منوعات

«كورونا» ليس تصنيفاً طبياً… من يسمّي الفيروسات؟ وما الممنوع والمسموح به عند الاختيار؟

لا تتم تسمية
الفيروسات عشوائياً أو باقتراح من طبيب واحد أو حتى وسائل الإعلام؛ بل هناك لجنة
دولية متخصصة بهذا الأمر؛ هدفها إعطاء الصيغة والصبغة العلمية المعرفية للفيروسات
قبل أن يتداولها الناس  بأسماء دارجة على مواقع التواصل الاجتماعي ووسائل
الإعلام.

وبطبيعة الحال، لا تتشابه ولا تتساوى كل الفيروسات، وهي تنقسم إلى مجموعات على أساس الحجم والشكل والتركيب الكيميائي وهيكل الجينوم وطريقة التكرار. 

ووفقاً لعالِم الأوبئة ستيفن س. مورس، بجامعة كولومبيا وعضو هيئة التحرير في مجلة الأمراض المعدية الناشئة، تُستخدم معايير مختلفة للتسمية.

فبعض الفيروسات تُسمى نسبة إلى أماكن اكتشافها، والبعض الآخر إلى كيفية ظهورها، والبعض للأعراض التي تنتجها في المرضى. 

هناك بعض الفيروسات تسمى بأحرف وأرقام، ومنها فيروس H5N1 المعروف للعامة باسم فيروس إنفلونزا الطيور، الأحرف والأرقام تشير إلى تركيبته البروتينية.

ذكرنا أن هناك لجنة دولية متخصصة بهذا الأمر، فمن أسسها؟ وما أهدافها وآلية عملها؟

تأسست اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات (ICTV) عام 1964، على يد عالم الأحياء المجهرية الفرنسي آندري لووف. حصل لووف على جائزة نوبل في الطب عام 1965؛ لاكتشاف الآلية التي تستخدمها بعض الفيروسات (التي أطلق عليها اسم Proviruses) في إصابة البكتيريا.

وكلف قسم علم الفيروسات
التابع للاتحاد الدولي لعلم الأحياء الدقيقة (IUMS
هذه اللجنة مهمة تطوير تصنيف عالمي للفيروسات وتحسينه والمحافظة عليه. 

والاتحاد الدولي
لعلم الأحياء الدقيقة منظمة عالمية غير حكومية تأسست عام 1927 كجزء من المجتمع
العلمي الدولي، وتضم أطباء وخبراء وعلماء من شتى جامعات العالم.

كان الهدف من المشروع هو تكليف جهةٍ مختصةٍ تصنيف الفيروسات المعروفة ضمن مخطط واحد يعكس علاقاتها التطورية، وسلالاتها الفردية؛ شيء أشبه بشجرة عائلة الفيروسات.

تتكون اللجنة من مجموعة مسؤولين، ورؤساء اللجان الفرعية والأعضاء المنتخبون هم الذين يشرفون على التصنيف والتسمية. 

يُعد رؤساء اللجان الفرعية مسؤولين عن إدارة لجان الدراسات التي تقيّم التصنيف الحالي للفيروسات، وتوصي بتحديثات وإضافات إلى التصنيف بناءً على ما توصل إليه العلماء من معلومات حول الفيروس. 

تتألف اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات حالياً من 6 لجان فرعية تغطي:

أما اللجنة الفرعية
السادسة فهي المسؤولة عن إدارة بيانات اللجنة ومواقع قاعدة البيانات ومواقعها على
شبكة الإنترنت. 

وأنشأت اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات 101 لجنة دراسات دولية (SGs) تغطي جميع عائلات الفيروسات الرئيسية وأجناسها. 

يُعيَّن رئيس كل لجنة من قِبل رئيس اللجنة الفرعية ذات الصلة. ويتحمل الرؤساء مسؤولية تنظيم مناقشات بين أعضاء SG حول القضايا التصنيفية الناشئة في مجالهم، والإشراف على تقديم مقترحات التصنيف الجديد، وغيرها من المهام.

وفقاً لرئيس اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات، يُمنع على اللجان تسمية الفيروسات باسم الأشخاص. 

ولا يتم الأمر عشوائياً، كما ذكرنا سابقاً؛ بل هناك  قواعد للتسمية، في تقرير مكون من 1000 صفحة، يُنشر ويتجدد كل بضع سنوات. 

تفضَّل الأسماء المختصرة من دون عديد من المقاطع، كما تُحظر الرموز التحتية والنصوص الفوقية والوصلة والحروف اليونانية. 

يجب ألا تكون الأسماء الجديدة مماثلة لتلك الموجودة أصلاً. 

هناك قاعدة غير مكتوبة، مفادها أن الشخص الذي يصف الفيروس أول مرة، له الحق في
تسميته. ولكن في بعض الأحيان هناك خلافات على من كان الأول.

أولاً: تتم التسمية على النحو التالي: يتلقى أعضاء مجموعات العمل المختلفة، ولكلٍّ منها تخصص فيروسي، اقتراحات من العلماء حول كيفية تصنيف فيروس جديد وما يجب تسميته. 

ثانياً: بعد المراجعة المضنية، تتم صياغة توصية، ثم تقديمها إلى اللجنة التنفيذية.

ثالثاً: تسمية الفيروس قد تكون مسألة حساسة من الناحيتين السياسية والاجتماعية إذا كان الفيروس من النوع القاتل.

عند تفشي مرض فيروسي جديد، هناك ثلاثة أسماء يتعين تحديدها:

ومنظمة الصحة
العالمية (WHO)
هي المسؤولة عن تسمية المرض والفيروس، في حين أن اللجنة الدولية لتصنيف الفيروسات ICTV
معنيَّة بتصنيف نوعه.

ولكن، بالنسبة لفيروس كورونا المنتشر حالياً، فإلى جانب دراسة التصنيف، تسهم
المجموعة المعنيَّة بالفيروس بخبراتها في تسميته. 

إرشادات منظمة
الصحة العالمية لتسمية الأمراض

يتم تعيين اسم
المرض، الذي قد يكون مختلفاً عن اسم الفيروس، من قِبل لجنة تُعيّنها منظمة الصحة العالمية

ومن ثم تقدم منظمة الصحة العالمية إرشادات واضحة لتسمية الأمراض البشرية الجديدة:

– الابتعاد عن وصم
المجتمعات وقطاعات اقتصادية معينة، مثلما حدث في فيروس إنفلونزا الخنازير ومتلازمة
الشرق الأوسط التنفسية، فكانت لهذه المسميات آثار سلبية غير مقصودة.

– يُمنع استخدام
الأسماء المحتوية على مواقع جغرافية مثل الإنفلونزا الإسبانية، وأسماء الأشخاص مثل
داء شاغاس، وأسماء الحيوانات مثل إنفلونزا الطيور، والمصطلحات المثيرة للرعب مثل
مجهول ووباء.

– من المهم أن
يستخدم أول شخص يبلّغ عن مرض جديد اسماً مناسباً سليماً من الناحية العلمية،
ومقبولاً من الناحية الاجتماعية. فقد يطلق الناس من خارج المجتمع العلمي أسماء
دارجة، متى ترسخ في الاستخدام على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، يصبح من
الصعب تغييرها.

– ينبغي لاسم المرض
أن يتكون من مصطلحات وصفية عامة، استناداً إلى الأعراض التي يسببها المرض مثل مرض
تنفسي، وإذا كان العامل المسبِّب للمرض معروفاً، ينبغي أن يكون جزءاً من اسم المرض
مثل فيروس الإنفلونزا.

–  يجب أن
تكون الأسماء قصيرة وسهلة النطق، مثلاً H7N9
والملاريا.

بالنسبة لفيروس كورونا، فقد أوصت منظمة الصحة العالمية باستخدام الاسم المؤقت 2019-nCoV، الذي يتضمن السَّنة التي تم اكتشافها فيها، وn للإشارة إلى الجديد، و «CoV» لفيروس كورونا، لكنه ليس اسماً نهائياً.

إلى الآن يُعرف الفيروس باسم فيروس كورونا، وينتشر على الإنترنت ووسائل التواصل والإعلام بهذا الاسم. وسبب انتشاره بهذا الاسم «كورونا»، لأنه يشبه التاج.

– فيروس غرب النيل:
اكتسب اسمه من مقاطعة في أوغندا حيث تم التعرف عليه لأول مرة.

– فيروس أبشتاين
بار: اكتسب اسمه من ألقاب الباحثين الذين تعرفوا عليه في البداية.

– فيروس أرينا:
اكتسب اسمه من مظهره المحبَّب، فكلمة أرينا Arena
باللغة اللاتينية تعني «رمال».

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى