منوعات

أسعدنا نجاح السرقة في La Case de Papel.. لماذا نتعاطف مع الأشرار في الأفلام والمسلسلات؟

فرحنا بنجاح البروفيسور وأصدقائه في سرقة البنك المركزي ونبضت قلوبنا بشدة في اللحظات الأخيرة قبل إفلاتهم من قبضة الشرطة في La Case de Papel، وتعاطفنا مع أستاذ الكيمياء والتر وايت في مسلسل Breaking Bad، ربما بكينا تأثراً بحياة آرثر فليك الصعبة في فيلم Joker وأردنا أن ينتصر على Batman، صدمنا عندما عرفنا أن فتحي نصب على زملائه في مسلسل “بـ100 وش” بعد نجاح العصابة سوياً في عملية نصب سرقوا بها ما يقرب من المليار جنيه مصري. لاحظت شيئاً؟ نتعاطف مع الأشرار في الأفلام والمسلسلات. لكن لماذا؟ 

ماذا يفعل باتمان إذا لم يكن هناك شخصية شريرة يقاتلها مثل الجوكر؟ يجلس في منزله. لأنه ببساطة لن يكون هناك شر ليحاربه. حتى إن باتمان قالها بنفسه للجوكر عندما التقيا في الفيلم: “أنت وأنا مقدر لنا القيام بذلك إلى الأبد”.

هناك ضرورة لتقديم الوجه الآخر من الحياة وسرده في سياق العمل الدرامي، فالصراع جزء أساسي لرواية القصة، وتحدي الشرير للبطل يعني استمرار الإثارة في هذا السرد، خاصةً أن الشرير قد لا يتحدى قدرات البطل الخارقة، بل يتحداه كشخص عادي، ما يعطي واقعية للصراع، ففي العالم الحقيقي لا وجود للخارقين. 

فكرة أن الخير ينتصر دائماً مملة؛ لأنها تسهل عليك توقع تكرار هذه النهاية بفوز الرجل الجيد المثالي، وهذا لا يجعل مشاهدة الفيلم أو المسلسل ممتعة. ورغبتك في تغير الأحداث لصالح الشر لا تشكل خطراً عليك أو على أناس حقيقيين، لذلك فلِمَ لا؟ لنحصل على بعض المتعة والإثارة. 

وهناك جزئية أخرى، الإنسان يميل إلى نصرة المستضعف، وعندما يكون الشرير هو الشخص المستضعف في الرواية قد تحب أن يراه منتصراً مرة. لكن إذا كان البطل الجيد هو المستضعف فإنك تشعر بالعكس.

الشرير النموذجي هو شخص يرغب في إيذاء الآخرين لأنه شخص مؤذٍ ليس إلا. لكن عندما ترى شريراً غير نموذجي اضطرته ظروف الحياة لأن يكون في هذا الدور لأجل عائلته مثلاً، ولولا هذه الظروف لما أحب أن يعيش في دور الشرير، مثل أستاذ الكيمياء والتر وايت في مسلسل Breaking Bad. ماذا عساك أن تفعل غير أن تشعر بالأسى تجاهه؟

أن نصبح جزءاً من حياة الشرير ونعرف عائلته وأصدقاءه وظروفه كاملةً تجعلنا ننظر للشر بمنظور آخر، خاصةً أننا قد نتخيل أحد أفراد عائلتنا أو مقربين منا يرتكبون أفعالاً مماثلة لأهداف في الأصل ليست شريرة بل لأجل مَن يحبونهم. مثل جو مثلاً في مسلسل You، الذي لم يكن لديه مشكلة في أن يفعل أي شيء لأجل من يحب وإن وصل  الأمر للقتل!

عندما نقترب من الشرير ونرى ما يعيشه ونعرف ما يفكر به ونقدر ما يشعر به نبدأ في التعاطف معه وكأنه صديق يشاركنا الصورة الكاملة لمشكلة يمر بها جعلته يتصرف بشكل غير مثالي لمواجهتها، وعندها نبدأ في التغاضي عن أخطائه ونقاطه السيئة. 

هذا الشعور طبيعي عندما نقضي الكثير من الوقت مع شخص ما ونعرف الكثير من التفاصيل عن حياته، وفق أحد التفسيرات التي استعرضها موقع Digital Spy البريطاني لتفسير السبب الذي يجعلنا نتعاطف مع الأشرار في الأفلام والمسلسلات.

في Avengers: Infinity War كان للشرير ثانوس وجهة نظر في محاولته إفناء نصف الأحياء، وهي أن يحيا النصف الآخر حياة أفضل ولإعادة توازن الكون في ظل عدم كفاية الموارد لجميع الأحياء. فهنا كان للشرير وجهة نظر؛ رغم هي غريبة لكنها ليست فساداً أو شراً مطلقاً، والأشرار من هذا النوع يظهرون بشخصية المتمرّد الذي يرى نفسه أحق بأن يكون بطل القصة، وهذا سبب أناني لكنه لا يريد ارتكاب الفظائع دون مبرر. 

كما أنه بالنظر للجهة المقابلة، فالأخيار رغم أنهم يسعون لنشر الخير لكنهم أيضاً يسببون الألم للأشرار الذين أصبحوا أشراراً كرد فعل على تعرضهم للأذى. فمثلاً قد يتمنى طفل طيّب تعرّض للتنمر أن يتعرض كل المتنمرين للأذى والتنمر لتجربة هذا الشعور السيئ الذي ألحقوه بالآخرين، وهنا نجد وجهة نظر أخرى وراء شرّهم.

عموماً بعض الأشرار يحبون أن يجدوا لأنفسهم مبرراً يجعلهم لا ينظرون إلى أنفسهم كأنهم مجرد أوغاد. والاستماع لهذا المبرر قد يجعلنا ننظر لهم بنوع من التسامح. 

ماذا قد يفعله الأشرار بنا إذا وقعنا ضحية لهم؟ إلى أي مدى قد يصل الخوف أو الرعب الذي نحسّه؟ ما أسوأ السيناريوهات التي قد يفعلها الشخص الشرير بالآخرين؟ ما الطرق التي تساعدنا على الشعور بالأمان في ظل وجود الشر؟ أم أننا قد ننضم للشرير ونساعده على خلق الفوضى الجماعية مثلما فعل أناس عاديون في فيلم Joker. إجابات هذه الأسئلة توفره لنا الحبكة الخيالية في الأعمال الدرامية التي ينتصر فيها الشرير.

من الصعب على البشر ألا يكونوا فضوليين، دائماً نبحث عن إجابات الأسئلة ونستمتع بالإبحار في السيناريوهات المتوقعة وغير المتوقعة لإيجاد الإجابة. وانتصار الأشرار قد يساعد في إرضاء بعض فضولنا والإجابة عن بعض أسئلتنا.

فضولنا يدفعنا بطريقة ما لفهم لماذا يقوم شخص ما بأفعال شريرة؟ وإلى أي مدى سيصل شرّه. مثلاً سيرسي في Game of Thrones فقدت أطفالها الثلاثة، ماذا ستفعل بعد ذلك؟ وهل هناك مبرر ما لأفعالها؟ رؤية السيناريو كاملاً يجيب عن هذه الأسئلة ويعطينا وقتاً في التفكير والتحليل وإرضاء فضولنا الذي يدفعنا بشكل لا إرادي أحياناً إلى أن نتعاطف مع الأشرار في الأفلام والمسلسلات.

وعموماً الشرير الذي نعرفه خير من الشرير الذي لا نعرفه، فنحن لا نتعاطف مع الشرير لكونه شريراً، بل لأننا عرفناه وعرفنا جميع جوانبه، فالعمل الدرامي يوفر لك كل الجوانب عن هذا الشرير ومفاتيحه الجيدة أيضاً، بعيداً عن الشرير الذي يحركه الشر المطلق والطيب المثالي الخالي من العيوب، فقد يكون الشرير شخصاً عادياً يملك عيوباً ومزايا لكن عيوبه غلبت مزاياه، وفق نظرية أخرى استعرضتها هيئة الإذاعة البريطانية BBC.

المغامرة تمنحنا جرعة الأدرينالين التي نحتاجها وتكون نادرة في حياتنا اليومية. وبعض الأشرار قد يمنحوننا هذه الجرعة ببساطة وإثارة للإعجاب وخطط ذكية وهروب مدهش، لذلك نريد أن نراهم على الشاشة لأطول فترة ممكنة، فهم يملأون الشاشة ترفيهاً وإثارةً قد تلهينا عن التوتر والمشاكل التي تلاحقنا في حياتنا اليومية.

لا قيود توقف الشرير عن فعل أي شيء في أي وقت فلا سلطة توقفه. هو متحدٍ للجميع، بل يحاول كسب سلطة خاصة به دون أي قيد يمنعه من فعل أي شيء. خاصةً إذا كنت تشاركه الإيمان أن أصحاب هذه السلطة ليسوا الأصلح والأنسب لها ويجب أن تنتزع منهم، وفق وجهة نظر أخرى استعرضتها مجلة WIRED الأمريكية.

ورغم أننا لا نريد ارتكاب أخطاء لكننا قد نحسد الأشرار على حريتهم المطلقة في بعض الأحيان. كما أنه في داخل كل شخص منا طفل شقي يريد كسر شيء ما أو تطبيق مقلب ما في صديق دون عقاب.

من الناحية الفسيولوجية التعبير عن الغضب أفضل من الشعور المستمر بالقلق والخوف، والشرير عبر عن غضبه وتجاوز قلقه وإن كان بطريقة منحرفة، لكن بالنظر إلى خطوته الجريئة فقد فعل بذلك عملاً بطولياً لشخص قوي تجاوز مخاوف ما.

وعموما إظهار الشرير في دور المتحدي العظيم الذكي القوي مهم للخير أيضاً؛ لأنه يجعل الانتصار عليه من البطل الخير ملحمياً وعظيماً.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى