منوعات

الفن سلاح.. مسلسلات رمضان تكشف علاقة مصر المتناقضة مع إسرائيل

رغم أن جائحة فيروس كورونا تسببت بتوقف أكثر من نصف مسلسلات رمضان 2020، فإن دقيقة واحدة من مسلسل تضمَّن نزاعاً خيالياً في المستقبل تُنتَزَع فيه مدينة القدس من السيطرة الإسرائيلية، كانت كفيلة بإحداث جدل دولي.

يتصوَّر مسلسل “النهاية”، وهو أول مسلسل خيال علمي مصري، مستقبلاً بائساً في 2120، من بطولة الممثل المصري الشهير يوسف الشريف، الذي يلعب دور مهندس كمبيوتر في عالمٍ تديره روبوتات مُستنسَخة. 

في المسلسل، يشير مدرس التاريخ إلى خريطة ثلاثية الأبعاد للولايات المتحدة ويشرح لتلاميذه أن “الولايات المتحدة الأمريكية كانت الداعم الرئيسي للدولة الصهيونية، ولما جت الفرصة للدول العربية إنها تتخلَّص من عدوها اللدود، قامت الحرب اللي أُطلِقَ عليها حرب (تحرير القدس)… انتهت بسرعة، واليهود رجعوا لبلادهم الأصلية”. 

ومن جانبها، أصدرت وزارة الخارجية الإسرائيلية بياناً، في 26 أبريل/نيسان، يصف المسلسل بأنه “غير مقبول على الإطلاق، بالأخص لأن الدولتين بينهما اتفاقية سلام على مدار اﻷعوام الـ41 الماضية”. 

ورَفَضَ كاتب سيناريو المسلسل، عمرو سمير عاطف، البيان في حوارٍ أجراه معه موقع Middle East Eye البريطاني. 

وقال: “ردُّ فعلِ إسرائيل مُبالَغ فيه بشكل كبير”، مضيفاً: “بالطبع لن أقدِّم اعتذاراً”. 

ولم تستجب الحكومة المصرية لطلبات موقع Middle East Eye، للتعليق على الأمر. 

ورغم أن مصر، رسمياً، نكَّسَت السلاح بعد خمس حروب مع إسرائيل، وتوطَّدَت العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية على مدار العقود، فإنه يبدو أن الفن هو السلاح الأخير في الجعبة المصرية. 

وذَكَرَ سيد صادق، الخبير بالتواصل وعلم الاجتماع السياسي، أنه رغم أن المسلسل لا علاقة له بإسرائيل، كان هذا المشهد القصير دعايةً تهدف إلى تعزيز صورة الحكومة المصرية بين العرب، خاصةً أن المسلسل جاء من إنتاج شركة Synergy ذات الصلات القوية بالحكومة. 

وأشار سيد صادق إلى المقترحات الأمريكية بشأن اتفاق سلام فلسطيني إسرائيلي، قائلاً عن المشهد المثير للجدل: “يبدو أن ذلك كان مساعدةً إعلامية مُتعمَّدة لمواجهة الهجمات من جانب قطر وجماعة الإخوان المسلمين على الحكومة المصرية باتهامها بأنها تبيع الفلسطينيين بسبب صفقة القرن”، على حد تعبيره. 

وتابع: “لماذا يضعون هذا المشهد في الحلقة الأولى؟ على إسرائيل أن تقاضي المخرج وأن تأخذ نصيباً من الأرباح”. إلا أن كاتب السيناريو اختلف مع هذا. 

وردّ عاطف قائلاً: “هذا سخيف، ولا أعلم ماذا أقول. أنا لا أعلِّق على أيِّ شيءٍ مرتبط بالسياسة، لأن هذا ليس مجالي. دور المخرج هو إمتاع الناس”. 

واجتذب مسلسل “النهاية” جمهوراً واسعاً منذ أول حلقاته، وقال كاتب السيناريو إن هذه الاستجابة كانت مفاجأةً سعيدة له. 

وقال: “قبل أن يُعلِّق أحدٌ على الحلقة التي أثارت الجدل، أود أن أحث الناس على مشاهدة المسلسل. إنه يتمحور حول مبادئ العدالة. وبما أن العدالة هي طريق النجاح، فإن لم تسُد العدالة، فسيكون كلُّ شيءٍ عُرضةً للخراب”. 

رغم 41 عاماً من السلام الرسمي بين مصر وإسرائيل، لم تفلح أيُّ حكومةٍ مصرية مذاك الحين في إقناع الشعب المصري بسلمية إسرائيل. 

قال حسن نافعة، أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة: “إن كانت إسرائيل قد توصَّلَت إلى سلامٍ مع مصر والأردن، أو أيِّ دولةٍ عربيةٍ أخرى، فهذا ليس كافياً”. 

وأضاف: “لا بد أن يأتي السلام مع الفلسطينيين أولاً وفي الصدارة، وبعد ذلك يأتي السلام مع الدول العربية الأخرى”. إلا أنه ليس كلُّ المصريين مهتمين بالقضية الفلسطينية، وفقاً لصادق، الذي قال: “ضجر المصريون بالحرب والقضية الفلسطينية. إنهم يهتمون بالفقر والوضع الراهن وليس بما تفعله إسرائيل أو لا تفعله”. 

استشهد خبيرٌ إعلامي عربي يقيم في ألمانيا، طَلَبَ الحفاظ على هويته مُجهَّلة بسبب الضغط الذي يمارسه اللوبي المؤيِّد لإسرائيل، بحالة المُفكِّر الإفريقي المعروف أشيل مبيمبي، الذي اتُّهِمَ مؤخَّراً بمعاداة السامية لتعليقاته الانتقادية للاحتلال الإسرائيلي. 

وقال الخبير الإعلامي في مكالمةٍ عبر الهاتف: “يبدو من غير المُرجَّح أن تكون الحكومة المصرية بهذه الدقة. وأيضاً، يتحدَّث المسلسل عن تفكيك الولايات المتحدة، لكن لم نسمع أحداً في أمريكا أبدى انزعاجه من هذا”. 

ومنذ أن استحوذ الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي على السلطة بانقلابٍ عسكري في عام 2013، تصاعدت العلاقات العسكرية/الأمنية بين إسرائيل ومصر إلى مستوياتٍ جديدة، بالتوازي مع قمعٍ داخلي ضد أيِّ نوعٍ من النقد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل. 

وفي يوليو/تموز 2019، أُلقِيَ القبض على رامي شعث، المشارك المؤسِّس للفصيل المصري لحركة مقاطعة إسرائيل، واعتُقِلَ دون محاكمة في مصر، وفقاً لمنظمة العفو الدولية. 

ويظل شعث في سجن طرة، إلى جانب الآلاف غيره من معارضي الحكومة المصرية. ويطرح نافعة أنه إذا جرى البحث في المشاعر الحقيقية لدى المصريين، فسنجد “مودَّةً تجاه اليهود، وأن المصريين يمكنهم العيش بسلامٍ معهم، لكن مشاعرهم تجاه إسرائيل وسلوكها المُتطرِّف إزاء الفلسطينيين مختلفةٌ اختلافاً تاماً”. 

وقال نافعة: “إذا كانت الفكرة تتمثَّل في أن إسرائيل هي العدو؛ ومن ثم يُظهِر المسلسل نهايةً لهذا العدو، فهذا مربوطٌ بالوجدان الشعبي”. 

مسلسلات عربية عن اليهود

في السنوات الأخيرة شهدت الفضائيات مسلسلات عربية عن اليهود عموماً وعن إسرائيل خصوصاً؛ وفي الوقت الذي نددت فيه بعض المسلسلات بممارسات الاحتلال الإسرائيلي ضد الفلسطينيين، قدمت مسلسلات أخرى إسرائيل بطريقة تختلف عن الصورة النمطية لها في الذهنية العربية، أي على أنها أمر واقع لا بد للعرب في مرحلة ما، من الاعتراف به والتعامل معه.

إليك موجز عنها في هذا التقرير السابق من عربي بوست.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى