آخر الأخبارتقارير وملفات

بعد 86 عاما.. افتتاح مسجد آيا صوفيا … وحشود كبيرة للمشاركة في أداء أول صلاة جمعة

افتتاح آيا صوفيا.. أردوغان يتلو القرآن والخطيب يصعد المنبر ممسكا بسيف الفاتح

بقلم الكاتبة المغربية

د.رشيدة باب الزين

عضو منظمة “إعلاميون حول العالم”

شهدت سنوات حكم الديكتاتور الحالي عبد الفتاح السيسي دخول المؤسسة الدينية المصرية إلى خط مهاجمة تركيا والرئيس رجب طيب أردوغان، ووصل الأمر إلى حد استنكار دار الإفتاء المصرية تحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، وقالت إن  الخطوة جاءت لتهدئة “طائفة متدينة” من الشعب التركي.

وزعمت الإفتاء المصرية ومفتيها المحسوب على نظام السيسى أن أردوغان يحاول الظهور بمظهر خليفة المسلمين، وادّعت، أيضاً، أن الرئيس التركي يحاول استخدام ورقة المساجد بهدف تحقيق المكاسب السياسية “لإنقاذ شعبيته المترنحة نتيجة وباء كورونا والانهيار الاقتصادي لبلاده”.

واعتبر مؤشر الفتوى تجديد الحديث الآن عن موضوع تحويل الكنيسة القديمة “آيا صوفيا” إلى مسجد، وما رافقه من نشر مقطع فيديو لأردوغان وهو يتلو القرآن في رمضان الماضي، هي موضوعات استهلاكية لكسب “الفئات المتدينة”.

ووصلت مزاعم الافتاء المصرية إلى حد القول إن “قضية تحويل آيا صوفيا إلى مسجد طُرحت منذ عقود، بيد أنها ظلت أداة وسلاحاً دعائيا بيد مختلف السياسيين في حملاتهم لاستقطاب الناخبين، لا سيما المتدينين منهم. وقد بُنيت آيا صوفيا، ككنيسة خلال العصر البيزنطي عام 537 ميلادية، وظلت لمدة 916 سنة حتى احتل العثمانيون إسطنبول عام 1453، فحولوا المبنى إلى مسجد. وفي عام 1934، تحولت آيا صوفيا إلى متحف بموجب مرسوم صدر في ظل الجمهورية التركية الحديثة”.

ظهر الرئيس التركي «رجب طيب أردوغان»، الجمعة، وهو يتلو آيات من القرآن خلال شعائر أول صلاة جمعة بمسجد آيا صوفيا منذ 86 عاما، فيما صعد الخطيب منبر المسجد وهو يمسك سيف السلطان «محمد الفاتح».

وقام أردوغان بتلاوة سورة الفاتحة وآيات من سورة البقرة، في صلاة الجمعة التي شارك فيها آلاف الأتراك وغيرهم من الجاليات المسلمة.

وجاءت تلاوة أردوغان، في إطار البرنامج الذي نظمته رئاسة الشؤون الدينية لتلاوة القران الكريم، والأدعية في المسجد.

وعقب ذلك، صعد رئيس الشؤون الدينية التركية «علي أرباش»، المنبر وخطب الجمعة وهو يمسك بالسيف، كما قام بقراءة الصلوات والأدعية.

وقال أرباش إن أبواب مسجد آيا صوفيا مفتوحة للجميع دون أدنى تمييز، مضيفا: «اليوم انتهى الجرح العميق والحسرة في قلوب شعبنا؛ فلله الحمد والثناء.

وأشار رئيس الشؤون الدينية التركية إلى أن إعادة فتح آيا صوفيا للعبادة بصيص أمل لجميع مساجد الأرض الحزينة والمظلومة وفي مقدمتها المسجد الأقصى.

وتوافد المواطنون الأتراك منذ فجر الجمعة، بأعداد كبيرة نحو ساحة مسجد «آيا صوفيا» للمشاركة في أول صلاة فيه.

وضمن التدابير الوقائية تم إنشاء 17 نقطة صحية تضم كادرا طبيا مكونا من 736 شخصا، و100 سيارة إسعاف ومروحية.
كما تم تخصيص مكانين مكشوفين للنساء بالقرب من ضريح السلطان أحمد وحديقة محمد عاكف، و3 مناطق مكشوفة للرجال في ميدان المسجد وميدان السلطان أحمد وجادة ييراباتان.

من جهة أخرى، أغلقت السلطات التركية المداخل المؤدية إلى الأماكن المخصصة لأداء الصلاة في آيا صوفيا ومحيطه، عقب امتلائه بالمواطنين قبل ساعات من صلاة الجمعة.

ودعا والي اسطنبول «علي يرلي قايا» كافة المواطنين لتفهم الوضع والصبر والتعاون مع السلطات الأمنية في محيط الجامع، لافتاً إلى أن أبواب آيا صوفيا ستظل مفتوحة حتى ساعات الصباح.

وفي العاشر من يوليو الجاري، ألغت المحكمة الإدارية العليا التركية قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 نوفمبر 1934، بتحويل «آيا صوفيا» من جامع إلى متحف، فيما وقع أردوغان قرارا بإعادة افتتاحه كمسجد مجددا.

ومن المنتظر أن يتم افتتاح المسجد للعبادة بأداء صلاة الجمعة اليوم للمرة الأولى منذ العام 1934، تفعيلًا لقرار اتخذته إحدى المحاكم التركية في وقت سابق يوليو/تموز الجاري.

وفي 10 يوليو الجاري، ألغت المحكمة الإدارية العليا التركية، قرار مجلس الوزراء الصادر في 24 نوفمبر/ تشرين الثاني 1934، بتحويل “آيا صوفيا” من جامع إلى متحف.

وبعد ذلك بيومين، أعلن رئيس الشؤون الدينية التركي علي أرباش، خلال زيارته “آيا صوفيا”، أن الصلوات الخمس ستقام يوميا في الجامع بانتظام، اعتبارا من 24 يوليو.

و”آيا صوفيا”، صرح فني ومعماري فريد، يقع في منطقة “السلطان أحمد” بمدينة إسطنبول، واستُخدم لمدة 481 سنة جامعا، ثم تحول إلى متحف في 1934، وهو من أهم المعالم المعمارية في تاريخ منطقة الشرق الأوسط.

كيف غطّى إعلام السعودية والإمارات قضية “آيا صوفيا”؟

عكاظ رأس الحربة

بينما استمرت صحيفة “عكاظ” المقربة من الحكومة، بتصدر الخطاب المعادي بشكل علني لتركيا، لم تستخدم وسائل إعلام أخرى في الإمارات والسعودية، أي لغة عدائية في تغطياتها.

وفي نسختها الورقية الأحد، عنونت “عكاظ” في صفحتها الرئيسية: “خطابان مختلفان يفضحان متاجرة أردوغان بآيا صوفيا”.

ونشرت “عكاظ” صورة مفبركة لأردوغان بالزي العثماني، مع عبارة “السلطان المتاجر بالدين.. شعبية منهارة واقتصاد يتهاوى”، مع إفراد صفحة كاملة لمهاجمة القرار.

تجاهل غالبية صحف الخليج

تجاهلت صحف “الرياض” “الجزيرة” “مكة” “الوطن” “البلاد”، نشر أي خبر يتعلق بتحويل متحف آيا صوفيا إلى مسجد، مع اكتفاء بعض الصحف المذكورة بنشر بضعة مقالات لكتاب يهاجمون القرار التركي.

وبتغطية خبرية مجردة، نشرت صحيفة “المدينة” ردود الفعل المتعلقة بآيا صوفيا من قرار تحويله إلى مسجد، وإدانة اليونسكو لهذه الخطوة، دون أن تتبنى أي خطاب عدائي تجاه أنقرة، على غرار “عكاظ”.

صحيفة “الشرق الأوسط”، بأسلوب مشابه لـ”المدينة”، نشرت خبر “اليونسكو” إضافة إلى تعليق بابا الفاتيكان، ونشرت تقريرا يتحدث عن أزمة يونانية تركية بسبب “آيا صوفيا”، مع مقال يهاجم القرار التركي.

فيما جمعت “البيان” آراء مثقفين عارضوا ما وصفوه “المس بالمعالم التاريخية”، وأن “المسّ بها يهدد التعايش العالمي”.

صحيفة “الوطن” قالت في افتتاحيتها، الأحد، إن “الإرث الحضاري في جميع دول العالم، هو كنز عظيم لا يقدر بثمن، بل يعتبر ملكا للإنسانية جمعاء كون القيمة المعرفية التي تتصل به وما ينقله من تاريخ وتعريف لحضارات مرت بها مسيرة البشرية غاية كبرى ونبيلة”.

بدورها، قالت قناة “سكاي نيوز عربية” الممولة إماراتيا، في تقرير لها؛ إن قضية آيا صوفيا هي “استغلالٌ سياسي من أردوغان وسط تراجع شعبيته”.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى