا الغربية (إيكواس).

وتضم إيكواس في عضويتها 15 دولة، وهي غامبيا وغينيا وغينيا بيساو وليبيريا ومالي والسنغال وسيراليون وبنين وبوركينا فاسو وغانا وساحل العاج والنيجر ونيجيريا وتوغو والرأس الأخضر، ويبلغ مجموع سكانها نحو 350 مليون نسمة حسب إحصاءات 2021، وتبلغ مساحتها الإجمالية 5 ملايين كيلومتر مربع، أي 17% من إجمالي مساحة قارة أفريقيا، وكانت موريتانيا الدولة العربية الوحيدة العضو فيها لكنها انسحبت منها عام 2001.

ورغم أن الهدف من إنشاء هذه المنظمة كان تحقيق تكامل اقتصادي بين هذه الدول وتعزيز التبادلات التجارية، بما ينعكس على تطوير الصناعة والنقل والاتصالات والطاقة والزراعة والمصادر الطبيعية، إلا أن أهدافها سرعان مع أخذت مسارا جديدا، مع تحرك عدد من الدول الإفريقية لإنهاء وصاية الاستدمار الفرنسي، حيث تحولت هذه المنظمة إلى أداة في يد فرنسا والاتحاد الأوروبي والقوى الامبريالية للمحافظة على فرض سيطرتها على ثروات الدول الإفريقية.

وتحركت إيكواس بأوامر فرنسية لفرض عقوبات على كل من مالي وبوركينافاسو، بحجة الانقلاب إلا أن المتتبعين للمشهد الإفريقي، يؤكدون أن هذه العقوبات كانت بسبب تعيين حكومات بالبلدين مناهضة للتوجهات الفرنسية والغربية، حيث قررت القيادات الجديدة قطع أي صلة مع الاحتلال القديم الذي سيطر على خيرات بلديهما لسنوات طويلة.

وقد أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي بقيادة العقيد أسيمي قويتي الذي قاد انقلابا بعد أشهر من الاحتجاجات الشعبية في 18 أوت 2020 أن فرنسا لم يعد لها ” أساس قانوني ” لتنفيذ عمليات عسكرية في أراضي بلاده، عقب انسحاب باماكو من اتفاقيات الدفاع الرئيسية وسط احتجاجات عارمة للمواطنين الرافضين للوجود الفرنسي في بلدانهم.

وسارعت منظمة إيكواس لاتخاذ عقوبات جد قاسية ضد الشعب المالي، تنفيذا لأوامر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، كما اتخذت عقوبات مماثلة ضد بوركينافاسو، عقب إعلانها عن توقف العمل رسميا ” باتفاق المساعدة العسكرية ” الذي يعود للعام 1961 مع فرنسا، حيث دعم المواطنون الانقلاب العسكري بالبلاد مطالبين بقطع أي علاقة مع الاستعمار الفرنسي القديم.

وتراهن فرنسا على منظمة ” الإيكواس ” لوضع حد لاستمرار موجة التحرر من الاستعمار القديم بعدد من الدول الإفريقية، والتي تخوض معارك جديدة للتخلص نهائيا من النفوذ الفرنسي، الذي يرى فيه هؤلاء سبب تخلف وفقر إفريقيا، الأمر الذي عجل بإعلان ” الإيكواس ” عن تبني عقوبات صارمة ضد النيجر، عقب قرارها بوقف صادرات الذهب واليورانيوم إلى فرنسا، مع العلم وأن النيجر تعد رابع دولة منتجة لليورانيوم في العالم.

كابوس الاستعمار الفرنسي المستمر في إفريقيا

انسحبت فرنسا من مستعمراتها في إفريقيا، لكنها لم تقم بذلك إلا بعد أن أجبرت البلدان التي كانت تحت استعمارها على إعلان اللغة الفرنسية لغة رسمية للبلاد والتعليم الرسمي.

جرى هيكلة المؤسسات التعليمية بالطريقة التي تريدها فرنسا من التعليم الابتدائي إلى الجامعي، في حين لم تكن نسبة الذين يعرفون اللغة الفرنسية في تشاد عندما مُنحت الاستقلال، إلا حوالي 2 في المائة من نسبة السكان.

مجتمع “الفرانكوفونية”

أنشأت فرنسا “مجتمع البلدان الناطقة بالفرنسية” (الفرانكوفونية)، بغرض منع المستعمرات القديمة من الانفصال عن فرنسا، في الوقت الذي لا تزال فيه إفريقيا حتى الآن، القارة التي تضم أكبر عدد من الناطقين بالفرنسية في مجتمع البلدان الناطقة بالفرنسية.

ما يقرب من 100 مليون شخص يتحدثون الفرنسية في القارة السمراء، حيث تعد الفرنسية لغة رسمية في 27 من أصل 54 دولة إفريقية.

وتم إنشاء منظمة نشر اللغة والثقافة الفرنسية، مع العديد من المؤسسات التابعة لها، والتي تجري أنشطتها بإشراف وزارة الخارجية الفرنسية. كما يوجد في فرنسا هيئات إذاعية وصحفية تبث من أجل متابعة القضايا الإفريقية.

وتوفر هذه المؤسسات الإعلامية توجيهات لحماية المصالح الفرنسية عبر المجلات ومحطات التلفزيون والإذاعة التابعة لها، في الوقت الذي تمارس باريس فيه الضغط على مستعمراتها السابقة من أجل حماية المصالح الفرنسية وإعطاء الأولوية لشركاتها.

ولم يقتصر هذا الشأن على الشركات الفرنسية، بل وجد مواطنو المستعمرات الفرنسية السابقة أنفسهم مجبرين لسنوات، للسفر على متن طائرات الخطوط الجوية الفرنسية أو الخطوط الجوية البريطانية حصريًا، إذا ما أرادوا السفر إلى بلدان أخرى.

مع بدء شركات الطيران المختلفة تسيير رحلات جوية إلى إفريقيا، بدأ الأفارقة في استخدام طرق مختلفة واكتشفوا وجود بلدان أخرى غير فرنسا.

إضافة إلى ما سبق، يمكننا القول إن الفرنسيين يجمعون في أيديهم أهم الأصول الاقتصادية الكبرى الموجودة في معظم المستعمرات الفرنسية السابقة، وعلى سبيل المثال، في ساحل العاج، تتحكم الشركات الفرنسية في جميع الخدمات الرئيسية مثل المياه والكهرباء والهاتف والنقل والموانئ والبنوك الكبيرة. وينطبق الشيء نفسه في التجارة والبناء والزراعة.

“التغريب” و”التحديث” استعمار جديد

لقد تسببت تيارات “التغريب”، و”التحديث”، والتي كانت تستخدم من قبل فرنسا كأحد الأساليب الجديدة للاستعمار، في السيطرة على هذه المجتمعات.

كما أنشأت فرنسا مدارس إسلامية خاضعة لسيطرتها من أجل تشكيل فكر ديني منصاع لإرادتها وكسر إرادة المقاومة عند المسلمين في القارة الأفريقية.

وتم إنشاء قنوات موسيقى البوب التي تبث برامج فاحشة تسعى إلى تخريب قيم المجتمعات الإفريقية، وهذه القنوات تبث على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، فضلًا عن تشجيع أبناء المجتمع الإسلامي على تعاطي المشروبات الكحولية، والدفع بالنساء إلى الانقياد وراء الموضة.

نتيجة لذلك، ظهرت في المجتمعات الإفريقية عادات غريبة كتناول المشروبات الكحولية وأكل شطائر لحم الخنزير، وإقامة حفلات البوب في إطار احتفالات عيد الأضحى. والأخطر من هذا هو التعاطي مع هذا التدهور الثقافي والإفساد الذي يطال قيم الإسلام والثقافة الإفريقية على أنه وضع طبيعي.

بدوره، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون إلى فتح صفحة جديدة في تاريخ العلاقات الفرنسية الإفريقية، قائلًا إن الاستعمار “كان خطأ فادحًا”، وذلك أثناء زيارته لساحل العاج، الذي رزح تحت وطأة الاستعمار الفرنسي لسنوات عديدة.

وأضاف الرئيس الفرنسي أن إفريقيا قارة فتيّة من حيث عدد سكانها، داعيًا جيل الشباب الإفريقي لإقامة علاقات صداقة جديدة مع بلاده.

هذه التصريحات في الواقع، تظهر وهن المحاولات الأخيرة للرئيس الفرنسي من أجل خداع الأفارقة، من خلال استخدام الأدوات الأخيرة لنموذج الاستعمار الجديد.

ولن تدفع هذه الدعوات الواهية مثل الدعوة إلى “فتح صفحة جديدة” والقبول بالخطأ، الأفارقة إلى نسيان الماضي المرير، ما لم ترفع فرنسا يدها عن القارة السمراء وتكف عن استغلال مواردها. ذلك لأن سكان القارة لن ينسوا الملايين الذين استعبدتهم فرنسا، والموارد الجوفية المنهوبة والتحف التاريخية التي تزين متاحف باريس.

إضافة إلى ما سبق، فإن هناك نية أخرى وراء دعوة ماكرون لجيل الشباب الإفريقي لإقامة “علاقة صداقة” جديدة مع بلاده تتمثل في استغلال شباب القارة الإفريقية. حيث أطلقت فرنسا برنامجًا لتعزيز حصتها العسكرية مع الشباب الكاميروني، ما أثار ردود فعل شعبية غاضبة في الكاميرون ضد هذا البرنامج.

ووفقًا للبرنامج المذكور، سيتمكن الشباب الكاميروني من الذكور والإناث، من الانخراط في البرنامج بشرط أن يكون المتقدمون ممن يتقنون اللغة الفرنسية، وهذا ما رفضه الشارع الكاميروني لما يحمل من استغلال لشباب إفريقيا من أجل خدمة مصالح فرنسا.

الفرنك الإفريقي تركة استعمارية

 

تواصل بلدان القارة السوداء التعامل بعملة “الفرنك” الإفريقي، الذي يتم طباعته وتحديد قوته الشرائية من قبل باريس، رغم أنه لم يعد موجودًا في فرنسا نفسها.

وتهدف فرنسا من خلال استمرار التداول بالفرنك الإفريقي، إلى إبقاء سيطرتها الاقتصادية على القارة السمراء.

ويجري تداول الفرنك الإفريقي في 12 دولة كانت سابقًا مستعمرات فرنسية، بالإضافة إلى غينيا بيساو (مستعمرة برتغالية سابقة) وغينيا الاستوائية (مستعمرة إسبانية سابقة)، وينقسم الفرنك المتداول إلى نوعين، فرنك وسط إفريقيا وفرنك غرب إفريقيا.

ورغم كون الفرنك المتداول في وسط إفريقيا يساوي بقيمته الفرنك المتداول في غرب القارة، إلا أنه لا يمكن استعمال عملة دول الوسط في دول الغرب وبالعكس.

وفقًا لشروط الاتفاقية المنعقدة للجمعية المالية الإفريقية (CFA)، يلتزم البنك المركزي لكل دولة إفريقية بالاحتفاظ بنسبة 85 في المائة على الأقل من احتياطياتها من العملات الأجنبية في “حساب تجاري” في البنك المركزي الفرنسي التابع لبنك الرقابة المالية الفرنسي.

إلا أن الدول الإفريقية لا تملك حق الوصول إلى هذه الأموال. ذلك أن فرنسا تسمح لهم بالوصول إلى 15 في المائة فقط من الأموال في السنة. وإذا كانوا بحاجة إلى المزيد، فعليهم اقتراض أموال إضافية من الخزانة الفرنسية.

حقيقة أن فرنسا تضع حدًا للمبلغ الذي يمكن أن تقترضه الدول من الاحتياطي تجعل الأمور مأساوية للغاية. ذلك أن النسبة التي تضعها فرنسا على الاقتراض تصل نسبتها إلى 20 في المائة من الإيرادات العامة، وإذا طلبت البلدان أكثر من 20 في المائة من أموالها الخاصة، فإن لفرنسا حق النقض.

وتحتفظ فرنسا بالاحتياطات الوطنية لـ14 دولة إفريقية منذ عام 1961: وهي بنين، وبوركينا فاسو، وغينيا بيساو، وساحل العاج، ومالي، والنيجر، والسنغال، وتوغو، والكاميرون، وجمهورية إفريقيا الوسطى، وتشاد، والكونغو برازافيل، وغينيا الاستوائية، وغابون.

ويتعين على الدول الإفريقية أيضًا إيداع احتياطياتها المالية الوطنية في البنك المركزي الفرنسي.

وتربح الخزانة الفرنسية حوالي 500 مليار دولار من الأرباح والعوائد السنوية من إفريقيا، لذلك تعمد باريس على السيطرة على النظام النقدي الذي هو تركة الاستعمار.

وهنا لا بد من الإشارة إلى أن الزعماء الأفارقة الذين عارضوا هذا النظام، إما تعرضوا للقتل أو تعرضوا لانقلاب عسكري أطاح بحكمهم.

أما الذين رضخوا فيكافئون بسخاء من فرنسا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى