آخر الأخبارالأرشيف

لواءات المخابرات المصرية يقومون بدور “الإخوان” في توزيع “الزيت والأرز والسكر

بعد إغلاق مئات الجمعيات الخيرية والإغاثية والإنسانية، وتأميمها والإستيلاء على أموالها وإغلاق فروعها، والقبض على القائمين عليها، بتهمة تبعيتها للإخوان المسلمين، في إطار “الحرب على الإخوان”، بعد الانقلاب العسكري في 3 يوليو 2013م، لعب الجيش الدور الأكبر بدءًا من قمع المتظاهرين إلى بيع الخضروات واللحوم والدواجن والفاكهة، في مجمعات خاصة أو على سيارات الجيش، وصولًا إلى تكليف رئيس النظام المصري عبدالفتاح السيسي للجيش بمراقبة الأسعار، كما جاء في آخر خطاباته التي تناول فيها ارتفاع الأسعار، وتدهور قيمة الجنيه، وتأكيده على أن ارتفاع قيمة الدولار مقابل الجنيه لن يؤثر على ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع والمنتجات، وبعدها بأيام قليلة أعلن عن رفع سعر الأدوية بنسبة 20%، وارتفاع أسعار اللحوم الطازجة 14%، ووصل سعر كيلو الأرز إلى 10 جنيهات، وارتفاع أسعار الدواجن ووصل سعر كيلو “الصدور المخلية” إلى 70 جنيهًا.

ولكن الجديد، أن يقوم الجيش والاستخبارات العامة بتوزيع كراتين وعبوات السكر والزيت والأرز على القرى والمدن، واستهداف الأسر الفقيرة، في مهمة جديدة أوكلت للجيش أو طلب منه القيام بها، ما أثار عدة تساؤلات حول مهمة الجيش ودوره، من حماية الحدود إلى توزيع الزيت والسكر والأرز والمنظفات، وهل هي محاولة لتصحيح الصورة عن الجيش بعد تورطه في عمليات قمع المتظاهرين، وسحل الفتيات في ميدان التحرير، ومطاردة المظاهرات بالدبابات والمدرعات، ومشاركته في مجزرة “رابعة العدوية” و”النهضة” و”الفتح” و”رمسيس”، ومن قبل في مجزرة “الحرس الجمهوري” و”المنصة”، أم نتيجة لغياب دور الجمعيات الخيرية والتطوعية بسبب الاجراءات التي اتخذت بشأنها، وإغلاق معظمها، أم هو الخوف مما أسماه بعض الخبراء “ثورة الجياع”، وزيادة معدلات الفقر المتقع، وانتشار البطالة، وغياب دور الدولة الاجتماعي في رعاية الأسر الفقيرة والمحتاجة، أم أنه محاولة لملء الفراغ الذي أحدثه غياب الإخوان المسلمين ومؤسساتهم وجمعياتهم الخيرية، والدور الذي كانوا يقومون به؟

قبيل أيام من شهر رمضان، أصدر الفريق أول صدقي صبحي، القائد العام للقوات المسلحة وزير الدفاع والإنتاج الحربي، أوامره بإعداد وتجهيز مليون ونصف المليون حصة ترفيه غذائي وتوزيعها في العديد من محافظات الجمهورية من خلال الجيوش والمناطق الميدانية، بالتنسيق مع مديريات التضامن الاجتماعي والجمعيات الأهلية بالمحافظات لتوزيعها على المستحقين من الفئات الأكثر احتياجًا من خلال نقاط صرف ثابتة ومتحركة تشرف عليها القوات المسلحة بالقرى والنجوع والأحياء والمناطق الأكثر فقرًا.

المخابرات

بيان للعميد محمد سمير، المتحدث العسكري، في «فيسبوك»، قال فيه إنه في نطاق المنطقة المركزية العسكرية يجرى حاليًا توزيع أكثر من (351) ألف حصة غذائية رمضانية بكل من محافظات القاهرة والجيزة والمنوفية والقليوبية والفيوم وبني سويف والمنيا، ويقوم الجيش الثاني الميداني بتوزيع أكثر من (215) ألف حصة رمضانية بكل من الإسماعيلية وبورسعيد والدقهلية والشرقية ودمياط ومدن وقرى محافظة شمال سيناء، كما يتم توزيع (75) ألف حصة غذائية بنطاق الجيش الثالث الميداني بكل من محافظتي السويس وجنوب سيناء لأهالي القبائل والعشائر والتجمعات السكانية.

ووفقًا لبيان المتحدث العسكري، تقوم المنطقة الشمالية العسكرية بالتعاون مع مديريات التضامن الإجتماعي والجمعيات الأهلية بمحافظات الإسكندرية وكفر الشيخ والغربية والبحيرة بتوزيع (200) ألف حصة غذائية على المواطنين من أبناء المحافظات، وتقوم المنطقة الجنوبية العسكرية بتوزيع (370) ألف حصة غذائية رمضانية على المواطنين بكل من أسيوط وسوهاج وقنا والبحر الأحمر والأقصر وأسوان والوادي الجديد وحلايب وشلاتين، كما تقوم المنطقة الغربية العسكرية بتوزيع (69) ألف حصة رمضانية على المواطنين في محافظة مطروح.

وأضاف البيان أن القوات البحرية والجوية والدفاع الجوي وحرس الحدود، تقوم بتوزيع أكثر من (120) ألف حصة غذائية على المواطنين في نطاق القواعد والوحدات العسكرية والنقاط الحدودية التابعة لها على مستوى الجمهورية، وقد حرصت القيادة العامة للقوات المسلحة على الإعداد والتجهيز الجيد للحصص التموينية المقدمة للمواطنين، وذلك بالتنسيق بين هيئة الإمداد والتموين وجهاز الخدمات العامة للقوات المسلحة.

“الإخوان المسلمون”، اتهموا من قبل الأحزاب والتيارات السياسية، بل من قبل الأجهزة الأمنية بأنهم يقومون بتوزيع السكر والزيت، وشنط رمضان، ولحوم الأضاحي، والزكوات والصدقات على الفقراء والمحتاجين، لشراء أصواتهم الانتخابية، وحتى تقوم الأسر الفقيرة بانتخابهم، وظلت هذه “النغمة” التي يرددها السياسيون المختلفون مع الإخوان، حتى جاء “الجيش” ليقوم بالدور نفسه الذي يقوم كان يقوم به الإخوان، فهل صار الجيش بديلًا عن “الإخوان”؟ وهل يحاول القيام بدور سياسي في ظل الفراغ الموجود؟ وأين دور وزارة الشؤون الاجتماعية ومؤؤسات الضمان ودور رجال الأعمال الاجتماعي؟

الأخطر من دور الجيش في توزيع “السكر والزيت”، هو دخول الاستخبارات العامة في هذا المجال، والإعلان رسميًا عن قيام فرق الاستخبارات العامة -علنًا- بتوزيع “السكر والزيت والأرز” في مدن وقرى مصرية، وتحت لافتات الاستخبارات العامة، في سابقة لم تحدث من قبل منذ إنشاء جهاز المخابرات العامة في الدولة المصرية الحديثة؟

كان أول إعلان للاستخبارات العامة عن توزيع السكر والزيت والأرز في مدينة أسيوط بصعيد مصر، ثم في محافظة المنيا؛ حيث أعلن اللواء طارق نصر، محافظ المنيا، توزيع جهاز المخابرات العامة 8 آلاف كرتونة سلع مواد غذائية مجانية، على الأسر الفقيرة والحالات الإنسانية، ومستحقي معاش الضمان الاجتماعي بالمحافظة، في إطار تخفيف العبء عن المواطنين المحتاجين والأولى بالرعاية والمستحقين من الفئات الأكثر احتياجًا على مستوى قرى المحافظة، خاصة في المناطق النائية والأكثر فقرًا بمناسبة شهر رمضان الكريم، وأضاف أن هناك تنسيقًا بين المحافظة ووكلاء وزارتي التموين، والتضامن الاجتماعي لضمان وصول المواد الغذائية لمستحقيها، ويتم التوزيع بناءً على الإحصائيات المعدة دون السماح بأي نوع من التجاوزات في توزيعها.

وأعلن محافظ بني سويف، أن جهاز المخابرات العامة، قام بتوزيع 2000 “كرتونة” رمضانية، على الأسر الفقيرة فى محافظة بنى سويف، وأن ذلك يأتى فى سياق التعاون مع مؤسسات الدولة، لـ”توفير السلع الغذائية الأساسية بأسعار مناسبة، وتخفيف الأعباء عن كاهل المواطنين”.

إن تدخل المخابرات، كما رأينا في بني سويف، لتوفير غذاء أقل تكلفة لفقراء المصريين، لا يمكن تفسيره إلا من خلال منظور “أمني- اجتماعي”.. فالمخابرات لم تقدم إلى مثل هذه المبادرة، إلا بعد تيقنها بأن ثمة فراغًا كبيرًا قد اعترى المجتمع الأهلي والعمل الخيري، قد أثر كثيرًا في تقليل الإحساس بالجوع والفقر والعوز، لدى قطاع كبير من الأسر المصرية، وهو فراغ قد يعزز من مشاعر السخط والتذمر بين الطبقات المحرومة، فيما لا يمكن لأحد التنبؤ بخطورة مآلاته، وما إذا كان قد يفضي بالتراكم، وبمضي الوقت إلى “ثورة جياع” أو إلى اضطرابات اجتماعية وأمنية، في بلد يكابد مشقة كبيرة، لتهدئة أوضاعه الداخلية شديدة الهشاشة.

كما إن هناك تراجعًا كبيرًا في العمل الإغاثي والخيري الإسلامي. وأن هذا الفراغ، بلغ حدًا خطيرًا في مصر، بعد 30 يونيو، وتفكيك البنية المالية والتنظيمية للإخوان، فضلًا عن انسحاب السلفيين والجمعية الشرعية، من صدارة المشهد؛ خوفًا من الملاحقات القضائية وحملات التحريض على الفضائيات، وخلت معظم قرى مصر، من الجهود التي كانت قد استقرت كتقاليد في رمضان وفي غيره من شهور السنة، من إطعام وإيواء وتزويج وعلاج، كان يتحمله المجتمع الأهلي، ويخفف العبء عن الدولة، ويحميها من التذمر الشعبي، فهل صار الجيش والمخابرات يقومون بمهمة “الإخوان”؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى