تقارير وملفات إضافية

الأسواق تتهاوى بسبب كورونا.. هل يأمر ترامب بإغلاق البورصة؟ وكم مرة اضطرت أمريكا لذلك؟

تراجعت الأسواق المالية حول العالم بشكل متكرر خلال الأسابيع الأخيرة، بسبب مخاوف ازدياد الخسائر الاقتصادية الناجمة عن وباء فيروس كورونا العالمي، وهبطت المؤشرات أكثر من 10% في بعض الأيام. وأثار ذلك عدداً من التساؤلات حول ما إذا كان ينبغي للحكومات إغلاق أسواقها المالية حتى تهدأ حالة الذعر. موقع The Conversation الأسترالي سأل جوناثان فلوهارتي-جايدي، الخبير المالي بجامعة فرجينيا الغربية، عن التدابير التي ينبغي أن تتخذها الأسواق المالية لكبح عمليات البيع الناتجة عن الذعر، وعمّا إذا كان يعتقد أن إغلاق البورصة فكرة جيدة.

معظم الأسواق المالية حول العالم لديها ما يُطلق عليه “مفاتيح قطع التيار”، تُستخدم عندما تتهاوى الأسعار إجمالاً بمقدار معين.

على سبيل المثال، إذا انخفض سعر مؤشر Standard & Poor’s 500 بمقدار 7% عن آخر إغلاق، يُعلّق التداول على كل الأسهم بالبورصتين الأمريكيتين الرئيسيتين، بورصة نيويورك وناسداك، لمدة 15 دقيقة. إذا استمر الانخفاض بمقدار 6% إضافية، يُوقف التداول لمدة 15 دقيقة أخرى. وإذا استمر انخفاض مؤشر S&P 500 بمقدار 7% أخرى، ليصل إجمالي الانخفاض إلى 20%، يتوقف التداول بقية اليوم.

شهدنا انخفاضاً بمقدار 7% عدة مرات خلال الأزمة الحالية، آخرها بعد ثلاث دقائق فقط من بدء جلسة التداول يوم 16 مارس/آذار 2020، عقب قرار “الاحتياطي الفيدرالي” خفض أسعار الفائدة إلى ما يقرب من الصفر.

بالإضافة لذلك، هناك قاعدة تُعرف بـ”قاعدة الحد الأعلى، والحد الأسفل”، تحدد تلك القاعدة الحد الأقصى لارتفاع أو انخفاض أي سهم أو صندوق تداول أو عقود آجلة، في غضون 5 دقائق قبل وقف التداول مؤقتاً على هذه السندات المالية. وأُنشئت تلك القاعدة كردّ فعل على الانهيار المفاجئ في مايو/أيار 2010، عندما أدّت خوارزمية تداول واحدة إلى انخفاض بمقدار 1.000 نقطة في يوم واحد بمؤشر داو جونز الصناعي، أي ما يعادل نحو 1 تريليون دولار أمريكي من القيمة السوقية في ذلك الوقت.

بدأت الأسواق الأمريكية في استخدام “مفاتيح قطع التيار” لأول مرة عام 1988، عقب انهيار “الإثنين الأسود” في 19 أكتوبر/تشرين الأول عام 1987، عندما انخفض مؤشر S&P 500 بمقدار 22.6. وكان الهدف هو الحد من تقلبات السوق بشكل عام.

وكانت المرة الأولى والأخيرة التي تلجأ فيها أسواق المال الأمريكية إلى “مفاتيح قطع التيار”، قبل هذا العام، خلال الأزمة المالية الآسيوية في 27 أكتوبر/تشرين الأول عام 1997. ويبين ذلك مدة ندرة تغيُّر الأسعار بهذا القدر. ويُذكر أن فقاعة الإنترنت عام 2000 لم تتسبب في إطلاق تدابير “مفاتيح قطع التيار”، ولا الأزمة المالية العالمية في 2008.

يعتمد ذلك على تفسيرك لـ”النجاح”. كان الغرض من تلك التدابير وقف طوفان التجار الذين يبيعون الأصول بأسعار منخفضة جداً؛ للخروج من السوق قبل أن ينهار السوق تماماً، وهو ما قد يسفر عن انهيار السوق فعلياً.

هذا النوع من التسرع المدفوع بالخوف خطير جداً بالنسبة للسوق؛ إذا لم يكن هناك مشترٍ وازدادت عمليات البيع، فسوف يصبح الأمر كأنه سباق إلى القاع.

ولكن بما أن استخدام تلك التدابير نادر جداً ولا توجد كثير من السوابق، من الصعب أن نجزم بمدى فاعليتها. ولكن حتى الآن، في كل مرة تُستخدم فيها تلك التدابير، ينتعش سوق الأسهم في اليوم التالي. وهذا ما حدث في أكتوبر/تشرين الأول 1997، وأيضاً ما حدث يومي 9 مارس/آذار و12 مارس/آذار من هذا العام.

وهذا يوضح أن تلك التدابير كانت فعالة لإنهاء عمليات البيع الجماعية الناتجة عن الشعور بالذعر، ولو مؤقتاً على الأقل. هذه التدابير لا تهدف إلى منع الأسواق من مواصلة الهبوط؛ بل يرى الباحثون أن “مفاتيح قطع التيار” قد تزيد في الواقع من تقلبات السوق بالأيام والأسابيع التالية لاستخدامها. وهذا يعني أنه على الرغم من انتعاش الأسعار في اليوم التالي لوقف التداول، تتعرض الأسواق لتقلبات أكبر في الأسعار على المدى الأطول، وهو ما يعتبر أمراً سيئاً بشكل عام.

كما أن انتعاش الأسعار في الماضي بسبب تدابير وقف التداول، لا يعني أنها ستؤدي إلى النتيجة نفسها في كل مرة.

الرئيس يمتلك السلطة اللازمة لإغلاق الأسواق في حالات الكوارث والأزمات، مثل وباء كوفيد-19 العالمي.

في الواقع، لقد أُغلقت الأسواق عدة مرات بسبب الحروب، والانتصارات، ووفاة رؤساء، واحتفالات تاريخية مثل الهبوط على القمر، وفي الأزمات والكوارث، الطبيعية والبشرية. على سبيل المثال، أُغلقت بورصة نيويورك أسبوعاً عقب هجمات 11 سبتمبر/أيلول، وأُغلقت يومين في أثناء إعصار ساندي في 2012.

وكانت أطول فترة إغلاق للبورصة في أثناء الحرب العالمية الأولى، عندما أُغلقت بورصة نيويورك أربعة أشهر، بداية من يوليو/تموز 1914.

عادة ما تظل الأسواق مفتوحة بقدر الإمكان في أثناء فترات الأزمات المالية، وتكون إدارة كل بورصة هي المسؤولة عن تحديد إمكانية فتح التداول كل يوم من عدمه. إلا أن الحكومة لديها سلطات أوسع في تنظيم التجارة في أثناء حالات الطوارئ الوطنية، وهو ما يمنح الحكومات القدرة على إصدار أوامر بإغلاق أسواق التداول.

لا توجد أبحاث فعلية إلى حد علمي، يمكننا الاستناد إليها لمعرفة مدى فاعلية إغلاق أسواق التداول في أثناء الأزمات. ولكن من المهم فهم أنه حتى عندما تنهار الأسواق، يفضّل المستثمرون عادةً أن تظل الأسواق مفتوحة بحيث يمكنهم مواصلة التداول.

وعلاوة على ذلك، تحتل الولايات المتحدة مكانة رئيسية في العالم المالي بوصفها سوقاً قوياً ونشطاً لتداول الأوراق المالية. وإذا أُغلق ذلك السوق فترة طويلة، أو لأسباب غير مقنعة بالنسبة للمستثمرين، فقد يكون ذلك إشارة إلى أن الأسواق الأمريكية ليست بمنأى عن التدخلات الحكومية؛ ومن ثم تصبح أسواقاً غير موثوقة.

وقف التداول مؤقتاً قد يمنح المشاركين في الأسواق بعض الوقت لتحليل المعلومات واتخاذ قرارات أكثر رزانة، في حين قد يسبب إغلاق الأسواق تماماً مشكلة حقيقية للاستثمارات الأمريكية على المدى الطويل، إذا لم يعُد يُنظر إليها على أنها الملاذ للمستثمرين العالميين.

المصدر

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى