آخر الأخبار

لا عمل ولا زبائن والفنادق تُغلق.. تجار إيرانيون يخشون الأسوأ مع انتشار كورونا، والمواطنون يسحبون أموالهم من البنوك

يخشى تجار إيرانيون يُبحرون بين دبي وإيران عبر مضيق هرمز النشط، من أن تكون رحلتهم القادمة إلى بلادهم بلا رجعة، بعد أن أوقفت الإمارات خدمات العبّارات؛ لمنع انتشار فيروس كورونا.

بينما كان يحزم بضائع على مركب خشبي صغير، هذا الأسبوع؛ للاتجاه إلى ميناء بندر عباس على بُعد نحو 230 كيلومتراً، قال تاجر إيراني يدعى مراد: “انتهى العمل”.

تكابد إيران، التي باتت بؤرة للمرض الذي نشأ في الصين، بالفعل، صعوبات اقتصادية، إذ تقوّض عقوبات أمريكية صادرات النفط والغاز الحيوية بالنسبة للإيرادات الحكومية.

الآن، تواجه تجارتها غير النفطية، التي كانت تشير تقديرات من صندوق النقد الدولي إلى أنها ستبلغ نحو أربعين مليار دولار في 2020، بما يعادل نحو عشرة بالمئة من اقتصادها، تهديداً بعد أسابيع فقط من قمع احتجاجات حاشدة ضد الحكومة، بسبب المصاعب الاقتصادية.

أوقفت عدة دول في المنطقة الرحلات الجوية إلى إيران، وأغلق العراق حدوده البرية، وهو ما يفاقم العزلة الاقتصادية التي تعيشها الجمهورية الإسلامية منذ أن أعادت واشنطن فرض العقوبات عليها في 2018.

 يمكن أن تؤدي القيود المفتوحة الأجل على التجارة والسياحة، خاصةً مع شريكي إيران التجاريين الرئيسيين، الصين والعراق، إلى انكماش اقتصادي أكبر.

يقول ماسيج ووجتال مدير الصناديق لدى شركة أمتيلون كابيتال لإدارة الأصول، التي تستثمر في الأسهم الإيرانية: “ستتأثر الصادرات بشكل عام.. الصادرات الكبرى ذات الانكشاف على الصين، والتي قد تتباطأ بعض الوقت، والصادرات الأصغر ذات الانكشاف على إغلاق الحدود”.

تبحر المراكب التي تمر عبر خور دبي محمَّلة دون اكتراث، بكثير من البرّادات وأجهزة التلفزيون والأرز والسكر، باتجاه إيران، وتعود عادة محمَّلةً ببضائع مثل البهارات والسلع البلاستيكية.

قال مراد قبل الإبحار إلى إيران: “سأذهب إلى هناك ولا أعلم متى سأعود.. بعد شهر.. ثلاثة أشهر. لديَّ عمل صغير هناك.. ربما سأعمل في الصيد”.

كان صندوق النقد الدولي، الذي تشير تقديراته إلى انكماش الاقتصاد الإيراني 9.5 بالمئة العام الماضي، يتوقع استقراره هذا العام، قبل تفاقم أزمة فيروس كورونا.

بلغ عدد الوفيات من جراء الفيروس بإيران 107 في الخامس من مارس/آذار، وهو ما يضعها على قدم المساواة مع إيطاليا باعتبارهما أكثر دولتين من حيث الوفيات بعد الصين. وقال الرئيس حسن روحاني، يوم الأربعاء، إن جميع أقاليم إيران تقريباً أصيبت بالفيروس.

قال جاربيس إراديان، كبير اقتصاديِّي معهد التمويل الدولي للشرق الأوسط وشمال إفريقيا، لـ”رويترز”، إنه خفض توقعاته للناتج المحلي الإجمالي الإيراني، بسبب التفشي.

كان إراديان يتوقع أن ينكمش الاقتصاد الإيراني بنسبة 2 بالمئة في 2020، لكنه يتوقع الآن انكماشه 3.1 بالمئة.

قال فرهاد، وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 53 عاماً، من طهران، يشتري أثاثاً من الصين: “لنفترض نظرياً أني تمكنت من استيراد الأثاث، فمن عساه يشتريه داخل إيران؟! جميع المتاجر مغلقة. جميع القطاعات تواجه المشكلة نفسها”.

هوت عملة إيران (الريال)، الأسبوع الماضي، وهو ما قد يسرّع التضخم، الذي بلغ قرابة 40 بالمئة العام الماضي.

إراديان قال إن استمرار القيود على التجارة والسياحة قد يقفز بمعدل التضخم إلى أكثر من خمسين بالمئة ومعدل البطالة إلى أكثر من 20 بالمئة من القوة العاملة. وبحسب أرقام رسمية صادرة عن المركز الإيراني للإحصاء في ديسمبر/كانون الأول، يبلغ معدل البطالة بالنسبة للإيرانيين الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و35 عاماً، 17.9 بالمئة.

قد يدفع استمرار تراجع الصادرات الحكومة إلى خفض الإنفاق، وهي خطوة يرى محللون أنها قد تؤدي إلى مزيد من الاضطرابات الاجتماعية، في أعقاب احتجاجات العام الماضي، على خلفية ارتفاع أسعار الوقود.

قوبلت المظاهرات، التي دعت إلى الإطاحة بالحكومة والزعيم الأعلى علي خامنئي، بقمع أسفر عن مقتل مئات واعتقال آلاف.

ويقول كثير من الإيرانيين، الغاضبين بالفعل بسبب المصاعب الاقتصادية والقلقين من تداعيات أزمة طهران النووية مع واشنطن، إنهم يخشون ألا تكون لدى حكام البلاد الدينيين سيطرة مُحكمة على مرض فيروس كورونا.

واتهم بعض المعارضين السلطات بالتكتم في البداية، على التفشي؛ لضمان مشاركة كبيرة في تجمعات تنظمها الدولة. وعزا آخرون ذلك إلى ضمان مشاركة مرتفعة في انتخابات برلمانية جرت في 21 فبراير/شباط الماضي. ورفض متحدث حكوميٌّ الاتهامات، قائلاً إنه ينبغي عدم تسييس مسألة التفشي.

تفرض الإمارات، وهي تقليدياً مركز رئيسي لإعادة التصدير بالنسبة لإيران، إجراءات فحص صحي على السفن التجارية، فضلاً عن وقف رحلات العبّارات مع إيران.

 أغلقت الكويت أيضاً ميناء الدوحة، الذي تستخدمه بشكل رئيسي، الصنادل والسفن الصغيرة؛ لتجنُّب الاحتكاك مع طواقم من إيران.

مع انتشار الفيروس، بدأت معاناة شركات إيرانية صغيرة وكبيرة في أنحاء البلاد.

قال أبو ذر، الذي يمتلك مصنعاً للمنسوجات في مدينة قُم المقدسة لدى الشيعة: “أبلغت العاملين لديَّ ألا يأتوا إلى العمل؛ لخوفي من إمكانية إصابتهم إذا استمر الوضع.. فسيتوجب عليَّ إغلاق المصنع. سأصبح مفلساً، لأن عليَّ سداد قروضي. كيف؟ أنا لا أعلم”.

كانت وسائل إعلام إيرانية قد نقلت عن رئيس اتحاد للفنادق والشقق الفندقية، قوله إن 98 بالمئة من الفنادق أغلقت أبوابها، بسبب التفشي. وتجتذب قُم وحدها ملايين الزوار من الشيعة من جميع أنحاء العالم.

يقول بنك إيران المركزي إنه لا يجوز فرض غرامات تأخُّر في سداد القروض حتى أواخر مايو/أيار، بالنسبة للمتضررين من الفيروس من الأفراد والشركات، مثل الفنادق والمطاعم وشركات النقل.

موظف بأحد البنوك في مدينة ساري بشمال البلاد، طلب عدم ذكر اسمه، قال: “في الأسبوع الماضي، كان الناس يسحبون مدخراتهم من الفرع. ستكون هذه مشكلة إذا استمرت أزمة الفيروس.

وأضاف: “أنا أيضاً أفرغت حسابي. الجميع في قلق من عزل تام بالمنازل”.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى