منوعات

24 ترشيحاً للأوسكار من نتفلكس .. هل تدمر الشبكة صناعة السينما في العالم الآن؟

 . «The Two Popes» (الباباوان) 

. «The Irishman» (الأيرلندي) 

. «Marriage Story» (قصة زواج)

بل وحصل الأخيران على ترشيح لجائزة أفضل فيلم أيضاً.

شهدت الأعوام الأخيرة صعود وهبوط واندماج الكثير من شركات الإنتاج السينمائية، وتغير خريطة السينما، الأمريكية على الأقل، ديزني أصبحت غولاً يبتلع الكثير من الاستوديوهات داخله، وليس الصغيرة فقط بل الكبيرة أيضاً مثل شركة فوكس، وبالتالي أصبحت أعلى شركة تحقق إيرادات في 2019، بينما نتفلكس الملومة دائماً على أنها تسحب المشاهد من قاعات السينما إلى التلفزيون، أصبحت هي التي تقدم أفلاماً ذات مستوى فني عالٍ.

بالنظر إلى السنوات الأخيرة، هل فعلاً انسحب المشاهد إلى شاشات التلفزيون، وهل يجب أن نشجع أفلام ديزني ذات التوجه الترفيهي البحت لأنها تنتج أفلامها للسينما، أم نتفليكس التي تنتج أفلامها للعرض على منصتها الإلكترونية لأنها تنتج أفلاماً أكثر فنية؟

هذا ما سنحاول طرحه في السطور التالية.

نتفلكس تحلم بالأوسكار

رغم الضجة الكبيرة التي أحدثتها منصة نتفلكس في السنوات الأخيرة، فإنها في الحقيقة لم تبدأ في دخول ملعب تقديم أعمال أصلية، أي تعرض مباشرة وحصرياً عبر منصتها، إلا عام 2013 مع مسلسل «House of Cards» (بيت من ورق)، ومنذ ذلك الحين لم تتوقف عن تقديم عدد ضخم من المسلسلات في كل عام، لكن دخولها في مجال الأفلام الروائية الطويلة كان لاحقاً، إذ كانت البداية مع «Beasts of no Nation» (وحوش بلا أُمة) في عام 2015، ليصبح أول فيلم يحمل علامة Netflix Original التي تعني أن الفيلم يوزع بشكل حصري عبر المنصة، مع عروض تجارية محدودة في بعض الحالات، خاصة في الأفلام التي ترغب نتفلكس في ترشيحها للأوسكار، إذ إن الشروط تقتضي أن يكون الفيلم المرشح معروضاً تجارياً لمدة محددة وفي صالات محددة.

لكن نتفلكس انتظرت أطول من هذا لتظهر أفلامها الروائية في الأوسكار، إذ كان أول ظهور لها مع فيلم «Mudbound» (مَدباوند) في عام 2018، والذي ترشح لأربع جوائز لم ينل منها شيئاً، بينما أخذت الأصوات التي تهاجم نتفليكس تعلو، وتتهمها بأنها تضر السينما، إذ لا تسمح لأفلامها إلا بعروض محدودة في قاعات العرض، وتصاعد الأمر بعد رفض مهرجان «كان» لأفلام نتفلكس في المسابقة الرسمية، لأنها لن تسمح بالعروض التجارية للأفلام في فرنسا.

لكن جاء عام 2019 بتكليل كبير للمحاولات المتكررة للمنصة الإلكترونية. وزّعت نتفلكس أحد أبرز أفلام ذلك العام وهو «Roma» (روما) لألفونسو كوارون، الذي حصل على الأسد الذهبي من مهرجان فينيسيا، واحدة من أرفع الجوائز في العالم، ليصبح هذا هو أول تتويج بارز لنتفلكس، لكن الأمر لم يقف عند هذا الحد، إذ حصلت على 15 ترشيحاً للأوسكار في العام نفسه، 10 منها ذهبت إلى «روما» وحده وحصل على ثلاثٍ منها بالفعل، لكن الأهم من عدد هذه الترشيحات والجوائز، هو وجود نتفلكس للمرة الأولى في فئة أفضل فيلم.

ستة أعوام من الأفلام والصراعات حتى تصل نتفلكس لصدارة المشهد في 2020، وتقترب خطوة أخرى من حلم الحصول على جائزة أفضل فيلم في الأوسكار، وإن كانت المنافسة شرسة هذا العام. ستة أعوام والكثير من الأفلام لكن السؤال الأهم، هل أضرت نتفلكس بالفعل بدور العرض في سبيلها لتحقيق نجاحها؟

هل أثرت نتفلكس على دور العرض؟

رغم الكثير من الآراء التي رجحت تراجع دور العرض التقليدية أمام انتشار المنصات الإلكترونية، وعلى رأسها نتفلكس بالتأكيد، فإن الدراسات والأرقام تقول غير ذلك.

إذا نظرنا إلى الإيرادات، سنجد أنها تسير بشكل مستقر تقريباً حول العالم طبقاً للأرقام التي يوفرها موقع Box Office Mojo، فمجموع الأفلام العشرة الأولى في 2019 يتجاوز 13 مليار دولار، بينما في 2018 تجاوز المجموع 11 ملياراً. 

لنقترب أكثر من أرقام الولايات المتحدة، علماً بأنها تضم أكبر عدد من مشتركي نتفلكس، وفي الوقت نفسه هي واحدة من أكبر الأسواق السينمائية حول العالم. منذ العام 2015، تتجاوز الإيرادات في السوق الأمريكية 11 ملياراً، بينما نسبة الصعود والهبوط في فارق الإيرادات بين السنة والأخرى ضئيلة جداً، وكان التراجع الأكبر بين إيرادات عامي 2019 و2018، إذ تراجعت الإيرادات حوالي 5٪ فقط.على صعيد آخر، كان لانتشار نتفلكس تأثير إيجابي على سلاسل دور العرض الكبرى في أمريكا إذ قررت إيجاد حلول للتماشي مع التكنولوجيا وفكرة الاشتراك الشهري التي تتيحها نتفلكس، بأن طورت تطبيقاتها الخاصة وقدمت باقات شهرية بأسعار مخفضة تتيح للمشتركين مشاهدة عدد أكبر من الأفلام في دور العرض، وقد فاقت الاشتراكات في بعض دور العرض أكثر الأرقام المتوقعة تفاؤلاً.

وفي دراسة طريفة، وجد الباحثون أن من يقضون ساعات أكبر على منصات المشاهدة هم الأكثر ذهاباً إلى السينما والعكس صحيح، وفي المقابل فإن من لم يذهبوا إلى السينما لمدة عام، نصفهم تقريباً غير مشترك في أي من خدمات بث.

مما سبق يتضح أن التخوف الزائد من المنصات الإلكترونية، ليس له أرضية حقيقية، بل إنما يشبه التخوف الذي أصاب صناع الأفلام عندما ظهر التلفزيون، وهو الأمر الذي تجاوزته السينما بثبات. لكن النظر إلى هذه الدراسات وإلى ترشيحات الأوسكار، يحيلنا إلى أمر أخير، وهو إذا كانت دور العرض لم تتأثر بالفعل بأفلام نتفلكس، فهل قدمت نتفلكس شيئاً جيداً تُشكر عليه؟

هل أثرت نتفلكس على السينما؟

منذ فترة قريبة، أطلق المخرج الكبير مارتن سكورسيزي تصريحاً ينتقد فيه سلباً أفلام مارفل، وهو التصريح الذي قوبل بهجوم كبير، ليلحقه سكورسيزي بمقال يوضح فيه وجهة نظره بالتفصيل، ذكر خلاله أن أزمته ليست مع هذه الأفلام في حد ذاتها بل في أن الاستوديوهات الكبيرة أصبحت تخشى المخاطرة بإنتاج أفلام فنية غير مضمونة الإيرادات، وتحولت إلى صناعة أفلام الأبطال الخارقين والسلاسل التي ستجلب لهم ربحاً مضموناً. كلام سكورسيزي ليس بعيداً عن الواقع، إذ إن المراكز العشرة الأولى في قائمة أعلى الإيرادات لعام 2019 تحتلها جميعاً أفلام سلاسل أو أبطال خارقين أو إعادة إنتاج حية لأفلام ديزني، بينما أصبح مخرج بحجم سكورسيزي، وهو من المخرجين الذين لهم جماهيرية طيبة، ينتظر عدة سنوات ليجد من يتحمس لإنتاج أحد مشروعاته، وهو ما حدث بالفعل مع أحدث أفلامه «الأيرلندي» إلى أن تصدت نتفلكس لإنتاجه.

الأمر نفسه تكرر مع المخرج والسيناريست تشارلي كوفمان، الذي قدم آخر أفلامه عام 2015، وما زلنا ننتظر عرض فيلمه القادم في العام الحالي والذي أيضاً سيكون تابعاً لنتفلكس. في الحقيقة إن ما تفعله نتفلكس حالياً هو في مصلحة السينما أكثر مما يضرها، وبالتأكيد هي لا تفعل هذا فقط حباً في الفن والسينما فهي -كأي شركة- تسعى لتحقيق أرباح، لكنها لم تنسَ في طريقها إلى ذلك أن تقدم عدة أفلام ذات مستوى فني رفيع منها أعمال لمخرجين مهمين ظلوا كثيراً يبحثون عن تمويل لأفلامهم.

نعود مرة أخرى إلى مقال سكورسيزي، الذي أشار إلى أنه بالتأكيد أراد عرض فيلمه الأحدث لمدة أطول على شاشة السينما، فنتفلكس عرضته فقط لمدة 3 أسابيع، لكن في النهاية كان هذا هو الخيار المتاح ليخرج الفيلم إلى النور.

قد يبدو ما تفعله نتفلكس نظرياً مضراً بالسينما، لكنه من جهة أخرى تمثل مخرجاً جيداً للعديد من المشاريع المهمة حالياً، لهذا سيبقى هذا الجدل قائماً دون إجابة نهائية، هل الأفضل أن تبتعد نتفلكس عن إنتاج الأفلام أم تبقى؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى