دنيا ودينكتاب وادباء
القصص القرآني وواقعنا المعاصر (4) – من” بدر الي القدس عبر غزة (رسالة ربانية)

بقلم الكاتب الكبير
دكتور جمال محمد
إستكمالا تفصيليا لمقال الأسبوع الماضي و ما قبله , حرب غزة و غزوة الخندق , نتابع كيف بدأ إرساء قواعد تلكم الرسالة ( العروة الوثقي , حبل الله , ” و اعتصموا بحبل الله جميعا و لا تفرقوا .”) , من خلال ” معايشتنا ” , و لا أقول قراءتنا , لثلاث سنوات عجاف شداد مروا علي رسولنا الكريم عليه الصلاة و السلام , والصحابة الكرام , عاشوها محاصرين في شعب أبي طالب , بمكة , وما الحكمة الإلهية و الدروس التي فازوا بفهمها بل و النجاح فيها , فشاءت ارادة الله أن يحدث ما حدث , ويفك الحصار الظالم , الذي كانت إرادة الله قادرة أن تنهيه في لحظة , ” انا كل شئ خلقناه بقدر ” , بل ويتعدي الأمر ذلك الي التفكير في ذلكم الحصار الظالم لغزة الي الآن , و ما كنهه , و الحكمة فيه , و كيف وقفوا ضد العالم ( أجمع ) لا يضرهم من خذلهم , نقيم ببعض التجرد الي الله مطلوب
, *** و حتي يتأتي ذلك بطريق سليم , أنوه بجملة هامة ذكرتها آنفا في مقالي السابق , تحتها خط أحمر ..( لا يجب علينا فقط قراءة القصص ,…….. بل نعيش القصص , وكأننا داخله ) , فهيا بنا نعيش سويا داخل شعب أبي طالب و لكن ….بتجرد .
دخلوا الشعب , ومعهم الرسول عليه الصلاة والسلام , بلا مال إلا القليل , و لا زاد إلا اليسير , وتنبهوا ( لم يتوقع أحد منهم متي سينتهي الأمر و هذا مهم , فالاعداد النفسي لم يكن مهيئا لمدة قد تطول ) و هنا بدأ الإعداد النفسي الذي أذاب كل صعاب مادية من أمور نحاول معايشتها . الجوع بدأ .. و طال , من يتناول طعام لم يكن يدري متي موعد أي طعام آخر , بل و كيف , بل و من أين ( بداية بناء الحبل الموصول مع الله , و الله فقط ) , . الأمن مهدد دائما فلا سلاح و لا وسيلة دفاع ..إلا ( التمسك بالحبل , تزيد قوته شيئا فشيئا ) , تقرحت الأفواه و تشدقت من أكل ورق الأشجار , لكن لم يؤثر ذلك علي دوام ذكر الله , ويكون لهم زادا ,و إلا بالله عليكم ..كيف كانوا بمضون الأوقات ؟؟ .. إلا من تسبيح وتهليل يكون لهم زادا جسديا و إيمانيا , قوت بسيط فقط يعينهم جسديا علي الاستمرار في الحياة . تحضر الصلاة , فهل كانوا يصلون علي عجل كما نصلي الآن منشغلين بشئ ما , أم كيف كان خشوعهم ؟؟..بعد الإنتهاء من الصلاة ..كيف كانت أوقاتهم ؟؟ ..كيف لم يؤثر بكاء طفل جائع لا يكفيه حليب أمه علي قلبها الرقيق , شمس حارقة تظلهم ( لا خيام مجهزة ) , ثياب لا تقيهم برد في شتاء , وقد تفسخت خفوفهم …. إستطراد أظنه غير مطلوب بعد ذلك فقد وضحت الفكرة و القصد , إلا أهم شئ , أكثر من ألف يوم عاشوها علي ذلك , ألف يوم , يوم بيوم ( لم يكونوا يعرفون أنها ستكون كذلك , و لا أظنه شغل بالهم ) , ألف يوم عاشوها ساعة بساعة , بل دقيقة بدقيقة , بل ثانية بثانية , ينتظرون المدد الإلهي , و الإلهي فقط , فقد وقر اليقين بالله وقرا , و لو فكروا في الأمر في الثانية التي تليها , لإنقطع الحبل مع الله و العروة الوثقي , ولكن .. لا لم يحدث , فقد بدأ الحبل يشتد عوده , و يقوي إيذانا بقرب الفرج , بكيفية لم يفكروا فيها , بل لم يكونوا يتخيلوها , بأرضة تأكل ورقة ظالمة علي حائط الكعبة , بعد أن ثبتهم الله من فوق سبع سموات, و لم يكن التثبيت ليأتي الا بعد أن استقر بناء الحبل الموصول , خلال أكثر من ألف يوم ( لا أقول ثلاث سنوات , فقد كان الإختبار يوما بيوم ) , ليؤتي ثماره لتبدأ بعدها أحداث الهجرة , بعد أن دربهم ربهم في مدرسة و معسكر الإيمان الرباني , ليكونوا أهلا لحمل رسالة , من ربهم الحكيم ( الذي يقدر الشئ و يضعه في موضعه ) الي العالم أجمع , دوام التمسك بحبل الله ( موصولا ) , و ماذا يحدث لو انقطع الحبل مرة , أو حتي اهتز , دروسا ترسي أسس التفاعل مع كل ما يحيط بالأمة الاسلامية بعدها من مشاكل و مخاطر و مكائد نفسية , أو معنوية و مادية , بل وتكشف خطر التخلي عن الحبل الموصول ولو …لحظة .
حتي يتبين الأمر جليا , نبسطه سهلا بإذن الله , من خلال تطبيق ذلك علي غزوات الرسول الكبري , و الدروس المستفادة منها , نأخذ تلك الدروٍس نبراسا , نطبقه عمليا , ثم نري ونفهم كيف يجب قراءة الأمر ( لننظر الي الجدول ) :