تكنولوجيا

“آي بي تي في”.. ماذا تعرف عن نتفلكس الفقراء؟

تقنية الآي بي تي في IPTV أو تلفزيون بروتوكول الإنترنت هي تقنية نرى تطبيقاتها حولنا في كل مكان، وهي ببساطة تعني تحويل البث المباشر للفيديو من موجات راديو تلفزيونية إلى نبضات ضوئية يتم بثها عبر الإنترنت، ببساطة تطبيقات الآي بي تي في لا تحصى بدءاً من نتفلكس وحتى السيرفرات الخاصة.

يمكن تقسيم خدمات الآي بي تي في إلى نوعين: الأولى هي المشاهدة حسب الطلب أو Video On Deman VOD وهي في أبسط تطبيقاتها أشياء مثل نتفلكس ويوتيوب، حيث تتواجد مكتبة من الفيديوهات على خوادم مقدم الخدمة وتقوم أنت بتشغليها في الوقت الذي تريده، وهناك أيضاً خدمة البث المباشر أو live straming وهي تعني أنك تشاهد بثاً مباشراً إما لشخص آخر عبر الإنترنت مثل خدمات twitch و Facebook Live أو أنها لقنوات بث تلفزيوني عادية مثل مشاهدة المباريات.

تزايد سرعات الإنترنت مؤخراً في العديد من الدول حول العالم وتطور تقنيات الآي بي تي في أتاح سوقاً سوداء جديدة بدأت منذ أعوام لكنها في أوّج مجدها الآن خصوصاً بعدما منعت شركة الإنتاج العربية الأكبر والمملوكة لجهاز المخابرات العامة المصرية “سينرجي” عرض إنتاجها من مسلسلات رمضان بشكل مجاني على منصة يوتيوب، وأصبحت المسلسلات تعرض حصرياً عبر منصات مدفوعة مثل منصة “شاهد” المملوكة لمجموعة إم بي سي السعودية، ومنصة “واتش إيت” المملوكة للدولة المصرية.

بسبب تطور خدمات الآي بي تي في عبر اختلاف المنصات كانت هناك حاجة لتوحيد معايير البث وطريقته حول العالم، ولذلك فإن هناك العديد من البرامج الجاهزة لاستقبال خدمة الآي بي تي في على أية أنظمة تشغيل سواء بيئات الهواتف الذكي مثل أندرويد وآي أو إس، أو أنظمة تشغيل الحواسب الشخصية مثل ويندوز وماك أو إس، وحتى أنظمة تشغيل التلفاز الذكي، يمكنك تحميل أية برنامج معّد مسبقاً لاستقبال الآي بي تي في من سيرفرات البث وهناك برامج مجانية تقوم بهذه الميزة مثل مشغل الميديا الشهير VLC Player، أو يمكنك شراء نسخة مميزة من تلك البرامج مقابل مبلغ بسيط من المال والتي في العادة تحوي ميزات إضافية كإمكانية تسجيل البث المباشر أو استقبال البث بجودات أعلى. وأخيراً يأتي اشتراك السوق السوداء والذي يتوفر عبر العديد من مقدمي الخدمة الذين يديرون عدداً من الخوادم الخاصة التي يبثون عبرها العديد من قنوات الستالايت المفتوحة والمشفرة، في العادة يتراوح الاشتراك السنوي لتلك الاشتراكات ما بين 15 إلى 50 دولاراً أمريكياً، ويتوقف هذا على عدد القنوات المتاحة وحجم مكتبة المحتوى الموجودة على الخادم.

يقوم مقدمو الخدمة في السوق السوداء ببرمجة بعض الخوادم على إعادة توجيه البث التلفزيوني لعدد ضخم من القنوات التلفزيونية في عدة دول عبر العالم، بسبب رخص البنية التحتية المطلوبة لتقديم مثل هذه الخدمة وبفضل تقنيات مثل IP multicasting التي تسمح للخادم بأن يقدم البث للعديد من الجهات في نفس الوقت بشكل متوازٍ، يمكن لأية شخص على معرفة بأساسيات تكنولوجيا الآي بي تي في إنشاء خادم بث خاص للقنوات المختلفة بتكلفة لا تتعدى بضعة دولارات والبدء في التسويق لها عبر الإنترنت والربح من الاشتراكات، وما عليه سوى التأكد من إبقاء الشبكة تعمل وتحديث مكتبة الأفلام والمسلسلات المقرصنة بشكل دوري. 

لعل من أسباب ازدهار السوق السوداء للآي بي تي في هو موجة المهاجرين العرب إلى دول الاتحاد الأوروبي بسبب الأحداث السياسية في المنطقة العربية، وبسبب صعوبة الوصول إلى محطات التلفاز العربية والمحتوى العربي والسهولة والرخص النسبي لخدمات الآي بي تي في جعلها الخيار المفضل لدى المهاجرين، وعلى الرغم من عدم قانونية خدمات الآي بي التي تنتهك حقوق البث والملكية الفكرية للعديد من شركات الإنتاج والتلفزيون العربية والعالمية من الناحية النظرية، فإنه بسبب صعوبة انتهاك خصوصية مستخدمي الإنترنت ومعرفة تاريخ تصفحهم، وأيضاً بسبب استخدام العديد من مستخدمي الخدمة خدمات الخوادم الافتراضية VPN فإنه يصعب عملياً مطاردة الأشخاص الذين يستخدمون خدمات الآي بي تي في.

وبسبب الرخص النسبي لإعادة توجيه البث عبر خوادم افتراضية، يتنافس مقدمو الخدمة في السوق السوداء على المشتركين، فهناك مَن يقدمون إمكانية تفعيل الاشتراك على أكثر من شاشة، وهناك تنافس في تقديم أحدث محتوى مثل مسلسلات رمضان أو تقديم عدد أكبر من القنوات، ولكن لعل أطرف الأشياء هو أن بعض مقدمي الخدمة ينشئون قنوات بث جديدة بأسمائهم وتكون بناءً على طلب المشتركين، فربما ترى قناة تعرض أفلام نتفلكس المقرصنة دون توقف، أو قناة تعرض أفلام عادل إمام فقط طوال الوقت.

لكن أكبر المتضررين من هذه السوق السوداء ليست شركات الإنتاج الفني التي تتكبد الكثير من الخسائر بسبب المحتوى المقرصن المتاح على هذه الخوادم الخاصة، ولكن في الحقيقة إن أكبر المتضررين هي الشركات التي تحتكر بث الفعاليات الرياضية المختلفة مثل الدوري الإنجليزي على سبيل المثال ومجموعة بين سبورت.

في النهاية توفر السوق السوداء لخدمات الآي بي تي في خليطاً يوفر على المشاهد الاشتراك في الكثير من الخدمات، فمحتوى كل من إتش بي أوه بالإضافة لنتفلكس وكذلك المحتوى الخاص بالمشاهد العربي كقنوات الساتلايت أو حتى المباريات تصبح على بُعد ضغطة زر باشتراك سنوي يقل عن اشتراك نتفلكس لشهر واحد في بعض الأوقات، لكن في المقابل تتكبد الشركات الكبرى خسائر هائلة تصل إلى 25 مليار دولار سنوياً ما قد يتسبب في تراجع الصناعة في المجمل خاصة في وقت ركود اقتصادي عالمي. 

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى