آخر الأخبار

لماذا استضافت قاعدة جوية للبحرية الأمريكية مواطناً سعودياً؟ آلية اختيار الأجانب للتدريب العسكري

بعد الهجوم المسلح الذي نفذه طالب سعودي على القاعدة الجوية التابعة للبحرية الأمريكية في منطقة بنساكولا، بولاية فلوريدا الأمريكية، الجمعة 6 ديسمبر/كانون الأول 2019، تساءل البعض عن سبب وجود أجانب في القاعدة العسكرية الأمريكية.

وجد «عربي بوست» الإجابة في تقرير صحيفة USA Today الأمريكية، إذ تحدث عن القاعدة التي  يُشكِّل تدريب الطلبة الدوليين داخلها جزءاً جوهرياً من مهمتها، كما كشف معلومات عن هوية الطالب السعودي منفذ الهجوم المسلح، الجمعة 6 ديسمبر/تشرين الثاني.

المواطن السعودي الذي فتح النار على زملائه وقتل 4 منهم وأصاب العديد، هو طالب في البحرية، ويعد واحداً من بين أكثر من 582 مواطناً سعودياً أرسلوا لأمريكا للتدريب العسكري، وفق اتفاقية للتعاون الأمني بين وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) والمملكة العربية السعودية. (تعتبر المملكة حليفاً عسكرياً لأمريكا كونها أكبر مشترٍ للأسلحة في العالم، كثير منها أمريكية الصُنع).    

إذ قال مسؤول دفاعي أمريكي لصحيفة USA Today إن مطلق النار هو ملازم ثاني محمد سعيد الشمراني، وقد بدأ دورة تدريبية مدتها 3 سنوات في أغسطس/آب 2017 بدراسة اللغة الإنجليزية وأساسيات الطيران وتدريب طيران أولي.

فيما تحدث المصدر الذي تحدث شريطة عدم الكشف عن هويته -لأنه غير مخول به التصريح علناً لأنَّ التحقيقات لا زالت جارية- عن انضمام الشمراني إلى 5180 طالباً أجنبياً من 153 دولة مختلفة سافروا إلى الولايات المتحدة لتلقي تدريب عسكري. 

يُسنَد للكثير من هؤلاء الطلبة تشغيل المعدات العسكرية الأمريكية التي تبتاعها حكومات أجنبية من الولايات المتحدة، لهذا السبب يخضع الطلاب العسكريون الأجانب للتدقيق قبل السفر إلى الولايات المتحدة. 

إذ يبحث طاقم عمل السفارة الأمريكية في قواعد البيانات للتحقق مما إذا كان الطالب متورطاً في أنشطة مثل دعم الإرهاب، أو تجارة المخدرات، أو الفساد أو غيرها من السلوكيات الإجرامية. وقال المسؤول إنَّ من يفشل في هذا الفحص لا يُمنَح تصريح السفر. 

ويمكن للطلاب الدوليين دراسة المنهج الذي يستغرق 18 شهراً بالكامل في القاعدة، أو الاكتفاء بدراسة جزء منه. ويجب كذلك أن يخضعوا لعدة عمليات فحص فيدرالية قبل التصريح لهم بالتدرُّب في القاعدة الجوية للبحرية الأمريكية في بنساكولا.

إذ توظف قاعدة بنساكولا 16 ألف فرد عسكري و7400 موظف مدني. ويشمل هؤلاء كبار قادة الوحدات التي تستضيفها القاعدة: قيادة مدارس الطيران البحرية، ومركز التدريب الفني التابع للبحرية الجوية، ومجموعتي دعم التدريب على الطيران البحري 21 و23، وفريق البحرية للطيران الاستعراضي المعروف بـ «الملائكة الزُرق»، ومقر قيادة تدريب التعليم البحري، وهي قيادة تجمع بين التوجيه والرقابة على جميع برامج التعليم والتدريب الخاصة بالبحرية. 

بشأن سياسة اختيار الطلاب، قال مات غايتز، النائب الجمهوري من ولاية فلوريدا: «الطريقة التي يعمل بها هذا البرنامج هو أنه يتعين على الحكومة الأجنبية التصديق على أنَّ هؤلاء الطلبة هم أفضل طلبتها على الإطلاق، وأنهم جنرالات وأدميرالات المستقبل وسيصبحون كبار المسؤولين العسكريين في بلدانهم. وما تقوم به وزارة الخارجية الأمريكية هو أنها تجري عملية تصفية لهؤلاء المتدربين المحتملين، وبعد ذلك يلتحقون بالبرنامج».

وأضاف غايتز: «هذا جزء مهم حقاً مما يفعله جيشنا لأنه يشجع الناس على استخدام أنظمتنا والتدرب جنباً إلى جنب مع عناصرنا العسكرية. لذا يكونون أكثر تقبلاً وقدرة واستعداداً للعمل معنا عندما يحين الوقت، في حال وقوع ما قد يؤثر في المصالح الأمريكية».

من جانبه، قال أوزي نيلسون، خبير الإرهاب بمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية الأمريكي، إنَّ أعضاء القوات العسكرية الأجنبية الذين وقع الاختيار عليهم للتدرُّب في القواعد الأمريكية مرشحون من الطراز الأول ويخضعون «لفحص مكثف» ليس فقط من جانب حكوماتهم، بل من الولايات المتحدة أيضاً.

وأضاف نيلسون، وهو طيار مروحيات سابق في البحرية الأمريكية، وخدم في قاعدة بنساكولا: «يخضع هؤلاء الأفراد لفحص دقيق ومشدد للغاية، هذه ليست المجموعة التي تتوقع منها حدوث مثل هذا الشيء. هذه البرامج ناجحة للغاية، وهي مفيدة لكل من الولايات المتحدة والدول التي ترسلهم (المتدربين)».

فيما رأى أنَّ حادث إطلاق النار يوم الجمعة -على قاعدة آمنة على يد شخص خضع بالتأكيد لعمليات فحص خلفية شاملة- يعكس مدى انتشار وتعقيد عمليات إطلاق النار الجماعية الحديثة. ووصف نيلسون السعودي بأنه «عنصر ناشِز»، وقال إنه لم يتنامَ لعمله حدوث أية هجمات سابقة على يد عسكريين أجانب داخل منشأة عسكرية محلية.

على الجانب الآخر، قال السيناتور ريك سكوت، النائب الجمهوري من ولاية فلوريدا: «أشعر ببالغ القلق من التقارير التي تفيد بأنَّ مطلق النار هو مواطن أجنبي يتدرب في قاعدة عسكرية أمريكية في فلوريدا. وسأطالب اليوم بمراجعة كاملة للبرامج العسكرية الأمريكية التي تشمل تدريب رعايا أجانب على أراضٍ أمريكية».  

وأضاف حاكم فلوريدا السابق في بيان: «لا يوجد سبب يجعلنا نوفر تدريبات عسكرية متطورة لأشخاص يرغبون في إيذائنا. والأهم من ذلك، لا يوجد سبب يجعلنا نخاطر بأمن وسلامة جنودنا الأمريكيين من الرجال والنساء». 

يُذكَّر أنَّ مئات الطيارين من حلفاء واشنطن حول العالم يتعلمون الطيران كل عام في ميادين عسكرية في جميع أنحاء الولايات المتحدة؛ بدايةً من قاعدة كولومبوس للقوات الجوية في ولاية ميسيسيبي التي تستضيف متدربين يمثلون 23 دولة، وحتى قاعدة لوك الجوية في ولاية أريزونا، التي تدرب طياري ست دول على تحليق مقاتلات «إف 35» و «إف 16».

ورغم أنَّ هذه البرامج بدأت منذ سنوات، فقد خضعت للتدقيق المفاجئ عقب حادث إطلاق النار في بنساكولا أمس.  فبعد ساعات من الحادث، غرَّد مايكل والتز، النائب الجمهوري من ولاية فلوريدا، الذي خدم سابقاً في القوات الخاصة الأمريكية، يقول إنَّ شخصاً ما «ارتكب خطأً فادحاً» عند التدقيق في خلفية المهاجم المزعوم من المملكة العربية السعودية. 

لكن والتز شدد كذلك على أنَّ مثل هذه البرامج لها أهمية حيوية للحلفاء الأمريكيين، مضيفاً: «لقد تدربت مع رعايا أجانب في قواعد عسكرية في جميع أنحاء الولايات المتحدة».

من جانبه، رفض شون كليمنتس، رئيس العلاقات الإعلامية في قاعدة لوك الجوية في أريزونا، مناقشة إجراءات التدقيق في المتدربين الأجانب لأنَّ المقر الرئيسي هو المسؤول عن فحص الخلفية. إلا أنه لفت إلى أنَّ أفراد عسكريين من 6 دول يدرسون في قاعدة لوك، ويحلقون بالطائرات ويتعلمون تشغيل مقاتلات «إف16» و «إف 35» في مجال غلينديل الجوي.  

كما قال كليمنتس إنَّ قاعدة لوك تحظر حيازة أي شخص بداخلها للأسلحة النارية، باستثناء الشرطة العسكرية، وتجري عمليات فحص وتفتيش عشوائي للمركبات عند بوابة الدخول. ومع ذلك، أشار إلى أنَّ المئات من سائقي السيارات يمرون يومياً؛ ومن ثم يصعب تفتيشهم جميعاً.

مشيراً إلى أنه عند ارتفاع مستويات التهديد، تُطبَق تدابير أمنية إضافية، ويخضع أفراد القاعدة لتدريبات منتظمة للتصدي لحوادث إطلاق النار الجماعي، وتحطم طائرة وغيرها من الكوارث.

وفي تقرير حديث أصدرته وزارة العدل الأمريكية بعنوان “Policing Issues in Garrison Communities” (مشكلات شرطية داخل التمركزات العسكرية)، عددَّت الوزارة حوادث إطلاق نار جماعية وقعت خلال العقد الماضي، لكن لم تشمل أيٌّ منها عسكري أجنبي في قاعدة أمريكية.

فيما قال التقرير إنَّ البنتاغون سيصبح، خلال السنوات القليلة المقبلة، هو المسؤول عن جميع عمليات فحص المعلومات الأساسية الخاصة بالمقاولين العسكريين والموظفين المدنيين في وزارة الدفاع.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى