تقارير وملفات إضافية

هل تتقارب مصر مع حكومة الوفاق الليبية وتترك حفتر؟ 3 مؤشرات تؤكد ذلك

حمل الأسبوع الماضي عدة مفاجآت قد يكون لها تداعياتها على العلاقة بين مصر وحكومة الوفاق الليبية، مما يشير إلى احتمالية عودة العلاقات بين القاهرة وطرابلس إلى ما كانت عليه قبل العملية التي قادها اللواء الليبي المتقاعد خليفة حفتر عام 2019، للسيطرة على العاصمة وإسقاط الحكومة المعترف بها دولياً.

ففي تطور ملفت تغيرت لهجة مصر تجاه ما يحدث في ليبيا بعدما كانت وسائل الإعلام القريبة من السلطات في القاهرة لا تتوقف عن وصف حكومة السراج بأنها داعمة للإرهاب وأنها لا تمثل ليبيا، ولكن المتابع للشأن الليبي يلمح وبشكل مباشر كيف هدأت نبرة الإعلاميين المصريين تجاه حكومة الوفاق، فما السبب يا ترى في هذا التغيير ولماذا قد يكون مفيداً للقاهرة التقارب مع السراج خاصة بعد تدخل تركيا بقوة وتغير خريطة القوة في الغرب لصالح حكومة الوفاق؟

الإجابة على هذا التساؤل قد تبدو صعبة في ظل التعقيدات التي تشوب العلاقة بين مصر وليبيا، بسبب تحالفات كل منهما التي تقف على طرفي نقيض، لكنها في نفس الوقت إجابة مطلوبة ومنطقية في ظل التشابك الكبير بين مصر وليبيا والأهمية القصوى لليبيا بالنسبة لمصر التي على ما يبدو أنها استغلت واقعة “إهانة” عمال مصريين في مناطق خاضعة لسيطرة حكومة الوفاق لكسر الجليد وبداية عودة للعلاقات التدريجية لما كانت عليه.

فبحسب مصادر دبلوماسية لموقع الخليج أونلاين هناك رغبة لدى القاهرة لاستعادة جزء من العلاقات مع حكومة الوفاق، وصولاً إلى إعادتها لما كانت عليه قبل الحملة العسكرية التي شنها اللواء “خليفة حفتر” عليها، في أبريل/نيسان 2019، بدعم إماراتي مصري روسي ودول أخرى.

واقعة الإساءة لعمال مصريين في ترهونة، قبل أيام، مثلت مدخلاً لهذا الأمر، حيث جرت اتصالات رفيعة بين مسؤولين أمنيين مصريين مع نظرائهم بحكومة الوفاق، حيث ساد ارتياح لدى المصريين بعد وعود من قوات الوفاق بعدم تكرار هذه الوقائع، بحسب الخليج أونلاين.

هذه المعلومة إن صحت فإنها تفتح الباب أمام احتمالية عودة العلاقات مع مصر، وبعيداً عن هذه المعلومة فإن عدة شواهد تشير إلى أن هناك تغيراً واضحاً في الموقف المصري تجاه حكومة الوفاق، وهذه أبرزها:

المتابع لوسائل الإعلام المصرية خلال الأسبوع المنصرم قد يلمح أن هناك تغيراً في الخطاب تجاه حكومة السراج وداعميها خاصة تركيا، فبعدما كان الحديث يتكرر وبشكل يومي بوصف الحكومة المعترف بها دولياً بأنها تدعم “الميليشيات الإرهابية” وأنها غير شرعية تغير هذا الأمر وبشكل واضح على أن هناك من يريد 

تهدئة الأوضاع بشكل ما، خاصة وأن وسائل الإعلام المصرية في الكثير من برامجها تتحرك خلف أجندة واضحة للأجهزة الأمنية المصرية.

ومما قد يعطي هذا المؤشر قوة ما حدث عقب وصول العمال المصريين الذين تعرضوا للإساءة في ليبيا ما قاله محافظ مطروح المتاخمة للحدود مع ليبيا اللواء خالد شعيب، خلال مداخلته مع المذيع المقرب السلطات المصرية أحمد موسى “أشكر حكومة الوفاق لأنهم ألقوا القبض حالياً على كل أعضاء الميليشيا الذين احتجزوا وعذبوا العمال المصريين”.

هذا التصريح من مسؤول رسمي مصري يعد الأول منذ فترة طويلة ويشير إلى أن هناك أمراً ما قد يحدث في الفترة المقبلة.

أيضاً بيان الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، السفير حسام زكي، الذي وصف حكومة الوفاق الوطني في ليبيا بـ”الحكومة الشرعية”، والاتفاقات السارية بين أنقرة وطرابلس بـ”القانونية” يسير في نفس الاتجاه.

إذ قال زكي، في تصريحات لبرنامج على قناة تلفزيونية مصرية (خاصة)، قبل أيام، إن “وجود” ما أسماه “الجيش الليبي”، بقيادة حفتر، بدأ في الانحسار في غربي ليبيا، حيث بدأت قوات حكومة الوفاق، المدعومة من تركيا، في تحقيق “بعض المكاسب الميدانية”.

هذه التصريحات على ما يبدو تشير إلى أن هناك أمراً ما قادماً بشأن العلاقة بين القاهرة وحكومة الوفاق.

المؤشر الثاني بشأن احتمالية عودة العلاقات بين حكومة الوفاق وبين مصر ما قاله 

وزير الداخلية الليبي في حكومة الوفاق “فتحي باشاغا”، إن مصر يمكن أن تقوم بدور للمساعدة في إنهاء الانقسامات في البلاد.

وقال “باشاغا”: “مصر دولة مهمة بالنسبة لليبيا”، مضيفاً: “نحن نهتم بعلاقتنا مع مصر، فمصر لديها القدرة على المساعدة في حل مشاكل ليبيا”، على الرغم من علاقة هذا الرجل القوية بتركيا التي تعد اللاعب الأبرز في الغرب الليبي الآن عقب النجاحات التي حققتها حكومة السراج خلال الأشهر الماضية، عقب تدخل أنقرة على خط الأزمة وتقديم الدعم العسكري القوي لحكومة الوفاق الأمر الذي ساهم في استعادة أغلب مناطق الغرب الليبي من يد ميليشيات حفتر.

أيضاً وبحسب مصادر خاصة لموقع عربي بوست، فإن وزير الداخلية في حكومة الوفاق لعب دوراً هاماً في عودة العمال المصريين إلى القاهرة وتقديم الأطراف التي كانت تحتجز هؤلاء العمال إلى المحاكمة.

ففي أقل من 48 ساعة من انتشار فيديوهات حول الواقعة كان العمال المصريون في طريقهم إلى القاهرة، مما يشير إلى وجود تنسيق مسبق بشأن إعادة المصريين وفي نفس الوقت عدم الإساءة إلى حكومة الوفاق.

مؤشر آخر قد يساهم في فهم الوضع الحالي في ليبيا وترجيح احتمالية عودة العلاقات بين مصر والوفاق وهو ما قاله “أمر الله إيشلر” مبعوث الرئيس التركي إلى ليبيا، إن المفاوضات السياسية في ليبيا يجب أن يقودها السياسيون، وإن “عقيلة صالح”، رئيس مجلس النواب الليبي المنعقد في طبرق وتدعمه مصر، رجل سياسة ويجب أن يسهم في هذه العملية.

كما أشار المبعوث التركي إلى أن “مصر قد تبدأ في المساهمة في المفاوضات السياسية من خلال التواصل مع حكومة الوفاق وإزالة مخاوفها الأمنية المشروعة”، بحسب وصفه.

هذا التصريح سبقه تصريح آخر لوزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو الذي غازل القاهرة معتبراً أنها دولية قوية في العالم الإسلامي ولا يمكن تجاهلها، مما يعني أن أنقرة قد لا يكون لديها مانع في تنسيق مع القاهرة بشأن ليبيا، وهذا الأمر قد يكون في صالح الجميع خاصة اتفاقية ترسيم الحدود البحرية التي وقعتها تركيا مع ليبيا ستصب في مصلحة مصر بشكل كبير إذ تمنح هذه الاتفاقية مصر مساحة كبير من المياه الإقليمية الغنية بالنفط والغاز في البحر المتوسط.

إذ أدلى مسؤول مصري، بتصريح مثير لموقع مدى مصر -وهو منصة إعلامية مقرها القاهرة- قال فيه إنَّ “وزارة الخارجية وجهاز المخابرات العامة المصرية يضغطان على الرئيس المصري لقبول الاتفاق البحري بين تركيا وليبيا في هدوء، إذ سيمنح القاهرة امتيازاً بحرياً ضخماً في المفاوضات البحرية المتعثرة (مع اليونان)”.

هذا التصريح الرسمي التركي قد يكون محاولة من أنقرة لتحييد القاهرة أو ضمها في صفها بشأن الوضع الحالي في ليبيا، بعد الحديث عن فتور كبير في العلاقة بين السيسي وولي عهد أبوظبي محمد بن زايد حول ليبيا؛ إذا تصر الإمارات على دعم حفتر بكل الطرق حتى لو أدى ذلك لتقسيم ليبيا فيما ترى القاهرة أن دور حفتر على ما يبدو انتهى ولابد من دخول لاعب جديد إلى ساحة ليبيا مثل عقيلة صالح.

قد يكون من المفيد بالنسبة للقاهرة الآن التقارب مع حكومة الوفاق، خاصة بعد الانتصارات الأخيرة التي حققتها ضد حفتر في نفس الوقت في حال سعت القاهرة لذلك فإن هذا الأمر قد يجعل أوراق الضغط لدى مصر أكبر من السابق والتي انحازت لطرف حفتر على حساب السراج، مما جعل تدخلها للمصالح في السابق يواجه صعوبة كبيرة، لكنها في حال نجحت في إعادة العلاقات فإن الأمر برمته قد يتغير وتصبح أكبر اللاعبين هناك.

ما سبق يعد قراءة في المشهد الليبي ومحاولة لفك خيوط التحالفات التي تقوم بالأساس على المصالح الاقتصادية، والمواقف السياسية التي تتبدل بين الحين والآخر.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى