آخر الأخبار

ثمن البحث عن الحقيقة.. الخطف لمن «يتظاهر» أو «يوثق» أو «يكتب» عن تظاهرات العراق

بضعة أيام تمر على
اختفاء المصور العراقي الشاب زيد الخفاجي، ولا تعلم أسرته إن كان مختطفاً أم
معتقلاً، شأن كثيرين ممن اختفوا بطريقة غامضة.

المحظوظ منهم من يتم
إطلاق سراحه بآثار تعذيب، مقابل آخرين وُجدوا مقتولين أو يلفظون أنفاسهم
الأخيرة. 

وزادت موجة حالات الخطف
والاختفاء القسري لمتظاهرين في مدن وسط وجنوبي العراق مع ازدياد حدة التظاهرات
فيها، والتي انطلقت مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي وأفضت إلى سقوط قرابة 500 قتيل
وأكثر من 17 ألف جريح وآلاف المعتقلين والمختطفين.

أقدم مسلحون مجهولون،
الجمعة الماضي، على خطف المصور «زيد محمد الخفاجي» من أمام منزله شمالي
بغداد، فور عودته من «ساحة التحرير» وسط بغداد، ولا يزال مصيره مجهولاً.

بنبرة متقطعة ومترددة
وخائفة من المجهول تحدثت والدة زيد، للأناضول، وقالت: «عاد في الرابعة فجراً
من ساحة التحرير، وطرق الباب، بعدها سمعت صراخه، فتحت الباب فلم أجد زيد، بل سمعت
صوت سيارة مسرعة بلا لوحات تغادر باب المنزل».

وتضيف: «لم يخبرنا
أنه تعرض للتهديد، لكن أخبرني أصدقاؤه بأن هناك من هدده، وطلب منه حذف صور
التظاهرات التي ينشرها على إنستغرام».

وتكمل حديثها عن ابنها
بغصة: «زيد شاب بسيط طموح، كان يحاول نقل صور إيجابية من ساحات التظاهر وبعض
صور أصدقائه المغدورين، وكان يريد أن يلحق العراق وشبابه بالعالم».

وعن إجراءات عائلة زيد
لمعرفة مصيره، تقول والدته: «خاطبنا جميع الجهات الأمنية، ولم نعرف شيئاً
عنه، ولم يبلغونا إن كان معتقلاً أم مختطفاً»، واسترسلت: «لا نريد شيئاً
سوى أن يكون حياً وبأمان».

ويكشف عضو مفوضية حقوق
الإنسان (رسمية)، علي البياتي، للأناضول، أن المفوضية وحدها تلقت نحو 25 شكوى منذ
بداية التظاهرات حول فقدان واختطاف، بالإضافة إلى 4 شكاوى حول اختطاف لشباب من
كربلاء (جنوب) كانوا في بغداد.

وطالب البياتي الحكومة
بـ «تشكيل خلية أمنية عالية المستوى خاصة بهذه القضية الطارئة، مع وضع خطة
لمواجهة عصابات الخطف وحماية المواطنين، وإطلاق سراح المختطفين».

وتابع: «بكل تأكيد
من واجب الجهات الأمنية والاستخبارية كشف الجهات التي تقف وراء عمليات الخطف،
واعتقالهم وإحالتهم للقضاء».

وحذر البياتي من «سكوت
مؤسسات الدولة عن هذه الظاهرة مع استمرارها، ما سيفتح الباب أمام الجهات الدولية
للتدخل أكثر في الشأن الداخلي، علماً بأن العراق قد وقّع على اتفاقية حماية
الأشخاص من الاختفاء القسري».

وأضاف: «اللجنة
الدولية المتخصصة بالموضوع لديها صلاحية تسلّم شكاوى من المواطنين والتدخل للتحقيق
في حال عدم وجود جهد عراقي وطني لمعالجة هذا الأمر».

ومن وجهة نظر عدد من
المتظاهرين والناشطين، فإن «العصابات والميليشيات والفصائل المسلحة» لا
تقف وحدها في دائرة الاتهام بل «السلطة» أيضاً.

يتحدث الناشط المدني
حمزوز (28 عاماً) بالقول: «عمليات الخطف متعمدة، وأحياناً من قِبل السلطة
وليس الميليشيات فقط».

ويفسر حمزوز ما يحدث
بأنه «كل عمليات خطف وقتل هي رسالة.. فخطف البنات رسالة لترهيبهن، وخطف
المصورين رسالة لمن يوثق، وخطف الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي رسالة لمن
يكتب».

وأردف: «حتى في
المحافظات الغربية، التي لا تشهد تظاهرات، فقد جرت عمليات اختطاف واعتقال لشباب
بسبب منشورات سلمية على فيسبوك لا أكثر».

وتابع: «لدينا
عشرات البلاغات لمخطوفين من ساحات الاحتجاج لا يُعرف مصيرهم».

وبين حمزوز أنه
«حتى عمليات الاعتقال تحدث دون أوامر قضائية».

وكان القضاء العراقي قد
أعلن في وقت سابق الإفراج عن قرابة 2400 معتقل تتعلق قضاياهم بالتظاهرات
والاحتجاجات في البلاد. 

وبعيداً عن جدلية الجهة
الخاطفة، يبدو أن هذه الجهة -أياً كانت- لم تحقق أهدافها، من ذلك، وفق رئيس مركز
المورد للدراسات والإعلام، نجم القصاب.

ويضف للأناضول:
«الخطف يؤثر بشكل عكسي على التظاهرات وعلى استمرارها، بدليل أن القتل والقنص
والقتل الذي زاد من حدته منذ مطلع أكتوبر/تشرين الأول الماضي حتى الآن لم ينهِ
التظاهرات، ولم تنسحب التظاهرات من الشارع، ولم تخضع للتهديدات، بل نلاحظ المزيد
من الإصرار».

واستطرد القصاب: «كذلك
نرى أن القوى السياسية لجأت إلى بعض التغييرات وإصدار قرارات وتشريع قوانين بدل
التعنت والتعويل على إنهاء التظاهرات».

وتستمر حالات الخطف
والاغتيال في بغداد والمحافظات التي تشهد تظاهرات احتجاجية، بشكل لافت للنظر،
وتطال الناشطين المدنيين والمسعفين والمسعفات والعاملين في مجال حقوق الإنسان.

وقالت منظمة العفو
الدولية، في وقت سابق، إن السلطات العراقية «فشلت في وضع حد لاعتقال الناشطين
والصحفيين والمتظاهرين، ما يُظهر تسامحها مع تلك الانتهاكات».

وتقول السلطات إنها
أمرت بفتح تحقيق في عمليات قتل واختطاف المتظاهرين والنشطاء، وسط تشكيك في جديتها.

ويشهد العراق احتجاجات
مناهضة للحكومة والنخبة السياسية منذ أكتوبر/تشرين الأول الماضي، تخللتها أعمال
عنف واسعة خلفت 460 قتيلاً وأكثر من 17 ألف جريح، وفق أرقام مفوضية حقوق الإنسان
الرسمية المرتبطة بالبرلمان.

والغالبية العظمى من
الضحايا من المحتجين الذين سقطوا في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحي فصائل شيعية
مقربة من إيران.

ورغم استقالة حكومة
عبدالمهدي وهي مطلب رئيسي للمحتجين، فإن التظاهرات لا تزال متواصلة، وتطالب برحيل
النخبة السياسية المتهمة بالفساد وهدر أموال الدولة، والتي تحكم البلاد منذ إسقاط
نظام صدام حسين عام 2003.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى