آخر الأخبار

محاولة لـ «تزييف الحقائق».. انتقاد تقرير يبرئ جنود ميانمار من ارتكاب جرائم إبادة بحق مسلمي الروهينغا

في محاولة من
ميانمار للتغطية على الجرائم التي ارتكبها جيشها بحق أقلية الروهينغا المسلمة،
أصدرت تحقيقاً داخلياً نفت فيه أن يكون أفراد جيشها قد اغتصبوا الضحايا، كما أن
مُعدِّي التقرير لم يستجوبوا أية ضحية من الروهينغا.

حسب التقرير
الذي نشرته صحيفة The Guardian البريطانية، الأربعاء
22 يناير/كانون الثاني 2020، أُدين التحقيق الذي تدعمه حكومة ميانمار والذي أنكر
مزاعم وجود تطهير عرقي للروهينغا، بأنه محاولة معيبة للتستر على ما حدث، بعدما فشل
التحقيق في إجراء حوار واحد مع ضحية واحدة من ضحايا الاغتصاب.

لم يُتَح
التقرير الخاص بلجنة التحقيق التي انتقدتها الأمم المتحدة، بالكامل للجمهور. وليس
من الواضح كم عدد الروهينغا الذين قابلتهم اللجنة. ونُشر ملخص تنفيذي حول النتائج
قبل أيام فقط من موعد قرار محكمة العدل الدولية -التي تنظر في قضية الإبادة
الجماعية ضد ميانمار- المعنيّ بما إذا كانت ستصدر طلباً يوصي بتطبيق إجراءات طارئة
لمنع مزيد من الضرر بالروهينغا. 

في عام 2017،
فر أكثر من 700 ألف شخص من الروهينغا من ميانمار إلى بنغلاديش، بعد الحملة القمعية
العسكرية في ولاية راخين، التي أُحرقت فيها قرى، واغتُصبت النساء، وقُتل فيها
آلاف. وأعلنت لجنة
تقصِّي حقائق تابعة للأمم المتحدة
، بعد ذلك، أن أعمال العنف هذه كانت تهدف إلى
«تطهير عرقي».

صرح تقرير لجنة التحقيق التي عيَّنتها حكومة ميانمار، وهو تقرير طال انتظاره، بأن اللجنة لم تسافر لمقابلة أي من اللاجئين الروهينغا الذين يزيد عددهم على مليون لاجئ في معسكرات بنغلاديش، متحججين بأن حكومة الدولة المجاورة لم تنجح في تسهيل هذه الزيارات.

وصلت اللجنة
إلى استنتاج يفيد بأن «جرائم الحرب، والانتهاكات العنيفة لحقوق الإنسان،
وانتهاكات القانون المحلي للبلاد حدثت بالفعل»، وأن هناك «أسساً
معقولة» تلقي بالمسؤولية على قوات الأمن مع «أطراف عديدة».

يقول التقرير
أيضاً إن الأفعال تضمنت «قتل القرويين الأبرياء، وتدمير منازلهم».

لكنه أضاف أن
هجمات الجماعات العسكرية من الروهينغا هي التي استفزت هذا الرد، وأن مثل هذا العنف
«كان مصدره الخوف الفردي، والخصومة، والمظالم التاريخية، ولم يكن وفقاً لخطة
أو أمر ما».

وورد في
التقرير أنه «لا يوجد ما يكفي من الأدلة لمناقشتها، وأقل بكثير من أن نستنتج
أن الجرائم المرتكبة كانت برغبة التدمير، جزئياً أو كلياً، لجماعة دينية أو عنصرية
أو عرقية أو قومية، أو في وجود أي حالة عقلية أخرى أساسية لاعتبار حدوث جريمة
دولية أو تطهير عرقي». 

قالت اللجنة من
بين اكتشافاتها، إنها لم تسمع «شهادات يمكن تصديقها حول مزاعم الاغتصاب
الجماعي الذي ارتكبته قوات الأمن التابعة لميانمار»، وإنها لم تقابل أياً ممن
يُزعم أنهم اغتُصبوا.

كما أوضحت
اللجنة أن بعض النساء الشاهدات قلن للجنة التحقيق إنهن تعرضن لتفتيش ذاتي من رجال
جيش ميانمار بوصفه جزءاً من العملية، وأضافت: «ربما يرقى هذا السلوك إلى أن
يشكل عنفاً جنسياً».

بينما وصفت
ياسمين أولاه، رئيسة جمعية حقوق الإنسان الخاصة بالروهينغا، الاستنتاجات التي
توصلت إليها اللجنة بأنها تستُّر على ما حدث. وقالت: «الحقيقة هي أنهم خصصوا
جزءاً صغيراً جداً للاغتصاب والعنف الجنسي، بينما كان تاريخ جماعة جيش إنقاذ
روهينغا أراكان (ARSA) المسلحة (التابعة للروهينغا) وكيفية
تكوُّنها، مشروحاً ومفصلاً في صفحات عديدة، هذا أمر مؤلم جداً بالنسبة لكوني
امرأة».

تتعارض النتائج
المتعلقة بالعنف الجنسي، والمفصلة في أربع جمل فقط، تعارضاً صارخاً مع الاستنتاجات
التي توصلت إليها مؤخراً لجنة تقصي الحقائق التابعة للأمم المتحدة. في شهر
أغسطس/آب الماضي، استنتجت الأمم المتحدة أن «الجنود مارسوا على نحو معتاد
وممنهج، الاغتصاب والاغتصاب الجماعي، والأفعال العنيفة الأخرى، والأفعال الجنسية
الإجبارية بحق النساء والفتيات، والأولاد والرجال، والمتحولين جنسياً». ووصفت
الأمم المتحدة مثل هذا العنف بأنه انتهاك صارخ للقانون الدولي لحقوق الإنسان.

من جهتها، قالت
أكيلا رادكريشنان، المحامية في مجال حقوق الإنسان ورئيسة مركز العدالة العالمي، إن
تقرير اللجنة كان معيباً في الأساس. وأضافت: «كانت منهجيته محل انتقاد منذ
اللحظة التي أعلِنَ فيها عنه، إذ أعربت لجنة تقصي الحقائق الأخيرة التابعة للأمم
المتحدة عن مجموعة من المخاوف التي لديها، بداية من نقص التفويض الواضح، وحتى
الاعتمادية على حكومة ميانمار، والإجراءات التنفيذية المشكوك في أمرها».

تابعت
رادكريشنان: «حتى إن مفوضي اللجنة أنفسهم قالوا إنهم لن يكونوا قادرين على
توجيه الاتهام، وإنهم لا يبحثون عن إثبات المسؤولية». وأشارت أكيلا إلى أن
التقرير حاول طمأنة المجتمع الدولي باعترافه بوقوع بعض الانتهاكات، وأن توقيت
التقرير كان مهماً. وواصلت: «كانت هذه طريقتهم ليقولوا إننا لدينا عملية
محايدة مستقلة، عليكم أن تتركوا لنا مسألة المحاسبة الداخلية».

في حين قالت
ياسمين إن الأشخاص الذين فروا إلى بنغلاديش في أغسطس/آب من عام 2017، والذين يزيد
عددهم على 700 ألف شخص، كانوا إثباتاً على أن حكومة ميانمار والقوات العسكرية
لديها حصانة كبيرة، وليست قادرة على التحقيق بداخلها. وأضافت: «هذا دليل
قوي».

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى