منوعات

“وادي الذئاب”.. كيف استفز المسلسل التركي دار الإفتاء المصرية قبل تحريمها مشاهدته بسنوات؟

مؤخراً أصدر المؤشر العالمي للفتوى
التابع لدار الإفتاء المصرية، تحذيراً من مشاهدة مسلسلي “وادي الذئاب” و
“قيامة أرطغرل” التركيَّين، واعتبرهما من الأعمال التي تروج للسياسة
التركية في العالم، خاصةً الشرق الأوسط والبلدان العربية.

ماذا حقق مسلسل وادي الذئاب على
المستوى السياسي والشعبي على مدار سنوات؟!

مسلسل وادي الذئاب عمل درامي تركي
ضخم، من إنتاج شركة “بانا فيلم” المملوكة للممثل التركي الشهير محمد
نجاتي ششماز، الذي قام بدور البطل في مسلسل وادي الذئاب الشهير والمثير للجدل على
مدار سنوات طويلة.

بداية إنتاج المسلسل تمت في العام
2003، حيث عكف على كتابة السيناريو الكاتب راجي ششماز وهو شقيق البطل نجاتي ششماز.

راجي ششماز هو أحد أفضل كُتاب
السيناريو في تركيا وهو الذي يكتب سيناريو العمل الدرامي الشهير “قطّاع الطرق
لن يحكموا العالم” الذي حاز عدداً من الجوائز كأفضل سيناريو وأفضل ممثلين،
عام 2016.

حاز شهرةً كاسحة بين الشباب العربي
بداية من عام 2009، حين بدأت بعض القنوات الخليجية دبلجة ونشر المسلسل، حيث مثَّل
المسلسل أجواء بطولية ملحمية لمجموعة من العملاء السريين الذين يعملون لحساب أجهزة
استخباراتية كمنظمةِ ظلٍّ أمنية مسلحة، في الدولة التركية، لتفكيك شبكات المافيا
والدولة العميقة التي تضرب في جذور الدولة بعد سنوات من الانقلابات العسكرية
والتدخلات الدولية في سياسات الدولة التركية، ومحاولة توجيهها والسيطرة عليها.

اعتمد راجي ششماز في سيناريو مسلسل
وادي الذئاب على شخصيات حقيقية من المجتمع التركي، بحكايات حدثت بالفعل في تركيا
في فترات زمنية مختلفة، حيث إن أغلب شخصيات العمل كانت بالفعل لها وجود ضمن تنفيذ
عمليات أمنية لحساب أجهزة استخباراتية بالدولة وداخل عائلات المافيا في تركيا،
وذلك مع تغييرات درامية وإضافات غيَّرت من ملامح الشخصيات الحقيقية التي بُني على
أساسها العمل.

المسلسل أثار جدلاً في عام 2010؛ على
أثر أزمة دبلوماسية بين تركيا وإسرائيل، بعد انتشار مقطع من الموسم الرابع للعمل
يُظهر اقتحام البطل للسفارة الإسرائيلية لدى تركيا وقتل من فيها بعد قيامهم بخطف
طفل أحد شخصيات العمل المقربين من البطل مراد علم دار.

وتخلل الحوارَ في أثناء الأحداث
بالسفارة حديث قوي عن عدم اكتفاء الإسرائيليين من الجرائم بحق الأطفال في فلسطين
والتجرُّؤ على جرائم بحق الأطفال الأتراك، في إشارة إلى اختطاف نجل صديق البطل.

ومن ثم، تم إنتاج فيلم منفصل عن
المسلسل باسم “وادي الذئاب فلسطين” في عام 2010، وتم إطلاقه في الثامن
والعشرين من يناير/كانون الثاني 2011، بتكلفة إنتاجية وصلت إلى 10 ملايين دولار.

في حين حقق الفيلم انتشاراً واسعاً
بالأوساط العربية، حيث تطرق إلى أحداث السفينة التركية “مرمرة” التي
كانت في طريقها لكسر الحصار على قطاع غزة، وهاجمها الإسرائيليون.

العمل الذي دخل ملايين البيوت
العربية بموسيقاه الشهيرة وأبطاله المعروفين، تمت إدارة حبكته على مدار عشرة مواسم
احترافية، بُنيت على شخصيات حقيقية أثرت بشكل أو بآخر، في أحداث دارت بالدولة
التركية، وتناولت إسقاطات شديدة الحساسية من الناحيتين السياسية والاجتماعية تخص
الداخل التركي، فضلاً عن تمكُّن السيناريو من تمرير كثير من وجهات النظر التركية
إلى المتابعين كافة، سواء أكانوا عرباً أم كانوا من جنسيات أخرى، في كثير من
القضايا كالقضيتين الكردية والعربية، وحتى ما يخص القوقاز، من خلال العمل بشكل
متقن وبأحداث وافية درامية تُحدث فارقاً في المتابعة والفهم لهذه الأحداث على أرض
الواقع بعيداً عن الدراما، فكان المسلسل وجبة درامية مُشبِعة بالأكشن والسرد
والمعالجة السياسية والاجتماعية لكثير من القضايا التركية-التركية والتركية
الخارجية والتي روَّجت ورسخت اتجاهات السياسة التركية بشكل كبير، من خلال حبكة
المسلسل ومواسمه المختلفة؛ وهو الأمر الذي يدفعنا إلى فهم دوافع دار الإفتاء
المصرية إلى إصدار تحذير خاص من المسلسل ومن انتشاره.

إلا أنني أرى أن القرار جاء في قطار
متأخر للغاية، حيث إن العمل الدرامي “وادي الذئاب” حقق نسب مشاهدة تفوق
أى عمل درامي مصري تم إنتاجه في الوطن العربي كافة، وبالفعل نجح المسلسل في كسب
قلوب كثيرين، وفتح عقول متابعين كثر على السياسة التركية في المنطقة وتعاملها مع
القضايا المختلفة، فكان المسلسل يمثل دبلوماسية ناعمة ويداً طولى لتركيا لبسط
فكرها السياسي وقضاياها الاجتماعية المتشابكة التي كانت غامضة على كثيرين عبر
المسلسل.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى