منوعات

حيوانات غريبة بأقفاص وأكوام من الطيور.. صور من داخل سوق صيني يعتقد أنه منبع الفيروس الغامض

نتشرت صورٌ لحيواناتٍ غريبةٍ محشورةٍ في أقفاصٍ صغيرةٍ وأكوامٍ من الطيور المسلوخة التُقِطَت في سوقٍ للأطعمة يُعتقد أنها كانت نقطة البداية لانتشار فيروس كورونا الصيني، وفقاً لما نشرته  صحيفة The Daily Mail البريطانية.

بمدينة ووهان الواقعة بمقاطعة هوبي الصينية، تُباع أطباقٌ مثل القنادس وحيوانات الراكون، والتي تخضع حالياً للحجر الصحي.

فيما يعتقد بعض الصينيين أن تناول تلك المخلوقات غير الاعتيادية يُمكن أن يشفي من الأمراض مثل الضعف الجنسي لدى الرجال، وحتى السرطان.

تحدَّث مغتربٌ مقيمٌ بالمدينة لمجلة Time وقال إن السوق «مشهورٌ» ببيع المخلوقات الغريبة وهي لا تزال حيةً.

يانشونغ هوانغ، خبير الصحة العامة في مجلس العلاقات الأجنبية أضاف بأن بيع الحيوانات الحية متجذرٌ في عمق الثقافة الصينية، مع أنه غير قانوني.

ومن أجل الحصول على عشاءٍ طازج، يعمد المشترون إلى تعذيب الحيوانات الحية، وهو ما يُعد ملمحاً للترف الغربي.

إلا أنه منذ انتشار الفيروس في ووهان ظلَّت الدعاوى تتجدَّد لمطالبة الشرطة بتطبيق قوانين تمنع تجارة واستهلاك الحيوانات الغريبة.

كما تُطرَح تساؤلاتٌ حول كيفية تكرار الأمر بعد الدروس التي استُنبِطَت من انتشار فيروس سارس عام 2002، أو متلازمة الالتهاب الرئوي الحاد التي رُبطت بتناول الحيوانات البرية في مدينة غوانزو الجنوبية.

في آسيا والصين بالأخص، يُسرِّع الطلب على الحيوانات البرية من انقراض الكثير من الأنواع الحية، ناهيك عمَّا يمثِّله من خطرٍ داهمٍ على الصحة فشلت السلطات في معالجته بالكامل، رغم المخاطر المتنامية لتفشي وباءٍ عالمي.

فيما أصدرت وزارة الزراعة الصينية قراراً في وقت مبكر من هذا الأسبوع بفرض قيود على تجارة الحيوانات البرية، كاستجابة للكارثة التي اتخذت من مدينة ووهان الصناعية الكبرى مركزاً لها.

من جهتها ناشدت جمعية الحفاظ على الحياة البرية، ومقرها نيويورك، بإنهاء الإتجار بالحيوانات البرية في كل مكانٍ، وليس في الصين فقط.

تُعَد الأمراض حيوانية المنشأ، أو الأمراض التي تصيب البشر ويرجع أصلها لأنواعٍ أخرى، مسؤولةً عن نسبةٍ كبيرةٍ من الأمراض البشرية المعدية. ولا تأتي كلها من تجارة الحيوانات البرية: فداء الكلب مثلاً يُصيب العديد من الأنواع الحية، وهو أحد أكبر أسباب الوفاة في الدول النامية. لكن خلط فصائل الحيوانات البرية يزيد من خطورة نشوء طفراتٍ في الأمراض وتوحشها، فيما تنتشر في أسواقٍ غير منظمةٍ كما يقول الخبراء.

يقول كريستيان والزر، المدير التنفيذي لبرنامج الصحة التابع لجمعية الحفاظ على الحياة البرية إن ظهور تلك الأمراض يُعد «لعبة أرقام».

مؤكداً: «إذا استمرت تلك الأسواق، واستمر الاستهلاك البشري غير القانوني وغير المنظم للحياة البرية، فسيستمر العالم في مواجهة أخطارٍ متزايدةٍ لانتشار فيروساتٍ جديدةٍ، يُحتمل أن تكون أكثر فتكاً، وأن تصير مصدراً لوباءٍ مستقبلي. تلك معامل مثاليةٌ لتخليق فرصٍ لانتشار تلك الفيروسات».

القرار الصادر عن وزارة الزراعة والشؤون الريفية في 21 يناير/كانون الثاني الجاري، يحظر كذلك نقل كل الشحنات التي تحتوي على حيواناتٍ بريةٍ من مدينة ووهان. كما دعا لعمليات تفتيشٍ مكثفةٍ ولرفع الوعي العام بمخاطر تناول تلك الأصناف.

فيما لم يعلن الباحثون بعد عن مصدرٍ محددٍ لهذا الوباء، الذي يمكن أن يؤثر على العديد من الحيوانات مثل الكثير من الفيروسات الأخرى.

كان إغلاق سوق هونان لبيع المأكولات البحرية بالجملة أحد أول الإجراءات التي اتخذتها سلطات مدينة ووهان، وهو المكان الذي ترجع إليه 41 حالةً من أوائل الحالات المصابة.

يقول جون إبستين، عالم الأوبئة بمنظمة Ecohealth Alliance: «ذلك المكان يُعد الآن صندوقاً أسود كبيراً».

كان جون في الصين بعد انتشار فيروس سارس، وساعد الجهود العالمية المستمرة لما يقرب من عقدين لإيجاد مصدر ذلك الفيروس في الحياة البرية، والذي أصاب أكثر من ثمانية آلاف شخصٍ، وقتل أقل من 800. ورُبِطَ سارس بالعديد من الحيوانات، من بينها الخفافيش، وزباد النخل المقنع الشبيه بالقطط. 

كما تُعرَف الخفافيش بأنها تحمل فيروسات كورونا، لكن العلماء لم يفهموا الفيروس الجديد وكيف قفز من الحيوانات إلى البشر بشكلٍ كاملٍ بعد.

يقول إبستين إن العلماء يشكون، لكنهم لم يُثبتوا بعد، أن فيروس ووهان قد جاء من الخفافيش. وقبل أن يؤثر على البشر، من المرجح أن يكون قد قفز إلى حيوانٍ ثدييٍ غير معروفٍ بعد.

معلقاً على تكهنات وسائل الإعلام التي انتقدتها مؤخراً مقالةٌ نُشرت في مجلة  قال إبستين Nature: «لا يوجد دليلٌ معقولٌ على أن الثعابين متورطةٌ في انتشار ذلك الفيروس». ولا يعلم الباحثون على وجه التحديد ما هي الفصائل التي كانت تُباع في سوق ووهان، لكن إبستين يقول إن الثدييات التي توجد عادةً في مثل تلك الأسواق، مثل حيوانات الغرير، والنمس، والكلاب، والراكون، والزباد، قد تكون مرتبطةً بانتقال الفيروس الجديد للبشر.

من جهته قال والزر إن التضييق على نقل وبيع الحيوانات البرية قد استمر لستة أشهرٍ فقط بعد تجاوز انتشار مرض سارس أواسط عام 2003.

وقال: «الحل بسيط، من ناحية أننا نعرف أين هي المشكلة».

وفي مدنٍ مثل بكين، شينغهاي، وهونغ كونغ، هناك علاماتٌ للأسواق التي تقدم الطعام للذواقة الذين ينشدون «يي وي» أو النكهة البرية.

لكن في مدن المقاطعات وفي بعض الأماكن في لاوس، وفيتنام، وكمبوديا، وغيرها من بلاد جنوب شرق آسيا فيمكن لأولئك الذين يرغبون في أكل تلك الأطباق الغريبة أن يجدوا كل أنواع المخلوقات معروضةً للبيع: البنغول، الغرير، السمندل، العقارب، القنافذ وحتى جراء الذئاب.

وتُظهر صورةٌ منتشرةٌ على الإنترنت لقائمة الأطعمة لدى متجرٍ في سوق ووهان يُسمى «لعبة الثروة الحيوانية البرية للجماهير» أكثر من 110 أنواع من الكائنات الحية للبيع.

وتُظهر سجلات المحكمة أن السلطات في هوبي، المقاطعة التي تقع فيها مدينة ووهان أجرت تحقيقاتٍ في 250 حالةً تتعلق بنقل وصيد الحيوانات البرية غير المشروع في 2019 فقط. ووفقاً لتقارير الإعلام المحلي، فإن نحو 16 ألف حيوانٍ بريٍ قد صيد منذ عام 2018، في المقاطعة التي يسكنها أكثر من 60 مليون نسمة. 

تقع في مقاطعة هوبي محمية شينونغجي الطبيعية المصنفة من اليونيسكو منطقةً للتراث العالمي، والتي هي موطنٌ لتنوعٍ حيويٍ عظيمٍ يحوي الكثير من الفصائل النادرة، من بينها النمر الغائم، والقرد ذو الأنف الذهبي، والسمندل الصيني العملاق.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى