آخر الأخباركتاب وادباء

حي العجمي بغرب اسكندرية

من ذاكرة_اسكندرية

سلسة مقالات الأسكندرية من روائع

المهندس/ محمود صقر

معرفتي بحي العجمي غرب اسكندرية بدأت في النصف الأول من الثمانينات، حين بدأتُ العمل في شركة مقاولات وأنا مازلت طالبا في كلية الهندسة، وكانت الشركة تبني عمارات في العجمي هانوفيل على البحر.

في هذا الوقت لم يكن قد بدأ بعد إنشاء قرى سياحية في طول الساحل الشمالي الغربي لاسكندرية، وكان بالساحل الممتد لثلاثمائة كيلو مترا من اسكندرية لمطروح قليل جدا من المنتجعات، منها منتجع سيدي عبد الرحمن، وكان الطريق من اسكندرية لمدينة مرسى مطروح طريق أسفلت ضيق اتجاهين بدون رصيف أوسط ولا حتى بردورة فاصلة، وكل اتجاه يسع سيارة واحدة في معظم الطريق، وكانت مدينة مرسى مطروح أحد وجهات العطلات الصيفية لأهل اسكندرية، وللرحلات الجامعية لطلبة جامعة اسكندرية.

كانت منطقة العجمي بشقيها البيطاش والهانوفيل أحد مصايف مدينة اسكندرية والتي تجتذب الباحثين عن الهدوء والعزلة، وعلى ضفاف شاطئ البحر وفي الداخل مجموعة كبيرة من الفلل والقصور، ومعظمها يمتلكها أسماء لامعة من أهل الفن والكُتَّاب، وأثرياء من داخل اسكندرية وخارجها.

ظلت هذه سمة المنطقة حتى منتصف الثمانينات، وفي النصف الثاني من الثمانينات بدأ بعض صغار المستثمرين العقاريين ببناء عمارات سكنية، كان معظمها لا يتجاوز الأربعة طوابق، وذلك لسد حاجة الطلب المتزايد على السكن بعد ازدحام مدينة الاسكندرية، فقد كانت مناطق وسط المدينة من الأماكن المشبعة بسكانها لعقود دون إضافات تذكر لمباني جديدة، بينما بدأت مناطق الرمل قبلي طريق الحرية يتزايد عدد سكانها بتسارع كبير، وبدأ البناء يتوسع في منطقة سموحة، وبدأت سيدي بشر قبلي والعصافرة التي كانت معظم شوارعها رملية تزداد فيها وتيرة بناء العمارات بسرعة.

في هذا الوقت كان الجيل الجديد الذي يريد الزواج وتكوين أسرة في مناطق اسكندرية القديمة والذي لا يملك معظهم ثروة تسمح لهم بشراء شقق في وسط البلد، كان أمامهم اختيارات محددة وفق إمكاناتهم المحدودة: إما الاتجاه نحو أماكن أصبحت مزدحمة جدا مثل منطقة الرمل جنوب شارع أبو قير، أو الذهاب لمسافة أبعد نحو سيدي بشر وميامي والعصافرة جنوب خط السكة الحديد، أو الاتجاه نحو منطقة العجمي المنطقة الهادئة الصاعدة، والتي يعيبها أنها الأكثر بُعدا عن وسط البلد، ولا توجد مواصلات تربطها بوسط البلد إلا خطوطا محدودة من أتوبيسات النقل العام، ووسيلة النقل الشعبية الجديدة (الميكروباص) والتي يسميها أهل اسكندرية (المشروع).
اخترتُ وفق إمكاناتي المحدودة إستئجار شقة في العجمي، مع دفع مقدم إيجار قدره سبعة آلاف جنيها، وإيجار شهري قدره ثمانون جنيها، يخصم نصفه (أربعون جنيها) حتى نفاد المقدم.
فماذا كان شكل منطقة العجمي في هذا الوقت من نهاية الثمانينات، وكيف تغيرت بسرعة، هذا ما سنتناوله في المقالات التالية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى