تقارير وملفات إضافية

هل جاء قرار الجامعة العربية الأخير بشأن ليبيا في صالح حكومة السراج؟

بعد ساعات طويلة من النقاش والجدال جاء قرار الجامعة العربية بشأن ليبيا مخيباً لآمال كثير من أنصار الجنرال الليبي المتقاعد خليفة حفتر، إذ لم يدن التدخل العسكري التركي بشكل مباشر، والأهم أنه عزز شرعية حكومة طرابلس.

وأصدر مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين قراراً بعنوان «تطورات الوضع في ليبيا » في ختام اجتماع دورته غير العادية الثلاثاء 31 ديسمبر/كانون الأول، برئاسة العراق عقد بمقر الأمانة العامة في القاهرة بناء على طلب مصمر.

واللافت أن الاجتماع عقد على مستوى المندوبين الدائمين وليس على مستوى وزراء الخارجية العرب كالاجتماع الخاص بالتدخل التركي في شمال سوريا الذي عقد على المستوى الوزاري مؤخراً.

وبينما كان البعض يتحدث على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل الإعلام الشعوبية عن تدخل عسكري عربي في مواجهة إعلان تركيا استعدادها للاستجابة لطلب الحكومة المعترف بها دولياً التي دعت أنقرة لمساعدتها عسكرياً، فإن القرار جاء تعبيراً إلى حد كبير عن الموقف العربي الأوسع من الأزمة الليبية وليس قاصراً على مواقف القاهرة وأبوظبي والرياض.

ورغم ميل دول المغرب العربي لإبراز خلافتها مع مصر والإمارات والسعودية بشأن ليبيا، إلا هذا لا يخفي قلق دول المغرب العربي تحديداً من هجوم اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر على طرابلس.

والقرار الذي صدر عن الاجتماع الأخير على عكس السابق الذي تعلق بالتدخل التركي في شمال سوريا، لم يشر إلى التدخل التركي بالاسم بل تحدث عن تدخلات خارجية وأجنبية علماً أن ليبيا تشهد حالياً تدخلات خارجية كثيرة قد يكون أقلها حتى الآن التدخل التركي الذي مازال حتى اليوم في طور المناقشات البرلمانية بشأن إرسال قوات إلى هناك.

والأهم أن القرار أكد على أهمية إتفاق الصخيرات الذي أبرم بالمغرب برعاية أممية عام عام 2015، والذي يعطي الشرعية لحكومة الوفاق التي يقودها فايز السراج.  

كما أن القرار اعتبر اللجوء إلى الاستعانة بقوة أجنبية يخالف روح اتفاق الصخيرات، وهو إدانة أكثر لحفتر الذي يحاول عملياً إنهاء اتفاق الصخيرات كما أنه هو الذي بادر باللجوء للاستعانة بقوة أجنبية.

وبصفة عام صيغة القرار تبدو فيه إدانة لحفتر وحلفائه أكثر من السراج وتركيا باعتبار أن التدخلات الخارجية إلتي ينالها حفتر مازالت أكبر من الجانب الآخر، خاصة أن التدخل التركي لم يتحول إلى أمر واقع، وجاء نتيجة تفاقم التدخل الخارجي المساند لحفتر لاسيما تدفق المرتزقة الروس والسودانيين حسبما أفادت تقارير دولية.

 وطال الاجتماع العربي بسبب النقاشات التي دارت بين ممثل مصر وممثلي قطر والصومال وليبيا (ممثل لحكومة السراج)، حسبما أفادت مصادر متعددة.

وكان لافتاً إدخال عدد من التغييرات على مشروع القرار المقدم من مصر للاجتماع ومنها أن مشروع القرار كان يطلب من الأمين العام للأمم المتحدة عرض تقرير حول الموضوع على مجلس الأمن لسرعة التعامل مع التطورات لما ينطوي عليه أي تدخل عسكري خارجي محتمل في ليبيا من تهديد حقيقي للسلم والأمن الدوليين والطلب من العضو العربي في مجلس الأمن متابعة طرح المسألة في المجلس ومع أعضائه.

ولكن في القرار النهائي فإن النص تغير إلى طلب المجلس من الأمين العام للجامعة إجراء الاتصالات على أعلى المستويات مع كافة الأطراف الدولية المعنية بالأزمة الليبية بما فيها السكرتير العام للأمم المتحدة قصد استخلاص مواقف إيجابية ومنسقة تستهدف حلحلة الأزمة الليبية، ومنع أي تدخل عسكري خارجي في ليبيا يهدد السلم والأمن الدوليين ودعم الجهود التي يقودها المبعوث الأممي في المسار السياسية والأمنية والاقتصادية في إطار السعي نحو حل ليبي ليبي خالص اللازمة، ورفع تقارير دورية لمجلس الجامعة متابعة لتنفيذ هذا القرار.

وفي هذ الصدد فإن القرار يرفع معالجة الأزمة إلى سكرتير الأمم المتحدة، وليس مجلس الأمن الذي يعرقل الفيتو الروسي به أي حل منصف للأزمة أو إدانة لتجاوزات حفتر.

في المقابل فإن الأمانة العامة للأمم المتحدة هي أكثر جهة كشفت مسؤولية حفتر عن إفساد التسوية السلمية، خاصة أنه بدأ هجومه على طرابلس بينما كان السكرتير العام للأمم المتحدة موجوداً بها لوضع اللمسات الأخيرة على مسار التسوية الذي كانت الأمم المتحدة توافقت عليه مع الأطراف الليبية والاتحاد الإفريقي والجامعة العربية.

كما أن العديد من التقارير الأممية كشفت عن انتهاكات الإمارات لحظر تصدير السلاح على ليبيا وكذلك عن أفواج المرتزقة الوافدة إلى دعم الجنرال المتقاعد.

ومن الواضح أن النقاشات داخل الاجتماع حولت المسار من محاولة إدانة التدخل التركي إلى إدانة كل التدخلات الخارجية والتي هي مازالت أكثر من قبل حلفاء حفتر.

كما أن حتى إدانة نقل المقاتلين الإرهابيين إلى ليبيا تنطبق أكثر على المرتزقة السودانيين والروس الذين يحاربون إلى جانب حفتر.

أما فيما يتعلق بتركيا، فمازال احتمال نقل مقاتلين من الحركات السورية الموالية لأنقره مجرد تخمين يطرح في وسائل الإعلام والأهم أن هذه الحركات ليست مصنفة على أي قوائم إرهابية دولية.

والمفارقة أن من يمثل ليبيا في الاجتماع هو مندوبها لدى الجامعة العربية صالح الشماخي والذي يمثل حكومة السراج المعترف بها دولياً وعربياً، أي أن الدول العربية التي تقف وراء حفتر تعترف بحكومة السراج كحكومة رسمية للبلاد، وفي الوقت ذاته تشجع جنرالاً يحاول إقصاءها بالقوة العسكرية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى