آخر الأخبارتقارير وملفات

ليبيا بين المحاكم الطائرة 1911-1931والمحاكم الثورية 1969- 2011

1911- 1931المحاكم الطائرة اثناء الغزو الإيطالي

بقلم الأستاذ الكاتب المُعَلِّمُ

فرج كندي

تعرض الشعب الليبي لأبشع أنواع القتل والتشريد والتنكيل علي يد جحافل الغزاة الطليان المدججين بأحدث السلاح في ذلك الوقت مصطحبين معهم عقيدة الرغبة في الانتقام من الإسلام والمسلمين.

سجل ذلك في مشاهد توديع الجنود الايطاليين لأمهاتهم قبيل سيرهم للغزو، وكل هذه الجرائم البشعة كانت تتم بمباركة ” كهنة الكنيسة الكاثوليكية ” الذين كانوا يسيرون خلف الجيش في كل معركة لمباركة أفراده، وتشجيهم على قتل المسلمين دون هوادة أو رحمة، ومنحهم صكوك الغفران التي تضمن لهم دخول الجنة بزعمهم كما أن الفاتيكان أدى دورا رئيسياً في تهيئة الرأي الداخلي والخارجي في غزو ليبيا من أجل إحياء مجد الامبراطورية الرومانية من جديد والقيام بتنصير السكان المسلمين لتقوية نفوذ الكنيسة الكاثوليكية فيها !!

 دفعت الخسة الايطاليين أن يفعلوا عجبا في تاريخ الشعوب خاصة التي تدعي انها متحضرة وتحترم حقوق الانسان  ذلك انهم ابتدعوا نظام غير مسبوق في التنكيل بالشعب الليبي في محاولة يائسة لتركعيه وكسر روح المقاومة لديه بآن انشاء الجزار ” جراتسياني ما يعرف بالمحاكمات الطائرة التي خطط لها بدعم    لإبادة الشعب الليبي قتلا وتهجيرا، فأقاما ما عُرف ” بالمحكمة الطائرة التي كانت هيئتها تنتقل من مكان إلى آخر بطائرة خاصة لتحكم بشنق الليبيين على الفور رجالا ونساء في محاكمات صورية، يقوم فيها أعضاء هيئة المحكمة بالانتقال الي أماكن المتهمين وإصدار الأحكام السريعة والجاهزة مسبقا علي المتهمين ويتم تنفيذ حكم الإعدام فورا وفي نفس المكان، واحيانا بتنفيذه امام حشود الناس لتروعهم وتخويفهم من مصير أي فرد يحاول دعم المجاهدين أو الاتصال بهم.

وكان اكبر وابشع مشهد بلغته الخسة الإيطالية هو مشهد محاكمة شيخ الشهداء عمر المختار في صورة محاكمة صورية هزلية قررت بإعدامه شنقا فنُفذت فيه العقوبة على الرغم من أنه كان كبير السن ومريضًا، فقد بلغ في حينها 73 عامًا امام اكبر حشد من المواطنين الليبيين.

محاكمة عمر المختار رحمه الله:

في الساعة الخامسة مساءً في (15 سبتمبر1931 م) جرت تلك المحاكمة التي أعد لها الطليان مكان بناء (برلمان برقة) القديم، وكانت محاكمة صورية شكلاً وموضوعاً.
ودليل ذلك أن الطليان ـ قبحهم الله ـ كانوا قبل بدء المحاكمة بيوم واحد قد أعدوا (المشنقة) وانتهوا من ترتيبات الإعدام وتنفيذ الحكم قبل صدوره، وإنك لتلمس ذلك في نهاية الحديث الذي دار بين البطل وبين غراسياني؛ حيث قال له: ((إني لأرجو أن تظل شجاعاً مهما حدث لك أو نزل بك)).
ويصف الدكتور العنيزي ذلك فيقول: ((جاء الطليان بالسيد عمر المختار إلى قاعة الجلسة مكبلاً بالحديد، وحوله الحرس من كل جانب.. وكان مكاني في القاعة بجوار السيد عمر، وأحضر الطليان أحد التراجمة الرسميين واسمه نصرت هرمس، فلما افتتحت الجلسة وبدأ استجواب السيد، بلغ التأثر بالترجمان، حدّاً جعله لا يستطيع إخفاء تأثره، وظهر عليه الارتباك، فأمر رئيس المحكمة باستبعاده وإحضار ترجمان آخر، فوقع الاختيار على أحد اليهود، وهو لمبروزو، من بين الحاضرين في الجلسة، وقام لمبروزو بدور المترجم، وكان السيد عمر رحمه الله جريئاً صريحاً، يصحح للمحكمة بعض الوقائع، خصوصاً حادث الطيارين الإيطاليين أوبر وبياتي)).
وبعد استجواب السيد ومناقشته وقف المدعي العام بدندو، فطلب الحكم على السيد بالإعدام. وبعد مضي فترة قصيرة من الانتظار تلى القاضي الحكم بإعدام عمر المختار شنقاً حتى الموت، وعندما ترجم الحكم إلى عمر المختار قهقه بكل شجاعة قائلاً: الحكم حكم الله لا حكمكم المزيف، إنا لله وإنا إليه راجعون.
وأراد رئيس المحكمة أن يعرف ما قاله السيد عمر.. فسأل الترجمان أن ينقل إليه عبارته، ففعل، وعندئذ بدا التأثير العميق على وجوه الإيطاليين أنفسهم الذين حضروا هذه المحكمة.

إعدام شيخ الجهاد في بلادنا الحبيبة:

وفي يوم 16 سبتمبر من صباح يوم الأربعاء من سنة (1931 م) عند الساعة التاسعة صباحاً؛ نفذ الطليان في (سلوق) جنوب مدينة بنغازي حكم الإعدام شنقاً في شيخ الجهاد وأسد الجبل الأخضر بعد جهاد طويل ومرير.
ودفعت الخسة بالإيطاليين أن يفعلوا عجباً في تاريخ الشعوب، وذلك أنهم حرصوا على أن يجمعوا حشداً عظيماً لمشاهدة التنفيذ، فأرغموا أعيان بنغازي، وعدداً كبيراً من الأهالي من مختلف الجهات على حضور عملية التنفيذ، فحضر ما لا يقل عن عشرين ألف نسمة، على حد قول غراسياني في كتاب (برقة الهادئة).
ويقول الدكتور العنيزي: ((لقد أرغم الطليان الأهالي والأعيان المعتقلين في معسكرات الاعتقال والنازلين في بنغازي على حضور المحاكمة، وحضور التنفيذ، وكنت أحد أولئك الذين أرغمهم الطليان على المحاكمة، ولكني وقد استبد بي الحزن شأني في ذلك شأن سائر أبناء بلدتي، لم أكن أستطيع رؤية البطل المجاهد على حبل المشنقة، فمرضت، ولم يعفني الطليان من حضور التنفيذ في ذلك اليوم المشؤوم، إلا عندما تيقنوا من مرضي وعجزي عن الحضور.

1969-2001المحاكم الثورية بعد انقلاب سبتمبر

عقب نكبة ليبيا بانقلاب الفاتح من سبتمبر واستطاعة “ العقيد معمر القذافي ” التخلص من منافسين المحتملين من شركائه في الانقلاب، واخذ يمكن لنفسه في السيطرة علي قرار مجلس الثورة، ثم شرع في القضاء على كل ما ومن يشعر انه قد يقف حجر عثرة اما طموحه في السيطرة على البلاد ولو بالكلمة أو الاعتقاد المخالف لما يقوله أ يومن به.

استطاع القذافي استعادة مشهد الغزاة الطليان الفاشيست من خلال تجربتهم المروعة في محاولة قمع الشعب الليبي ومحاولة إخضاعه لحكومة الامر الواقع الإيطالي الذي أراد القذافي تطبيه حرفيا من خلال فرض سياسة الامر الواقع لنظام حكمه، الذي جاء على ظهر دبابة كما جاء الغزاة الطليان .

استلهم القذافي فكرة إرعاب الشعب وإدخال الرعب والذعر لمنافسيه وعامة الشعب من مدرسة الاحتلال الإيطالي الفاشيستي الذي نكل بالليبيين عبر  التوسع في عملية الإعدامات عبر محاكمات صورية وسريعة تكون امام مشهد اعين اكبر عدد من المواطنين يستطيع جمهم وتحشيدهم بالقوة عبر النقل من أماكن عملهم في المؤسسات التابعة للدولة آو في المؤسسات التعليمية ( الجامعات ) عبر اجبار الطلاب بالحضور بالإضافة الي حضور بعض المنتمين الي النظام والمتعطشين للتنكيل بالضحايا وهم معلقين علي اعواد المشانق والذين كان يطلق عليهم الليبيين (كلاب الدم ) الذين يذكرون بمشاهد تصفيق المتفرجين في المسارح الرومانية ( الامفاثييتر ) اثناء قتل البشر العزل بواسطة الأسود الجائعة بل فاقوا هؤلاء المصفقين بممارسة العنف ضد المعلقين على اعواد المشانق مكبلين!!! .

كانت طريقة القذافي في التنكيل بخصومه متطابقة مع ما فعله الجزار” قراتسياني ” حيث استلهم منه فكرة المحاكم الطائرة واقام نظائر لها، أسماها “المحاكم الثورية” التي لا تقل قسوة واجحاف وظلم وسرعة الحكم والتنفيذ عن محاكم قراتسياني بل تفوقها بشاعة بإطلاق أيدي ( كلاب الدم ) بالاعتداء على المعلقين على أعواد المشانق بالضرب والبصق في وجوههم وهذا ما لم تسمح به محاكم الفاشيست الطائرة !!! 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى