كتاب وادباء

القصص القرآني وواقعنا المعاصر (2) – غزوة الأحزاب وحرب غزة (الجزء الأول)

القصص القرآني وواقعنا المعاصر ” الجزء الثانى “

بقلم الأستاذ الكاتب

جمال محمد k

دكتور جمال محمد
==================

كما أسلفنا الأسبوع الماضي , أن القصص يمثل ركيزة هامة من ثلاث ركائز يقوم عليها الدين ألا و هي التوحيد والتشريع والقصص , و أن عدم التدبر الكافي في القصص وفهمها الفهم الكامل واسقاطها علي الواقع مع أخذ العبر منها , يجعل قارئيها من الغافلين و ممن قالوا أساطير الأولين . و للقصص القرآني مقاصد وفوائد كثيرة ويحضرني هنا الامام العلامة ابن القيم الذي أورد في فوائد سورة يوسف ( ألف فائدة ) , لنري كيف كان السلف يقرأون القصص بتدبر وفهم كاملين.

ولننظر سويا الي هذه الآية الكريمة آخر سورة يوسف ……..” لقد كان في قصصهم عبرة لأولي الألباب , ما كان حديثا يفتري و لكن تصديق الذي بين يديه و تفصيل كل شئ و هدي و رحمة لقوم يؤمنون .” , فلخصت لآية الكريمة مقاصد القصص القرآني في عدة نقاط :
1 _ أنها عبرة لأولي الألباب ……..فاختص الله تعالي أولي الألباب , الذين يتفكرون جيدا و يعملون العقل ,فقط , بأخذ العبرة , مصداقا للآية الكريمة ….” و تلك الأمثال نضربها للناس و ما يعقلها الا العالمون .” فماذا عن معني العبرة؟
الي جانب أخذ المثل والقدوة من القصص فللعبرة معني أشمل وأعم و هو من أهم مقاصد القصص القرآني
العبرة…..من العبور : فهي تعبر بالانسان من حالة ايمانية , الي حالة ايمانية أرقي و أعلي بعد أن توقر في القلب , و تجعل الانسان بالتالي علي ثقة ويقين من موعود الله عز و جل مهما كانت الظروف و مهما كانت المعاناة, و تنعكس علي يقين الانسان وقناعاته وبالتالي تصرفاته و توجهاته , فتستقر في القلب ليصدقه العمل .

2 _ القصص ليس افتراء و لا مجرد أحاديث مرسلة , ولكنه أحسن القصص و أصدقها علي الاطلاق ولها أهميتها القصوي , و لابد لها من فائدة غاية في الأهمية , وان لم يكن في زمن من الأزمنة….ففي الزمن الذي يليه., ليظل الطريق مضيئا ممهدا لمن التمس هدي الله ..

3 _ تصديق قصص الأمم السابقة , وتكرارها وكما قال أساتذة التاريخ , أن للتاريخ دورات تتكرر, و القصص القرآني يلخص تلك الدورات من علو وسقوط للأمم , وبالطبع مع ذكر أسباب ذلك ( كقصة حضارة سبأ ) علي سبيل المثال لا الحصر, مع التأكيد علي أسباب العلو و السقوط .

4 _ تفصيل كل شئ , فلن تخرج عن تلك القصص حالات الأفراد والأمم , منذ خلق الله السموات و الأرض الي أن يرث الله الأرض ومن عليها , و قد أفرد المفسرون حالات النفس البشرية في بضع و أربعين حالة يتقلب فيها الانسان في كل حالاته , منذ ولادته الي مماته .

5 _ هدي و رحمة للمؤمنين فقط , ففيها هدي الطريق والتثبيت والرحمة , فمع اليقين الصادق بالله يتضح الطريق , ويتضح اللبس في الأمور , وتنقشع الحيرة بل ويصبح الطريق ممهدا للتفكير الصائب في اتجاه واحد , علي هدي من الله .
كلمة واحدة أضيفها هنا , أن الفهم الواعي للقصص مع التعقل والتدبر الكافيين , ينير لنا طريقا يقينا شر فتن كقطع الليل المظلم طالما حدثنا عنه الصادق المصدوق عليه الصلاة والسلام , وانظروا الي ما نحن فيه الآن .

غزوة الأحزاب وحرب غزة:
===============

كما اجتمعت جزيرة العرب علي المسلمين في المدينة المنورة , اجتمع العالم أجمع علي أهل غزة محاصرين له ولو كان الهواء بأيديهم لمنعوه عنها , لا لشئ الا لعلمهم بصدق ايمان هؤلاء وعقيدتهم التي مكنتهم من الوقوف في وجه العالم أجمع , بعد أن اتخذوا ” النهج القرآني ” من عقيدة سليمة الي تنفيذ أوامر الله , مع اعداد العدة قدر استطاعتهم ( ولم يطالبهم الله بغير ذلك ) ,غير آبهين بمن خالفهم . وانظروا معي الآيات وكأنها تتحدث عن واقعهم سبحان الله ………..” اذ جاءوكم من فوقكم و من أسفل منكم و اذ زاغت الأبصار و بلغت القلوب الحناجر و تظنون بالله الظنونا . هنالك ابتلي المؤمنون و زلزلوا زلزالا شديدا . واذ يقول المنافقون و الذين في قلوبهم مرض ما وعدنا الله و رسوله الا غرورا .”
هذا حال المجاهدين الموحدين في غزة الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه , مع عقيدة سليمة قوية , وتنفيذ أوامر الله من اعداد العدة علي قدر استطاعتهم مصدقين ومستيقنين بآيات الله عز و جل ” لن يضروكم الا أذي , و ان يقاتلوكم يولوكم الأدبار ثم لا ينصرون .”
تابعتم معي كيف أن أغلب القساميين ان لم يكن كلهم حافظين لكتاب الله , دارسين له و علي عدة قراءات , صدقوا ربهم فصدقهم ولم يأبهوا بمن خالفهم من الداخل كفتح أو الصديق أو العالم أجمع , فماذا ضرهم اليهود؟؟ الا أذي , من مات نحتسبه شهيدا عند الله , فاما نصر أو شهادة.
وقر اليقين والايمان الصادق في القلوب , مع أخذ العبرة من القصص القرآني فكان سلاحهم الماضي في وجه العالم أجمع , فخرجوا منتصرين .. ” و ما النصر الا من عند الله العزيز الحكيم “
هؤلاء قوم كانوا علي يقين من موعود الله , فأصبحوا و كأن الآيات نزلت فيهم …” الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم فزادهم ايمانا و قالوا حسبنا الله و نعم الوكيل . فانقلبوا بنعمة من الله وفضل لم يمسسهم سوء و اتبعوا رضوان الله , و الله ذو فضل عظيم . انما ذلكم الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم و خافون ان كنتم مؤمنين .”
من خاف اليهود أو أيدهم فقد أخذ جانبا أوضحته الآيات الكريمات , نعوذ بوجه الله الكريم أن نكون منهم.
وللحديث بقية الأسبوع القادم ان شاء الله وقدر تكملة لهذا الموضوع.

فستذكرون ما أقول لكم و أفوض أمري الي الله , ان الله بصير بالعباد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى