اخبار المنظمةالأرشيف

كيف تتجسس الدولة المصرية على مواطنيها؟

في شهر يونيو لعام 2014، نشرت وزارة الداخلية بنود كراسة الشروط الخاصة بمناقصة الوزارة، للحصول على نظام لـ«رصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي«، الأمر الذي شكل تطورًا نوعيًا في عملية برمجيات وسلوكيات التجسس لدى الدولة المصرية، بشكل ينتهك خصوصية الحريات الشخصية والحريات العامة في التعبير والمعرفة وتداول المعلومات.

خلال السطور التالية، تشرح “ساسة بوست” كيف تتم عملية المراقبة الإلكترونية من جانب الحكومة المصرية على المواطن المصري، وأبرز البرامج المُستخدمة في عملية المُراقبة وكيف انتقل هذا الأمر مؤخرًا من كونه تجاوزات قانونية مخالفة لكافة الاتفاقيات الموقعة عليها الحكومة المصرية إلى تأطيرها قانونيًّا تحت قائمة من الأسباب كالدفاع عن الأمن القومي ومكافحة الإرهاب.

ما هي أشكال المراقبة التي يخضع لها المواطن المصري من جانب أجهزة الأمن القومي؟ وهل تندرج تحت عملية المراقبة فحص محتوى رسائل (فيس بوك – واتساب)؟

العام الماضي، فازت شركة “سي إيجيبت” الشركة الشقيقة لشركة “بلو كوت” ومقرها الولايات المتحدة، بأحد العقود لوزارة الداخلية خلال الصيف، على الرغم من منافستها لشركة “جاما” البريطانية وشركة “ناروس” الإسرائيلية التي خاضت السباق كذلك.

ومنح هذا التعاقد الحكومة المصرية قدرة غير مسبوقة على التسلل إلى المعلومات في “سكايب” و”فيس بوك” و”تويتر” و”يوتيوب” وغيرها، حيث توفر للحكومة المصرية لأول مرة الاستخدام الواسع لتكنولوجيا “حزمة الفحص والتفتيش العميقة”، التي تقوم بتحديد المواقع والتتبع والمراقبة المكثفة للحركة على الإنترنت.

كما تُظهر كراسة الشروط المطروحة من جانب وزارة الداخلية لرصد المخاطر الأمنية لشبكات التواصل الاجتماعي أن من الشروط المطروحة لهذه البرامج مراقبة كل المنشور على شبكات التواصل الاجتماعي (فيس بوك – تويتر ).

يقول “علي منيسي” المسؤول بشركة “سي إيجيبت”، أن مهمة الشركة هي إعطاء الحكومة المصرية نظام المراقبة وتدريب الحكومة على كيفية استخدامه، مضيفًا أن شركته تعاقدت لتزويد أمن الدولة في مصر بالنظام، وتعليم المسؤولين على كيفية الوصول إلى المعلومات المجمعة من الحسابات البريدية ومواقع التواصل الاجتماعي.

وتحدث أن البرنامج بإمكانه اختراق “واتس أب” و”فايبر” و”سكايب” وبرامج أخرى، مضيفًا أنه مشابه للبرنامج المستخدم في أغلب الحكومات الغربية والولايات المتحدة.

واقعة اعتقال الناشطة “إسراء الطويل” تؤكد ما يقوله مسؤول شركة “سي إيجيبت” حيث ذكر أحد أصدقائها المُقربين لـ”ساسة بوست”، أن التوصل لتحديد مكان تواجدها بالقرب من أحد المطاعم بمنطقة “المعادي” جاء عن طريق تتبع رسائلها على “واتساب” مع صهيب.

وتوضح صديقة إسراء، أنه ضمن التهم التي تواجهها “إسراء”، استدلال أجهزة الامن على تورطها في عمليات إرهابية من خلال رسالة لها في جروب لمجموعة من أصدقائها على “الواتساب” تقول فيها أنها ترغب في تناول القنبلة، وهي أحد الأكلات المشهورة بأحد المحال في حي السيدة زينب”.

ماهي البرامج المُستخدمة في عملية المراقبة؟

في عام 2012، نشر أحد المعامل التقنية لجامعة تورنتو بكندا (citizen lab) بحثًا عن أبرز استخدامات نظام Remote Control System، وتحديد الدول التي تقوم باستخدامه، وتوصلت إلى تحديد 21 دولة لديها النظام وقامت باستخدامه في فترات مختلفة أو كانت تستخدمه آنذاك، وتضمنت قائمة الدول: مصر، المغرب، سلطنة عمان، المملكة العربية السعودية، والسودان.

كما توصل المعمل كذلك إلى أن الحكومة المصرية تستخدم نظامًا اسمه ProxySG، تنتجه شركة أمريكية اسمها Blue Coat، يتيح إمكانية مراقبة وترشيح محتويات الإنترنت بشكل جماعي غير موجه.

وبرنامج “rcs” هو أحد النظم التي طورتها شركة هاكينج تيم (Hacking Team) الإيطالية، التي تعمل في مجال تكنولوجيا المراقبة والاختراق، حيث يعد البرنامج من أقوى البرامج في سوق الاختراقات، وتقوم فكرته الأساسية على تجميع وتعديل واستخراج البيانات من أي جهاز يتم استهدافه ببرمجية خبيثة يتم زرعها من خلال الجهاز القائم بالاختراق. وتتضمن إمكانات النظام تجاوز التشفير وإعدادات الأمن في البرامج، وتسجيل مكالمات سكايب، وحفظ سجلات البريد الإلكتروني وبرامج المحادثات، وجمع بيانات استخدام متصفح الويب، وأخذ لقطات مصورة باستخدام الكاميرا المدمجة في الحواسيب، وتسجيل مقاطع صوتية باستخدام الميكروفونات المدمجة في الحواسيب .

كما تظهر أحد وثائق أمن الدولة المُسربة بعد اقتحام المبنى، أن وزارة الداخلية من 2009 كانت على اتصال بشركة أجنبية اسمها شركة «جاما»، لتثبيت برنامج الشركة (Finfisher)، وخلال الفترة الممتدة بين 2012 و 2014 استخدمت الشركة برامج (Blue Coat)، و (RCS) .

كيف تتم عملية التعاقد بين أجهزة الأمن القومي والشركات الأجنبية لتوريد برامج المُراقبة والتجسس؟

بشأن برامج التجسس التي تشتريها الحكومة المصرية من شركات خارج مصر، فالتعاقد على شراء هذه البرامج يكون بشكل غير مباشر، إذ توكل الأجهزة الأمنية لعدد من الشركات عملية الشراء لصالحها، حيث تظهر المستندات المسربة من شركة هاكينج تيم قيام شركة جي إن إس إيجيبت – وهي شركة تقنية تابعة لمجموعة منصور – بالشروع في صفقة تستمر من 2015 إلى أبريل 2017  لصالح وزارة الدفاع وفقًا لسجلات شركة هاكينج تيم.

كما أوضحت وثائق أمن الدولة المسربة في مارس 2011 قيام شركة MCS في مخاطبات متبادلة بين قسم الاختراق الإلكتروني، التابع لمباحث أمن الدولة، ومدير الإدارة العامة والأقسام المالية التابعة لها، بدور الوسيط، لتوريد نظام Finfisher، وهو نظام حاسوبي معقّد متخصص في أعمال المراقبة، تمتلكه شركة Gamma International.

هل تتعاون شركات الاتصالات مع أجهزة الأمن في عملية المراقبة والتجسس على المصريين؟

تتعاون وزارة الداخلية مع قطاع الاتصالات (شركات الموبايلات – شركات الإنترنت) في بعض برامج التجسس التي تتطلب هذا التعاون، وهو مايظهر في محاضر الاجتماعات المنعقدة بين وزارة الداخلية وهذه الشركات في الوثائق المُسربة بعد اقتحام مبنى أمن الدولة.

كما تحول مفهوم التعاون بين الأجهزة الامنية وشركات الاتصالات إلى شراكة، بعد استحواذ الشركة المصرية للاتصالات – المملوكة للدولة – على شركة TE Data التي تقدّم خدمات الاتّصال بالإنترنت بحلول سنة 2010، بالإضافة إلى استحواذها السابق على 44.95% من أسهم شركة “فودافون مصر” في 2006.

 ما التكلفة المالية لهذه البرامج المُستخدمة في عملية المراقبة؟

في يوم 5 يوليو الجاري تعرضت شركة هاكينج تيم (Hacking Team) الإيطالية – التي تعمل في مجال تكنولوجيا المراقبة والاختراق – لاختراق واسع النطاق نتج عنه تسريب عدد ضخم من المستندات، وتظهر السجلات المالية للشركة إلى قيام وزارة الدفاع في مصر بالبدء في استخدام برنامج RCS منذ 2011.

وتتناول السجلات المالية الدفعات المالية المختلفة عبر النطاق الزمني للصفقة، من حيث شراء الرخص والتجديد والصيانة منذ 2011 إلى 2017.

وفي الجزء المخصص لـ”إجمالي الإيرادات من العميل” توضح السجلات إجمالي ما خصصته وزارة الدفاع، وهو 598 ألف يورو (ما يعادل 5.1 مليون جنيه مصري تقريبًا)، وتشير المستندات أيضًا إلى قيام شركة جى إن إس إيجيبت – وهي شركة تقنية تابعة لمجموعة منصور، ويتولى منصب المدير التنفيذي لها المهندس حسام الجمل، ورئيس مجلس إدارتها يوسف لطفي منصور – بالشروع في صفقة تستمر من 2015 إلى أبريل 2017 بقيمة ثابتة تقدر بـ 137,5 ألف يورو (ما يعادل 1.1 مليون جنيه مصري تقريبًا)، ومن المتوقع أن تزيد في 2015 بنسبة 412.5 ألف يورو (ما يعادل 3.5 مليون جنيه مصري تقريبًا)، وتقوم بها الشركة المصرية لصالح وزارة الدفاع وفقًا لسجلات شركة هاكينج تيم.

كما تضمنت السجلات المالية للشركة مكتبًا بالأمن الوطني في جزء “الصفقات المتوقعة”، في صفقة بقيمة 1.1 مليون يورو (ما يعادل 9.5 مليون جنيه مصري تقريبًا)، ومكتب إدارة البحوث التقنية بقيمة 750 ألف يورو (ما يعادل 6.6 مليون جنيه مصري تقريبًا).

كيف أسست الحكومة المصرية مظلة قانونية لعملية المراقبة والتجسس على المواطنين؟

ففي ديسمبر 2014، قرر مجلس الوزراء إنشاء المجلس الأعلى للأمن السيبراني  لمواجهة الأخطار السيبرانية.

وفي فبراير 2015، أصدر المجلس، قرارًا بتشكيل لجنة لإدخال تعديلات تشريعية لمنح المحاكم صلاحية النظر في محتوى الويب وحجب المحتوى.

وفي مارس 2015، وافق المجلس على مسودة قانون جرائم تقنية المعلومات.

وفي نهاية أبريل 2015، قرر مجلس الوزراء تشكيل لجنة لتفعيل منظومة المراقبة بواسطة الكاميرات.وكانت هذه القوانين لإعطاء شرعية قانونية على كافة الممارسات الحكومية بشأن التجسسس على المواطنين، تحت أسباب الحفاظ على الأمن القومي ومُكافحة الإرهاب.

 امبراطورية المخبرين

لا يوجد حي في مصر إلا وبه مرشد سري معروف للجميع وفي الوقت نفسه يفرض سطوته علي أهل الحي الذي يسكن فيه، لأنه يعتمد علي مبدأ المصلحة المتبادلة مع ضابط المباحث حيث يقوم المرشد السري بجلب القضايا التي تفيد ضابط المباحث دون أن يكلف هذا الضابط نفسه عناء البحث عنها أو التحقق من صحتها من أجل حصوله علي ترقية أو تكريم ويؤدي هذا المبدأ غير الشريف إلي إحساس هذا المرشد أنه أقوي من القانون فيقوم بتلفيق القضايا لأبناء الحي الذي يقيم فيه علي اعتبار أنه مسنود من رجال الشرطة

ولأن دولة المرشدين السريين لا تعترف بالقانون وتحاول فرض القوة تصدوا بكل قوة لثورة يناير التي كتبت شهادة وفاة تلك الدولة مع انهيار جهاز الشرطة فحاول المرشدون فض اعتصامات التحرير بالقوة واستعان بهم النظام المخلوع بعدما فقد شرعيته للاعتداء علي المتظاهرين فيما عرف بـ»موقعة الجمل« كما كان لهم الدور الأكبر في الثورة المضادة ومارسوا أدواراً مشبوهة في ترويع المواطنين وإرهابهم إلي الاعتداء علي المعارضين وإشعال الفتنة بين المسلمين والأقباط.كما أن دولة المرشدين كانت لها اليد العليا في اختيار نواب البرلمان الذين جاءوا بالبلطجة والتزوير وكان المرشح لأي انتخابات يعتمد علي جيش من المرشدين لمساعدته في إرهاب المواطنين وتزوير أصواتهم والتلاعب في النتائج وتغيير الصناديق إلي غير ذلك من الممارسات السيئة التي أضرت بالمواطنين.والسؤال الذي يفرض نفسه: هل المرشدون عامل أساسي في مهمة الأمن لا يجب الاستغناء عنه؟

اعتبر خبراء وسياسيون ونشطاء، أن استحداث عبد الفتاح السيسي، فئة شرطية جديدة تحت مُسمّى “معاوني الأمن”، هو تكوين لمليشيات داخل الدولة بصورة تعطيها صبغة قانونية، لحماية النظام من معارضيه.
وقالوا إن هذه الفئة الجديدة ستكبّد الدولة خسائر مادية، نظراً لتخصيص ميزانية خاصة لها، مقتطعة من ميزانية الصحة والتعليم والخدمات الأساسية. فضلاً عن تأثيراتها الضارة بالسلم الاجتماعي.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى