تقارير وملفات إضافية

كلهم بنكهة بوتفليقة.. المرشحون الخمسة لرئاسة الجزائر، صفة مشتركة تجمعهم، فهل بينهم مَن يمثل الشعب؟

صدمة أصابت الشارع الجزائري بعد إعلان الهيئة المستقلة العليا للانتخابات في الجزائر عن قائمة المرشحين الخمسة للرئاسة الذين استوفوا الشروط القانونية لدخول سباق الرئاسيات المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019.

القائمة النهائية المعلن عنها مساء السبت  2 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 اعتبر البعض أنها جاءت بهذا الشكل المثير للجدل نتيجة هندسة مسبقة قامت بها السلطة وتأثير على قرارات الهيئة المستقلة للانتخابات، في حين يروج أنصار السلطة لمقولة «نرضى بهذه الأسماء أفضل من دخول النفق المظلم ومرحلة الفوضى».

القائمة توضح عدد المرشحين الذين سيدخلون غمار الرئاسيات المقبلة قبل نهاية فترة الطعون في 6 نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

وهي تضم خمسة مترشحين من بينهم أربعة يمثلون أحزاباً، وواحد دخل المنافسة مستقلاً.

قبلت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات رسمياً ملفات خمسة مترشحين والذي يكاد يجمعهم جميعاً عامل مشترك أنهم تابعون للسلطة بشكل أو بآخر وبدرجات مختلفة.

1- عز الدين ميهوبي (60 سنة):  وزير سابق للثقافة وروائي وشاعر وصحفي رياضي سابقاً، تولى منصب الأمين العام بالنيابة في حزب التجمع الوطني الديمقراطي الموالي للرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، بعد وضع الأمين العام السابق أحمد أويحيى رهن الحبس المؤقت لمتابعته في قضايا فساد.

2- عبدالقادر بن قرينة رئيس حزب حركة البناء (57 سنة): وزير سابق للسياحة والصناعات التقليدية كما تقلد منصب نائب رئيس للمجلس الشعبي الوطني الذي انتمى إليه لمدة 13 سنة، يحمل شهادة الدراسات العليا في الإلكترونيات، وفي العلوم السياسية تخصص دبلوماسية، وكان مع السياسي محفوظ نحناح من مؤسسي حركة مجتمع السلم وهذا الحزب حالياً يقاطع الانتخابات.

3- علي بن فليس (75 سنة) : رئيس حزب طلائع الحريات المعارض لحقبة حكم الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة، علي بن فليس (75 سنة)، هو الآخر من الشخصيات التي استوفت شروط دخول سباق الرئاسيات، وهو رئيس حكومة وأمين عام سابق لحزب جبهة التحرير الوطني،  تولى أيضاً وزارة العدل ، وهو خريج كلية الحقوق بجامعة الجزائر في عام 1968 بشهادة ليسانس.

4- عبدالعزيز بلعيد (56 سنة)، رئيس حزب جبهة المستقبل: قيادي سابق في عدّة تنظيمات طلابية على غرار الاتحاد الوطني لطلبة الجزائريين والاتحاد الوطني للشبيبة الجزائرية وفي صفوف حزب جبهة التحرير الوطني أيضاً قبل تأسيس حزبه في سنة 2012.

5- عبدالمجيد تبون (73 سنة): المرشح الوحيد الذي دخلاً مستقلاً ومن دون انتماء حزبي حتى الآن، وسبق أن تولى منصب الوزير الأول (رئيس الوزراء) في 2017 لفترة قصيرة قبل إقالته واستبداله بأحمد أويحيى المودع في السجن حالياً، وهو خريج المدرسة الوطنية للإدارة في اختصاص اقتصاد ومالية 1965، وعضو في عدّة مناسبات ضمن الحكومات المتعاقبة منذ 1991 .

 تسارعت ردود الفعل الشعبية بعد الإعلان عن قائمة المرشحين المقبولة ملفاتهم للرئاسيات المقررة في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، ووصف الكثيرون هذه القائمة «بالصدمة» التي أصابت الجزائريين.

 وقال المرشح السابق للرئاسيات والناشط السياسي مداني عبدالمومن في تصريح لـ «عربي بوست»: «إن الأسماء التي كشفت عنها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات، هي باختصار طبيخة النظام، ولها من عهد الرئيس المستقيل بوتفليقة نصيب من التسيير والحكم».

فباستثناء عبدالعزيز بلعيد الذي كان مسانداً للنظام من بوابات التنظيمات الطلابية، لكنه لم يشغل أي منصب وزاري، فكل من بن فليس، تبون، ميهوبي، وبن قرينة، كان لهم مهام رسمية موكلة لهم من قِبل الرئيس عبدالعزيز بوتفليقة». 

وبالتالي يرى مداني أن القائمة المعلن عنها هي قائمة مستهلكة ولا يمكن أن يرضى عنها الشعب في ظل الحراك المستمر، والذي كشف أن الانتخابات في الوقت الحالي لا يمكن أن تضمن السلطة شفافيتها.

وهو ما يذهب إليه الإعلامي بقناة  دزاير عبدالنور جحنين، الذي اعتبر القائمة تضم أسماء مرتبطة بشكل أو بآخر بالنظام السابق سواء من خلال توليها مماثل وزارية سابقة كما هو الحال مع تبون وبن فليس وميهوبي وبن قرينة أو المشاركة في استحقاقات انتخابية مزورة سابقاً والرضا بنتائجها بالنسبة لبلعيد.

وقال جحنين في تصريح لـ «عربي بوست» «هؤلاء المترشحون كانوا من المساندين للنظام السابق والعهدة الخامسة، وعلى الرغم من التلون المسجل في التصريحات مؤخراً، عن كونهم انضموا للحراك ومطالب الشعب، إلا أن الشارع لا يزال يربطهم بنظام  الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة».

سامر بن مبروك أحد الناشطين في الحراك يقول لـ «عربي بوست»: «في آخر أيام إيداع ملفات الترشح للرئاسيات المقبلة، كنا شبه متأكدين من أن القائمة النهائية ستضم أسماء كلها ضالعة في حكم الرئيس بوتفليقة وهو ما تم فعلاً».

يعتبر المتتبعون ما ورد في القائمة الأخيرة لهيئة الانتخابات في الجزائر، ما هو إلا قرار بتمديد فترة الرئيس المستقيل عبدالعزيز بوتفليقة، بعهدة جديدة، وهي العهدة الخامسة التي خرج لرفضها الشارع في 22 فبراير/شباط 2019.

ويقول المحلل السياسي عبدالله حريزي إن السلطة اجتهدت من أجل أن تحافظ على دمائها لعام إضافي، وها هو ذلك العام يشرف على نهايته بعد 9 أشهر من الحراك دون نتيجة، وها هي اليوم تريد ضمان العهدة الخامسة بشكل مغاير.

وقال حريزي لـ «عربي بوست»: «إن الخماسي المقبول لخوض غمار الرئاسيات، هي أسماء تملك من عهد الرئيس بوتفليقة نصيباً، أكان بحمل حقائب وزارية، أو بدعم من المنظمات الطلابية وحزب الأفلان (جبهة التحرير الوطني)».

ولا يستبعد أن يتحرك الحزب الحاكم في الجزائر، جبهة التحرير الوطني، لدعم مرشح ما، وهو الذي سيكون رئيساً للجمهورية، ويقول في هذا الشأن: «حقيقة الحزب العتيد لم يقدم مرشحاً يمثله، لكنه لن يتأخر في دعم اسم مع بداية الحملة الانتخابية، وقد يكون تبون بدرجة أكبر».

قائمة المترشحين في نظر الإعلامي عبدالنور جحنين: «أشبه بامتداد العهدة الرابعة للرئيس بوتفليقة  أو الدفع بالخامسة بوجه جديد، حتى وإن تغيرت التوجهات وقلب المترشحون صفحة النظام السابق».

يضيف قائلاً: «فالظاهر أن المترشحين خرجوا بتصريحات تتهم النظام السابق بالتضحية بهم، ما دفعهم للتنحي أو الإقالة الفوقية، وهم يحاولون تجميل ماضيهم وتبرئة ذممهم وإقناع الشعب بحاضر ومستقبل مغاير، وهو امتحان عسير وصعب أمام حراك شعبي يرفض الرموز السابقة ويتطلع إلى وجوه لم تشارك النظام السابق في أي فترة من فترات فساده»

رواد مواقع التواصل الاجتماعي هم أيضاً اعتبروا القائمة بمثابة عهدة جديدة لبوتفليقة.

إذ كتب الإعلامي عبد الوهاب نسيم: «5- أمطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك»، في إشارة إلى أن أياً كان الفائز فهو تابع للسلطة.

5 – امطري حيث شئت فسوف يأتيني خراجك

فيما كتب الناشط مهدي شوادرة، بأسلوب ساخر: «خمسة في عينين الحساد».

الآن وبعد الكشف عن الأسماء الخمسة التي ستدخل غمار الرئاسيات بشكل رسمي في 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، يتساءل الجزائريون والمتابعون: مَن يكون مرشح الجيش والرئاسة؟

وفي هذه النقطة يقول الناشط السياسي والمرشح السابق للرئاسيات عبدالمومن مداني: «إن السلطة ومن ورائها مؤسسة الجيش، تناور بل تلهي الجميع باسم عبدالمجيد تبون، لكن الحقيقة عكس ذلك، لأن الاسم الذي ستدعمه المؤسسة العسكرية يكون شاباً وديعاً لا يقول أبداً «لا».

ويتوقع «أن يكون رئيس حزب المستقبل عبدالعزيز بلعيد مفاجأة الانتخابات المقبلة، فهي شخصية تم طبخها على نار هادئة من قِبل السلطة، وكانت من أكبر الداعمين لسياسة بوتفليقة لما كان قائداً لمنظمة طلابية بالجامعة».

ويضيف قائلاً: «السلطة ومؤسسة الجيش تعلمان جيداً أن دعم أصغر المرشحين سناً، وأبعدهم شكلاً عن المشاركة المباشرة في حكومات بوتفليقة المتعاقبة، سيكون لها نتائج لصالحها». 

ويتوقع أن يصل ميهوبي وبلعيد إلى الدور الثاني، ليعلن بعدها بلعيد رئيساً للجمهورية وبن قرينة رئيساً للوزراء.

وفي نفس الاتجاه تقريباً، نشر الكاتب والمحلل السياسي فاروق معزوزي، عبر حسابه الرسمي بفيسبوك، وتوقع فوز عبدالعزيز بلعيد برئاسة الجمهورية، بعد بلوغه الدور الثاني برفقة المرشح عز الدين ميهوبي.

24 ديسمبر: الدور الثاني بين ميهوبي وبلعيد.2 جانفي: بلعيد يؤدي اليمين الدستورية.السيستّام = قانون الشجرة..يغير أوراقه لا جذوره.

أما الإعلامي عبدالنور جحنين فيرى أن مؤسسة الجيش،  ومعها السلطة «لن تُظهر أي دعم علني، ولكن يبقى تبون وبن فليس المقربين من الجيش لإدارة ظهرهما للنظام السابق».

غير أنه يرى أن بن قرينة قد يكون عنصر المفاجئة مثلما حدث في البرلمان بتزكية سليمان شنين.

المحلل السياسي الجزائري عبدالله حريزي يختصر هذه النقطة في قوله: «الجيش والرئاسة ليستا قلقين من مسألة اسم المرشح، لأن كل المترشحين الخمسة من رحم النظام، ولا يمكن لأحد منهم أن يزعج الآخر».

قائمة الخمسة التي كشف عنها المنسق الوطني للهيئة المستقلة للانتخابات، في نظر الناشط السياسي والقيادي في حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية المعارض عثمان بن صيد، ستكون وقوداً إضافياً لاشتعال الحراك.

ويؤكد عثمان بن صيد في حديثه لـ «عربي بوست» «أن الفئة التي كانت تأمل في الانتخابات كحل للخروج من الأزمة، تأكدت بعد نشر قائمة المترشحين الخمسة، بأن النظام السابق مستمر في الحكم والأسلوب».

وقال: «لقد تأكد هؤلاء أيضاً أن الهيئة العليا المستقلة لتنظيم الانتخابات هي الأخرى مازالت تسير بالهاتف والإملاءات، وبالتالي تأكد الجميع أن الانتخابات التي يروِّج لها الجيش والسلطة لعبة باتت مستهلكة».

ويقول إن «الحراك بداية من الجمعة القادم سيعرف عودة الفئة التي كانت تؤمن بشفافية ونزاهة الانتخابات، وتبني آمالها على أفكار الخوف من المؤسسة العسكرية».

وهو ما يؤكده الإعلامي عبدالنور جحنين الذي قال لـ «عربي بوست»: «رد الشعب والجماهير سيكون الجمعة المقبل، ويتوقع أن تتضاعف أعداد المتظاهرين بعد الكشف عن قائمة المقبولين لسباق الرئاسيات».

وأظهر فيديو منتشر على مواقع التواصل الاجتماعي ثلاثة شباب، يدعون إلى استمرار الحراك بعدما كانوا سابقاً ضده، ويدعون للانتخابات.

مع الإعتذار

 بعد الإعلان عن قائمة الخمسة المعنيين بسباق الرئاسيات في الجزائر، بدأت الشخصيات المقصية عن الانتخابات تُبدي رأيها فيما حدث.

وقد بث المرشح الحر والخبير الاقتصادي فارس مسدور مقطع فيديو على صفحته الرسمية، ينتقد فيها قائمة المرشحين، ويدعو الشعب إلى مواصلة الحراك إلى أن تتحقق جميع مطالبه المشروعة.

وقال في كلمته: «الملاحظ في القائمة المعلن عنها أنها لم تغير شيئاً، ولم تأتِ بالجديد، وبالتالي أدعو جميع المخلصين إلى مواصلة الحراك من أجل مستقبل الوطن، واعداً أنصاره بعدم السكوت والطعن لاسترداد حقه في الترشح».

هذا تعليقنا عن نتائج رفض ملفنا الإنتخابي#فارس_مسدور

المرشح الحر والأستاذ الجامعي خرشي النوي، بدوره، بث مقطع فيديو عبر حسابه الشخصي بفيسبوك، استغرب فيه إقصاء ملفه عن الترشح للرئاسيات، وطالب الهيئة العليا بتوضيحات حول هذا الإقصاء، كما طالب الجميع بمواصلة النضال.

بعد الإعلان عن القائمة المعنية بالمترشحين للرئاسيات المقبلة، طمأن رئيس الهيئة العليا للانتخابات في الجزائر، مولود شرفي الجزائريين بأن الانتخابات ستكون نزيهة وشفافة، وأن الهيئة أحرص من أي شخص آخر في هذا الشأن.

وقال شرفي في لقاء إعلامي: «نحن نتطلع إلى انتخابات تشبه الانتخابات الإيطالية والألمانية، من حيث الصدق والشفافية، وحتى طريقة مراقبة الانتخابات، لأنها دول لا تعتمد على مراقبين دوليين للعملية».

وأكد شرفي دعوته لجميع المواطنين، الطلبة والجامعيين لمشاركة الهيئة في عملية مراقبة صناديق الاقتراع، مشيراً إلى أن «الهيئة خصصت 600 ألف موظف لتنظيم الانتخابات، وعندما يكون هذا العدد مخلصاً فلا داعي للمراقبة الدولية».

لكن الإعلامي عبدالنور جحنين، يتوقف عند هذه النقطة بالقول: «نعم هذه المرة قد تضمن السلطة والجيش نزاهة الانتخابات، لأنه ببساطة ضمنت الأسماء الخمسة التي تبحث عنها، ومن يأتي فهو مرحب به من فوق».

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى