آخر الأخبارتقارير وملفات

الاحتلال يعلن سيطرته على معبر شريان الحياة الوحيد لغزة

تقرير إعداد

سمير يوسف

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم”

Der erste Journalist in Österreich seit 1970. Er arbeitete mit 18 Jahren in der Presse in den Zeitungen Al-Jumhuriya, Al-Massa und My Freedom, dann in den deutschen Zeitungen Der Spiegel und in Österreich zwanzig Jahre lang in der Zeitung Brothers.

1991 gab er die erste arabische und deutsche Zeitung heraus, Al-Watan Zeitung, seit 11 Jahren Republik und Abend in Österreich seit 31 Jahren.

أسلحة وقنابل أمريكية وبريطانية ناهيك عن فرنسية وألمانية وإيطاليا بدون إنسانية وإحساس بشرى حتى تم محو قطاع غزة

غزة، المدينة التي تعانق البحر، حيث الأزقة تروي قصصاً عن العزيمة والصمود، باتت اليوم تنزف جراحاً تحت وطأة همجية الاحتلال. مدينة ذات يوم قريب كانت تحتضن أهلها وذكرياتهم بدفء، تحولت إلى ساحة لمعركة غير متكافئة، حيث المقاومة النبيلة أمام الاحتلال وبشاعة العالم أجمع.

منذ بدء الحرب بدأت الذكريات تتبعثر تحت أنقاض البيوت المدمرة، ويصعب على القلب ألا يغمره الحنين عند ذكر غزة التي نعرفها، فلكل ركن فيها قصة، ولكل موجة بحر همسة. كانت الشوارع تضج بضحكات الأطفال وأصوات الباعة، وكان البحر ملاذاً للعشاق والحالمين. المقاهي كانت تعج بالأصدقاء والعائلات، تتناقل الأخبار وتُشارك القصص، فيما ليل المدينة لا يهدأ. كل هذا شكَّل نسيج الذاكرة التي لطالما احتضنت أرواحنا، إذ كانت غزة كميناء آمن في عالم مضطرب.

لكن الصورة التي طُبعت في الذاكرة تكاد تكون محض خيال الآن. الشوارع والبحر الذي كان، والمقاهي الم يعد لها وجود كلها تغيرت، أو بالأحرى، اختفت تحت ظلم الاحتلال الذي حول غزة إلى مدينة أشباح، حيث الأنقاض تخفي تحتها ليس فقط الحجارة بل أجساداً وقصص حياة كانت تنبض هناك.

الحقيقة التي يصعب على المرء استيعابها هي أن الاحتلال لم يدمر فقط البنية التحتية لغزة، بل دمر ذاكرة مليئة بالقصص، بالقصف الذي لا يميز بين مدني ومقاتل، بين طفل يلهو ومسعف يحاول إنقاذ حياة، وحوّل الحياة اليومية إلى سلسلة من المآسي. الصور التي تبثها شاشات التلفاز، حيث الدمار يعم المكان، والدخان يتصاعد من بين الأنقاض، لا تقدم سوى غيض من فيض الواقع المروع الذي يعيشه أهل غزة يومياً.

هذه الحرب لا تدمر المباني وحسب، بل تدمر أيضاً نسيج المجتمع والذاكرة الجماعية. كيف يمكن لطفل نشأ على صوت القصف أن يتذكر البحر كمكان للعب والفرح؟ كيف لعائلة فقدت منزلها، ذكرياتها، وربما أحد أفرادها، أن تجد مكانًا للأمل في قلبها؟

يُعادل أكثر من قنبلتين نوويتين ألقيا على غزة

كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، أنّ “إسرائيل” أسقطت أكثر من 25 ألف طن من المتفجرات على قطاع غزة في إطار عدوانها المتواصل منذ انطلاق معركة “طوفان الأقصى”، وذلك بما “يُعادل قنبلتين نوويتين”.

وقال المرصد الذي يتخذ من جنيف مقراً له إنّ “الجيش” الإسرائيلي اعترف بأنّ طائراته استهدفت أكثر من 12 ألف هدف في قطاع غزة، مع حصيلة قياسية من القنابل تتجاوز حصة كل فرد في القطاع 10 كلغ من المتفجرات.

كما نبّه المرصد إلى أنّ وزن القنبلة النووية التي أسقطتها الولايات المتحدة الأميركية على “هيروشيما” و”ناغازاكي” في اليابان في نهاية الحرب العالمية الثانية في آب/أغسطس 1945 قُدّر بنحو 15 ألف طن من المتفجرات.

ولفت المرصد الأورومتوسطي إلى أنّه ومع التطوّر الذي طرأ على فاعلية القنابل مع ثبات كميّة المتفجرات قد يجعل الكمية التي أسقطت على غزّة ضعفي قنبلة نووية، فضلاً عن أنّ “إسرائيل” تعمد إلى استخدام خليط من المتفجرات يُعرف بـ”آر دي أكس” (RDX) الذي يُطلق عليه اسم “علم المتفجرات الكامل”، وتُعادل قوّته 1.34 قوّة “تي أن تي” (TNT).

ووفق المرصد، فإنّ ذلك يعني أنّ القوة التدميرية للمتفجرات التي أُلقيت على غزّة تزيد على ما أُلقي على هيروشيما، مع ملاحظة أنّ مساحة المدينة اليابانية 900 كلم2 بينما مساحة غزة لا تزيد عن 360 كلم2.

وبحسب الأور ومتوسطي، فإنّ “إسرائيل” تستخدم قنابل ذات قوّة تدميرية ضخمة بعضها يبدأ من 150 كلغ إلى ألف كلغ، لافتاً إلى تصريح وزير الحرب الإسرائيلي، يوآف غالانت بإسقاط أكثر من 10 آلاف قنبلة على مدينة غزة وحدها.

قطاع غزة، الذي يسكنه أكثر من مليونَي فلسطيني، يعاني من التضييق الكثير بسبب حصار دولة الاحتلال الإسرائيلية، التي تحده من الشمال والشرق، وذلك بعد احتلالها عدة أراضٍ فلسطينية، بعد نكبة 1948.

وتحيط بقطاع غزة ثمانية معابر، ستة منها تصله بدولة الاحتلال، واثنان منها بمصر، إلا أن إسرائيل تغلق أربعة معابر بشكل دائم، وتفتح اثنين فقط بشكل متقطع وبشروط صارمة.

وفيما يخص المعابر التي تصل بمصر، وهي صلاح الدين، ورفح، فهما لا يخضعان للسيطرة الإسرائيلية رسمياً، لكنهما يتأثران بالعلاقات السياسية بين مصر وحماس وإسرائيل.

في هذا المقال، نستعرض لكم تاريخ تأسيس كل المعابر التي تصل قطاع غزة بالعالم الخارجي، وأدوارها الرئيسية، وأوضاعها المتغيرة حسب التغيرات السياسية.

شُيّد بعد حرب الأيام الستة.. “معبر رفح” نافذة سكان قطاع غزة الوحيدة على العالم

يقع معبر رفح بين مدينة رفح الفلسطينية في قطاع غزة، وشبه جزيرة سيناء في مصر، ويعتبر شريان الحياة الوحيد لسكان قطاع غزة إلى العالم، خارج دولة فلسطين، ودولة الاحتلال الإسرائيلي.

تم تشييد المعبر في البداية سنة 1967، خلال حرب الأيام الستة، عندما كانت لا تزال غزة تحت الإدارة المصرية، وكانت عملية التأسيس تعرف حينها باسم “بوابة صلاح الدين”.

إلا أن التأسيس الرسمي تم سنة 1979، بعد عقد اتفاقية السلام بين إسرائيل ومصر في واشنطن العاصمة بالولايات المتحدة، وانسحاب إسرائيل من شبه جزيرة سيناء سنة 1982، وقد تم إطلاق اسم “رفح” على المعبر نسبة إلى مدينة رفح الحدودية مع مصر. 

كان المعبر تحت إدارة هيئة المطارات الإسرائيلية من الجهة الفلسطينية إلى غاية سنة 2005، لتصبح المراقبة تتم من خلال مراقبين أوروبيين لفترة قصيرة.

أغلقت إسرائيل المعبر بشكل شبه كامل، حتى أمام الصادرات الغذائية، بعد حادث خطف جندي إسرائيلي سنة 2006، فيما تم إغلاقه بشكل كامل بعد سيطرة حماس على القطاع.

وبعد ذلك أصبح معبر رفح يعرف عمليات فتح وإغلاق متعددة، وفقاً لمسار العلاقات بين الأطراف المتحكمة في المعبر.

وينحصر العبور عبر معبر رفح في التنقلات البشرية، بالنسبة لحاملي بطاقة الهوية الفلسطينية، مع استثناء لبعض الأشخاص في بعض الحالات، وذلك وفقاً لاتفاقية المعابر الموقّعة بين إسرائيل والسلطة الفلسطينية.

إجراءات العبور عبر معبر رفح بين الحصار من الجانب المصري والجانب الإسرائيلي بالاتفاق في الغرف المغلقة

تخضع حركة دخول وخروج فلسطينيي قطاع غزة عبر معبر رفح لشروط وإجراءات صارمة من قبل كل من مصر والاحتلال الإسرائيلي.

إذ إن المسافرين يحتاجون إلى تأشيرات دخول أو خروج صادرة من سلطات غزة أو رام الله، وتصاريح أمنية من جانب إسرائيل.

كما يتعرض المسافرون لفحص شديد من قبل المصالح المصرية، التي تستخدم جهازاً لكشف المتفجرات، والأسلحة.

فيما تستغرق عملية المغادرة أو الوصول إلى قطاع غزة ساعات طويلة، بسبب الإجراءات الأمنية والسياسية المتعلقة بالمعبر.

وفقاً لبعض التقارير، يمكن أن يستغرق المسافرون من 4 إلى 8 ساعات أو أكثر، للخروج من غزة أو الدخول إليها عبر المعبر.

وتتأثر مدة العبور أيضاً بالظروف الأمنية في سيناء والقطاع، وبحالة الطرق والجسور المتضررة من قصف قوات الإحتلال.

وفي بعض الأحيان، يتم إغلاق المعبر تماماً بسبب التوترات السياسية أو الأزمات الإنسانية، الشيء الذي يجعل من المستحيل التنقل خارج القطاع، وتصبح البوابة الوحيدة إلى العالم بدورها مغلقة أمام كل من حاول التوجه إليها.

معبر كرم أبو سالم

تأسس معبر كرم أبو سالم بموجب اتفاقية أوسلو بين دولة الاحتلال والسلطة الفلسطينية سنة 1994، وهو واقع بين مصر وقطاع غزة، بالقرب من معبر رفح.

ويعتبر هذا المعبر هو المنفذ التجاري الرئيسي الوحيد للقطاع المحاصر منذ عام 2007، إذ تتم السيطرة عليه من طرف دولة الاحتلال الإسرائيلي بالتنسيق مع الجانب المصري، وتشرف على إدخال البضائع إليه “اللجنة الرئاسية لإدخال البضائع” التابعة للسلطة الفلسطينية.

ويرتبط معبر كرم أبو سالم بأهمية كبيرة بالنسبة لسكان قطاع غزة، حيث يمثل شريان الحياة الذي يدخل من خلاله مواد البناء والسلع والمحروقات والمواد الغذائية التي يحتاجها القطاع، كما يستخدم المعبر أحياناً لعبور المساعدات الإنسانية وبعض الفلسطينيين حين يتعذر عليهم استخدام المعبر الرئيسي.

وحسب تقارير لمنظمات حقوقية، فإن نحو 57.5% من حركة التجارة في قطاع غزة تتم عبر معبر كرم أبو سالم، حيث تدخل إلى غزة عبره شاحنات تحمل منتجات أساسية ومواد خام للصناعة ومعدات طبية وغذائية وفواكه ووقوداً وغيرها.

ولكن رغم أهمية المعبر، فإنه يواجه الكثير من التحديات والصعوبات التي تؤثر على كفاءته وفاعليته، وذلك لأنه صغير مقارنة بمعبر المنطار، الذي كان يستخدم قبل إغلاقه عام 2007، ولا تتوفر فيه البنية التحتية الملائمة لحركة تجارية نشطة.

وبالإضافة إلى ذلك، فإن المعبر يتعرض لإغلاقات متكررة من قِبل الجانب الإسرائيلي، الذي يفرض شروطاً معقدة تعرقل الاستيراد وتخنق التصدير، ويستخدمه كورقة ضغط على حركة حماس.

وتتسبب هذه المضايقات في أزمة اقتصادية ومعيشية كبيرة للقطاع، حيث يتأثر بالإغلاقات والتضييقات قطاعا الزراعة والصناعة، كما يتأثر قطاع مزارع الأسماك. وتؤدي الإغلاقات إلى تعطيل الحياة التجارية والصناعية وينجم عنها خسائر كبيرة، وأضرار اقتصادية جسيمة للصناعات وأصحاب الأعمال والتجار في غزة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى