آخر الأخبارتقارير وملفات

صفعة الغواصات الأخيرة ذهبت ادارج الرياح

بقلم الباحث والمحلل السياسى

الدكتور محمد السيد رمضان

نائب رئيس المنظمة

تلقت فرنسا صفعة موجعة، بعدما أعلنت أستراليا فسخ عقدا ضخما معها لشراء غواصات، إثر اتفاق أمني مع الولايات المتحدة وبريطانيا.

بينما لا تزال فرنسا والاتحاد الأوروبي يناقشان خطوة الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، التي لم تطلعهم واشنطن على كواليسها، تفاجأت باريس بتخلي كانبيرا عنها لصالح واشنطن، وذلك عبر نسف اتفاق الغواصات المبرم بينهما منذ سنوات.

وإن كان القرار ضربة موجعة لفرنسا، فإنه في الوقت ذاته ضربة للاتحاد الأوروبي ،ويبدو أن صفعة الغواصات الأخيرة التي وجهتها كل من كانبيرا وواشنطن ولندن إلى باريس، وتؤكد النظرية الشهيرة للرئيس الفرنسي الأسبق شارل ديغول حين قال، إنه ليس هناك مفهوم للصداقة بين الدول وإنما فقط مصالح مشتركة تجمع بينها.

وقد ألغت السلطات الفرنسية حفل استقبال كان مقررا في واشنطن بعد فسخ عقد تزويد غواصات فرنسية لأستراليا ما أدى إلى أزمة بين باريس وواشنطن.

وقال وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لودريان لإذاعة “فرانس إنفو” “إنها حقا طعنة في الظهر. أقمنا علاقة مبنية على الثقة مع أستراليا. وهذه الثقة تعرضت للخيانة”.

هكذا عنونت الصحف الفرنسية “خسارة كبري للصناعات الدفاعية الفرنسية” ، وضياع هيبة فرنسا بعدما الغت استراليا صفقة الغواصات الفرنسية والتي تقدر ب70 مليار. دولار وفضلت شراء غواصات امريكية الصنع تعمل بالدفع النووي ،
الحكومة الفرنسية تعرضت الي خسارة فادحة علي المستويين السياسي والاقتصادي ، فقد اعربت الاحزاب الفرنسية من اقصي اليمين الي اقصي اليسار عن خيبة املها في السياسة الخارجية الفرنسية التي لم تتمكن من اتمام صفقة كبيرة بهذا الحجم مع احد اهم شركاء حلف الناتو ، وأظهرت ضعف التاثير سياسة ماكرون الخارجية ،
فقد شنت مارين لوبان هجوم حاد علي ماكرون لضياع هذه الصفقة وتساءلت عن مصير مئات الوظائف في قطاع صناعة السفن والتسليح البحري والتي اصبحت مهددة بخسائر فادحة ،
ولم تسلم الحكومة ايضا من انتقادات (فاليري بيكرس )مرشحة الرئاسة ورئيسة منطفة إيل دي فرانس وانضم لهذا الهجوم (زفير برتراند) وهو احد المرشحين ايضا للرئاسة كما اتهم زعيم حزب فرنسا الابية (جان لوك ميلانشوا )الحكومة بالعاجزة والفاشلة في ضياع صفقة كانت تمثل قوة دفع للاقتصاد الفرنسي المتعثر منذ فترة .

فقدان فرنسا اتمام الصفقة بهذه السهولة يعني ان الجانب الامريكي تفوق سياسيا علي نظيره الفرنسي وان الاعتبارات الاقتصادية اصبحت تفوق اعتبار الشراكة في حلف الناتو وان الدور الفرنسي تقزم بعد الهيمنة الامريكية علي قرارات الحلف وخاصة التي حدثت بعد قرار الانسحاب المفاجئ من افغانستان والذي وضع حلفاء امريكا في مأزق حتي اليوم .

ردة فعل السياسيين الفرنسيين بمطالبة الحكومة بالانسحاب من حلف الناتو كرد علي السياسة الامريكية وتصرفاتها الاحادية سيكون احد الاوراق الهامة التي سيطرحها المتنافسون علي الرئاسة بعد اشهر قليلة ، فقد بات علي اوروبا ان تعتمد علي نفسها في الدفاع عن مصالحها وعدم الاعتماد علي الشريك الامريكي .

المستفيد الاكبر

علي المستوي التقني لقد استفادت استراليا من شراء الغواصات الامريكية لانها ستحصل علي تكنولوجيا متطورة بالمقارنة بالغواصات الفرنسية علي الرغم من انها لا تمتلك اسلحة نووية .
كما ان الحلف الذي نشأ مؤخرا بين امريكا وبريطانيا واستراليا اعطي للجانب الاسترالي اهمية كبري علي حساب فرنسا ، وتري امريكا ان هذا الحلف سيكون بمثابة قوة مستقلة عن حلف الناتو تعمل بعيدا عن السياسة التي ينتهجها الحلف وخاصة في منطقة جنوب شرق اسيا ومواجهة ازدياد النفوذ الصيني .

تداعيات صفقة الغواصات سيزداد في الايام المقبلة ونتائجة ستكون كارثية علي الحكومة الفرنسية وقد تكون القاضية لحلم الرئيس ماكرون في الفرز بفترة رئاسية ثانية .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى