تقارير وملفات إضافية

ترامب يصف نفسه بـ«صانع الصفقات».. لكن الواقع يقول العكس، و«صفقة القرن» نموذج واحد

الرئيس الأمريكي دونالد ترامب رجل أعمال أكثر منه سياسياً، وهو يتفاخر بوصف «صانع الصفقات» الذي أطلقه على نفسه، فكم صفقة ناجحة عقدها ترامب؟ وماذا يقول سجله في البيت الأبيض محلياً وإقليمياً ودولياً؟

صحيفة واشنطن بوست أعدت تقريراً حول القصة بعنوان: «الرئيس ترامب في سباق مع الزمن لعقد صفقاته»، سلطت فيه الضوء على إنجازات الرئيس وما يود إنجازه في عام الانتخابات.

لا يزال الرئيس الأميركي دونالد ترامب يصف نفسه بـ «صانع الصفقات»، وخبير الأعمال الذي يتمتع بالحنكة الفريدة لتطويع ذوي القوة الأقل لإرادته واستعادة المكانة الأمريكية على الساحة العالمية. لكنه خلال عهده، برز بروزاً أساسياً في مكانة الهادم الرئيسي للصفقات، إذ عمل على تفكيك العمل الدبلوماسي لأسلافه، فضلاً عن انسحابه من معاهدة القوى النووية متوسطة المدى التي تستهدف منع انتشار الأسلحة النووية والاتفاقات المناخية التاريخية، وتعطيل المؤسسات الرئيسية والتحالفات التي تدعم النظام الدولي.

وبينما يخطو ترامب عتبات السنة الأخيرة من ولايته، لا تلوح في الأفق مواثيقه التي طالما وعد بها.

إذ لا تزال «صفقة القرن» المزعومة، وهي حل نهائي للأزمة المستعصية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، طي الكتمان وقد لا تؤتي ثمارها أبداً. أما بالنسبة لاحتمالات التوصل إلى اتفاق تجاري مع الصين، فكان ترامب فيه أكثر تشاؤماً في تصريحات الأسبوع الماضي، مما يشير إلى احتمالية ألا يحدث أي شيء ملموس في هذا الصدد إلى حين الانتهاء من الانتخابات الرئاسية عام 2020. بل إنه حتى انفتاح حكومته مع كوريا الشمالية، الذي ربما كان أكثر ما يلفت الأنظار إلى الدبلوماسية الترامبية، فلا يدر إلا القليل من العوائد على ما يبدو.

 زعمت كوريا الشمالية، الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول، أنها أجرت «اختباراً مهماً للغاية» في موقع لإطلاق الصواريخ. كان الإطلاق بمثابة بادرة محتملة لقمر صناعي أو اختبار صاروخ باليستي عابر للقارات بحلول نهاية العام، وهو الأمر الذي حذر ري ثاي سونغ، نائب وزير خارجية النظام الديكتاتوري الكوري المسؤول عن العلاقات مع الولايات المتحدة، من أنه قد يكون «هدية عيد ميلاد» غير مرغوب فيها بالنسبة لترامب. في نوفمبر/تشرين الثاني عام 2017، أعلن كيم جونغ أون زعيم كوريا الشمالية عن وضع حد لتجارب الرؤوس الحربية النووية والصواريخ بعيدة المدى، وهو ما وصفه ترامب آنذاك بأنه انقلاب دبلوماسي.

حذر ترامب الرئيس الكوري كيم جونغ أون، الأحد، الموافق 8 ديسمبر/كانون الأول، من أنه «سيخسر الكثير» إذا «تصرف بطريقة معادية»، وحث كيم على الحفاظ على «العلاقة الخاصة» التي صاغها الاثنان عبر مؤتمري قمة وصورة فوتوغرافية للذكرى التقطت لهما معاً في المنطقة منزوعة السلاح التي تفصل بين كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية.

Kim Jong Un is too smart and has far too much to lose, everything actually, if he acts in a hostile way. He signed a strong Denuclearization Agreement with me in Singapore. He does not want to void his special relationship with the President of the United States or interfere…. https://t.co/THfOjfB2uE

واستشهد ترامب بـ «اتفاقية نزع السلاح النووي القوية» التي وقعها في سنغافورة في عام 2018. لكن الوثيقة كانت مجرد مذكرة قصيرة وغامضة إلى حد ما، أذنت فقط ببداية ما من شأنها أن تكون عملية طويلة من المفاوضات حول البرنامج النووي لبيونغ يانغ.

لم تجر هذه المحادثات على ما يرام، إذ أعلن مبعوث كوريا الشمالية لدى الأمم المتحدة في الأسبوع الماضي أن  مسألة «نزع السلاح النووي» هي الهدف المعلن لترامب في غمار كل ذلك، خارج طاولة المفاوضات. وأشارت تقارير إلى أن أحدث اختبار أجرته كوريا الشمالية «يوضح مدى تدهور العلاقات الثنائية منذ فشل مؤتمر القمة الذي انعقد في هانوي في نهاية فبراير/شباط الماضي، ويمكن أن ينبئ بجولة جديدة من اختبارات الأسلحة والتبادلات العدائية في العام المقبل».

كتب دانييل ديبيتريس في مجلة  the National Interest الأمريكية يقول: «ما يستدعي الخوف الآن، هو أن يعود الرئيس لسياسات ما قبل عام 2018 المتمثلة في قرع طبول الحرب إذا ما نظر لرفض بيونغ يانغ لاتفاقية نزع السلاح النووي على أنه ازدراء. وهو أمر من شأنه أن يخدم بعض الأغراض السياسية خلال موسم الحملات الانتخابية، حينما يمكن للخطابات العنترية ضد خصوم الولايات المتحدة أن تتلقى الكثير من التصفيق في التجمعات. لكنه لن يسدي صنيعاً مطلقاً في معالجة المسألة التي نحن بصددها».

ربما لن يجد ترامب نجاحاً أكبر في جبهات أخرى. ففي خضم معركة التعريفة الجمركية مع الصين، لم يتمكن الرئيس الأمريكي من الظفر بأكثر من تنازلات قليلة من جانب بكين. وربما تستمر الحكومة في مواصلة تهديدها بفرض مزيد من التعريفات على البضائع الصينية بقيمة 160 مليار دولار في الأسبوع المقبل. أضفى مساعدو ترامب لمسة إيجابية على الإجراءات، قائلين إن المناقشات تسير «بشكل جيد»، وإن الصفقة «قريبة». غير أن المأزق الذي أضر بالاقتصاديات الأمريكية والصينية، جعل من حكمة ترامب التي تقول إن الحروب التجارية «جيدة ويسهل الفوز بها» مثاراً للسخرية بصورة متزايدة.

يذكر أن ترامب تحلى بالهدوء بشكل لافت فيما يخص انتهاكات الصين في منطقة سنغان في أقصى الغرب، ولم يقدم الكثير من الدعم للمتظاهرين المؤيدين للديمقراطية في هونغ كونغ، ربما أملاً في إبقاء المحادثات الصينية في مسارها الصحيح. يختلف هذا الأمر بالنسبة للمشرعين في الكونغرس، الذين دفعوا بمشروعي قانونين منفصلين مناهضين للصين ليُعرضا بالبيت الأبيض، في خطوة تعد استعراضاً نادراً لوحدة الحزين، إذ يدين أحد القانونين المسؤولين الصينيين المتورطين في الاحتجاز الجماعي للأقليات المسلمة في شينجيانغ ويفرض عقوبات عليهم. بينما أيد القانون الآخر الالتزامات الأمريكية تجاه الحريات السياسية المتميزة لهونغ كونغ، ودعا إلى فرض عقوبات على الأفراد أو الكيانات التي يثبت انتهاكها هذه الحريات.

جاء رد فعل المسؤولين الصينيين غاضباً تجاه ما يرون أنه انتهاك من جانب للولايات المتحدة لشؤونهم السيادية، وفي الأسابيع الأخيرة، شنوا حملة قوية على وسائل التواصل الاجتماعي القومية ضد الانتقادات الموجهة إليهم من الغرب. لا تحمل تلك التوترات أخباراً جيدة لترامب، الذي سيصبح محاوروه الصينيون أقل ميلاً عندئذ للخوض في المسائل التجارية في مواجهة الضغوط الأمريكية.

وفي هذا السياق، قالت حساب  المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية: «هل نسيتم دموع السكان الأصليين ودماءهم؟ إن السياسيين الأمريكيين مثل نانسي بيلوسي بهم من الجهل والنفاق ما يجعلهم يتحدثون عن الضمير! تتمتع الأقليات العرقية في الصين بحقوق متساوية وحرية في العقيدة والثقافة. إن سياسة الصين العرقية هي أكثر نجاحاً بلا شك».

Forget native Indians’ tears&blood? US politicians like @SpeakerPelosi so ignorant&hypocritical to talk about “conscience”. Ethnic minorities in China enjoy equal rights and freedom in religion and culture. China’s ethnic policy is more successful! pic.twitter.com/JyYD0pS8Mr

علاوة على ذلك، هناك مسألة الشرق الأوسط. يعرف قراء موقع Today’s WorldView بالفعل أن مبادرة السلام التي يقودها البيت الأبيض بين الإسرائيليين والفلسطينيين، والتي عُهد بها إلى جاريد كوشنر، صهر ترامب، محكومٌ عليها بالفشل على الأرجح. وبالرغم من أن حكومة ترامب تقول إن تفاصيلها أعدت وجاهزة لعرضها، فإنها لا تلقى قبولاً لدى الفلسطينيين، الذين هُمّشوا وجرى تجاهلهم بشكل منهجي من خلال نهج ترامب المؤيد بشدة لإسرائيل. على جانب آخر، فإن السياسات الداخلية التعذيبية لإسرائيل، التي صار من شبه المؤكد أنها ستجري ثالث انتخابات برلمانية لها في عام واحد في الربيع المقبل، قد منحت البيت الأبيض مزيداً من الأعذار من أجل المماطلة في التعامل مع الأزمة.

في حدث استضافته منظمة يهودية أمريكية يمينية في عطلة نهاية الأسبوع الماضي، بدا أن ترامب يتقبل فكرة أن هناك صفقة عظيمة أخرى تمنَّى إتمامها، لكنها ربما صارت بعيدة المنال؛ إذ قال: «إذا لم يتمكن جاريد كوشنر من إتمامها، فهي عصيَّة عن التحقق إذاً».

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى