آخر الأخبارتقارير وملفات

عالم الكمامات والإختباء من وباء خفى

بقلم الخبير السياسى والمحلل الإقتصادى

دكتور صلاح الدوبى

الأمين العام لمنظمة “إعلاميون حول العالم”

رئيس منظمة “إعلاميون حول العالم” فرع جنيف- سويسرا

رئيس اتحاد الشعب المصرى

“عضو مؤسس في المجلس الثوري المصري”

دخل العالم في تخبط ما بعده تخبط، بعد انتشار فايروس كورونا الغير مرئي في كافة ارجاء العالم، واتخذت كافة الحكومات والشعوب الإجراءات الوقائية الصحية الا الحكومة السيساوية وشعبها، فهم في كوكب أخر فكأن الأمر لا يعنيهم، فالحكومة اكتفت بالإعلانات وبث التوجيهات من خلال القنوات الفضائية، واما الشعب السيساوى فاكتفى بالتحشيش وإطلاق النكات من خلال مواقع التواصل الاجتماعي،

كورونا يجذبها الدولار ويستهويها اليورو وليس غريبا أنها تقبع هناك بعد أن نبذتها الحكمة الصينية لتتراقص في مدن أوروبا وأمريكا فلا تسمع لها صوتا واضحا في أفريقيا ولا أميركا اللاتينية ولا حتى الهند أو غيرها ممن يطارد الدولار هو الآخر. فأين أصبحنا . لا خوف عليكم أهلنا فنحن لسنا من أهدافها. .فهي تعشق الدولار بل إن هدفها النهائي هو الاقتصادات السبعة الكبرى والعشرين الكبرى .وبشرى لكم فنحن لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء وسنظل متشككين مادامت عقولنا تسكن إلى جانبنا في مدن الطين والصفيح.

الآن وبعد فترة من الهجرة الكبرى لفايروس الكورونا عبر القارات وعبر المحيطات تكشفت لنا بعض الحقائق التي لا تتعلق بعلم الفايروسات أو الأحياء المجرية أو علم الأجناس البشرية..لقد حرف انتباهنا عند بداية الأزمة بأن هذا المخلوق العجيب الكروي الشكل ذات النتؤات العديدة بأنه ليس منتج صيني انه كما تناهى الى اسماعنا اول ذي بدء من طلما الخبيرٌ بغوامض الأمور رئيس الولايات المتحدة ترامب متعلق ثقافي لمجموعة إثنية توصف بالجنس الأصفر ونحن لسنا من أصحاب البشرة الصفراء ولا البيضاء ولا الحمراء ولا السوداء..فبشرتنا لا لون لها في ذات الوقت التي تتداخل فيها كل الألوان وتتحارب كل الألوان ..كيف لايكون ذلك ونحن كرام حتى في استضافة الاغراب من المستعمرين سواءا كانو مغول وغجر وبرابرة وصليبيون وسقط المتاع ومن كل ألوان الإنس والجن والفايروسات والأحياء الخبيثة..تلك الأحياء التي نجحت في تغيير ألوانها داخلنا فجعلت من جيناتها مصدرا للكراهية والعناد والرفض والتشفي والتفاخر والتنابز والتكاسل والتحامل وحتى التجاهل…

كم انت رائع أيها الفايروس وانت تغير من صفاتك فكلما تتبعنا شجرة نسبك الكريم حتى تتغير خطوطها بالحلال طبعا!

أصبح واضحا لنا أن ما يستهوى كورونا هو ذلك المال الوفير الذي تدلت عليه طبقات الشحم الأبيض ولعل كورونا تحب اللحوم البيضاء بعد هجرتها الميمونة إلى الديار العتيقة والسماء الرمادية والمروج الخضراء والعيون الزرقاء!أما نحن فمجرد رحلة مرور فألواننا مختلفة ومدخراتنا هي الثوم والقش والرمل والخبث المطحون برائحة النفط الأسود ودخان البارود ونار الحقد المقدس.

المحللون أصبحوا مثل الذباب الإلكترونى لدينا ، وخاصة المحللون الإستراتيجيون منهم ، نوعان أما جهلاء ، وظرفاء جدا ، وبالتالي فإن عليكَ أنْ تتوقع وأنتَ تستمع إلى تحليلاتهم ، إصابتك بكل شيء يمكنُ أن يخطرَ على البال … من إرتفاع سريع من ضغط الدم والإنتحار فوراً ،أو  إلى سقوطك مغشيّا على مصراعيك ، من شدّة الضحك.

محللون آخرون ، يلبسون ملابس خاصة للتحليل ، ويظهرونَ علينا بديكورات غريبة ، فلا نعرفُ هل نتابع تحليلاتهم ، أم ملابسهم ، أم نتابِع اختلاط ملابسهم بتحليلاتهم ، إلى أنْ يقضي الله أمراً كان مفعولا.

أصدرت فرمان خاص بى أن أتخلص من كل من لا يعجبني، كل من اعتبرته جاهلا، أو طابورا خامسا، أو عميلا، أو سحيجا، أو منفذا لأجندات خارجية، أو مطبعا، أو مستشرقا.. هؤلاء جميعا لا يجوز الاكتفاء بعمل بلوك عليهم، بل يجب فضحهم، ومقاطعتهم، حتى أن بعضهم يستحقون السجن المؤبد، أو الإعدام.. ذلك، حتى نحصن جبهتنا الداخلية، ونبني مجتمعنا الخاص بنا

لم يلزمني وقت طويل في البحث والتفكير والتأمل، فسرعان ما تبين لي الصادق من الكاذب، وبسهولة فائقة ميزت بين الوطني والخائن، وبين المؤمن والكافر.. فمن كان مع النظام السوري، فهو حتما دموي ومستبد.. ومن كان مع المعارضة فهو داعشي أو أمريكي، ومن لزم الحياد والصمت فهو سلبي وجبان.

من يؤمن بالسلام فهو استسلامي انهزامي جبان، متنازل عن فلسطين التاريخية.. ومن يرفض السلام، فهو عدمي، لا إنساني، وعنصري، ونازي، ويريد قتل كل اليهود، وإلقائهم في البحر..

وهكذا، بعد فترة قصيرة، كنت قد تخلصت من كل من لم يعجبني، ومن كل من لا يشبهني، وحذفت الآلاف من المطبعين والخونة والانهزاميين والرجعيين والكفرة.. وفي منتهى الصراحة لم يتبق لي صديق واحد وأصبحت وحيدا

هذا لا يهمنى، فأنا سأظل متمسكا بمبادئي، رافضا أي تنازل، ولن أكون تابعا لأحد، ولا جزءا من قطيع أغنام، ولن أنزل إلى مستوى الأغبياء والغوغاء، ولن أكون جزءا من النخب ورجال الأعمال، وأدعياء المعرفة.



هذا لأني متميز.. جدا، أو يمكنني القول أنّي العبقري الوحيد في العالم.. كيف لا، وقد طورت نظريتي الخاصة منذ كنت طالبا في الجامعة، ولم يدهشني أن آرائي كانت دوما دقيقة، وأني أستشرف المستقبل أفضل من زرقاء اليمامة، وأعرف مجاهل التاريخ أكثر من زيوس ملك الآلهة وحاكمها نفسه ، وأحلل الواقع أعمق من كل المحللين الذين يظهرون على الشاشات.. أنا الخبير الإستراتيجي في كل شيء.. أنا النقي الطاهر.. أنا وحدي من سيدخل الجنة، ربما أشفع لكم يوم القيامة أيها الأوباش الرعاع السطحيين.. وربما لا أفعل، فأترككم للجحيم وبئس المصير.

وأخيرا تحياتي لك أيها الفيروس ؛ رغم أنك لعـين ولكنك استطعت أن تقلب الموازين وأن تخترق كل الجغرافيات وتزحف في كل ارجاء الكرة الأرضية؛ وفي كلّ القارات بدون تأشيرة ولا جواز سفر. لتمارس قوتك المرعبة وتوزع هلعـك في الوجود والعَـدم. تلونت كالحرباء من العدم للوجود وأمسيت بيننا موجودا. بوجودك وسلطتك الخفية، تعطلت المشاريع والمحلات والأسواق والإدارات والشركات والعلائق والملامسات والتجمعات والأفراح والمؤسسات.
كورونا اللعين… أنت وباء غريب ما هو هدفك ؛ ورغم ذلك تحياتي لك، لأنك مارست العدالة الإجتماعية والسياسية ؛ لا تعترف باللغات ولا الأديان ولا بالحاكم المطلق للعالم ! لقد ساويت بين السيد والعبد بين الأجير والمأجور بين العامل والعاطل بين الصغير والكبير وبين النبيل والحقير؛ الكل خائف من تحركاتك ؛ الكل مرعب من خطواتك ؛ لقد خلقت فينا شعوراً عاماً و إحساساً بمعـنى وحقيقة الحصار وطمع الجوع رغم الأموال ؛ ولا قيمة للجاه والصولة و المال أمام لـذة الحياة ؛ أمام الحرية ؛ أمام الإنسانية الحقة .
وأرجو منك أيها الفيروس أن تكون رحيما ؛ عفيفا وخفف أيها الفيروس برغم الأسماء التى أطلقوها عليك كوفيد19 ؛ كـن هادئا واترك أبناء أدم فى العالم في سلام ؛ وسلامك مقبول ؛ ووداعك مأمول ؛ نعدك أننا سنذكرك بألف خير ؛ بعيدا عن الأقاويل وأقوال الوشاة ؛ الذي يسعَـون إفساد المحبة بيننا؛. نعلم أنك ترفض المواعظ ؛ والإشاعات؛ نعتذر لك مسبقا ؛ وكُـن مطمئنا أيها الفيروس اللعين ! لن ترى ولن تسمع إلا خيرا عـنك ؛ وعن خصالك ؛ فهل سمعْـت أحدا في أرجاء العالم ؛ يلعَـن أو يسب الفيروسات التي سبقتك كالطاعون والتيفوس والجدري والكوليرا والألفلوانزا وغيرها.. نعم أنت وباء شرس لا خلاف .
فاتركنا نعيد رمق العَـيش لعوالمنا ؛ ونرتب ما ضاع من أحلامنا وآملنا في هاته الشهور التي جثمت فيها على قلوبنا وأجسادنا ونفسيتنا ؛ كل العباد أمست تعيش العزلة والخوف من الآخر ؛ حتى لا يلمسه أو يسلم عليه أو يصافحه ؛ الكل أمسى مصيره معلقا بين البـِطالة والعَـطالة وبين الموت و الحياة وبين البر و البحْـر وبين الدِّفء والتشردِ.
ولن نخفيَ عنك سرا مستر كورونا اللعين… فنحن العَـرب لم تعـد الفرحة تدخل عوالمنا وفضاءاتنا ولا أجسادنا ولا بيوتنا إلا لماما واستثناء؛ الكل حاول أن يفتـح التابوت الأسود الملعون. لكي نعيش على البكاء والدم وعويل الثكلى وحزن المهجرين واللاجئين ؛ حروب هنا وهناك وفتن هناك وهنالك ، بين الإخوة والأشقاء والجيران ؛ ربما لعـنة الفراعنة لا زالت سارية المفعول؛ أم لـعْـنة نوح لإبنه حام لازالت قائمة بالسلالة .

لن أطيل عليك أيها الفيروس الجبار ولا تعتقد أنني أسبك أو أشتمك بل أمزح معك ؛ كما تمزح معـنا منذ شهور بطريقتك . واعلم ماكنت سأحاورك في سريرتي ولا على أوراقي ؛ بل لا أدري كيف انفلتت مني هذه الأحرف وكيف انزلقت هاته الكلمات في ليلة حالكة ؛ مضطربة بأرياح وأمطار قيل لنا أنها رعدية في مناطق أخرى ؛ربما الخوف من هذا أو الوجل منك .
فما ذنبنا لنعيش هكذا بين الرعب والحصار؟ ما جريمتنا لكي نعيش بين الطوارئ الصحية والموت البطيء ؟
فهل لك أيها الفيروس اللعين شروطا ومطالب لكي تنسحب من كوكبنا من وجودنا من ذهنيتنا من عقولنا ؛ حتى نسترد لياقتنا وننعم بمعنى الحياة ؛ رغم قساوة العيش وأعدك سوف نوقف الحروب بيننا وقتل الأطفال وسوف نتخلص من أسلحة الدمار الشامل وسباق الصواريخ عابرة القارات فقد ثبت فشلها فى القضاء عليك .

والان أقول ان مرحلة ما بعد كورونا ستكون صعبة للغاية وغير مسبوقة على جميع النواحي الاقتصادية والمالية والسياسية والاجتماعية فالعالم سيدخل خلال الأسابيع والشهور القادمة في كساد إقتصادي عميق سيكون له آثار مدمرة على الإنسانية دون استثناء وسيعاني منه المواطن العربي اكثر من غيره، فالإنفاق الحكومي العالمي وخفض الفائدة الى نسبة صفر لن يَفلح في إيقاف وكبح هذا الانزلاق الاقتصادي التاريخي خاصة بعدما فُقدت الثقة في هذه الأدوات التقليدية.

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى