ثقافة وادب

خانته زوجته فخسر عرشه ثم استعاده.. الملك الأسطوري الذي تبدو قصته غير حقيقية

الملك آرثر هو أحد أهم الشخصيات الأسطورية في “بريطانيا العظمى”، ويمثل في الوجدان الإنجليزي الملك العادل في الحرب والسلم على السواء، وهو الشخصية المحورية والرئيسية في سلسلة الأساطير البريطانية، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك خلافاً كبيراً بشأن حقيقة وجوده من عدمه.

فبداية من زواجه غوينيفير وخيانتها له، وصولاً إلى اجتياحه لبلاد الغال، وتعرضه للخيانة من ابن أخيه، ربما تكون كثيرٌ من الأحداث البارزة في قصة الملك آرثر قد حدثت بالفعل، ولكن لم تحدث له شخصياً، وإنما حدثت لأشخاصٍ آخرين.

في هذا الموضوع يُحاول عالم الآثار والمؤرخ مايلز راسل الكشف عن الشخصيات الخمس الأساسية التي ضُمِّنت حيواتها ونجاحاتها وقصتها في قصة الملك آرثر الأسطورية، وفق ما نشره موقع مجلة History Extra الإنجليزية.

تطورت شخصية الملك آرثر القائد المغوار بالتدريج في التُّراث الشفهي، إذ احتفل الناس وأعادوا إحياء ذكرى أحد القادة العسكريين الحقيقيين من القرن الـ15، وهو أمبروسيوس أورليانوس.

كان أورليانوس “رجلاً نبيلاً”، وفقاً لما أكده كاتب من القرن الـ16 يُدعى غيلداس، باعتباره “أحد آخر الرومان“. وقد وصفه غليداس بأنّ والديه قد “ارتديا اللون الأُرجواني”. فقد كان ارتداء اللون الأُرجواني كناية عن منصب الإمبراطور، فقد كانت صبغة الملابس باهظة الثمن، لدرجة أنها كانت حكراً على زعيم الدولة.

من هذا الوصف نفهم أنّ والدي أورليانوس قد تمتَّعا بنفوذٍ كبير، ما أهّل ابنهما ليكون إمبراطوراً. وبعض الروايات تقول إنّ والده قد قُتل على يد الاسكندنافيين، ولكنّ أورليانوس استطاع تجميع الجيوش المنهزمة وتأسيس جبهة موحدة ضد الغزاة.

ويشير غيلداس إلى أن أورليانوس كان جنرالاً ناجحاً، فقد هزم الجيوش الساكسونية في مُناسباتٍ عدة، لتُكلَّل انتصاراته بحصار جبل بادو. للأسف، يتعذر علينا معرفة من حاصر الآخر، فضلاً عن موقع “جبل بادو” نفسه. ومن الواضح أنه كان اشتباكاً كبيراً، وأنه لاقى احتفاء عظيماً، ليُصبح لاحقاً بمثابة لحظة حاسمة في مسيرة الملك آرثر.

وفي أحد الكتب التاريخية من القرن التاسع أيضاً يخبرنا المؤرخ اليوناني نينوس بأنّ الملك آرثر قد حقق النصر في العديد من المعارك، وفي مقدمتها الانتصار الذي أحرزه أورليانوس في جبل بادو. 

وبعد هزيمة الاسكندنافيين على يد أورليانوس نصّب نفسه حاكماً لبريطانيا، وأعاد بناء لندن في غضون ذلك.

على الرغم من أنّ الدراسات تشير أنّه لو كان الملك آرثر حقيقياً لكان عاش حوالي عام 500م، لكن على الرغم من ذلك فإنّ إحدى الشخصيات التي شكلت أسطورته كانت في القرن الأول الميلادي.

يرفض أحد الملوك البريطانيين أن يدفع الجزية للإمبراطور الروماني كلاوديوس، فيغزو كلاوديوس بريطانيا ويقتله، وفي تلك الأثناء يحمل شقيقه أرفيرارغوس لواء الدفاع عن بريطانيا ضد الرومان، لكنّه في النهاية يتراجع ويوافق على الخضوع لسلطان روما.

وعند عودته لموطن الحكم يتزوّج من غويزا “رائعة الجمال” ابنة الإمبراطور كلوديوس. ويعود أبوها لروما تاركاً أرفيرارغوس ليحكم بريطانيا. 

وبالعودة للروايات المأثورة عن الملك آرثر، فقد تحالف مع هول لاحتلال أيرلندا قبل أن يعود إلى وطنه ويتزوّج غانهمارا “رائعة الجمال”.

على الرغم من أنّ عظمة ما حققه قسطنطين ربما لم تتكرّر فيما قام به الملك آرثر الأسطوري، فإنّ بينهما شبهاً أيضاً.

الإمبراطور قسطنطين، الذي عُرف لاحقاً باسم “قُسطنطين العظيم“، نُصِّب إمبراطوراً من قبل رجاله وجنوده في مدينة يورك البريطانية عام 306. وباستعانته بقواتٍ من بريطانيا وبلاد الغال، تقدّم نحو روما، وخاض حروباً أهلية طاحنة، ما أسفر عن قتل الإمبراطور الغربي مكسنتيوس عام 312 بعد الميلاد، ثمّ هزيمته للإمبراطور الشرقي ليسينيوس بعد ذلك بـ12 عاماً وتأسيسه القسطنطينية، ونقله عاصمة الدولة الرومانية إليها.

كثيرٌ من حملاته، بدايةً من مدينة يورك، ووصولاً إلى روما، ذكرت لاحقاً في قصة آرثر. 

في عام 383، نُصِّب ماغنوس ماكسيموس، وهو ضابطٌ رومانيّ في بريطانيا، إمبراطوراً بطريقةٍ غير شرعية. صمّم ماكسيموس على السيطرة على روما عاصمة الإمبراطورية، واصطحب معه جيشاً ضخماً إلى بلاد الغال، وهُناك حارب وقتل الإمبراطور غراتيان.

حاول ماكسيموس محاولة أخرى لغزو روما، لكنّه هزم على يد ثيودوسيوس الأول، لكنّ وجه الشبه هنا أنّ الملك آرثر، العازم على السيطرة على روما، اصطحب جيشاً إلى بلاد الغال، حيث يُحارب ويقتل الإمبراطور لوسيوس هيبيريوس.

كاسيفيلاونوس هو الملك المُحارب من القرن الأول، الذي رفض دفع الضرائب إلى روما، ليترتب على ذلك الهجوم على مملكته، لكن وهو مُوشك على هزيمة الجيش الروماني في المعركة يتعرّض للخيانة من قبل ابن أخيه الغادر ماندوبراسيوس.

أمّا وجه التشابه مع قصة الملك آرثر فهي أنّ آرثر الذي رفض أيضاً دفع الضرائب لروما، وهزم الساكسونيين وشمال أوروبا، وقابل الرومان في معركةٍ كبيرة، وأوشك أن يصبح إمبراطوراً يتعرّض لخيانةٍ من ابن أخيه مودريد، الذي يغوي زوجة آرثر غوينيفير ويتزوجها ويستولي على العرش.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى