آخر الأخبار

الصين تواجه أزمة ديموغرافية.. انخفاض كبير في معدل المواليد رغم تحفيز السلطات لإنجاب مزيد من الأطفال

كشفت الحكومة الصينية أن معدل المواليد بالبلاد انخفض إلى أدنى مستوى
له منذ تأسيس الجمهورية الشيوعية في عام 1949، وذلك في دلالةٍ على فشل الجهود
المبذولة حتى الآن لتجنُّب أزمة ديموغرافية.

وفقاً لتقرير من المكتب الوطني للإحصاء، نُشر الجمعة 17 يناير/كانون
الأول، وتناولته صحيفة The Guardian البريطانية، فقد كان
هناك 14.6 مليون مولود جديد بالصين في عام 2019، في انخفاض بمقدار نصف مليون مولود
مقارنة بعام 2018، واستمرار لانخفاض عدد المواليد للعام الثالث على التوالي، حيث
كان ذلك أقل عدد خلال سبعة عقود، باستثناء عام 1961، العام الأخير في المجاعة التي
خلفت عشرات الملايين من الوفيات.

في حين كان معدل المواليد بالعام الماضي، عند 10.48 مولود حي بالنسبة
لكل ألف شخص، وهو أقل معدلٍ منذ عام 1949. وبالمقارنة، كان معدل المواليد في
إنجلترا وويلز 11.1 في العام الماضي، وهو الأقل منذ بدء تسجيلات المواليد في عام
1938. أما بسنغافورة، التي بها أحد أقل معدلات المواليد في العالم، فقد بلغ المعدل
8.9 لكل ألف شخص. ووفقاً للبنك الدولي، فقد شهدت النيجر، التي بها أحد أعلى معدلات
المواليد بالعالم، معدلاً بلغ 46.5 مولود لكل ألف شخص في عام 2017.

وانغ فنغ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا في مدينة إيرفان،
يعلق على الأمر بالقول: «لم يعُد بالإمكان الآن الإشارة إلى سياسة الحكومة
الصينية التقييدية لتحديد النسل بوصفها الجاني».

أضاف فنغ: «يُظهر مثل هذا المعدل -بما لا يدع مجالاً للشك- أن
الأمر مدفوع بقوى هيكلية قوية، على المستويَين الاقتصادي والاجتماعي، وسيظل الأمر
كذلك خلال المستقبل القريب».

حيث قال نينغ جيزي، مدير المكتب الوطني للإحصاء في الصين، إنه على
الرغم من انخفاض معدل المواليد بشكل أكبر في عام 2019، كان معدل الانخفاض أقل
مقارنة بالعام 2018 عندما انخفض المعدل إلى 10.49 لكل ألف شخص، بعد أن كان 12.43
في عام 2017. ووفقاً لوسائل الإعلام الحكومية الصينية، قال نينغ إن 14.6 مليون
مولود في العام الماضي، «لا يزال رقماً كبيراً نسبياً».

إلى ذلك ونظراً إلى أن الصين تواجه عدداً متزايداً من كبار السن بين
التعداد السكاني، وهي الشريحة الأسرع نمواً في البلاد، بذل صناع القرار بالصين
جهوداً لتعزيز التعداد السكاني عقب عقودٍ من سياسات تحديد النسل الصارمة،
والمعروفة باسم «سياسة الطفل الواحد»، التي أجبرت أُسراً كثيرة على
إنجاب طفل واحد، منذ بداية ثمانينيات القرن العشرين.

في عام 2015، عكست الصين هذه السياسة وسمحت لجميع الأزواج بإنجاب
طفلين، ولمَّح صُناع القرار بأن القيود المفروضة قد تُسقط نهائياً.

لكن، لا تزال أُسر كثيرة تختار ألا تُنجب مزيداً من الأطفال، مُتذرعةً
بالتكاليف المرتفعة للالتحاق بالمدارس والإسكان والرعاية الصحية. وقالت أُسر أخرى
إن الطاقة المطلوبة لضمان أن أبناءهم قادرون على المنافسة في المجتمع الصيني
الحديث كانت مُرهقة للغاية. ارتفعت معدلات الطلاق، وهناك مزيد من النساء يتزوجن في
عمر متأخر، أو لا يفعلن على الإطلاق.

الخبراء من جانبهم يقولون إن تغيير العادات في مجتمعٍ مبنيٍّ على مبدأ
أُسرٍ بها طفل واحد، أمر صعب، وإن هذه المعدلات ستستمر في الانخفاض، على الأرجح.

الزعيم الأكبر دينغ شياو بينغ كان قد قدَّم سياسة الطفل الواحد لكبح
النمو السكاني وتشجيع التنمية الاقتصادية، مع استثناءات للعائلات الريفية التي كان
مولودها الأول أنثى، وكذلك مع استثناءات للأقليات العرقية.

نُفِّذ هذا الإجراء إلى حدٍّ كبير من خلال الغرامات، لكنه كان كذلك ذا
سمعة سيئة؛ لتسبُّبه في عمليات الإجهاض والتعقيم القسريَّين. وكانت النتيجة
مأساوية؛ انخفضت معدلات الخصوبة من 5.9 مولود لكل امرأة في سبعينيات القرن العشرين
إلى 1.6 بنهاية التسعينيات (معدل الإحلال لتعدادٍ سكاني هو 2.1).

الخبراء الديموغرافيون يقولون إن تعداد السكان بالصين سيبدأ في التضاؤل بالعقد القادم، وبحلول عام 2050، سيمثِّل الأشخاص فوق 60 عاماً ثُلث تعداد السكان. سيمثّل ذلك عبئاً على الخدمات العامة وكذلك على أبنائهم، الذين يُعتبر أكثرهم أبناء وحيدين، والذين سيتحملون العبء الأكبر في العناية بوالديهم المسنين.

في حين يقول الخبراء إن مثل هذا الانخفاض بالمواليد لا يبشر بالخير في
المستقبل.

وانغ فنغ، أستاذ علم الاجتماع بجامعة كاليفورنيا في مدينة إيرفان،
يعلق على الأمر بالقول: «لقد انضمَّت الصين منذ وقت طويل، إلى الدول كبيرة
العدد ذات الخصوبة المنخفضة للغاية في العالم». واختتم قائلاً: «يتعيَّن
علينا الآن أن نتعلم من دروس وتجارب الدول الأخرى؛ لإعداد إجراءات وإصلاحات على
المدى الطويل، لجعل المجتمع أكثر ملاءمة للأسرة».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى