آخر الأخبار

هل أوجعتها الغارات الإسرائيلية؟ تفاصيل انسحاب الميليشيات الإيرانية من مواقع سورية ليلاً

كشفت مصادر ميدانية داخل سوريا عن بدء انسحاب الميليشيات الإيرانية من بعض المواقع والقواعد العسكرية جنوب ووسط سوريا، على خلفية كثافة الغارات الإسرائيلية المتواصلة على المنطقة هناك.

أيهم .د، وهو عنصر من قوات النظام السوري في دمشق، قال لـ”عربي بوست”، إن فيلق القدس الإيراني سحب خلال الأيام الماضية “ليلاً”، عدداً من الآليات العسكرية وصواريخ متوسطة المدى، بالإضافة إلى عدد يتراوح بين 100 و120 عنصراً إيرانياً من قاعدة الكسوة جنوب دمشق 15 كم، تزامناً مع سحب عدد آخر من مقاتلي فيلق القدس وبعض الآليات العسكرية المدرعة، من معسكر “جمرايا” القريب من مركز البحوث العلمية بمحيط العاصمة دمشق.

ويضيف أن فيلق القدس أيضاً أغلق كلاً من معسكرَي “الحجيرة والعادلية” بريف دمشق بعد إجلاء عناصره منهما قبل أيام، عقب غارات جوية إسرائيلية مكثفة استهدفت هذه المواقع وأدت إلى مقتل عشرات من عناصره وجرح أخرين.

وأردف قائلاً وبحسب مصادر عسكرية، أن الميليشيات الإيرانية أغلقت قواعدها في كل من “تل أحمر وريف معرية غرب درعا، ومنطقة تل الأحمر الغربي في القنيطرة قرب الحدود الإدارية مع محافظة درعا جنوب سوريا” والقريبة من منطقة الجولان السوري.

جابر الحمصي، ناشط ميداني في محافظة حمص وسط سوريا، قال إنه خلال اليومين الماضيين شوهد عبور عدد من الأرتال العسكرية “ليلاً”،  ترفع أعلاماً إيرانية، في محافظة حمص عبر طريق تدمر شرقاً، مرجحاً أن وجهة الأرتال نحو منطقة دير الزور شرق سوريا.

وأضاف أن الأرتال تضم عشرات الآليات العسكرية، بينها مدرعات محملة على عربات نقل كبيرة وسيارات نقل جنود وعربات منصات صواريخ مغطاة بشوادر، تزامن ذلك مع استنفار كبير لعناصر أمن النظام عند مدخل مدينة حمص الجنوبي لتأمين مسير الأرتال الإيرانية وعبورها محافظة حمص شرقاً.

ولفت إلى أنه تم إغلاق معسكر خاص بإعداد عناصر تنتمي إلى “لواء فاطميون الأفغاني” التابع للحرس الثوري الإيراني بمنطقة التليلة في منطقة تدمر شرق حمص، قبل أيام، عقب الغارات الجوية الإسرائيلية التي استهدفت الموقع بشكل مباشر، أدى ذلك إلى وقوع قتلى في صفوف عناصره ودمار كبير في بنيته التحتية، ونقل عناصره وبعض الآليات إلى مطار تدمر العسكري الخاضع لسيطرة الحرس الثوري الإيراني.

بينما قال معتصم الحلبي، وهو ناشط ميداني في محافظة حلب، إن الميليشيات الإيرانية أخلت مواقعها في كل من منطقة السفيرة وجبل عزان جنوب وشرق مدينة حلب شمال سوريا، عقب غارات جوية إسرائيلية مكثفة استهدفت هذه المواقع وأدت إلى وقوع أضرار بشرية ومادية كبيرة في صفوف ميليشيا الحرس الثوري الإيراني. 

ولفت نشطاء سوريون إلى أن الأرتال العسكرية الإيرانية وميليشياتها التي انسحبت خلال اليومين الماضيين، من مواقع ومناطق سورية متفرقة، اتخذت مؤخراً من محافظة دير الزور ومنطقة البوكمال القريبة من الحدود العراقية والخاضعة لسيطرة النظام في أقصى شرقي سوريا، مركزاً جديداً لتجميع قواتها، لا سيما أن محافظة دير الزور تعتبر من المدن التي تخضع للنفوذ الإيراني بشكل واسع. 

يجيب عن هذا السؤال العقيد المنشق عن قوات النظام مصطفى بكور، القيادي في الجيش السوري الحر قائلاً: “لا شك في أن هنالك رغبة روسية في تقليص النفوذ الإيراني بسوريا، وتأتي هذه الرغبة انطلاقاً من اعتبارات عدة، أهمها:

1- الاتفاق الروسي الأمريكي الإسرائيلي على إخراج الميليشيات الإيرانية من سوريا والذي ينص على أن تساهم كل الدول الفاعلة بالملف السوري في إخراج الميليشيات الإيرانية.

2- الرغبة الدولية في قطع الطريق الواصل ما بين طهران وبيروت عبر العراق وسوريا والذي يستخدم لتمويل نشاطات حزب الله الإرهابي التي تزعزع الأمن والاستقرار في المنطقة .

3- الرغبة الروسية في الاستفراد بالملف السوري بعيداً عن إيران، حيث تتقاطع مصالحها مع مصالح الأمريكان والأتراك والإسرائيليين أكثر من مصالحها مع الإيرانيين.

4- أن وجود الإيرانيين بقوة في سوريا وولاء الأسد القوي لإيران على أسس دينية عقائدية يجعلان الايرانيين قادرين على إزعاج روسيا عندما يرغبون؛ ومن ثم فإن المصلحة الروسية تقتضي أن يكون النفوذ الإيراني في سوريا ضعيفاً.

5- أن الوجود الإيراني بسوريا، خاصة في الساحل بالقرب من قاعدة حميميم الجوية وقاعدة طرطوس البحرية، ورغبة الإيرانيين الدائمة في زعزعة استقرار سوريا، لا يتوافقان مع رغبة روسيا في البقاء بالساحل السوري، وفقاً للاتفاق الموقَّع مع النظام منذ عام 2014.

كثير من العوامل الإقليمية والدولية تؤكد أن من المنطقي اعتقاد أن الروس يشاركون بفاعلية في عملية تقليص النفوذ الإيراني بسوريا.

بدوره قال عمر حاج محمد وهو ناشط سوري، إن أكثر من 320 غارة جوية إسرائيلية استهدفت مواقع عسكرية تابعة للنظام وأخرى إيرانية داخل سوريا منذ عام 2013.

وأكد أن سلسلة الغارات الجوية الإسرائيلية بدأت بشكل محدود مع مطلع العام 2013، مستهدفةً مواقع عسكرية تابعة للنظام وأخرى تابعة لميليشيات الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني داخل سوريا.

وتركزت حينها على المواقع العسكرية القريبة من مناطق الجولان السوري المحتل من قِبل إسرائيل، حيث استهدفت حينها أسلحة إيرانية مرسلة إلى “حزب الله” اللبناني، بالقرب من مركز البحوث العلمية في جمرايا بريف دمشق، أعقبتها غارة جوية إسرائيلية استهدفت مرابض صواريخ متطورة مضادة للسفن في محافظة اللاذقية.

وفي 23 يوليو/تموز 2014، شنت مقاتلات إسرائيلية سلسلة من الغارات الجوية على مواقع عسكرية في الجزء السوري من هضبة الجولان المحتل، رداً على استهداف سيارة إسرائيلية على خط وقف إطلاق النار في المنطقة من قِبل ميليشيات حزب الله اللبناني، وكان الهدف تقليص دور حزب الله ونفوذه داخل الأراضي السورية بموازاة النفوذ الإيراني.

وحسب الحاج ففي الأعوام الأخيرة صعَّدت إسرائيل من غاراتها الجوية، مستهدفةً عدداً كبيراً من المواقع العسكرية الخاضعة لسيطرة الحرس الثوري الإيراني عقب توسع نفوذه داخل سوريا.

تركزت الغارات على مطار المزة وأبنية بالقرب من مطار دمشق الدولي ومراكز الأبحاث العسكرية بالقرب من العاصمة دمشق والكسوة والحجيرة، ومواقع عسكرية أخرى في منطقة درعا جنوب سوريا، ومطار التيفور شرق حمص ومطار النيرب في حلب ومطار حماة العسكري وسط سوريا، والتي يتخذ منها الحرس الثوري الإيراني قواعد عسكرية وغرف عمليات لإدارة المعارك ضد فصائل المعارضة المسلحة.

حيث يرى الإسرائيليون تنامي القدرات الإيرانية ونفوذ ميليشياتها داخل سوريا تهديداً مياشراً لأمن إسرائيل؛ وهو الأمر الذي دفعها إلى التنسيق مع الجانب الروسي الذي يساند النظام عسكرياً ضد المعارضة وتصعيد الغارات الجوية واستهداف المواقع العسكرية الإيرانية داخل الأراضي السوري؛ لإجبارها على الانسحاب من سوريا.

عام 2020 اتخذت إسرائيل على عاتقها إجبار إيران على الانسحاب من الأراضي السورية عسكرياً بالتوافق مع أمريكا وروسيا على ذلك، وبدء استهداف مراكز القوى الحساسة والقواعد العسكرية التابعة لإيران داخل سوريا.

وهو الأمر الذي بدا واضحاً أنه لم يبقِ أمام إيران سوى الانسحاب من سوريا والذي يعتبر بالنسبة لها خياراً أخيراً بديلاً عن المواجهة، لا سيما أنها تعاني شبه عزلة دولية، فضلاً عن العقوبات الأمريكية المفروضة عليها، وجائحة فيروس كورونا التي أرهقتها وفرضت عليها خيارات قاسية، أبرزها الانسحاب عسكرياً من سوريا. 

يقول الناشط الحقوقي والميداني كمال الحسين: “إنه على الرغم من الضغوط الدولية التي تمارَس على إيران لإخراجها من سوريا، وتسخير دول المنطقة عدداً من الأدوات والعناصر لهذه المهمة، إلى جانب كثافة الغارات الجوية الإسرائيلية على المواقع الإيرانية داخل الأراضي السورية، فإن إيران تعتمد على أسلوب المراوغة والتحايل، ولن تقبل ضمنياً بعنصر الانسحاب، وستعمل على بناء قوات عسكرية بثوب مدني وعقائدي من بعض القوى الموالية لها داخل الأراضي السورية وأخرى ضمن صفوف قوات النظام”. 

وعلى الرغم من نشاط “علي مملوك”، وهو قيادي سابق في المخابرات السورية ويحظى ببعض الدعم الدولي والعربي، وجهوده لإنهاء الوجود الإيراني داخل الأراضي السورية إلى جانب تقويض نشاطها العسكري، من خلال فك ارتباطها بعدد كبير من الميليشيات السورية الموالية لها وإلحاقها بصفوف الفرقة 25 بقيادة العقيد سهيل الحسن المدعوم من روسيا- فإن الميليشيات الإيرانية لاتزال تحاول إبراز نفسها كعنصر أساسي وفاعل في ميدان الحرب ضد فصائل المعارضة، وتحديداً في منطقة إدلب التي مازال عدد كبير من عناصرها بأكثر من موقع عسكري على تخوم إدلب. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى