اخبار المنظمةالأرشيف

إستيراد الغاز من إسرائيل يعطيها مفتاح التحكم فى الإقتصاد المصرى وتفريط فى السيادة الوطنية

تحولت مصر مؤخراً إلى مستورد له من إسرائيل، إحدى الدول التي كانت تُصدر لها سابقاً.

صحيفة يديعوت أحرونوت الإسرائيلية أكدت أن “الحكومة الإسرائيلية وافقت، الأربعاء 23 ديسمبر/كانون الأول 2015، على تصدير غاز طبيعي بقيمة مليار شيقل لمصر”، بعد أن كانت مصر تصدر الغاز الطبيعي لإسرائيل بأسعار زهيدة.

ووفقاً للاتفاق، فإن تل أبيب ستصدر إلى مصر في أول ثلاثة سنوات خمس مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي بقيمة 2.5 مليار دولار، وسيتم تصدير الغاز عبر خط أنابيب بحري تم تشييده قبل نحو عشر سنوات، تديره شركة غاز شرق المتوسط (كانت تشرف على صفقة غاز طبيعي مصرية إسرائيلية مجمدة حالياً).

خبراء أكدوا أن تلك الاتفاقية تعد خطأ استراتيجياً وخيانة للقضية العربية والقومية، وأن إسرائيل ليست دولة جديرة بالثقة لتتحكم في أحد أهم مقدرات الاقتصاد المصري باعتبارها عدواً لمصر.

كما أشاروا إلى أن تلك الاتفاقية تهدف إسرائيل من ورائها إلى التحكم في موارد المنطقة العربية وكسر مقاومة الشعوب، وأن النظام المصري الحالي يحاول استرضاء المجتمع الدولي من خلال تلك الصفقة.

سعر الغاز

الخبير الاقتصادي سرحان سليمان أكد أن “الغاز الطبيعي يُباع بالسعر العالمي التوازني، ومن المتوقع أن تستورد مصر الغاز الطبيعي من إسرائيل بناء على تلك الأسعار العالمية“.

كما أن “سعر استيراد مصر الغاز الطبيعي من إسرائيل سيكون أعلى من السعر الذي كانت تصدر به للدولة ذاتها؛ وذلك لاختلاف الفترة الزمنية والسعر العالمي للغاز في حينها“.

“مصر كانت تصدر الغاز لإسرائيل بصفقات يتدخل بها رجال الأعمال الفاسدون، فكانت الأسعار التي تبيع بها أقل من السعر المُعلن عنه عالمياً“.

تحكم إسرائيل في اقتصاد مصر

وشدد الخبير الاقتصادي على أن خطورة استيراد مصر للغاز من إسرائيل تكمن في أن ذلك يجعل الأخيرة تتحكم في مسار حركة النشاط الاقتصادي المصري.

ولفت سرحان إلى أن “إسرائيل لا تريد التقدم الاقتصادي لمصر، ولا ترغب في استقرار الاقتصاد، كما أنها الدولة الوحيدة التي لا يمكن أن تكون صديق ثقة؛ لأنه لا يؤمَن مكرها“.

وبيّن الخبير الاقتصادي أن “الدول تعمل الآن على إيجاد منافذ للطاقة والنقد الأجنبي من مصادر ثابتة ومستقرة ولا تتعرض لخطر، إلا أن استيراد الغاز من إسرائيل وجعلها تتحكم فيه سيكون خطراً وبه مخاطرة، بالإضافة إلى أن الأمر مستجد ولا يلقى قبولاً شعبياً“.

إرضاء إسرائيل فى المقام الأول

وأوضح سرحان أن “استيراد الغاز من إسرائيل يتعلق بمحاولة النظام المصري الحالي إرضاء إسرائيل من ناحية، وإرضاء المجتمع الدولي من ناحية أخرى؛ وذلك للحصول على قبول المجتمع الدولي الذي تتحكم فيه إسرائيل بشكل كبير“.

ولفت إلى أن مصر “كان بإمكانها البحث عن بدائل أكثر أمناً لاستيراد الغاز؛ كاستيراده من الجزائر أو من قطر باعتبارها أكبر دولة تصدر الغاز في العالم“.

وأشار سليمان إلى أنه “قبل عام 2010 كانت هناك مشاريع اقتصادية وتعامل مع إسرائيل، ولكنه كان في الخفاء اتقاء لشرها” متابعاً: “إلا أن النظام المصري الحالي بدأ التعامل معها وبشكل معلن، وقد يؤثر على الاستثمار في مصر لأن البعض ليس لديه الرغبة في التعامل اقتصادياً مع إسرائيل“.

ولفت الخبير الاقتصادي إلى أن “التعامل مع إسرائيل بشكل معلن يتعلق بعلاقة النظام الحالي في مصر بإسرائيل، ولو كان النظام السابق (فترة حكم محمد مرسي) قائماً ما تم استيراد الغاز منها”، متابعاً: “كانت هناك قضايا سابقة مرفوعة عن كيفية تصدير مصر الغاز لإسرائيل أما الآن فمصر هي التي تستورد“.

وتساءل: “كيف يأتمن النظام دولة إسرائيل على أحد المحاور الأساسية للاقتصاد المصري، رغم أهداف إسرائيل المعروفة تجاه مصر؟”، قائلاً: “إسرائيل تسعى للتحكم في الموارد التي بها نقص في المنطقة العربية“.

كسر المقاومة العربية

كما أشار إلى أن “مصر انكشفت على العالم الخارجي، فسابقاً ألزمت نفسها بعقود معينة وتدخل فيها رجال أعمال، وكانت تصدر بأسعار أقل من الأسعار العالمية المعلنة وعند استنفاد الإنتاج لجأت إلى الاستيراد، فلم يكن هناك تخطيط على المدى القصير ولا الطويل“.

ولفت سرحان إلى أن “الخطورة تكمن في أن التعامل الآن ليس بين الحكومة المصرية الحالية وشركة غاز مملوكة لإسرائيليين، ولكنه تعامل بين نظام ونظيره، بين الحكومة المصرية الحالية والحكومة الإسرائيلية”، مشيراً إلى أن “انكشاف الأمر بهذا الشكل الفج يهدف إلى كسر مقاومة الشعوب العربية وعلى رأسها المقاومة الفلسطينية“.

خيانة وعار

أستاذ العلوم السياسية، حسن نافعة، أكد أن “استيراد مصر الغاز الطبيعي من إسرائيل وتطبيع العلاقات الاقتصادية معها خيانة للقضية العربية والقومية”. استيراد مصر للغاز الإسرائيلي .. بين الخيانة والأزمة

كما أوضح أن “إسرائيل هي العدو الأساسي لمصر والأمة العربية، وتطبيع العلاقات الاقتصادية معها قبل تنفيذ اسرائيل التزاماتها بإقامة الدولة الفلسطينية وتحرير الأراضي العربية هو خطأ استراتيجي“.

ولفت إلى أن “مصر كانت تصدر الغاز الطبيعي لإسرائيل سابقاً بسعر بخس، وتلك الجريمة لم يتمكن القضاء المصري من أن يعالجها بالطريقة الصحيحة فحدثت عملية نهب كبيرة“.

وتابع نافعة قائلاً: “استيراد مصر الغاز من إسرائيل قضية استراتيجية في المقام الأول، فلا يجب أن يكون هناك تطبيع مع اسرائيل لا سيما اقتصادياً، قبل أن تُقيم الدولة الفلسطينية“.

تفريط في السيادة

وأشار أستاذ العلوم السياسية إلى أن “التعامل مع إسرائيل ليس طبيعياً، وفيه تفريط في الحقوق المصرية والسيادة المصرية، والتطبيع في العلاقات على الصعيد السياسي والاقتصادي سيؤدي إلى انزلاق العالم العربي وإضرار القضية الفلسطينية وتعقيدها، وسيؤدى إلى تعنت اسرائيل، كما أنه سيؤلب الشعب الفلسطيني تجاه الحكومات العربية“.

وشدد نافعة على أن “أي تطبيع للعلاقات مع إسرائيل لا سيما اقتصادياً، حتى إن كانت مصر ستستورد الغاز منها بسعر أرخص من السعر العالمي، ليس فيه مصلحة“.

كما أكد “ضرورة ربط التطبيع مع إسرائيل بالوفاء بالتزاماتها تجاه فلسطين والشعوب العربية“.

منظومة فساد

في السياق ذاته، لفت رئيس حزب الأصالة، إيهاب شيحة، إلى أن استيراد مصر الغاز من إسرائيل يتزامن مع إعلان شركة إينى الإيطالية، في 30 أغسطس/آب 2015، عن أكبر اكتشاف للغاز الطبيعى في مصر، والذى سيعيدها لتكون في مصاف الدول المصدرة للغاز.

وتساءل قائلاً: “فإن كان هذا الاكتشاف هو الأكبر فلماذا يتم تفعيل اتفاقية الاستيراد مع إسرائيل لمدة 15 سنة؟.

وأوضح شيحة أن “تلك الاتفاقية لم تذكر فيها أسعار كعادة المفاوض المصري الذى يفرط فى حقوق بلده التزاماً بتعليمات النظام الحالي”، متابعاً: “الاتفاق بأن تكون بأسعار مميزة مقابل استغلال إسرائيل لمحطات إسالة الغاز بدمياط واستبدال علاء عرفة بحسين سالم“.

وألمح إلى أن ذلك يؤكد أن هناك “منظومة فساد تحكم وتتحكم فى مقدرات البلاد وثرواتها، فى مقابل انتفاخ جيوب منظومة الفساد، ودعم دولي للنظام العسكرى الحاكم في مصر“.

وأشار رئيس حزب الأصالة إلى أن “تلك الاتفاقية أعادت مصر مرة أخرى لمثل عقود ما قبل ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، حيث لا توجد شفافية والمعلومات المُعلنة متضاربة ومتناقضة“.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى