تقارير وملفات إضافية

«زواج المال والسلطة».. كتاب يُلقي الضوء على الماضي «غير المشرّف» لترامب وكوشنر

على الرغم من كونه رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية، يتعرض ماضي دونالد ترامب وأسرته للتفتيش المستمر من جانب الإعلام، وفي هذا السياق يأتي كتاب جديد يلقي الضوء ليس فقط على آل ترامب، بل أيضا على آل كوشنر وعلاقة المال بالسلطة.

صحيفة الغارديان البريطانية نشرت تقريراً بعنوان: «مراجعة لكتاب  American Oligarchs: ترامب وكوشنر وزواج المال والسلطة»، يلقي الضوء على ذلك الثنائي الذي يقود العالم اليوم، ومصطلح Oligarchs يعني «القلة المتحكمة في البلد».

تتأجج شدة الحرب الأهلية الباردة في الولايات المتحدة، وتقترب مساءلة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في قضية عزله، وما زال ترامب يُشكِّل أحد محاور الصراع. أمَّا بالنسبة لجاريد كوشنر، صهر الرئيس الأمريكي، فمن الواضح أنَّه ليس أكثر شعبيةً من زوجته أو والدها أو أخيها الذي تباهى بصورةٍ يحمل فيها سلاحاً. إذ صُنِّف دونالد ترامب الابن وإيفانكا ترامب من بين أبرز المُرشَّحين الجمهوريين لخوض انتخابات الرئاسة الأمريكية في عام 2024.

ومع عدم وجود إشارة على عودة ستيف بانون قريباً، فإنَّ جاريد، نجل تشارلز كوشنر، سيتولى مسؤولية الجهود الرامية إلى إعادة انتخاب ترامب. وبالنسبة لتشارلز، يجب أن تكون هذه لحظةً مُرضِية للغاية. فمنذ أكثر من حوالي 10 سنوات، كان يقضي مدةً في السجن الفيدرالي بسبب «واحدة من أبغض الجرائم وأكثرها إثارةً للاشمئزاز»، في قضيةٍ رفعها ضده محامٍ أمريكي يدعى كريس كريستي. 

وفي كتابها الجديد، تقفز المؤلفة أندريا بيرنشتاين إلى داخل هذا المستنقع الموحل، وتكشف تفاصيل دقيقة عن جميع الأشياء التي فعلها ترامب وكوشنر. وبصفتها صحفية استقصائية مخضرمة لدى محطة WNYC الإذاعية، التابعة لمؤسسة NPR، تُقدِّم أندريا منظوراً ثاقباً لملاحظة الحِيَل والأساليب المالية الخادعة والديناميات التي تُفسِد السياسة الأمريكية.

وتحت عنوان The Kushners, the Trumps, and the Marriage of Money and Power, الفرعي أو «آل كوشنر وآل ترامب وزواج المال والسلطة»، تسعى المؤلفة إلى وضع صعود كلتا العائلتين في سياق تفاقم الطبقية الاجتماعية وتزايد عدم المساواة. ولا عجب في أنَّ الكتاب مليء بتقارير أصلية ومصادر رئيسية.

وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ أندريا، على مر السنوات الثلاث الماضية، كتبت قصصاً عن بول مانافورت وغسيل الأموال، وتعاملات مايكل كوهين التجارية، ومغامرات رودي جولياني الخارجية. وسلَّطت الضوء كذلك على كيفية نجاة إيفانكا ودونالد ترامب الابن من المقاضاة بعد محاولة بيع فندق ترامب سوهو التي أحيطت بشبهات احتيال. وتماماً مثل قضية Trump University، كان الواقع أقل بكثير مما وُصِف أو لوحِظ. 

وعلى نحوٍ مستحق، يمتلئ كتاب American Oligarchs بإشاراتٍ مرجعية إلى واين باريت، الصحفي الأسطوري الراحل الذي كان يعمل لدى صحيفة Village Voice الأمريكية، والذي كتب سِيَراً ذاتية حاسمة عن ترامب وجولياني. ويُذكَر أنَّ باريت كشف عن إقامة والد جولياني المؤقتة في مؤسسة Sing Sing الإصلاحية في شمال ولاية نيويورك بسبب حادثة سطو مسلح.

ولعل النقطة الأبرز هي أنَّ الكتاب يكشف الظروف المحيطة بدخول آل كوشنر إلى الولايات المتحدة بعد الهولوكوست. فوفقاً لأندريا، يبدو أنَّ بعض أفراد عائلة كوشنر ارتكبوا أساليب احتيال في إجراءات هجرتهم إلى الولايات المتحدة.

وكذلك تستكشف أندريا التاريخ الشفهي الذي تركته، راي كوشنر، جدة جاريد من جهة والده، لدى الجمعية العبرية لمساعدة المهاجرين، وهي منظمة غير حكومية تفتخر بأنَّها «تساعد اللاجئين على إعادة بناء حياتهم بأمان وكرامة»، وكانت تُشكِّل هاجساً لدى الرجل المُسلَّح الذي هاجم كنيس بيتسبرغ. 

ومن المفارقات أنَّ جاريد كوشنر مكلفٌ الآن ببناء الجدار الحدودي الذي لطالما تعهَّد ترامب بإقامته على طول الحدود الأمريكية المكسيكية. وتجدر الإشارة هنا إلى أنَّ أجزاء السياج الجديدة التي نُصِبَت في عهد ترامب، والتي تمتد على حوالي 161 كيلومتراً، جميعها تقريباً مجرد «حواجز مؤقتة قابلة للاستبدال»، وفقاً لهيئة الجمارك وحماية الحدود الأمريكية، وهو واقع يتعارض مع شهرة آل ترامب وآل كوشنر في مجال البناء. 

وكما هو موضح في كتاب American Oligarchs، استعار يوسيل بيركويتز، زوج راي وجد جاريد من جهة الأب، اسم زوجته الأخير وسعى للمرور على اعتبار أنه نجل والد زوجته. ويبدو أن موظفي الهجرة يتعاطفون مع الآباء والأبناء أكثر من تعاطفهم مع الأصهار.

توضح أندريا كيف تحول يوسيل بيركويتز إلى جوزيف كوشنر، وكيف سيصبح ابنه تشارلز «تشارلز كوشنر، وليس تشارلز بيركويتز، وأصبح حفيده جاريد كوشنر، وليس جاريد بيركويتز». وفضلاً عن ذلك، تشير أندريا إلى أن «اسم زوجة جاريد سيكون إيفانكا كوشنر، وليس إيفانكا بيركويتز».

وثمة تغريدة تناسب هذا الموقف تماماً، إذ قال الرئيس ترامب عام 2013: «إذا كان جون ستيوارت بعيداً عن كل هذا ويتصرف بطريقة شرعية، فلماذا غير اسمه من جوناثان ليبويتز؟».

وحدث أيضاً أن ميلانيا ترامب حصلت لاحقاً على بطاقة خضراء بعد أن وصفت نفسها بأنها عارضة تتمتع «بقدرات استثنائية»، ثم ساعدت والديها السلوفينيين في الحصول على الجنسية الأمريكية. ومثلما تُذكّرنا فاي دوناواي وجاك نيكلسون في فيلم Chinatown، يمكن للعلاقات الأسرية أن تصبح معقدة.

وبالفعل، في مقابلة أجراها جاريد كوشنر في يونيو/حزيران عام 2019 لصالح موقع Axios مع قناة HB، سأل جوناثان سوان، جاريد عن تبريره لقيود الإدارة على قبول اللاجئين رغم تجربة أسرته. فأجاب: «لا يُحدث هذا فرقاً بطريقة أو بأخرى»، وأضاف: «في مخطط حجم المشكلة التي نواجهها، أعتقد أننا نبذل قصارى جهدنا لنحاول تحقيق أكبر تأثير ممكن للسماح للاجئين بالعودة إلى بلادهم». ونسي الحديث عن نفسه.

ونلاحظ أنه في بعض الأحيان، تطغى مشاعر أندريا على إدانتها. فرغم انتقادها لجاريد، تتمثل الحقيقة في أن مستوى السكان المهاجرين في الولايات المتحدة يرتفع بدرجة لم يسبق لها مثيل، إذ وصل إلى ما يقرب من 14%؛ أي أن أكثر من 44 مليون شخص ممن يعيشون في الولايات المتحدة ولدوا في مكان آخر؛ ووصل معدل الخصوبة إلى أدنى مستوى له منذ 40 عاماً.

وسواء أحببنا ذلك أم لم نفعل، تظل الهجرة أولوية للجمهوريين. وعبر عن هذا الأمر كل من السيناتورة إليزابيث وارِن والسيناتور بيرني ساندرز بطريقة مختلفة بقولهما إنه لتجريم حالات عبور الحدود غير القانونية، فالرهان المضمون هو أن تدوم مشاعر القلق والاستياء اللذين أديا إلى فوز ترمب في المجمع الانتخابي حتى شهر نوفمبر/تشرين الثاني.

وتعطي أندريا استثمارات ترامب حقها أيضاً، فتتطرق إلى مواجهته مع القانون ومحاكمة أبنائه على يد المدعي العام في مقاطعة مانهاتن، سيراس فانس جونيور. وفي هذا الشأن، يبدأ كتاب American Oligarchs من حيث انتهت تقارير أندريا السابقة.

في أكتوبر/تشرين الأول عام 2017، كتبت أندريا وآخرون في مجلة The New Yorker كيف وكّل ترامب مارك كاسوويتز، محامِيه، لإفشال التحقيق في دور أبنائه في التشويه المزعوم للوضع المالي لمبنى ترامب سوهو.

وكان فيليكس ساتر، وهو مجرم مدان، وتوفيق عارف، وهو مطور عقاري ولد في كازاخستان، وأمضى 17 عاماً في وزارة التجارة السوفييتية، أيضاً في صدارة هذا المسعى التجاري المشؤوم.

يعتمد كتاب American Oligarchs على تقارير سابقة عن سلسلة من رسائل البريد الإلكتروني التي تدين أبناء ترامب. ووفقاً لما ذكره أحد الأشخاص الذين أُجريت معهم مقابلة، «ليس ثمة شك» في أنهم «وافقوا على الأرقام وعلموا بها، وضخموها عن عمد لزيادة المبيعات»، وقال آخر: «كان كذبهم بشأن المبيعات شديد الوضوح وكانوا يعرفون أنهم يكذبون».

ورغم ذلك، فاز آل ترامب وآل كوشنر برهانهم مع التاريخ، وأصبحت كلتا العائلتين تتربعان على قمة العالم، وهو ما تبذل أندريا بيرنشتاين قصارى جهدها لتذكيرنا به.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى