*الفاشية الدينية بين الحقيقة والإفتراء

* وبالرجوع إلى عمق التاريخ , فإننا نجد أن أصل هذا المصطلح ” الفاشية الدينية يجد أنها هي حركة إيطالية سياسية شمولية
أسسها ” موسولينى ” فى 1919 . وهى تمثل أحد أشكال الأنظمة الحاكمة الديكتاتوريّة، وتفرض سيطرتها على جميع الأنشطة في المجتمع، ومنها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. وفيها تتدخل الحكومة بكل تفاصيل حياة الأفراد، لذلك تعد نفسها فوق الجميع. الفاشية فوق الجميع كما أعلنها ” موسولينى ” . وقد دعت هذه الحركة تحت قيادة موسولينى لجملة من المبادئ السياسية والاقتصادية ، فنادت بتمجيد الدولة , كل شيء للدولة ، ولا شيء ضد الدولة ، ولا شيء خارج إطار الدولة . إذ وصفها مؤسسها بأنها فكرة سياسية دينية قومية . و قد زاد فى انتشار هذه الحركة الفاشية بعد أن وضعت الحرب العالمية الأولى أوزارها ، وتدهور قيمة العملة الإيطالية وانتشار البطالة بين صفوف الشعب ، وارتفاع الأسعار وإغلاق أبواب الهجرة وتزايد الاستيراد من الخارج ، فانطلقت الاضطرابات والتمرد وأصبحت البلاد على شفا حرب أهلية . فوجدت المناخ الملائم والتربة الخصبة لكى تنمو وتترعرع وتنتشر.أما عن طبيعة دور الحزب الفاشي ، فقد ورد في المادة الأولى من النظام الداخلي للحزب القومي الفاشي : ” الحزب القومي الفاشي هو ميليشيا مدنية في خدمة الدولة ” . أما الزي الرسمي للفاشية ، فكان عبارة عن ” قميص أسود “ حيث عرف الفاشيون ب “ ذوي القمصان السوداء “ . واللون الأسود يرمز لدى الإيطاليين إلى الحداد والخيبة فأصبح عند الإيطاليين يرمز إلى ” الوطنية الفاشية.* وفى أوروبا أيضا برزت الفاشية الدينية بشراسة وبطريقة أكثر بشاعة وهمجية ووحشية . فقد كان يتم حرق و قتل العلماء و المفكرين إبان العصور الوسطي لأنهم قالوا أن الأرض ليست مركز الكون وهذا ما يخالف الاعتقاد القويم الذي اعتمدته الكنيسة الكاثوليكية آنذاك ، تم حبس ” غاليليو” آخر 3 سنوات من عمره فى منزله تحت الإقامة الجبرية ، تم قتل عشرات العلماء و المفكرين و الفلاسفة لأنهم خالفوا الكنيسة . فهل يوجد فى الإسلام سلطة للمسجد كسلطة الكنيسة يمكنها من حرق العلماء فى الميادين العامة إن هم خرجوا عن سلطته.؟ هل يوجد فى الإسلام مايدل على هذا الاتجاه وما يشير لهذا الفكر المتخلف المظلم ..؟ إن آيات كثيرة فى القرآن الكريم تحث على التفكر فى خلق الله وعلى التدبر وعلى البحث العلمي الذى يفيد البشرية ولايوجد سلطة للمسجد على العلماء لكى لايفكروا ويخترعوا ويبدعوا فى شتى المجالات العلمية . فأين الدولة الدينية .؟ إنها فقط تقبع فى قاع عقول اليساريين والعلمانيين والماركسيين الذين يناصبون الإسلام العداء ظاهرا وباطنا .
* نخلص من كل ماسبق ذكره أن الإسلام برئ براءة الذئب من دم ابن يعقوب من تهمة الفاشية الدينية وما يترتب عليها من آثار سلبية . وإذا وجد من يتبناها أو يؤمن بها أو يحاول تطبيقها فإن ذلك يعود لسوء فهم وخبث طوية فيما وصلوا إليه من معتقدات . والدين الاسلامى برئ من أي دعوة أو نظرية أو تطبيق تدعو لحصار العقل والقبض عليه وسجنه فى زنزانة الجهل والتخلف . لقد أتى الإسلام لتحرير البشرية من عبادة الأوثان سواء كانت حجرية أو بشرية . وأطلق العنان لحرية العقل فى الفكر والإبداع لخدمة المجتمع . كما لا يوجد فى الإسلام ولاية الفقيه التى يتبناها الشيعة لأنه لا أحد معصوم من الخطأ والكل يأخذ من كلامه ويترك إلا المعصوم صلى الله عليه وسلم . يجب تحرير المصطلحات مما علق بها من شوائب ضبابية أعمت العيون ورانت على القلوب وأغلقت العقول لإعطاء كل ذى حق حقه . إن هذا المقال ليس إلا محاولة متواضعة لضبط بعض المفاهيم المغلوطة التى حاول أصحابها إلصاقها بدين الإسلام السمح الحنيف من باب التشويش والتشويه فقط . “ يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم والله متم نوره ولو كره الكافرون ” والله تعالى من وراء القصد والنية .