منوعات

صورة من ناسا تُظهر مركز مجرتنا بتفاصيل غير مسبوقة

يزدحم مركز مجرة درب التبانة
بملايين النجوم التي تسبح في بحر من الأشعة فوق البنفسجية والأشعة السينية
الشديدة، وهي تدور حول ثقب أسود فائق الضخامة يعادل حجمه 4 ملايين حجم الشمس.

حسب تقرير موقع Business Insider الأمريكي، من الصعب رؤية كل هذا النشاط تحت غطاء من الغبار
والغاز، لكن تلسكوب سبيتزر التابع لوكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) اخترق الضباب
بأجهزة استشعار الأشعة تحت الحمراء في عام 2006، وهو ما نتج عنه صورة غير مسبوقة.
وقد أعادت الوكالة نشر تلك الصورة (الموضحة أعلاه) يوم الأربعاء 10 أكتوبر/تشرين الأول، من
أجل تسليط الضوء على مقدار ما سنكون قادرين على رؤيته من خلال مشروعها التالي.

ومن المقرر إطلاق هذا
المشروع، وهو تلسكوب جيمس ويب الفضائي (JWST)، في عام 2021. وسيستخدم كاميرات تعمل
بالأشعة تحت الحمراء أكثر تطوراً عن ذي قبل لتصوير المجرة في أثناء وجودها بمدار
الأرض، وسيكون قادراً على التقاط صور للنجوم الخافتة ولتفاصيل أدق من تلك التي
يستطيع سبيتزر التقاطها.

وقال رولاند فان دير ماريل،
عالِم الفلك الذي عمل على أدوات التصوير الملحقة بتلسكوب «JWST»، في بيان صحفي: «حتى صورة واحدة من تلسكوب ويب ستكون أعلى جودة لصورة التُقطت
لمركز المجرة».

بإمكان هذه الصور المساعدة في
الإجابة عن بعض أكبر أسئلة العلماء حول طريقة تشكُّل المجرة وتطورها مع مرور الوقت.

والصورة التي التقطها سبيتزر
عبارة عن مجموعة من اللقطات الأدق المأخوذة من الجو والتي تُظهر مركز المجرة في
ضوء الأشعة تحت الحمراء، وبأطوال موجية 10 أضعاف ما يمكن أن تراه العين البشرية.
وقد مكّنت الرؤية بالأشعة تحت الحمراء كاميرات سبيتزر من التقاط الصور خلال سحب
الغبار بين النجمي التي تحجب الضوء المرئي بين الأرض ومركز المجرة التي تبعد عنا
بـ26 ألف سنة ضوئية.

في الصورة، تظهر النجوم
العتيقة الباردة باللون الأزرق عند الحواف، في حين تحترق النجوم الشابة الضخمة
بدرجة اللون الأحمر الساخن. وتبعد النجوم الموجودة على الجوانب البعيدة للصورة
مسافة 900 سنة ضوئية.

والخط الأفقي من النجوم
الأكثر سطوعاً في وسط الصورة هو المستوى المجري (خط استواء المجرة) لدرب التبانة.
ومركز المجرة هو البقعة البيضاء الساطعة في منتصف الصورة، حيث تتجمع النجوم الضخمة
الساخنة معاً.

وفي مكان ما بهذا المركز،
يوجد ثقب أسود فائق الضخامة. وتتشكل النجوم الصغيرة على بُعد بضع سنوات ضوئية من
قبضة الثقب الأسود، على الرغم من أن العلماء اعتقدوا في السابق أن هذه البيئة
ستكون قاسية للغاية بحيث لا تتجمع السحب الغازية لتتحول إلى نجوم. وهم يأملون أن يقدم
تلسكوب جيمس ويب أدلة على كيفية تكوين النجوم هناك.

وحول المستوى المجري، في
الوقت نفسه، تدور سحب الغبار بين النجمي. ويعتقد العلماء أن هذه السحب تشكلت
بواسطة تيارات، أو «رياح»، من جسيمات مشحونة قادمة من النجوم الضخمة.

جُمِّع التلسكوب المقبل
بالكامل، وهو الآن يخضع لعملية اختبار طويلة في منشآت Northrop
Grumman
بكاليفورنيا، وذلك قبل عملية إطلاقه المحددة في 30 مارس/آذار 2021.

سوف يدرس تلسكوب جيمس ويب كل
مرحلة من مراحل تاريخ الكون، من أجل معرفة كيفية تكوين النجوم والمجرات الأولى،
وكيف تولد الكواكب، وأين يمكن أن تكون هناك حياة في الكون. وسوف تساعد المرآة
المصنوعة من البريليوم والقابلة للطي بعرض 21 قدماً، التلسكوب في مراقبة المجرات
البعيدة بالتفصيل والتقاط الإشارات الباهتة للغاية داخل مجرتنا. 

وبفضل تقنية الأشعة تحت
الحمراء الجديدة، يمكن أن يوفر التلسكوب رؤية غير مسبوقة للثقب الأسود الهائل في
مركز درب التبانة، والذي يسمى الرامي أ* (بالإنجليزية Sagittarius A* واختصاراً Sgr A*).

تعني الجاذبية بالغة القوة
للثقوب السوداء أنه لا يمكن أن يفلت الضوء منها، لذلك يستحيل تصويرها. ومع ذلك،
يمكن أن يلاحظ العلماء قرص المواد الساخنة التي تدور بسرعة حول الكتلة الجاذبة
خارج نقطة اللاعودة.

هكذا التقط فريق تلسكوب أفق
الحدث (EHT) أول صورة لثقب أسود في أبريل/نيسان الماضي. ويأمل الباحثون استخدام تلسكوب ويب لفعل
الشيء نفسه مع الثقب الأسود الموجود في وسط مجرتنا. والذي، حتى الآن، لم يره أحد.

وقال تورستن بوكر، وهو عالم
فلك يعمل في مشروع JWST، في البيان: «تصوير القرص حول الرامي أ* باستخدام تلسكوب ويب
سيكون نجاحاً كبيراً».

ويمكن أن يساعد هذا التصوير
في الإجابة على الأسئلة حول كيفية تشكُّل المجرة وثقبها الأسود، وضمن ذلك معضلة
الدجاج أم البيضة الكلاسيكيةُ.

وقال جاي أندرسون، وهو عالم
آخر يعمل ضمن مشروع تلسكوب JWST، في البيان: «هل تظهر الثقوب السوداء أولاً
والنجوم تتشكل حولها؟ هل تتجمع النجوم معاً وتصطدم ببعضها ببعض لتشكل الثقوب
السوداء؟ هذه الأسئلة نريد الإجابة عليها».

وفي سبيل آخر للبحث، يعتقد
العلماء أن كل مجرة ​​بها ثقب أسود بمركزها، وقد أظهرت الدراسات أن كتلة كل ثقب
أسود ترتبط بالكتلة الكلية للنجوم المحيطة به. لكن لا أحد يعرف السبب. ويخطط باحثو
مشروع JWST للبحث عن أدلة. 

يخطط الفريق الدولي للعلماء،
الذين التقطوا الصورة الأولى للثقب الأسود، لتوجيه التلسكوبات في مركز مجرتنا،
وهذه المرة، لتصوير الفيديو.

وقال شيب دوليمان، عالم الفلك
الذي يقود فريق «EHT» العالمي، في وقت سابق، لموقع Business Insider: «يمكننا رؤية الثقب الأسود يتطور في الوقت الحقيقي. يمكننا
رؤية كيف يتطور مع المجرة. يمكننا حتى اختبار جاذبية أينشتاين بطرق مختلفة كلياً
من خلال النظر إلى مدارات المادة -ليس الضوء، ولكن المادة- حول الثقب الأسود».

ويتوقع دوليمان أن يكون أول
مقاطع الفيديو غير نقي الصورة متاحاً للجمهور في السنوات الخمس المقبلة. وفي نهاية
المطاف قال إن العدسات الدقيقة للتلسكوبات الموجودة في الفضاء مثل JWST ستقدم مساعدة للمشروع
بشكل لا يصدَّق.

وقالت مارسيا ريك، التي تشرف
على تطوير كاميرا الأشعة تحت الحمراء بمشروع JWST، في البيان: «أشياء
كثيرة غريبة ومثيرة تحدث بمراكز المجرات. نريد أن نعرف ما يحدث في مجرتنا».

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى