كتاب وادباء

مصر بين إعلام النكسة .. ونكسة الإعلام .

مصر بين إعلام النكسة .. ونكسة الإعلام 

بقلم الأديب والمحلل السياسى 

السعيد الخميسى

السعيد الخميسى  

* إعلام نكسة 67 أي مايقرب من نصف قرن هو نفسه إعلام نكسة 2015. الطيران دك تل أبيب وإسرائيل ترفع الراية البيضاء وكلنا خلف القائد الملهم والزعيم الأوحد . وسنرمى إسرائيل وأمريكا فى عمق البحر . والقائد والزعيم على كل شئ قدير وفى بعض الأحيان يحيى ويميت إن هو أراد…!. ثم كانت النكسة والنكبة حتى صارت أرضنا عرضا مستباحا وأجساد جنودنا جثثا هامدة تحت عجلات دبابات العدو الصهيوني . ما الذى تغير بعد نصف قرن..؟ لاشئ…! الإعلام هو الإعلام , الشعب هو الشعب , الجهل هو الجهل , الاستخفاف هو الاستخفاف , هيكل هو هيكل . حكم الفرد هو حكم الفرد . التصفيق والتهليل والطبل والزمر هو هو . لاوعى ولاعلم ولا محاسبة ولا سياسة ولا اقتصاد وإنما تحولت مصر إلى أرض بور بوضع اليد . فهل استفدنا من وقائع التاريخ أم كما نحن محلك سرك..؟

الإعلام-المصرى

* مازال الإعلام يزيف الوقائع ويقلب الحقائق ويشعل الحرائق . مازال الإعلام يكذب ويكذب , حتى كتب عند الله كذابا . مازال الإعلام يصور لعوام الناس أن الوطن هو الحاكم والحاكم هو الوطن . مازال الإعلام يصور للناس أن مصير الوطن مرتبط بمصير الحاكم , فإن هلك الحاكم أو تخلى عن منصبه , ضاع الوطن وضاع معه المستقبل . مازال الإعلام يضحك بل ويكذب على أرباع وأنصاف العقول وأشباه الرجال . مازال الإعلام يعيش بثقافة وعقلية نكسة 67 الذي يصور للناس أن الحاكم وحده على كل شئ قدير وقادر على حل كل مشكلات المجتمع بشرط أن يرضخ الشعب له ويسمع ويطيع وينفذ الأوامر وكأنه فى ثكنة عسكرية . بعد نصف قرن , تقريبا نفس أجواء الهزيمة والنكسة يعيشها المجتمع اليوم .
* إعلام الكذب والتزييف والتدليس والزور والبهتان , وحكم الفرد والاستبداد السياسي , وتجريف الحياة السياسية , وحل الأحزاب الفعالة على أرض الواقع , وتزوير الانتخابات , واستسلام القضاء للسلطة التنفيذية , وسياسة ما أريكم إلا ما أرى , وفتح السجون والمعتقلات لاستقبال دفعات جديدة من الساسة وأصحاب الرأي , والسجن الاحتياطى بلا تهمة بدون حد أقصى , والاغتصاب وهتك الأعراض واقتحام البيوت وهدمها على رؤوس أصحابها , ومن ليس معنا فهو ضدنا , ومن جاء بالحسنة , أي ساندنا ودعمنا وفوضنا فى الخير والشر , فهو منا ونحن منه . ومن عارضنا فهو عدونا إلى يوم الدين . تلك هى أهم مواصفات المرحلة الكئيبة التى نحياها بروح نكسة 67 فى كل مناحي الحياة .  ومن عندهم رأى آخر ويروا الصورة وردية حمراء  فليأتوا  لنا بدليل وبرهان وعلم إن كانوا صادقين ..!. وما أظنهم صادقين .

* نحن نعيش فى حرب ضروس لاهوادة فيها . حرب الإعلام لخطف عقول الناس وتفريغها من محتواها ثم ملئها بأكوام القمامة وبمخلفات المصانع . أشعر أن هناك شرائح كثيرة من عوام الناس لايعلمون من أمرهم شئيا لان ثقافتهم تجمدت عند محطات فضائية خطرة شوهت العقول وغيرت المعادلة من كثرة الكذب والزور والبهتان . بعد نصف قرن من النكسة , أتفحص وجوه القوم فى المساجد والشوارع والمواصلات والأسواق , فلا أجد وعيا , ولا أجد فهما للواقع , ولا أجد أى شئ يبشر بالخير فى وجوههم أو على ألسنتهم . من السبب..؟ هل التعليم ..؟ هل الأمية والفقر ..؟ هل الإعلام..؟ هل لقمة العيش ..؟ هل عدم الاستعداد للفهم ..؟ أم كل ماسبق ذكره ..؟ نحن فعلا ياقومنا نعيش فى نكسة اجتماعية وسياسية وعقلية ..!.

عار

* هل سنظل ندفع الثمن من دمائنا وأروا حنا ومستقبلنا ..؟ هل سيظل الشعب يرضخ حتى وطأة الاستبداد والاستعباد وحكم الفرد وسطوة الإعلام المتسلط على عقول البشر ..؟ هل سنظل نزحف كالسلحفاة على رصيف الحضارة ..؟ هل سنظل نتسول غذاءنا ودواءنا وسلاحنا ..؟ هل سنظل ندور فى حلقات مفرغة أولها كآخرها ..؟ هل سنظل فى أوطاننا نعيش كعبيد علينا واجبات وليس لنا حقوق ..؟ هل ستظل كل السلطات الحاكمة على مر العصور تعلن أن مشروعها القومى لخدمة الشعب هو محاربة الإرهاب ..؟ هل سيظل مايسمى بالإرهاب هو الفزاعة الكبيرة والشبكة المعقدة التي تصطاد بها كل سلطة حاكمة باطشة كل صاحب رأى ..؟ هل ستظل مصر تقف فى آخر الطابور تنتظر دورها لتخرج إلى نور الحياة ويبدو أن دورها لن يأتى أبدا ..!. أما آن لهذا الشعب أن يفيق من غيبوبته ويعلم ماله وماعليه..؟

إعلام-العار

* أمتنا فى خطر وشعبنا على شفا جرف هار , وأخشي أن ينهار فتحرقه لهيب الصراعات , ونار الخلافات , وشرار الفقر والحاجة وعدم الوعي وقلة الفهم والإدراك . الإعلام حقق نجاحا ملموسا فى تزييف الوعى والفهم . والاستبداد أرهب الناس , والفقر جعل الناس يدرون فى الرحى بحثا عن لقمة العيش . وصار المجتمع هشا ضعيف كبيت العنكبوت . والحرية فى نكسة والديمقراطية غائبة , وحقوق الإنسان فى نكبة . والدماء رخصت , والإنسان لاقيمة له . وتم تجريف الأرض السياسية فلم تعد تنبت إلا الشوك الذي لاورق فيه من يلمسه يدمى بنانه ويجعله ينزف دما متواصلا . وطفت على السطح الرمم , وغاصت فى القاع كل القمم . وتحكم الأراذل واختفى الأفاضل . ولم يعد يتحكم فى المشهد إلا حثالة التمر والشعير . أشباه الرجال . حقا .. ذهب الذين يعاش فى أكنافهم .. وبقى الذين حياتهم لاتنفع . لست متشائما بقدر ما أنا اشخص واقعا ملموسا واقعيا وليس لها من دون الله كاشفة .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى