منوعات

قدمت للعالم بوب مارلي.. هكذا انتشرت موسيقى الريغي وأثرت في عشاق الموسيقى

موسيقى الريغي هي نوع أو أسلوب من الموسيقى الشعبية تطور في ستينات القرن الماضي في أمريكا الجنوبية وتحديداً جمايكا، ونظراً لشعبيتها الكبيرة تطورت وترقت سريعاً إلى الموسيقى الشعبية الأولى في البلاد، بعدها لم تتوقف موسيقى الريغي عن حدود جمايكا؛ بل ارتحلت من القارة بأكملها إلى الجارة الشمالية، ومنها إلى العالم أجمع.

وبالطبع لا يمكن ذكر الريغي بدون أن نعرج إلى الأسطورة الغنائية العالمية الذي كان بمثابة رائد موسيقى الريغي في العالم: بوب مارلي.

بحلول السبعينات من القرن الماضي؛ كانت موسيقى الريغي المميزة بنغماتها الإيقاعية، وكلماتها التي تحمل شيئاً من الثورة على الاستغلال العرقي، وشيئاً من المرح ترتحل إلى أمريكا، وبالتالي سرعان ما ظهرت في الثقافة الشبيهة؛ بريطانيا، والتي كانت تشهد ذروة موسيقية كبيرة آنذاك؛ ثم بعد ذلك وفي زمن قياسي؛ صدحت موسيقى الريغي في الوطن الأم للصراع العنصري: إفريقيا.

بحسب التعريف المبكر للتراث الجمايكي فإن موسيقى الريغي تطورت من تصنيف موسيقي شعبي في جمايكا عرف باسم «سكا» Ska ، وهي موسيقى منحدرة من أصول جنوبية ذات نمط يعتمد على الطبول الثقيلة رباعية الإيقاع مع الغيتار الكهربائي وغيتار البيز، وآلة محلية تسمى Scraper والتي تعمل من خلال كحت عصا مع نتوءات بارزة على جسم خشبي مجوف لإصدار نغمات تميز الموسيقى الكاريبية بشدة.

قاموس التعريفات الثقافي يقول عن موسيقى سكا عادة ما كانت كلماتها وتعبيراتها تتمحور حول رفض ذوي البشرة السمراء لعنصرية الرجل الأبيض، وأنها بدأت بمثابة أهازيج شعبية للتندر والتسرية عن النفس إزاء الاضطهاد الأوروبي أثناء الاستعمار.

في منتصف الستينيات، الفترة التي شهدت نهوض العديد من حركات التحرر والثورات الشعبية في العالم كانت فرصة ممتازة لرواد مجال الغناء والفن لصنع موسيقى تدعم هذا النهوض، وتحفّزه. خصوصاً بعدما تحررت جمايكا من الاحتلال البريطاني عام 1962، وهو بالضبط ما أثار اهتمام كل من المنتجين الجمايكيين دوك ريد وكوكسن دود لتطوير إقاعات موسيقى سكا الشعبية إلى شكلها الذي عرف به: الريغي.

فقاما بدعم العديد من المغنيين والفرق لتسجيل أغنيات ذات إيقاع أبطأ من سكا -الحماسية المتسارعة بطبعها- واختيار كلمات حماسية ذات أبعاد سياسية تناقش أوضاع الإنسان، وتحديداً الإنسان الأسود الذي عانى مع التفرقة طويلاً، وهو ما نتج عنه ظهور فرق ومغنيين سبقوا الأسطورة المعروفة بوب مارلي في غناء الريغي مثل فرقة هيبتون والمغني إلتون إليس.

وُلد بوب مارلي في عام 1945 في أحد أحياء جامايكا الفيرة لأب أبيض وأم سمراء وكبر وهو يعشق كلاً من الموسيقى وكرة القدم بنفس الدرجة. قضى مارلي فترة المراهقة مع أصدقائه بيتر توش وبني ويلر على نواصي الشوارع في جمايكا يغني، ويلعب كرة القدم، ويختر الحياة كما لم يخبرها الكثير؛ حياة الشخص المليء بالشغف لتغيير العالم. فمن بدايات بسيطة في بلدته الريفية أصبح مارلي واحد من أشهر المغنين في العالم، وبيعت ملايين النسخ من أسطوانات أغانيه.

احترف بوب مارلي الغناء عندما بلغ السادسة عشرة من عمره وأصدر أول أغنية بعنوان Judge Not ثم أغنية One Cup Of Coffee وشهدا نجاحاً محدوداً. بعدها كوّن  مارلي مع اصدقائه فرقة «ذا ويلرز» وأصدرت عدة ألبومات ريغي حققت نجاحات باهرة منها ألبوم Soul Rebel والبوم Soul Revolution.

قامت الفرقة بإحياء حفلات في كل من بريطانيا وأمريكا، إلا أن الضغط الشديد وكثرة الحفلات جعل الفرقة تنفصل، واختار مارلي أن يغني وحيداً. ولم يكلّ أو يملّ الغناء أبداً، رغم أن كثيراً من المراقبين والنقاد المحافظين اعتبروه «هيبي» -يتبع أسلوب الحياة المنطلق بلا حدود ولا مكان ولا قواعد- أو مجرد شخص له شعر طويل ويدخن الماريغوانا، ولكن أنصفه العديد من النقاد الشباب من الجيل الجديد المتفهمين لطبيعة أغانيه ورسائلها السياسية، ووصف مارلي خلال مسيرته بالقائد، ترميزاً لقيادته الثورة السلمية في العالم من خلال الفن.

وكانت التجمهرات في حفلاته المباشرة أعلى من أي معدلات سابقة لمغنِ جمايكي. وأصبح مارلي خلال مسيرته الفنية الحافلة أقرب إلى الرمز السياسي و الديني -اعتنق لاحقاً ديانة تسمى الراستافارية تبشر بالسلام- وحققت أعماله نجاحات واضحة على صعيد الإنجازات الإنسانية.

رحل مغني موسيقى الريغي العالمي بوب مارلي عن عالمنا في 11 مايو/أيار عام 1981 عن عمر لم يتجاوز الـ 36 بسبب إصابته بالسرطان، وكان قد أعطى بالفعل لموسيقى الريغي شهرتها العالمية، وصدحت أغانيه في كل آذان الملايين من محبى العدل والسلام والموسيقى حول العالم.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى