تقارير وملفات إضافية

لا يزال شبح الماضي بأذهانهم.. نعم نجح اكتتاب «أرامكو»، ولكن لماذا يبدو إقبال السعوديين فاتراً؟

الحيرة سيدة الموقف لكثيرين يرغبون في الربح من اكتتاب أسهم شركة أرامكو المخصص للأفراد، فهل نجح اكتتاب أرامكو مع حلول يومه الأخير، الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019.

حتى قبل نهاية اليوم الأخير لِما يوصف باكتتاب القرن مازال البعض يستشير بفتور الأصدقاء والمتخصصين، لاستقاء الآراء حول استغلال الفرصة، فيما آخرون اتخذوا قرارَهم الجريء بالاكتتاب فوراً، لأنه -بحسب تعبيرهم- مجرد اسم «أرامكو» يعد ضماناً.

وبين غريزةٍ تعشق المال ومولعة بالأرباح، وعقلانية تستدعي التأنّي والمراقبة والتحليل ينهي اليوم الخميس محطة اكتتاب الأفراد، وإن كان وقع الانتهاء على شرائح كثيرة من السعوديين والمقيمين يبدو أقل من المتوقع، إن لم يكن فاتراً في رأي البعض.

ربما وكزات أسهم السوق في خاصرتهم قبل أعوام منعتهم اليوم من الهرولة.

ففي تلك الأيام الغابرة ترنّح الجميع أمام ضربات الأسهم الحمراء في البورصة السعودية، حتى إن بعضهم وقتها فارق الأسهم نهائياً، وقيل إن آخرين فارقوا الحياة لهول الصدمة.

وبين مشجّع بسوق بكر واعد مشبع بالأمنيات والأحلام الوردية، بشركة رأسمالها الأضخم في السعودية، وربحية هي الأكبر عالمياً، يرون أنها رصيد للأبناء وحتى للأحفاد مستقبلاً، وآخر محبط يعاود ويذكر بـ «خازوق» سوق الأسهم قبل أعوام، وأنها ربما لعبة مضاربات يضيع فيها صغار المكتتبين.

أعلنت شركة أرامكو السعودية أنّها ستبيع 1,5% من أسهمها بناء على نطاق سعري للسهم الواحد بين 30 ريالاً (ثمانية دولارات) و32 ريالاً (ثمانية دولارات ونصف)، بما يعني أنّها ستحصّل 24 مليار دولار على الأقل من عملية البيع التاريخية.

وينقسم الاكتتاب بطرح 0,5 للأفراد داخل السعودية من المواطنين والمقيمين على السواء، والباقي، أي 0,1 للشركات والمؤسسات.

وستحدّد الشركة التي تضخ نحو 10% من النفط العالمي يومياً، في الخامس من ديسمبر/كانون الأول، السعرَ النهائي للسهم الواحد، على أن يبدأ التداول الفعلي في السوق المالية المحلية بعد ذلك بأيام.

وبناء على السعر النهائي يمكن أن تحصّل أرامكو ما بين 24 و25,6 مليار دولار.

بدأت فترة تقديم الطلبات وعملية اكتتاب المُكتتبين الأفراد في «طرح أرامكو»، الأحد الماضي 17 نوفمبر/تشرين الثاني، وتنتهي الخميس 28 نوفمبر.

ويتوقف الاكتتاب اليوم الخميس 28 نوفمبر/تشرين الثاني 2019 للأفراد، ويستمر للشركات حتى الخامس من ديسمبر/كانون الأول المقبل.

وبحسب «سامبا»، التي تدير الاكتتاب، تم تغطية 102% من أسهم الاكتتاب، وبلغت المبالغ المجمعة 32.6 مليار ريال.

وتعد تغطية الاكتتاب بنسبة تزيد قليلاً عن 100% أمراً لافتاً ومؤشراً محتملاً لفتور الإقبال.

فعادة إذا كان الاكتتاب يلقى حماساً من الجمهور فإنه تتم تغطيته عدة مرات، أي تكون المبالغ المقدمة من قبل المكتتبين أكبر من قيمة الاكتتاب المطلوبة عدة مرات، ويبدو أنه لم يحدث مع أرامكو، رغم الحملة الإعلامية التي تبنتها الدولة السعودية، التي تتعامل مع الاكتتاب باعتباره مشروع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان الشخصي.

كما أن تغطية الاكتتاب بنسبة تفوق 100% بمعدل قليل قد تثير شكوكاً بوجود تدخلات حكومية، لضمان نجاح الاكتتاب والتحسب للحرج الذي قد يسببه حدوث عجز في تغطيته ولو بنسبة قليلة.

ولكن ما قد يُقلل من هذا التفسير هو ضخامة حجم الأسهم المطروحة، مقارنة بأي اكتتاب سابق في البورصة السعودية في الأغلب.

ويتوقع أن يكون اكتتاب أرامكو مع استكماله هو الأكبر في التاريخ.

وقال عضو الهيئة السعودية للاستثمار، الخبير الاقتصادي محمد الدهيش، إن أرامكو شركة واعدة، وعند الحديث عن النفط والكيماويات والبتروكيماويات تكون أرامكو دوماً في الصدارة، ما يشجع الكثيرين على الاكتتاب دون تردد، خاصة أن الاكتتاب ينتهي اليوم الخميس.

وأوضح الدهيش لـ «عربي بوست» أمس، أن طرح أرامكو للاكتتاب يعد فرصة لأي مستثمر صغير أو كبير، سعودي أو مقيم، مشيراً إلى أنه من الطبيعي أن يكون هناك تخوف في البداية، لكن الوعود والضمانات التي قدمتها أرامكو للمكتتبين، ومنها طرح 2.5% من رأسمالها بأرباح متوقعة حسب خطتها تصل بين 4 إلى 5% تعد ضمانات نوعية.

وأضاف: «أنصح أي شخص عنده سيولة نقدية أن يستثمر هذه الفرصة الذهبية بالتبكير في الاكتتاب دون تردد، وهي فرصة لا تعوض، كون الشركة حكومية مئة في المئة، يهمها توفير حوافز للمكتتبين، كما أن إعلانها طرح مليار سهم يعزز خطتها في كسب مكتتبين مؤثرين في السوق السعودي».

وأشار إلى أن طرح أرامكو للاكتتاب في هذا التوقيت يتماشى مع السعي الحكومي لتنويع الاستثمار غير النفطي في الموارد السعودية وزيادة الشفافية، حسب رؤية السعودية 2030، كما أن قيمة الأسهم المطروحة مدروسة بدقة، وتراعي حجم الشركة في الأسواق العالمية.

وبين أن الأجمل أن السوق السعودي يستوعب هذا العدد من الأسهم، وهو مليار سهم من أصل 200 مليار سهم للشركة، بسعر 32 ريالاً، ما ينشط الاستثمارات والصناديق الاستثمارية في السعودية، كما أن طرح أسهم بهذا الحجم هو عنصر جاذب لتنشيط الاقتصاد المحلي.

ورغم أن أرامكو قد تكون واحدة من أكبر الشركات الكبرى في العالم ربحية، كما أنها الشركة الأكبر في العالم من حيث احتياطات النفط، فإنها تواجه مستقبلاً غامضاً بسبب التوقعات بتراجع استهلاك النفط جراء مصادر الوقود البديلة، والخطر الأكبر الذي يواجهها هو السيارة الكهربائية.

وأقرت أرامكو مستشهدة بأبحاث خارجية من شركة IHS Markit، باحتمالية الوصول إلى ذروة الطلب العالمي للنفط خلال العقدين القادمين، في بيانها التمهيدي للاكتتاب العام الأوّلي على جزء من أسهم أرامكو.

ويعد هذا التوقع أقل تفاؤلاً من معظم تقديرات الشركات النفطية الأخرى.

كما تحدّثت الشركة عن احتمال وقوع هجمات جديدة ضد منشآتها بعد الهجمات الأخيرة التي استهدفتها، في منتصف سبتمبر/أيلول الماضي، والتي يعتقد أن إيران تقف وراءها.

إضافة لذلك واجهت أرامكو التي تأسست عام 1933 شكوكاً من قبل المستثمرين الدوليين في لندن ونيويورك، حيال الشفافية التي تحكم الشركة وإدارتها.

وأصدرت الشركة الشهر الماضي نتائج أدائها للأشهر التسعة الأولى من العام الحالي، قائلة إنّها حقّقت أرباحاً صافية بقيمة 68 مليار دولار.

وحقّقت الشركة العملاقة أرباحاً صافية بلغت 111 مليار دولار، العام الماضي، لتتفوق على أكبر خمس شركات نفطية عالمية، وبلغت عائداتها 356 مليار دولار.

وتقدّر أرامكو احتياطات النفط المثبتة بالسعودية بـ227 مليار برميل، والاحتياطات من الهيدروكربون بـ257 مليار برميل.

المحلل الرياضي السعودي وهيب العتيبي قال إن أرباح اكتتاب أرامكو لن تظهر في الفترة القريبة المقبلة، وعلى مَن يكتتب الانتظار على الأقل خمسة أعوام، والتجار الكبار «الهوامير» بالعادة لديهم قدرة على الصبر والتحمل أكثر من المكتتبين الصغار، وغالبية التجار الصغار يبدأون بالتململ من أسهمهم والبدء ببيعها مبكراً، والاختفاء من السوق، لتبدأ لعبة الكبار ذوي الخبرة، ثم تنطلق بعدها مرحلة المضاربة والاستحواذ، ما يدفع صغار المكتتبين إلى الانسحاب النهائي.

وقال مدير شركة علاقات عامة، هاني القحطاني: «إنه لأول مرة منذ تقاعده قبل 14 عاماً يفاجَأ أن راتبه التقاعدي نزل في حسابه قبل موعده بأسبوع، يبدو بحسب تفسيره لتشجيع المتقاعدين على استغلال الفرصة والاكتتاب، مشيراً إلى أنه شخصياً لن يكتتب، وغير مهتم بالاكتتاب.

أما المواطن حسن الحارثي فقال: «اكتتبت من اليوم الأول، فمن كان يحلم أن يكون له أي علاقة يوماً مع أرامكو؟ مشيراً إلى أنه اشترى مئات الأسهم، ولن يبادر لسحبها في الأشهر ولا حتى في الأعوام المقبلة، بل سيتركها للأولاد، بل وحتى للأحفاد».

قال أحد المقيمين الذي اكتتبوا في أسهم أرامكو لـ «عربي بوست»، وهو من الجنسية المصرية، دون أن يفصح عن اسمه، إن العاقل يكتتب بخمس أو ربع رصيده، ولا يغامر بوضع جميع بيضِه في سلة أرامكو، وبعدها إذا حصلت أرباح يكون «خيراً وبركة»، وإذ حصلت خسارة يكون قادراً على تحملها، إذ لا أحد في السعودية ينسى انهيار سوق الأسهم قبل سنوات رغم القفزات الربحية الفقاعية العالية في البدايات.

بينما قال آخرون إنهم لا يعرفون أنه مسموح للمقيمين بالاكتتاب، إذ يعتقد معظمهم أنه مسموح به فقط للسعوديين، كما أن غالبية من التقيناهم كرّروا عبارات متشابهة، منها المقيمون منشغلون بتجديد إقاماتهم التي تلزم جميع الجنسيات بدفع المقابل المالي وهو 400 ريال شهرياً لكل فرد من العائلة، والشريحة الأكبر غير مهتمة وغير متابعة لاكتتاب أرامكو، لأن الالتزامات القانونية لبقائهم في السعودية أرهقتهم، حتى إن بعضهم لا يحق لهم الاكتتاب أصلاً، لأن إقاماتهم منتهية لعجزهم عن السداد، ويقدر عددهم بثلاثة ملايين مقيم.

التجارب السابقة الفاشلة للسعوديين مع سوق الأسهم تؤثر على قرارهم، بحسب ما قاله رجل الأعمال متعب الأحمد لـ «عربي بوست».

وأضاف قائلاً «يخشى كثير من السعوديين من الوقوع في خسارة مشابهة، مشيراً إلى أنه يتابع منذ اليوم الأول لبدء الاكتتاب حركة الأسهم، وسيتخذ قراره اليوم الخميس في آخر ساعة للاكتتاب.

ورأى أن السوق ليس به ضمانات أو وعود، والدليل ما حصل قبل أعوام من انهيار سوق الأسهم وتبخر الملايين، كما أنه من الصعب معرفة ماذا سيكون عليه الحال.

وقال «لكن الملاحظ أن الشريحة الأكبر من الناس غير مهتمة أو متابعة للاكتتاب، رغم الهالة التي تم تسويقها وترويجها في الإعلام، ومنها تمديد دوام موظفي البنوك مع أنه لا يوجد ضغط على الاكتتاب، وتضخيم فكرة منح أسهم مجانية لأي مكتتب سعودي يحتفظ بأسهمه 180 يوماً دون سحبها.

سفير نجد لخّص الاكتتاب بقوله: «عدد إجمالي أسهم أرامكو 200 مليار، تمتلك الدولة 95% منها، أي 190 ملياراً، يطرح منها 5% للاكتتاب، أي 10 مليارات سهم، طرح منها 2% للاكتتاب المحلي، أي 4 مليارات».

وقال الأحمدي «يعلم الجميع مكانة هذه الشركه عالمياً، ولكثرة الاستفسارات عن جدوى الاكتتاب من عدمه أرى أن الاكتتاب في مثل هذه الشركة العملاقة فرصة لمن لديه القدرة المالية، ولكن للاستثمار البعيد، وليس للمضاربة، بل الانتظار على الأقل خمسة أعوام».

رانيا قالت: «تسعى أرامكو لجمع 25.6 مليار دولار من بيع الأسهم المتوقع أن يصبح الأكبر في العالم، وتسعى أرامكو لعقد اجتماعات مع المستثمرين حتى خارج السعودية، لتشجيعهم على الاكتتاب».

أما السامر فقال: «يعني كل مكتتب للأفراد رح يجيه 310 أسهم، وإذا زاد عدد المكتتبين في الساعات الأخيرة اليوم الخميس باعتباره آخر يوم رح تقل الأسهم».

السلمان: «يعني تقريباً للآن اكتتب 250 سهماً، ولو كمل بكرة 5 ملايين يتحصل كل فرد على 200 سهم».

محمد الحبيشي: «بما أننا وصلنا أكثر من 100% معناه كل واحد بيجي له المبلغ اللي اكتتب له، أرامكو بيحطون عدد أسهم مثلاً 2500، أي أحد اكتتب بهالرقم أو أقل راح يجيه اللي اكتتب فيه، وما فوق كذا رح تنحسب نسبة وتناسب».

وحدّدت أرامكو النطاق السعري للطرح الأولي، وبداية فترة بناء سجل الأوامر لشريحة المؤسسات المكتتبة وشريحة المكتتبين الأفراد، فيما سيكون الإعلان الرسمي عن سعر الطرح للأسهم المكتتب بها في الخامس من ديسمبر/كانون الأول المقبل، كما ستبدأ بردّ أموال الأسهم الفائضة إلى أصحابها الذين لم يحصلوا على العدد الذي طلبوه من الأسهم.

وتملك أرامكو، أغنى شركات العالم وأكثرها ربحية 200 مليار سهم، ما يعني أن قيمتها تحدّدت بين 1,6 و1,71 تريليون دولار، وهو أقل من عتبة 2 تريليون دولار التي كان يتطلّع إليها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان. لكن بما قد يجعله رغم ذلك أكبر طرح عام أولي في العالم.

وكان من المتوقع أن تبيع أرامكو 5% من أسهمها في السوق المالية المحلية وبورصة أجنبية، لكنّها أعلنت مؤخّراً أن خطط الطرح خارج السعودية مؤجّلة.

والاكتتاب العام لأرامكو هو حجر الزاوية في برنامج الإصلاح الاقتصادي لولي العهد المسمّى «رؤية 2030».

وقالت وكالة «ستاندارد أند بورز» للتصنيف الائتماني، الأحد، إنّ الأموال التي تجمعها الشركة من الاكتتاب «قد يجري استخدامها لدعم مشاريع النمو الطويلة الأمد في المملكة».

وحاولت السلطات تحفيز السوق المحلية على الاكتتاب في الشركة قبل عملية الطرح، وذلك عبر دعوة العائلات الثرية إلى شراء حصص، بينما روَّجت وسائل إعلام محلية لعملية الشراء على أنّها عمل وطني.

أعلنت شركة سامبا المالية للأصول وإدارة الاستثمار (سامبا كابيتال)، التي تدير الاكتتاب لشركة أرامكو، نتائج اكتتاب الأفراد في نهاية اليوم قبل الأخير أمس (الأربعاء).

وأوضحت الشركة في بيان، اليوم الخميس، أن عدد المكتتبين الأفراد بلغ مع نهاية اكتتاب أمس 3,717,666 مكتتباً، بعدد 1,017,816,380 سهماً، والتي تبلغ قيمتها 32 ملياراً و570 مليوناً و124 ألفاً و160 ريالاً سعودياً ( 32,570,124,160) ريالاً سعودياً.

وأفادت بأن نسبة الاكتتاب عبر قنوات الاكتتاب المتاحة للأفراد كانت 1.60% عبر الهاتف المصرفي، و23.03% عبر الصراف الآلي، و38.08% عبر المصرفية الإلكترونية، و37.29% عبر الفروع.

وذكرت أن آخر يوم لاكتتاب الأفراد هو اليوم الخميس، مطلع شهر ربيع الآخر 1441هـ، الموافق 28 نوفمبر/تشرين الثاني لبيع 0.5% من أسهمها لمستثمرين أفراد، في الطرح العام الأولي كحدّ أعلى، بينما 1% ستخصص للمؤسسات.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى