كتاب وادباء

الحلم الذى أصبح كابوسا

 

  • الحلم الذى أصبح كابوسا

    ………بقلم الكاتب

    حاتم غريب

    حاتم غريب

    —————————

    من منا لم يكن له يوما ما حلما نما داخله شيئا فشيئا حتى كبر معه فهذا اراد ان يكون طبيبا وهذا اراد ان يكون مهندسا او محاميا او قاضيا او عالما وهذا تمنى ان يكون غنيا يمتلك قصرا وسيارات ويتزوج اجمل النساء وان يكون له ذرية كبيرة من البنين والبنات..كلها بلا شك كانت احلام فاحيانا يخفى القدر شيئا اخر لانعلمه لكنه فى النهاية مكتوب لنا ونحن اجنة فى بطون امهاتنا وماعلينا حين ذلك الا التسليم بالقدر…لكن الاهم من كل ذلك اننا فى مرحلة الادراك والوعى عرفنا ان هناك شىء اسمه الوطن وهو الارض التى نعيش عليها ونستظل تحت سمائها ونأكل من خيراتها وله حق علينا ان نحميه وننهض به لان فى نهضتة ورقيه نهوضا ورقيا لنا كذلك وليس الوطن كما يظن الكثيرين منا هو الارض وماتنبت والسماء وماتمطر ومانحصد ونبنى بيوتا وصوامع فقط فتلك كلها امور مادية محسوسة لكن هناك امور معنوية وادبية لابد من توافرها حتى تكتمل صورة الوطن كما ينبغى له ان يكون اذ مافائدة وجود تلك الماديات دون المعنويات والتى تبدو واضحة فى حرية الانسان وكرامته والمساواة والعدل تلك هى الاعمدة الاساسية التى يقام عليها بنيان الوطن وبدونها يتصدع وينهار .

    وماحدث لمصر وعلى التاريخ ان يكون شاهدا على ذلك انها لم تقم تلك الاعمدة يوما قبل ان تشرع فى البناء فقد عاش المصريون مراحل طويلة فى حياتهم وهم يعانون اشد معاناة من التهميش والتجهيل والظلم الاجتماعى ومصادرة حرية الفكر والراى والقهر والافتقار الى ابسط المعايير الانسانية ولم يكن كل ذلك من الاستعمار الخارجى فحسب بل ان الاستعمار الداخلى كان اشد منه قسوة وعنفا ولم يدرك هؤلاء المستعمرون الذين هم منا وليسوا غرباء عنا ان الاغتيال النفسى والمعنوى للانسان المصرى انما هو اغتيال للوطن بكامله وبمقدراته وماضيه وحاضره ومستقبله وانه لن يقام وطنا مالم يقام الانسان الذى يسكنه اولا فالانسان بعقله وفكره وخلقه ومبادئه وعلمه هو من يصنع الاوطان وليس العكس فالوطن ينهار عندما ينهار ابناءه.

    ورغم الظلام الذى عاش فيه المصرى طويلا الا انه لاحت فى الافق انوار ظننا انها سوف تدوم طويلا عندما هبت نسائم الحرية والتخلص من القيود التى لفت حول اعناقنا وايدينا وارجلنا وبدأنا نخطو نحو تحقيق هذا الحلم الذى عشنا وعانينا من اجله كثيرا حتى نصل اليه يوما فاذا بنا نصحو على كابوس مفزع ابتلع هذا الحلم الجميل فى ان يكون لنا وطن بالشكل الذى يجب ان تكون عليه الاوطان ….وطنا نصنعه بانفسنا لانفسنا لايفرضه علينا احد ومازال لدينا املا كبيرا فى ان الله سوف يزيح عنا هذا الكابوس ان اجلا او عاجلا وحتى هذا اليوم يجب علينا ان نعد انفسنا له جيدا وان نتقرب الى الله اكثر واكثر ففى القرب منه النجاة والفلاح وكشف الغمة باذنه تعالى

    ………/حاتم غريب

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى